الخميس، 4 أغسطس 2011

نفى تمليك المصريين أراضي بولايته

نفى تمليك المصريين أراضي بولايته..
والي الشمالية: 20 مليون دولار من قطر لدعم الصناعة والسياحة
الدوحة: سليم عثمان
قال والى الشمالية عادل عوض سليمان ان ولايته تمكنت من زراعة 300 ألف فدان قمح فى الموسم الشتوي الحالي مبينا ان ولايته يمكن أن تكون سلة غذاء لأهل السودان والعالم كونها تحتوى على أكثر من 14 مليون فدان صالحة للزراعة وكون أكبر مشاريع التنمية «سد مروى» يجرى العمل على إقامته بالولاية مما يوفر طاقة كهربائية لمشاريع التنمية الزراعية والصناعية بالولاية. وقال الوالي فى لقاء حاشد بأبناء الولاية بمقر السفارة السودانية فى الدوحة مساء أمس الأول بحضور سفير السودان لدى الدوحة إبراهيم فقيري ووزير الاستثمار بالولاية د. صلاح احمد وذلك على هامش مشاركتهم فى ملتقى الاستثمار الزراعي والعقاري الذي أقيم بالدوحة بحضور عدد كبير من وزراء الزراعة والاستثمار بالولايات أنهم وقعوا خلال زيارتهم الأخيرة لمصر على توأمة مع الولاية، مشيرا إلى أن وزير الاستثمار المصري ووزيرة التعاون الدولي سوف يزوران الولاية قريبا لبحث آفاق التعاون بين الجانبين. ونفى عوض الشائعات التي ترددت مؤخرا ومفادها ان حكومة الولاية منحت خمسة ملايين فدان للأشقاء المصريين ووافقت على توطين آلاف الفلاحين فى الولاية الشمالية لزراعة القمح حيث أكد ان حكومته لم تمنح حتى الآن شبرا واحدا لأي أحد غير أنه أكد أيضا أن حكومته تعمل على جذب الاستثمارات للولاية من كافة المصادر، مبينا ان مستثمرين كثر زاروا الولاية من السعودية والأمارات وقطر ومصر وكوريا . ودعا كافة أبناء الولاية للعودة إليها والمساهمة فى جهود التنمية التي تنتظم كافة أرجائها وقال : أن الولاية لا يمكن أن تعتمد على الدعم الإتحادى فقط إن أرادت التطور مما يحتم على حكومة الولاية وأبناءها فى الداخل والخارج للنهوض بها .وقال أنهم خلال زيارتهم للدوحة توصلوا إلى موافقات مبدئية بمبلغ 20 مليون دولار مع بنك قطر الوطني للبدء فى إنشاء مشاريع صناعية وسياحية بالولاية مبينا أن الولاية تفتقر للصناعة وتحتاج لمزيد من الاهتمام بالجوانب السياحية مشيرا إلى أن أربعة آلاف سائح زاروا الولاية العام الماضي . وفيما يتعلق بإنشاء خزاني كجبار ودال أوضح الوالي بجلاء أن حكومته لن تنشئ أي مشروع تنموي فى الولاية دون رضاء المواطنين.
________________________________________

هذا هو الثمن ودونه الطوفان؟!

هذا هو الثمن ودونه الطوفان؟!
بقلم :سليم عثمان
كاتب وصحافي سوداني مقيم فى قطر
ما هو الثمن؟ سؤال طرحه صديقنا الدبلوماسي الخلوق ، الاستاذ خالد موسي ، فى مقال نشره موقع (سودانايل ) وذلك فى معرض رده على (بعض المعارضين الذين يمنون أنفسهم، بحدوث السيناريو التونسي في السودان ، مرددين أن الغلاء وتفشي البطالة ،هي أسباب كافية ،لإشعال الحريق.ولكن الاستاذ خالد يظن أن الأمر في السودان جد مختلف ، عما حدث فى تونس، التى انتفض شعبها فيما عرف (بثورة الياسمين )و خلع رئيسه زين العابدين بن على ؟ ويعزو الاستاذ خالد ما حدث هناك وتعذر وقوعه فى السودان بقوله : أن سلم الأولويات الوطنية في السودان، يزدحم بقضايا إدارة التحول السياسي والبناء الوطني، بعد انفصال الجنوب بقدر من الروية والحكمة. ) وأضاف :بعد أن تجاوزنا شرط من يدفع الثمن؟ ولعل السؤال في حد ذاته يكشف عن ملابسات اللحظة التاريخية الراهنة ويرى أن ثمن الانفصال يجب أن يكون مراجعات شاملة ،في فلسفة الحكم وبنيته المؤسسية ، والمشاركة السياسية ،ونهج التوزيع العادل للسلطة الثروة، والأهم من ذلك بنظر الاستاذ خالد هو ( فشو ) روح العدل والشفافية ، ومحاربة الفساد الاقتصادي والسياسي ،والاهتمام بقضايا الصحة والتعليم والفقر، وتوسيع مواعين الممارسة الديمقراطية .ويرى الاستاذ خالد ،أن أي ثمن أقل من ذلك ربما يدفع البعض الي( خيارات متطرفة) وختم مقاله بحديث ذي طرافة و دلالة كما قال :حيث اشار الى ان د. غازي صلاح الدين دعا ضاحكا ومداعبا الدكتور الواثق كمير، في مناسبة عابرة (للإنضمام للمؤتمر الوطني ) وتأسيس منبر يساري في الحزب الحاكم بعد إنفصال الجنوب، وتشظي قطاع الشمال. فكان رد الدكتور الواثيق كمير: سنأتي الي المؤتمر الوطني بعد أن تكملوا مسيرة الإصلاح الداخلي في حزبكم العتيد. هذا الحوار رغم سمته الدعابي الضاحك كما قال خالد : ،إلا أنه يكشف أنه يمكن هزيمة نفسية التمترس الأيدلوجي، والعداء السياسي من أجل حوار فاعل في الفضاء الوطني.روح هذا الحوار هي بعض من الثمن المطلوب لتسوية تركة الأنفصال).
أولا : اسمحوا لى أن أوضح علاقتي بالاستاذ خالد موسى دفع الله والذى هو الان الناطق الرسمي لوزارة الخارجية ،جمعتنى بالرجل دورة تدريبية للصحفيين الشباب ، شتاء 1992م فى بغداد نظمتها وقتذاك نقابة الصحفيين العراقيين ،وكان نقيبها نجل الرئيس العراقي الراحل عدي صدام حسين، جمعت الدورة عددا كبيرا من الصحفيين الشباب ،من عدة دول عربية كانت صديقة للنظام العراقي ،وكان معنا فى تلك الدورة زميلنا الاخر الخلوق ايضا الاستاذ احمد عبد الوهاب ، كان الاستاذ خالد حينها من القيادات الطلابية، وكان رئيسا لتحرير الصحيفة الناطقة باسمهم ،وللامانة والتاريخ اعد الاستاذ خالد فى تلك الدورة التى خصصت لصقل امكاناتنا فى فنون التحرير الصحفي (افضل تحقيق صحفى ) وبالتالي جاء ترتيبه الاول ،على كافة المشاركين فى تلك الدورة، ومنذ ذلك الوقت لم التقى بالرجل،فقد فرقت بيننا مشاغل الحياة ودروبها، لكني كنت اتابع اخباره ومقالاته، بل شاهدته اكثر من مرة يحاور ضيوفا كبارا فى الفضائية السودانية، التى غادرتها الى الدوحة شتاء 1999، فالرجل مثقف واسع الاطلاع ، وصاحب قلم رشيق ، وقبل الاجابة على السؤال الذى طرحه فى مقاله هذا، اود الاشارة الى مسألة صغيرة تتمثل فى ان الرجل استضاف وزير الخارجية ، فى حوار بالفضائية السودانية قبل يومين ، وبدا كأنه يستحي أن يسأل مسئوله الأول أسئلة ناقدة، تماما كما فعل مع صديقنا د/ عبد الوهاب الافندي ،الذى وصف فى مقال له بجريدة القدس العربي اللندنية اسئلة خالد بأنها كانت محرجة ذكرته بيوم الحساب، (ما اكثر استهانتنا بيوم الحساب يوم يفر فيه المرء من اخيه وامه ابيه وصاحبته وبنيه ) وبناء عليه كنت ارى لو أن الاستاذ خالد نأى بنفسه، عن ادارة حوار يجمعه بالوزير، على كرتي، ذلك ان طبيعة الاسئلة التى وجهها جعلت الرجل يقول كلاما عاما وفضفاضا ودبلوماسيا اكثر من اللزوم، وشخصيا شعرت بحرج كبير وكسوف ليس من اجابات الوزير فحسب، بل من طريقة تحريكه لقدميه كل حين، خلال الحواروفى علم النفس تحريك الاطراف بتلك الطريقة، دليل قلق داخلي، وحق للرجل ان يقلق، فهو مسئول الدبلوماسية الاول فى البلاد ،وهو ربما ما جعل الاخ خالد نفسه يتلاعب باطراف اصابعه، خلال الحوار، وكان يمنحه وقتا طويلا للاجابة وينتظره حتى يصمت، وكان الافضل فى اعتقادي ان لا يحاور الاخ خالد وزيره ،بل يجعله يأتي الى التلفزيون ويقول ما لديه ، وعلى كل حال نحن معاشر السودانيين اعتدنا ان نتمرجح على الكراسى، ومن حسن الحظ انه لم تكن هنالك كراسى تسمح بالتمرجح(هذه ملاحظة عابرة ) وعودا الى سؤال خالد ما هو الثمن؟ نرى ان الثمن الذى يطالب به المعارضون ثمن غال جدا ، (اقتلاع الحكومة من جزورها )ويعلم الاستاذ خالد أن الحكومة ليست لديها استعداد لدفعه، يتمثل هذا الثمن عند طيف من المعارضين ، من امثال الدكتور الترابي ، فى اسقاط الحكومة القائمة حاليا، ولذلك سارعت الحكومة عوضا عن دفع هذا الثمن الذى يكلفها غاليا(ترك السلطة ) حيث أودعت الرجل السجن،دون مراعاة لسنه ولا لعشرة السنين وتلك الايام التى تداولوها مع الرجل، وذلك بعد يوم واحد من دعوة حزبه ( المؤتمر الشعبي) لانتفاضة شعبية، ما لم تلغ الحكومة قراراتها الاخيرة ، برفع اسعار الوقود وبعض المواد الاساسية ، كما هدد طيف اخر من المعارضة، بتنظيم تظاهرات شعبية، ما لم تقيل الحكومة وزير ماليتها (على محمود ) وتحل البرلمان، وذلك على خلفية قراراتها برفع الاسعار، فيما يطالب فريق ثالث بقيادة الامام الصادق المهدى ، رئيس حزب الامة بتشكيل حكومة انتقالية، يكون من مهامها عقد مؤتمر جامع لاهل السودان، للبت فى جملة من القضايا التى تؤرقه، واهمها كتابة دستور دائم للبلاد ، وحل مشكلة دارفور، بالاستجابة لمطالب سكان الاقليم، وتعميم ذلك على الاقاليم الاخري،( لكن الحكومة تخشي أن تتكرر تجربة الجنوب) فضلا عن مطالبه بتوفير الحريات العامة، والتصدى للمشكل الاقتصادي، والتعامل بواقعية مع المحكمة الجنائية الدولية ، ويهدد هذا الفريق ايضا بالجهاد السلمي، والانتفاضة الشعبية ، لاسقاط النظام واخر موعد لتنفيذ المطالب هو السادس والعشرين ،من الشهر الجاري ، وبالتالي ليس هناك اختلاف فى رؤية المهدي والترابي، اللهم الا ان الاول يمهل الحكومة بعض الوقت لتنفيذ تلك المطالب ،وهناك طيف رابع من المعارضين (الجبهة الوطنية العريضة) تنطلق فى مناهضتها للحكومة من لندن ويرأسها الاستاذ على محمود حسنين، وشعارها تخليص الشعب من الظلم والجوع والقهر والتهميش ، الذى تمارسه الحكومة واقامة البديل الديمقراط ، ويرفض هذا الفريق الحوار سبيلا لتحقيق ماربه، وبعيدا عن سيرة الخصام بين قادة المؤتمرين (الوطني والشعبي ) فان اسلاميي السلطة فى بلادنا كانوا مولعين بالشوري، قبل عام 1989 لكننا نري اليوم ان الشوري لم تعد سوى شعار، فى لافتات دور الحزب ،ولذلك اصبح بين الاسلاميين من هم مع الوطني او مع الشعبي ما صنع الحداد ، بما أنّ الشورى ليست نظرية سياسية، ولا تمتلك برنامجاً ولا أدوات ولا آليات تطبيقية، وبما أنّ الإسلام بتشريعه الإلهي وهديه النبوي، وتجارب المسلمين في ممارسة الحكم لم يقدم لنا صورة ناجزة، لتداول السلطة ولأنّ الديمقراطية بمعناها العام الاجتماعي، وبروحها وغايتها الإنسانية ،تلتقي مع الإسلام بدءاً من احترام الإنسان ، والحفاظ على حقوقه كافة، والحرص على مشاركته في الحياة العامة وتوخي العدالة بين الناس، فإن عدم تفعيل الشورى عند الحاكمين فى السودان ،اوردنا الكثير من موارد التهلكة ، وذلك لعجزهم عن نقلها من مجرد مفردة جميلة دافئةK إلى نظرية اجتهادية لنظام الحكم ، تعتمد القراءة العصرية للنظرية الديمقراطية ولتجارب الآخرين، ومن ثم إعادة انتاجها منهجاً يتوافق مع غاية الإسلام ،ويواكب روح العصر، فالشوري كما يعلم الكل ليست مفردة جامدة ولا تقبل الجمود ، وإنما هي وجه من وجوه الاجتهاد الإسلامي للديمقراطية. شريطة أن ندرسها من باب مصلحة الأمة والحفاظ على الثوابت، والدفاع عن إنسانية الإنسان، لذلك نرى انه ما لم يحكم اهل الحكم عقولهم ، فى واقعنا البائس ومالم يمارسوا الشوري بشكل شفاف، ومالم يعتقدوا جازمين أن نصف رأيهم عند الترابي والمهدي والميرغني ونقد وحسنين وشخصي الضعيف وبو عزيزي السوداني ، الذى يستبعد الاخ خالد ان يقدم على حرق نفسه (أقصد أن تشتعل ثورة مماثلة كتلك التى حدثت فى تونس، وما لم تؤمن الحكومة ايمانا جازما أن هراوات الامن واسلحته لست قيما تحرس الأمن، وما لم تؤمن الحكومة بالواقع المعيشى لعامة الناس، وتسعى لتحسينه ، وما لم تفكر فى حلول جدية لازالة التهميش، وتشهر سيفها فى محاربة الجوع، بدلا من اشهاره لقهر كل من يهدد بالخروج الى الشارع ، مطالبا بابسط حقوقه ،وهى حرية التظاهر، وحرية التعبير بحثا عن لقمة العيش الكريمة، وما لم تنظر الحكومة لارتال الشباب السوداني العاطل ،الذى لفظتهم جامعاتنا فى كل مقهى وواد،وما لم تضع الحكومة منهجا رشيدا للحكم ،وتغتسل مرارا وتكرارا من مستنقع الفساد الذى غمس فيه بعض اهل الحكم انفسهم،وما لم يؤمن اهل الحكم بانه بامكان اى شاب سوداني مؤهل من التيارات والحساسيات المعارضة للحكومة ان يصبح ناطقا رسميا للخارجية والداخلية وغيرها من الوزارات ،عملا بالمقولة التى يرددها الاسلاميون دائما (القوي الأمين)ظانين انه ليس هناك قوى او أمين الا فى صفوفهم،وما لم يطلب الرئيس البشير من كثيرين من قيادات المؤتمر الوطني الذين يجلسون فى كراسي السلطة ما يزيد عن عقدين كاملين ويقول لهم استريحوا بارك الله فيكم ،ويمنح كراسيهم الى اخرين عدلا وقسطا،فاننا نرى الطوفان قادم لا محالة،فهل نتعظ بدرس تونس المجاني؟ونستمع الى المعارضيندون ان نظن بهم الظنون،ونحسب انهم يريدون اقتلاعنا من جزورنا لا اصلاح ما اعوج من امرنا.
وحتى لايتوه الاخ خالد كثيرا فى اجابتنا هذه ،الثمن الذى يطالب به عامة الشعب بسيط و يتمثل فى (المزيد من الحريات، تأمين لقمة العيش الكريمة للكل،بسط الشوري بين الناس وسؤالهم ، كيف تريدون أن تحكمون؟ومن تريدون أن يحكمكم) ولن يضير اهل الحكم شيئا إن عجلوا لاجراء انتخابات عامة ورئاسية ، طالما لم يشارك فى تلك الانتخابات طيف واسع من اهل المعارضة وطالما سيمضى الجنوب الى حاله وطالما هم واثقون من ان السواد الاعظم من الشعب يساند توجههم الحضاري، ليقول الشعب فيهم كلمتهم، وبذلك يكون فهمهم متقدما عن فهم الرئيس التونسي المخلوع بن على، حينما قال: الان أنا فهمت، ووعد بان لا يترشح ثانية ، لكن شعب تونس الذى اراد الحياة ، حاسبه بشده على فهمه المتأخرلمطالبهم المشروعه، ولم يصبر عليه لثلاث سنوات فقط نهاية ولايته، فاذا استجاب القدر لشعب تونس لم لا يستجيب لشعب السودان إن قرر اسقاط حكومته ؟ليس عيبا ان نشرك الاخرين معنا فى حمل هذه التركة الثقيلة، فما تزال هناك قضايا كبرى كما قال خالد نفسه تحتاح حلا عاجلا، اما اذا كانت الحكومة تحسب انها قادرة لوحدها على حل كل تلك القضايا ،اقتصادية كانت او سياسية او اجتماعية الخ، فإنها مخطئة ،ولم تستوعب درس تونس،أنا شخصيا ضد ان يحرق الناس انفسهم، مهما ضاقت بهم السبل ، لأن ذلك لايعدو أن يكون مجرد انتحار، ورب العزة يأمرنا أن لا نياس، ولابد ان نتفاءل بالخير حتى نجده ، وبذات القدر نرجو من الحكومة ان لاتحمل الناس على الثورة والانتفاضة فى وجهها، وهى تعرف جيدا ماهو الثمن المطلوب ، وتعلم ايضا انها من ينبغي عليها ان تدفعه، لا الاخرين ، فالذى ملكها الحكم قادر على ان ينزعه منها، بين عشية وضحاها .باختصار شديد يا اخى خالد ،ما حدث فى تونس يمكن ان يتكررفى السودان، وفى غيره بالكربون ، ولدينا هبيتين شعبين فى اكتوبر 1964 وفى ابريل 1985.
نحن لا ندعو لثورة، ولاندعو الناس الى التهلكة، وننتقد بشدة دعوة السياسين للناس بأن يخرجوا للشوارع، ويواجهوا بصدورهم العارية الرصاص وهم فى شرفات بيوتهم ومكاتبهم يتفرجون ، وانما ندعو الحكومة اولا ان تلتفت الى المعارضة وتسمع ما تقوله، فليس كل ما تقوله كلام فارغ ،وندعوها أن تحول بين المعارضة والناس بتنفيذ مطالب الطرفين ، أو الممكن والمعقول منها، الكل يدرك ان خزينه الدولة خاوية على عروشها ، لكنهم يعلمون ان كثيرا من سياسات الحكومة تفقر الشعب، ولا تغنيهم من جوع ولا احسب ان مسئولا حكوميا واحد ولو كان صغيرا يعاني كما يعاني الكثيرون ، وليس المقام مقام تفصيل.
واخيرا ندعو الى اطلاق سراح الدكتور الترابي واخوانه، طالما لم يرتكبوا جرما يحاسب عليه القانون ، وعدم اعتقال المزيد من المعارضين،فى هذا الظرف الدقيق الذى تمر به بلادنا ، لان ثمن ذلك هو دفع البلاد الى اتون فوضي غير خلاقة، واحراق للمتلكات العامة والخاصة، وتقتيل للناس ، وعدم أمن واستقرار، فهل من حكيم وعاقل من اهل الحكم نخاطب؟
هل الثورة فى قطع الروؤس فقط ؟
بقلم :سليم عثمان
كاتب وصحافي سوداني مقيم فى قطر
لقد نجح شعب تونس الشقيق فى قطع راس النظام التونسي (زين العابدين بن على )كما نجح الاشقاء فى مصر فى قطع الرأس الكبيرة (حسنى مبارك) وظن الشعبان الشقيقان أن الثورة قد نجحت فى كلا البلدين، لكن الواضح أن نظام بن على فى تونس قد فرخ وغرس جزوره فى تربية تونس عميقا لمدة 23 عاما ،وكذلك الحال مع نظام مبارك الذى تغلغل فى كل مفاصل الدولة وتفاصيلها الصغيرة لمدة ثلاثة عقود ، لذلك يمكننا القول أن الثورة نحجت فى البلدين نجاحا نسبيا وليس مطلقا ، و فى المنطقة تنظر بلدان أخري كثيرة بعين الرضا لما حققه شعبا البلدين ،خاصة فى الشقيقة ليبيا حيث يواجه الشعب بصدور عارية ،الة القتل بشكل يومي منذ اكثر من عشرة ايام وإذا أفلح الشعب اللليبي فى أزاحة العقيد معمر القذافي ،عن سدة الحكم فسوف يكون نجاح الثورة الليبية غير مسبوقا بحسبان أن القذافي هو كل شئ فى الجماهيرية ،فالكل يعلم أنه لا اللجان الثورية ولا يحزنون، هم من يحكمون ليبيا ،بل القذافي وابناءه وثلة من المقربين اليه، ولا شك في أن نظم البلدان العربية ستبدأ في التفكير، بعد ثورة ليبيا، في طرق تحول المعركة القادمة من إسقاط النظام إلى إسقاط شخص الرئيس، ولا شك في ان تكلفة الدم المرتفعة جدا كما هو الحال فى الانتفاضة الليبية ، ستمثل عاملا يردع انظمة القمع الاخري عن تكرارها هنا، فى هذا البلد او ذاك ،وربما شجعتها على حل إشكال النظام عبر التضحية بالرئيس في مرحلة مبكرة من التمرد الشعبي، حيث ستكون تعقيدات التفاهم مع الطرف الآخر غير كبيرة، وتنازلات النظام قليلة الكلفة. وقد رأينا كيف انعكس بركات ثورتي تونس ومصر على عدد من البلدان العربية، ففى السودان سمعنا أن الرئيس البشير وعد بأن لا يترشح فى الانتخابات القادمة، وفى اليمن السعيد أجبر المتظاهرون الفريق على عبد الله صالح بأن يقول : أنه لن يترشح فى المرة القادمة ،ولن يرشح إبنه (الغاء فكرة التوريث) تماما كما فعل الرئيس المخلوع مبارك ،تحت الضغط حينما أعلن أنه لن يترشح ولن يورث الحكم لابنه جمال ،حتى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قال هو الاخر: لن أترشح مجددا ،إن لم يفعل هؤلاء "الرؤساء شيئا سوى الوعد بعدم الترشح مجددا وترك الشارع ينتظرهم حتى ساعات متأخرة من الليل ، ليطلعوا علينا بالعجائب ، لكفاهم ! ، فهم إن وعدوا أخلفوا ، وإن خاصموا فجروا ، وإن حدثوا كذبوا ! وليست المشكلة فيهم فحسب ،بل أيضا فى البطانة الكبيرة والسيئة التى تحيط بهم من وزراء ومستشارين وكلاب أمن وحارقو بخور ،فلو سقط الرأس لكانت الاطراف، تتحرك وتنخر فى اجساد المواطنين ومصالحهم كالسوس ،لذلك لا ينبغي أن يفرح شعب مصر برحيل مبارك فهو موجود بجسده فى شرم الشيخ،وتلامذته النجباء فى كل وزارة ومؤسسة وهيئة ،والبوليس هو نفسه لن يتغير بين عشية وضحاها ،مهما سكب بعض أفراده دموع التماسيح كي يتهربوا من رائحة الدم الذى ولغوا فيه طويلا وحتى فى حال قيام ديمقراطية هناك مبرأة من كل عيب فسوف تطاردها فيروسات النظام الفرعوني السابق ،لأن رجالاته لن تستسلم بسهوله.وفى تونس ايضا ما تزال المظاهرات تسد قرص الشمس حتى افلحت بالكاد امس على اجبار محمد الغنوشي رئيس الوزراء على تقديم استقالته .
إن أبرز ما كشفت عنه ثورتا تونس ومصر هو سقوط بعبع البديل الإسلامي الذي طالما روجت له الانظمة العربية، التي راحت تصور للغربيين وللشعوب المحلية أن بديل استبدادها وتسلطها هو استبداد وتسلط الإسلام السياسي. ففى تونس كان بن على يخوف مواطنيه من راشد الغنوشي ونهضته وفى مصر كان نظام مبارك يعتبر الاخوان المسلمين حركة متزمتة، وبالتالي تم حظرها سنين عددا وقد ثبت زيف وتهافت هذه التخرصات إذ لم يكن مشاركة الاسلاميين فى الثورتين الا كسائر مساهمات عامة الشعب، ورغم ذلك فالعقيد القذافي ايضا ما يزال يكرر ذات الاسطوانة المشروخة عندما يخوف الليبين والغرب من تنظيم القاعدة ،الذى سوف يقيم امارة اسلامية ، فى ليبيا ،بالقرب من اوربا ،كما أقامها فى أفغانستان ،لكن هذه المرة لم يصدقه أحد وربما هو نفسه لم يصدق كذبته البلقاء هذه،ومضى الرجل يتوعد شعبه بأن يجعل ليبيا حمراء دماء وجمرا.
تونس ومصر دولتان قوميتان متماسكتان لأكثر من قرن من الزمان. المشاعر الوطنية فيهما وايضا المؤسسات قوية، ولا تنطبق الهوية القبلية إلا على أقلية في مناطق غير حضرية. والجماهيرية عكس ذلك تماما، حيث تتكون من ثلاثة أقاليم تعود إلى أيام الإمبراطورية العثمانية (طرابلس وبرقة وفزان) قام المستعمرون الإيطاليون بتجميعها معا تدريجيا منذ 1911. وفي عام 1951 تحولت إلى مملكة فيدرالية مستقلة لضمان مصالح استراتيجية بريطانية وأميركية إبان الحرب البادرة. نعم أستقال عدد من الوزراء والسفراء، من نظام القذافي و يسيطر المحتجون على اجزاء كبيرة من البلاد فى الشرق والغرب، لكن كل الدلائل تشير الى أن طرابس وحدها ستكون عصية على الثوار، والقذافي ليس من طينة الرجال الذين يهربون ،وقد قالها صراحة أنه سوف يقاتل حتى أخر طلقة ويتعزز عنده هذا الفهم اذا علمنا انه لا يثق فى أى شخص وليس لديه مكان يهرب اليه ،اللهم باستثناء بلد صديقه الثائر شافيز فى فنزويلا فى امريكا اللاتينية أو الافريقي العجوز روبرت موغابي فى زيمبابوى، لكنه ربما يفضل الانتحار كما فعل هتلر،وواضح من تطورات الثورة الليبية أنه لا توجد هناك معارضة منظمة لا فى الداخل ولا فى الخارج ولكن أناس معارضون.وهو مما يخشي منه افشال الثورة،لقد توفّرت في هذه الثورات جميعها حتى الآن عوامل إيجابية كثيرة: الإرادة والعزم على إحداث التغيير مهما كانت التضحيات، الشجاعة في الصمود والمواجهة مع حالات العنف السلطوي، الحرص على سلمية التحرك، عدم اطلاق الشعارات الفئوية التي تُنفر الآخرين من قطاعات الشعب المتعدّدة، والدور الفاعل للجيل الجديد في عمليات التواصل الالكتروني من أجل التعبئة الشعبية للتحرّك. لكن هذه الإيجابيات لا تمنع وجودَ مخاوف من سلبيات قائمة أصلاً في بعض المجتعات العربية التي فيها انقسامات طائفية ومذهبية أو أيضاً نوازع إنفصالية كما هو الحال في جنوب اليمن. فالمطلوب دستورياً هو ديمقراطية تحقّق فصل السلطات وليس فصل الكيانات، نعم لكل بلد خصوصيته ولكل بلد مشاكله ولكن بشكل عام يمكن القول ان البلدان العربية كلها بلا استثناء تعيش وضعا سيئا على مستوى حقوق الانسان وعلى مستوى المعيشة وعلى مستوى تدهور القيم الاخلاقية وعلى مستويات اخريعديدة لا يتسع المجال لذكرها لذلك لا ينبغي ان نفرح كثيرا باسقاط هذا الرأس أو ذاك حتى لو اسقطنا ال22 رأسا فسوف تبت تربة المنطقه رؤوسا جديدة بقرون اشد صلابة ، لذلك تظل ثوراتنا منقوصة وإن أشبعت فى نفوسنا بعض حاجة .
جميل ما سمعناه :أن لانية لرئيسنا البشيرللترشح لولاية ثانية ولكن الاجمل الذى لازلنا ننتظره هو أن يقيم العدل كل العدل فيما تبقي من ولايته الراهنة،وأن يترك فى نفوسنا أثرا يجعلنا نغفر لهم كل ما ارتكب من أخطاء بحقنا وبحق بلدنا فالعبرة بالخواتيم كما يقولون،نريده ان يشهر سيفه ويجعل كل من تحوم حوله شبهة من الشبهات بحق المال العام ان يقف امام القضاء حتى لايقرضه الناس بألسنة حداد وما لم يشهر بنفسه هذا السيف فلن يفيد تشكيل مفوضية ولا حتى وزارة لمحاربة الفساد ،نريده ان يحس بقرصة الجوع لاسر عديدة على مد البصرفى السودان، نريده ان يهتمبالشعار الذى تغني به نأكل مما نزرع بلاش نلبس مما نصنع فى الوقت الراهن ، نريده ان يكون على رأس النهضة والنفرة الزراعية لا ان يوكل امرها لمن ضيعها،واخيرا نذكره بإثنين من سلفنا الصالح عله يجد فيهما القدوة وما يعينه على انهاء ولايته بحب الناس له بأن يكون على صقور حزبه والا فسوف تطارده لعنات كثيرين من الناس .
فهذا هو [عمر بن الخطاب] رضي الله عنه وأرضاه في بستان من بساتين الأنصار وأنس بن مالك رضي الله عنه وأرضاه يراقبه ويرقبه وهو لا يراه وإذا بعمر يقف وقفة محاسبة ووقفة مراقبة مع نفسه ويقول عمر أمير المؤمنين بخ بخ والله لتتقين الله يا عمر أو ليعذبنك الله والله لتتقين الله أو ليعذبنك الله عمر الذي يأتيه أعرابي قد قرض الجوع بطنه وبه من الفقر ما به و يقف على رأسه ويقول :
يا عمر الخير جزيت الجنة
اكس بناتي وأمهن
وكن لنا في ذا الزمان جنة
أقسم بالله لتفعلن
قال وإن لم أفعل يكون ماذا قال:
إذا أبا حفص لأمضين
قال وإذا مضيت يكون ماذا قال:
والله عنهن لتسألن
يوم تكون الأعطيات منة
وموقف المسئول بينهن
إما إلى نار وإما إلى جنة
فلم يملك عمر رضي الله عنه وأرضاه إلا أن زرفت دموعه على لحيته رضي الله عنه وأرضاه ودخل ولم يجد شيئا في بيته فما كان إلا أن خلع ردائه وقال خذ هذا ليوم تكون الأعطيات منة وموقف المسئول بينهن إما إلى نار وإما جنة هكذا تكون مراقبة الله – عز وجل – وهكذا تكون تقوى الله – عز وجل –
و هذا عمر الثاني [عمر بن عبد العزيز] وهو يلي أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم في يوم من الأيام ويكسب أو يفيء الله على المسلمين فيئا وهذا الفيء تفاح فأراد أن يقسمه على الرعية بينما هو يقسم هذا التفاح إذ امتدت يد صبي من صبيانه طفل صغير أخذ تفاحة ووضعها في فمه فما كان من عمر إلا أن أمسك بفيه وأوجع فكيه واستخرج التفاحة من فمه وردها بين التفاح والطفل يبكي ابن عمر يبكي ويخرج ويذهب إلى أمه ويذكر لها الحادثة فترسل غلام من البيت ليشتري لهم تفاحا ويقسم الفيء على المسلمين وينسى نفسه فلم يأخذ تفاحة واحدة ويذهب إلى البيت فيشم رائحة التفاح في بيته فيقول من أين لكم هذا و والله ما جئتكم بواحدة بتفاحة واحدة فأخبرته الخبر قالت جاء ابنك يبكي فأرسلت الغلام وجاء له بهذا التفاح قال يا فاطمة والله لقد انتزعت التفاحة من فمه وكأنما أنتزعها من قلبي، لكني والله كرهت أن أضيع نفسي بتفاحة من فيْء المسلمين يأكلها قبل أن يقسم الفيء هكذا تكون مراقبة الله – جل وعلا – هكذا تكون تقوى الله – جل وعلا – وبها النجاة (وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون) ما راقب عبد ربه إلا أفلح وفاز وما الحياة الدنيا إلا متاع ما راقب عبد ربه فذلت به قدمه فأخطأ فارتكب فاحشة إلا عاد نادما حسيرا كسيرا فيتقبله ربه وهو أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين بمنه وكرمه الله عز وجل رحيم بل هو رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما رحمته وسعت كل شيء وسبقت غضبه – سبحانه وبحمده – له مائة رحمة أنزل لنا في هذه الدنيا رحمة واحدة فبها يتراحم الخلق كلهم ناطقهم والأعجم صغيرهم والكبير حتى إن الدابة لترفع رجلها لوليدها ليرضع منها ثم يذهب بهذه الرحمة فإذا كان يوم القيامة لرفع الله هذه الرحمة إلى تسع وتسعين رحمة عنده سبحانه وبحمده فيتطاول إبليس ويظن أن رحمة الله ستسعه في ذلك اليوم.


مائه يوم فقط وينشطر السودان الي دولتين؟

مائه يوم فقط وينشطر السودان الي دولتين؟
بقلم سليم عثمان
كاتب وصحافي سوداني مقيم في قطر:
نقلت صحيفة الدستور الأردنية مؤخرا مقتطفات من ندوة نظمها -مركز القدس للدراسات السياسية ، بعنوان "السودان وسيناريوهات الوحدة والانفصال" شارك فيها د أمين حسن عمر رئيس وفد الحكومة في مفاوضات سلام دارفور التي تجري بالدوحة من وقت لآخر، حيث أوردت الصحيفة بعض ما جاء علي لسان د/ أمين في ورقة قدمها امام تلك الندوة أكد فيها أن التخلف الاجتماعي، في مناطق الجنوب السوداني، وفي السودان عموما ، والتدخلات والضغوط الأجنبية، و الصهيونية وضغوط الكنيسة الأنجليكانية ، والمشروع الإسلامي، الذي طرح في السودان بالإضافة الى استخراج النفط ، في منتصف التسعينيات، هي من الأسباب التي ساهمت في خلق مشكلة الجنوب، و أدت الي سعي البعض وجنوحهم نحو الانفصال.
وقال إن استطلاعات كثيرة أجرتها الحكومة السودانية،عن طريق أطراف محايدة، أشارت جلها الى أن معظم أهل الجنوب مع الوحدة ، وأغلبية بسيطة من النخب والتيارات المتنفذة هي مع الانفصال،والتي ليس من بينها التيار الرئيس لحزب الحركة الشعبية السوداني.
وأكد المحاضر أن الحكومة (شبه متيقنة) أن الاستفتاء المزمع تنظيمه في التاسع من يناير المقبل لن يأتي بالانفصال، والذي اذا ما حدث سيؤثر سلبا على السودان شماله وجنوبه، وعلى دول الجوار، وسيكون التأثير أكثر سلبية على الجنوب .
وبين د/ أمين انه لا وجود لمقومات إنشاء دولة ناجحة، ومستقرة في الجنوب،بسبب البيئة الاجتماعية القبلية المتناحرة، وكذلك بسبب ضعف البنية الاقتصادية التحتية في تلك المناطق، نتيجة للحروب والثورات المتواصلة،التي جرت هناك وعدم اهتمام المركز بما يكفي بالأطراف.
وشدد د/ أمين على أن الحكومة ستقبل بنتائج الاستفتاء، اذا ما تم دون تزوير أو ضغوط خارجية، على المواطنين بأي اتجاه، واذا ما حصل أي من هذا فسنعتبر الاستفتاء لاغيا ولن نقبل بنتائجه.
ليس خافيا علي أحد من المراقبين للشأن السوداني ،أن الدكتور أمين حسن عمر يعد أحد أبرز وجوه الحكم في السودان ،ويعرف الكثير من أسرار مطبخ صناعة القرار السوداني ،ولكن أذا ما تفحصنا بشكل دقيق حديث د/ الطيب زين العابدين الأكاديمي والإسلامي السوداني المعروف، في حوار له مع (صحيفة سودانايل الالكترونية) بأن السودان يحكمه الان أشخاص يعدون علي أصابع اليد الواحدة، لن نجد قطعا الدكتور أمين حسن عمر من بينهم ،ليس لموقعه أو ترتيبه داخل صفوف الحركة الاسلامية، المنشقة الي قسمين، أحدهما يقوده الدكتور حسن الترابي، الذي أسس حزبا بعيد المفاصلة الشهيرة أطلق عليه ألمؤتمر الشعبي، ويقود الاخر الرئيس البشير ونائبه علي عثمان محمد طه،وهو أمين عام الحركة الاسلامية الان.
ود/ أمين الذي كنا نعده أقرب لفريق الترابي ، هو حاليا من الشخصيات التي تمسك بأهم ملفات السودان مع المجتمع الدولي(ملف مفاوضات سلام دارفور المتعثرة) لكن حديثه في الندوة الحوارية لمركز القدس للدراسات السياسية حول استبعاد فكرة انفصال جنوب السودان في استفتاء تقرير المصير في يناير المقبل جانبه التوفيق لجملة من الأسباب أهمها :
أولا: يعلم الدكتور أمين بوصفه أحد أعضاء الوفد الحكومي المفاوض في نيفاشا ، علم اليقين أنهم عندما منحوا الحركة الشعبية ،حق تمثيل كل الجنوبيين في تلك المفاوضات ،وبالتالي منحهم حق تقرير المصير، بأن الحركة لن تدخر وسعا في حمل الجنوب حملا نحو الانفصال، وأنها ستجد أطرافا إقليمية ودولية تساندها وتدعمها في مخططها هذا، وكان الطعم الذي ابتلعه الوفد المفاوض هو ما سمي بالوحدة الجاذبة التي ستقود حتما الي الانفصال غير الجاذب. وقد سمع دم أمين بأذنيه مطالب الرئيس اوباما في اللقاء الدولي الذي نظمته الأمم المتحدة بشأن السودان والمتمثلة في إجراء الاستفتاء في موعده بسلام ولم يشر الي أية حوافز تذكر كرفع اسم السودان من قائمة الإرهاب أو رفع الحصار الاقتصادي و ولا التطبيع الكامل مع الخرطوم إنما ربطها بتحقيق العدالة في دارفور ،ولذلك نري أمريكا تريد فصل الجنوب للتفرغ الي دارفور حتي يتسني لها فصله او إسقاط حكومة البشير او إضعافها دوما حتي لا تحاول الدخول في حرب مع الدولة الجنوبية الوليدة .
ثانيا: كانت الحركة الاسلامية تعلم تماما، أن قوانين الشريعة الاسلامية التي سميت بقوانين سبتمبر ، 1983 حاربت الحركة الشعبية لإلغائها، بشتي السبل ،وكذلك فعل الغرب المسيحي بقيادة أمريكا ،ورغم انه ليست هناك شريعة مطبقة حاليا حتي في الشمال، الذي تحكمه حكومة المؤتمر الوطني و بالطبع الجنوب تحكمه الحركة الشعبية، بقوانينها الخاصة ، فإن مجرد التمسك ولو بشكل لفظي بتلك القوانين، كان كفيلا بمنح الحركة الشعبية والغرب مسوقا لرفض الوحدة مع الشمال.
ثالثا: استغرب ما أشار إليه د / أمين بأن استطلاعات كثيرة أجرتها الحكومة السودانية ،عن طريق أطراف محايدة، أشارت جلها الى أن معظم أهل الجنوب مع الوحدة ،وأغلبية بسيطة من النخب والتيارات المتنفذة ،هي مع الانفصال، والتي ليس من بينها التيار الرئيس لحزب الحركة الشعبية السوداني ، ولا أدري ما هي تلك الأطراف المحايدة التي أجرت بحوث ودراسات بشأن اتجاهات الوحدة أو الانفصال وسط المواطنين الجنوبيين لصالح الحكومة ؟؟ سيما لو أخذنا في الاعتبار ما يقوله قاده بارزون في الحركة الشعبية، من أمثال باقان اموم، أمين عام الحركة، أن تيار الانفصال غالب في أوساط مواطني الجنوب، وتقارب نسبة 100% ، ويدلل آخرون علي ذلك بالأصوات الضئيلة التي حصدها السيد رئيس الجمهورية المشير البشير في انتخابات الرئاسة، التي جرت مؤخرا مقابل الأصوات الكثيرة والكثيفة، التي حاز عليها منافسه المنسحب من السباق الرئاسي، ياسر عرمان احد قياديي الحركة الشعبية.
رابعا :لا يمكن لسياسي حصيف ونابه مثل د/ أمين حسن عمر أن يستبعد تدخل إطراف خارجية، مثل أمريكا و مجمع الكنائس العالمي ، وجماعات الضغط الصهيونية وإسرائيل وغيرها ،من الجهات والدوائر المعادية للسودان في أمر يخص انفصال جنوب السودان، والتي يسعدها أيما سعادة ان تري السودان، ممزقا الي دويلات ضعيفة ومتناحرة دوما، ،ذلك أن تلك الأطراف هي من أشعل فتيل حرب الجنوب، وهي من غذته ورعته ودعمته، بالمال والسلاح والإعلام وكل شئ، لأسباب كثيرة يعلمها د/ أمين اكثر مني ، وبالتالي فسوف تقوم تلك الأطراف بصورة مباشرة وغير مباشرة، من اجل إقناع بل وإجبار المواطن الجنوبي بمباركة الحركة الشعبية ودعاة الانفصال فيها بالتصويت لصالح خيار الانفصال ،وسوف يزينون للمواطن جنة الانفصال ،ويلقمون نار الوحدة أحجارا كثيرة. وسوف يتبين د/ أمين الرغبة العارمة للأمريكان، في فصل جنوب السودان خلال مرافقته للسيد علي عثمان محمد طه، نائب رئيس الجمهورية في زيارته الحالية لواشنطن . تلك الرغبة التي لم تخفها أمريكا، ولا احسب ان الشمال سوف يجني مكاسب تذكر من تلك المهمة، ولا إشارات ايجابية نراها تهب علينا من هناك، كما يزعم السيد علي كرتي وزير الخارجية ،بل نري العكس تماما ، حيث يكاد المرء يجزم بأن السيد علي عثمان سوف يستمع لمزيد من الأوامر، واجبة التنفيذ دون تباطؤ، ولن تعد أمريكا بإعفاء ديون السودان البالغة 9, 31 مليار دولار واصلها لا يتعدى 14 مليار دولار، لكنها قد تفعل مع نصيب الجنوب بعد الانفصال،و لن تعد واشنطن بشئ ذي قيمة لحل مشكلة دارفور ، سواء من ناحية الضغط علي المتمردين للجلوس الي طاولة مفاوضات الدوحة او غيرها لطي ملف دارفور، ولن تعد بدعم اقتصادي ومالي لحل قضايا النزوح واللجوء لمواطني دارفور ،رغم علمها بأن انفصال الجنوب بموارده النفطية يجعل الشمال فقيرا بائسا، ولكنها عوضا عن تقديم شئ ملموس للخرطوم في جولة التفاوض الحالية معها في واشنطن سوف تطلب الإسراع في حل المشكلة ، والا فسوف تكون الذراع اليمني لمدعي محكمة الجنايات لويس مورينو موريس اوكامبو، للقبض علي الرئيس والمطلوبين الأخريين لديها ، ومؤكد أنها سوف تهدد بفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية ،علي الشمال ،وقد تحرض أطرافا اخري كدارفور والشرق والنيل الأزرق وجنوب كردفان للانفصال أيضا، أما رفع مستوي التمثيل الدبلوماسي الأمريكي، فلن يتم بسهوله، وان تم فلن يؤدي الا لمزيد من الضغط علي الشمال . ولا ننسي ان شخصية مثل سفيرة أمريكا في الأمم المتحدة حاليا، ومساعدة وزيرة الخارجية في عهد بوش الابن سوزان رايس ، ما تزال تدعم تيارا متشددا داخل الادارة الحالية لحكومة الرئيس باراك اوباما ، تريد حظرا شاملا للطيران السوداني فوق سماء دارفور، وضرب الجيش السوداني، في كل موقع لإضعافه ،لذلك ستكون جزرة أمريكا حاضرة، لرفعها في وجه علي عثمان وإخوانه في واشنطن ، وربما يفرح الدكتور عبد الحليم المتعافي قليلا ان وافقت أمريكا علي بيع السودان بعض المعدات الزراعية للسودان كعربون لموافقة الشمال علي إجراء الاستفتاء وبالتالي الوصول لمحطة الانفصال ،(الم يقولوا من قبل أن تلك المعدات أصبحت تصنع في السودان في العهد الحالي؟ فما حاجتنا إذن لمعدات زراعية أمريكية ؟ اذا كان حصارها المفروض منذ بزوغ فجر الانقاذ سوف يستمر)وطالما كانت الانقاذ تدعي دوما أنها قادرة علي شق طريقها رغم الحصا الأمريكي والغربي ،لكننا لا نتفق مع الحكومة في مكابرتها تلك ، بل نري أثار الحصار ظاهرة في كل بيت سوداني، جوعا وفقرا ومرضا وسوء تعليم وفساد ذمم ، في مؤسسات الدولة، وانحسار للمساحات المزروعة،وتضاؤل الانتاج بشقيه الصناعي والزراعي ، وكم من الأنفس زهقت لسقوط طائرات سودانية عديدة لنقص قطع الغيار، التي تأتي من أمريكا بصعوبة عبر جهات اخري ،وبأسعار ترهق خزينة السودان ، وكم من الأطفال ماتوا جراء نقص الدواء والعلاج في مؤسساتنا الطبية، وكم من النساء الحوامل متن جراء نقص الرعاية الصحية، لهن خلال الحمل ؟بل ماهو واقع مؤسسات التعليم العالي عندنا التي تفتقد المعامل الحديثة والأستاذ المؤهل؟ وكل شئ بل ما قيمتها عندما لا يعترف الآخرون بالشهادات التي تمنحها لأبنائنا الطلاب؟ حكومتنا الموقرة تعلم أنها محاصرة من أمريكا ومن الغرب، بل حتي من أشقائها العرب ،بدليل ان الاستثمارات العربية في السودان، لا تذكر مقارنة مع موارد البلد الكبيرة، من مياه وأراض صالحة للزراعة ، واذا صح ان حكومتنا باعت مشروع الجزيرة للأشقاء في شمال الوادي بثمن بخس دراهم معدودة فلن ننتظر سوي( التبن ) فسيكون ذلك بمثابة حصار جديد علي الشعب السوداني .
خامسا: تهديد د / أمين بعدم اعترافهم بالانفصال لو جاء نتيجة لضغوط مورست علي المواطن الجنوبي ،سوف يقود دويلة الجنوب المنفصلة ودويلة الشمال الي حرب غير تقليدية كما هدد من قبل باقان اموم ، لذلك نري ان التهديد لا يعدو ان يكون سوي للاستهلاك ،ذلك ان المؤتمر الوطني الذي قال في اكثر من مناسبة انه مل الحرب، ولا ينوي للعودة اليها مهما كان،يعلم ان الحركة الشعبية، كدست مخازنها بترسانة أسلحة حديثة بل لم يستبعد محلل سياسي كالطيب زين العابدين، ان ترسل الحركة الشعبية صواريخ لنسف الجسور والسدود، التي يباهي بها المؤتمر الوطني دائما،ويهتف مناصروه دوما بعبارة (السد هو الرد) وتصوروا كيف يكون الحال لو نسف سد مروي وخزان الرصيرص وجبل أولياء وسنار ؟ مؤكد ان أهلنا في الشمال سوف يعيشون حياة ضنكي، أشبه بحياة سكان العصور الحجرية القديمة، صحيح ان الشمال والجنوب جربا الحرب، وذاقا ويلاتها لكن الصحيح أيضا أن الحركة الشعبية، لن تفرط في مكاسب سهلة تلقاها من المؤتمر الوطني، وقد يقبل المؤتمر الوطني صاغرا للاعتراف بالدولة الوليدة، لكن بعد شئ من المماطلة ، لحفظ ماء وجهه،سيما بعد ان انفرد بالبت في أمر تقرير مصير الجنوب، بالتعاون مع الحركة الشعبية ، وإبعاد كل أهل السودان الآخرين ،ويعلم أمين وإخوانه ، ان قواتنا المسلحة هي الاخري غير راغبة في خوض حرب،قد لا تبقي ولاتذر ان اندلعت مجددا
سادسا : بافتراض صحة قول د/ أمين حسن عمر بأن تيار الوحدة في الجنوب لا يستهان به الا اننا نختلف معه في ان هذا التيار لا صوت له في الجنوب ، اللهم الا اذا كان يقصد أولئك الساسة الجنوبيين الذين يعيشون بين ظهرانينا في الخرطوم ،ويرضي عنهم المؤتمر الوطني ويمنحهم الوظائف السيادية المرموقة والمال ،ليس لهؤلاء صوت حتي داخل أسرهم الصغيرة ناهيك عن قبائلهم ، و بعضهم لا يزور الجنوب حتي في المناسبات ،وطالما الديمقراطية منعدمة في الجنوب تماما كما هو الحال في الشمال ، فلا ينبغي ان يتوقع الأخ أمين وإخوانه ، أن يجري استفتاء حر ونزيه هناك كما قال د لام أكول وزير الخارجية الا سبق، عندما قال في مقالة له مؤخرا ان تقرير المصير هو الوسيلة الديمقراطية لحسم مسألة الوحدة والانفصال بشكل نهائي وللأبد، بعبارة أخري، لا يمكن ممارسة حق تقرير المصير فى غياب الديمقراطية. وهذا حديث صحيح ،وبافتراض ان عملية الاستفتاء سوف تكون مراقبة من جهات دولية عديدة، فإننا لا نتوقع ان تقول تلك الجهات بغير صحتها ، لذا سيكون من المتعذر علي الحكومة ومن غير المقبول ، ان ترفض نتيجة الاستفتاء ، لو جاء معيبا و يحمل ،اللهم الا اذا أعدت الحكومة العدة لحرب جديدة ، تعلم أنها لن تربحها ، ذلك ان المجتمع الدولي معظمه ان لم نقل كله سوف يقف وقتها الي جانب الدولة الجنوبية الوليدة ،ولأننا نعرف ان إخواننا الحاكمين اليوم ذاقوا حلاوة السلطة ،فلن يعملوا بأيديهم لإسقاط أنفسهم، من فوق كراسي السلطة الوثيرة لذا سوف ينصح حكيم الخمسة الذين يحكموننا ، بقبول خيار الانفصال( ويا دار ما دخلك شر) ولن يجعلنا شيخ علي ننجر الي أتون تلك الحرب، دون ان نعقلها عملا ب( لن تضرنا أمريكا والغرب وإسرائيل وكنائس العالم أو تنفعنا الا بشئ قد كتبه الله علينا) فقبولنا بما تخطط له تلك الجهات ومعها الحركة الشعبية ،هو من باب أخف الضررين ،ويفهم إخواننا مدلولات هذه القاعدة الفقهية ومؤكد انهم سيعملون بها. باختصار شبح الحرب ما يزال يبلد أجواء السودان ،لو رفض المؤتمر الوطني أو قام بتأجيله ربما يعلن مجلس تشريعي الجنوب الانفصال فعندها سوف يجيش المؤتمر الوطني الجيوش للإقليم المتمرد، ولو جري الاستفتاء بضغوط ، وبدون شفافية ونزاهة وكانت نتيجته الانفصال فلن يعترف به المؤتمر الوطني حسبما يري أخونا د/ أمين وبالتالي فنحن نساق الي الحرب من الشريكين ، والحل في نظري ان نشرك الآخرين ،لإخراج الشريكين من هذه المعضلة التي أدخلونا فيها .ولا ننتظر من أمريكا شيئا .
قطوف:
أهلكك الله وحدك!!
كان رجل يقرأ، فقرأ سورة تبارك حتى وصل إلى قوله تعالى: (قل ارايتم إن أهلكني الله ومن معي ...) الملك/28. فارتج عليه، فجعل يكررها، فقال له أعرابي من خلفه: أهلكك الله وحدك، فما ذنب مَنْ معك؟
بيـت طفيـلـي ‍‍!!
قال عثمان بن دراج الطفيلي: مرت بنا جنازة يوماً ومعي ابني، ومع الجنازة امرأة تبكي، وتقول: الآن يذهبون بك إلى بيت لا فراش فيه، ولا غطاء، ولا وطاء، ولا خبز ولا ماء، فقال لي ابني: يا أبت إنهم إلى بيتنا ذاهبون!!
موت من الفرح ‍‍!!
شكا رجل إلى أبي العيناء امرأته، فقال: أتحبُّ أن تموت امرأتك؟ قال: لا، والذي لا إله إلا هو. قال: ولِـمَ ويحك وأنت معذَّبٌ بها؟! قال: أخشى والله أن أموت من الفرح!!
الفيل أكبر من البقرة ‍‍!!
صلّى أعرابي خلف إمام صلاة الفجر، فقرأ الإمام سورة البقرة، وكان الأعرابي مستعجلاً، ففاته مقصوده، ولما بكَّر في اليوم الثاني وابتدأ الإمام بسورة الفيل، ولى هارباً وهو يقول: الفيل أكبر من البقرة، أمس قرأت البقرة فلم تفرغ إلى نصف النهار، واليوم تقرأ الفيل، ما أظنك تفرغ منها إلى نصف الليل!!

هل تكون قمة سرت الليبية ... الأخيرة التي يشارك فيها الرئيس البشير ؟

هل تكون قمة سرت الليبية ... الأخيرة التي يشارك فيها الرئيس البشير ؟
سليم عثمان
كاتب وصحافي مقيم في قطر:

ربما لم يغب الرئيس السوداني عمر البشير عن أى من القمم العربية خلال السنوات العشرين الماضية ،ولم تمنعه مذكرة الجلب التي أصدرتها ما يسمي بمحكمة الجنايات الدولية للمشاركة فى قمم عربية وأفريقية وإن قيدته كثيرا ،لكن المهم ليس السفر وإنما المكاسب التى تجني من ورائه ،يقول السيد الصادق المهدي زعيم حزب الأمة والأنصار، ومرشح . الحزب لرئاسة الجمهورية بين يدي الانتخابات ، أن المحكمة الدولية تحد من تحركات البشير علي الصعيدين الإقليمي والدولي ،لكنه ربما لا يقصد مجرد السفر بل ما يمكن أن يحققه البشير لو فاز بولاية جديدة للحكم وهو ملاحق ،وهو ما يرجحه الكثيرون وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية ،سيما بعد الضعف الذى أعتري الأحزاب المعارضة وتحالف جوبا الذي أنفرط عقده ، كثيرا بخروج الحركة الشعبية عن السيناريوهات التي رسمها ذلك الاجتماع وأهمها التنسيق لإسقاط حكومة المؤتمر الوطني ،ثم رفض المؤتمر الشعبي بقيادة الدكتور حسن الترابي لتأجيل الانتخابات التى لم يتبق لها سوي أقل من أسبوعين ،وهو مهندس سياسة (التشتيت)ثم مواقف الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بزعامة مولانا محمد عثمان الميرغني ،التي تراهن علي وضع قدم علي ظهر حكومة البشير، والأخرى على ظهر حصان التحالف ،وذلك لحسابات نجهلها ولا يجهلونها ،وفيما تقول مفوضية الانتخابات ، أن كل شيء أصبح جاهزا، لإجراء الانتخابات فى عموم السودان، تحت سمع وبصر المراقبين الدوليين والإقليميين والمحليين ، بعد أن وصلت صناديق الاقتراع وبطاقاته الى كافة الولايات ،.كان طبيعيا أن يروح مرشح المؤتمر الوطني، لرئاسة الجمهورية المشير البشير، عن نفسه قليلا، بعد صولات وجولات له، فى مدن السودان وقراه المختلفة ،فى إطار حملته الانتخابية، كان لابد من استراحة محارب، سيما بعد أن أستسلم منافسوه وخصومه،وأصابهم اليأس والقنوط من خير الانتخابات القادمة وما فيها من خسران مبين لهم ، وأنهم لا محالة لن يحققوا فيها الفوز علي حزب المؤتمر الوطني ورئيسه ، الذي حل ضيفا على عميد الحكام العرب ،وأطولهم بقاء فى الحكم ،العقيد معمر القذافي للمشاركة فى القمة العربية التي تحتضنها بلاده فى مدينة سرت الليبية ، أيام 27و28و29 من الشهر الجاري ،فيما يغيب عنها عدد كبير من القادة العرب ،علي رأسهم الرئيس المصري حسني مبارك بسبب عملية جراحية أجراها مؤخرا لاستئصال حويصلة مرارية فى ألمانيا ،وخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ، وربما يعود غيابه لملاسنة حادة جرت بينه والعقيد القذافي في قمة سابقة ،والرئيس اللبناني ميشيل سليمان علي خلفية جدل ليبي شيعي منذ عقود بشأن اختفاء الأمام موسي الصدر فى أعقاب زيارة له الى الجماهيرية ،وملك البحرين الشيخ حمد بن عيسي ال خليفة ورئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد ،وسلطان عمان السلطان قابوس بن سعيد ،وملك المغرب محمد الخامس الذي يرأس لجنة القدس أيضا خلفا لوالده الراحل الملك الحسن الثاني الذي كوفئ من قبل ملوك ورؤساء وأمراء دول منظمة المؤتمر الإسلامي برئاسة لجنة القدس نظير إعداده واستضافته قمتهم الأولي ، وللمفارقة يغيب ملك المغرب ورئيس لجنة القدس عن قمة ليبيا والقدس هي القضية الرئيسية المدرجة على جدول أعمالها ،والعدو الصهيوني يسارع الخطي لتهويدها وطمس كل معالمها الاسلامية ،كما يغيب عن القمة الرئيس العراقي جلال الطالباني بسبب ما قيل عن اجتماع للقذافي مع بعثيين عراقيين، وهذا صحيح غير أن الرئيس الليبي لم يستقبل بعثيين فحسب بل حتى معارضين سابقين للرئيس العراقي الراحل صدام حسين، ومن الأسباب التي سيقت فى غياب الطالباني أيضا انشغاله بالانتخابات، التي جرت فى العراق، وأعلنت نتائجها ليلة الجمعة الماضية ،بل وهدد وزير خارجية العراق هوشي زيباري، بالانسحاب من أعمال القمة إن لم تول العراق ما يستحق من اهتمام .
يشارك البشير فى قمة ليبيا ،مع قلة من الرؤساء العرب ، معظمهم من تيار الممانعة ، رغم الفتور الذي أعتري علاقات الخرطوم وطرابلس مؤخرا ،ليس لإثبات القدرة على السفر وتحدي قرارات محكمة اوكامبو ولكن للعلاقة الشخصية التي جمعت البشير بالقذافي خلال عشرين عاما ولمواقف الجماهيرية من قضايا السودان وإن شابهها بعض الفتور والشك فى أعقاب محاولة حركة العدل والمساواة لاقتحام الخرطوم فى 2008وفى إعقاب تصريح شهير للقذافي يؤيد فيه قيام دولة مستقلة فى جنوب السودان ،لكن مهما يكن من أمر فتور العلاقات بين البلدين فإن الحكمة كانت تقتضي مشاركة البشير فى قمة سرت لأسباب كثيرة لعل في مقدمتها إظهار التضامن العربي ولو من خلال مجرد المشاركة فى هذه القمم التي لم تعد تسمن ولا تغني العرب من جوع ،فى وقت العمل العربي المشترك فى تراجع مريع ومخيف والذي أنعكس سلبا علي مؤسسة الرئاسة العربية (القمة)وعلي جامعة الدول العربية التي أنشئت قبل نحو ستين عاما ،كمنظمة عربية كان الشعوب العربية تنتظر منها الكثير وإذا بها تصاب بخيبة أمل كبيرة ، فأصبح القادة العرب فى تناقص عن كل قمة والتي تليها . يتغيبون عنها لأتفه الأسباب ،ولا يحاولون الارتقاء لمستوي التحديات التي تجابه الأمة من المحيط إلي الخليج ، ولذلك فإن القذافي سوف يواجه تحديات جمة فى إنجاح قمة سرت ، بسبب غياب قادة كثر من جهة ، وبسبب ما ال إليه وضع الجامعة العربية من بؤس وبسبب بؤر الحرب والصراعات والانقسامات فى أكثر من بلد عربي السودان فى مقدمتها حيث لم تضع الحرب أوزارها بعد فى دارفور، وجنوبه سوف ينفصل عن شماله ولعلها تكون المرة الأخيرة التي يترأس فيها الرئيس البشير وفد دولة السودان الواحد الموحد ،وقد يحضر القمة القادمة إن أنتخبه الشعب السوداني لولاية جديدة رئيسا لسودان بلا جنوب ، فهل سيحضر القمة القادمة أصلا، وإن حضرها فهل سيكون الجنوب جزء من دولة السودان الموحد ؟ شخصيا استبعد ذلك ،وقد تسعي قوي المعارضة لاقتلاع البشير من كرسي الرئاسة إن استطاعت إلي ذلك سبيلا ، حتى لا يرقص ثانية علي جراحهم ، والصومال الذي يشارك رئيسه المغلوب علي أمره، شريف شيخ شريف ، قد تفكك منذ ما يقارب عقدين من الزمان وفلسطين التي يشارك رئيس سلطتها المنتهية ولايته محمود عباس مهندس اتفاق أوسلو الذي أضاع فلسطين ،والذي يرفض مصالحة إخوانه من حماس ، والذي يصر علي ركوب القطار الإسرائيلي والأمريكي حتى لو قاد شعبه إلي التهلكة ، ما يزال العدو الصهيوني يتربص بها وبالقدس وجرح العراق ما زال ينزف ،وخلافات القادة العرب ما تزال تسود الصحائف ، واليمن السعيد الذي يحضر رئيسه المنتشي .بانتصار موهوم علي الحوثيين فى الشمال قمة سرت ، لم يعد كذلك فجنوب اليمن هو الاخر مهدد بالانشطار عن شماله من جهة أخري .وموريتانيا التي أتخذ رئيسها موقفا شجاعا من إسرائيل هو الاخر تعاني بلاده اقتصاديا وما تزال مضطربة بسبب المراوحة بين الديمقراطية والحكم الشمولي ،وبسبب إحجام أغنياء العرب من الاستثمار فيها ،أما الدولتان الأصغر فى أفريقيا جزر القمر وجيبوتي ، فربما لا يعرف عنهما بعض القادة العرب ما يعرفه تلميذ فى السنة الأولي بمرحلة الأساس وهو لعمري عيب وأي عيب ؟أن يتناحر قادة خير أمة أخرجت للناس وتصبح ذيلا ذليلا للأمم الأخري ،نستورد كل شيء من الخارج من الإبرة إلي الطيارة وأعجب لقادة المعارضة السودانية الذين ينتقدون الحكومة كونها لم تطبع بطاقات الاقتراع الملونة فى أوربا او جنوب أفريقيا كما استوردت صناديق البلاستيك الخاصة بالاقتراع من أوربا ؟يا له من عار نستورد كل شئ من الا وربين حتي بطاقات وصناديق الاقتراع ، ولا تري المعارضة نزاهة لانتخاباتنا، الا إذا راقبها الأوربيون والأمريكان وكانت الأحبار والأختام، والشموع والصناديق، والبطاقات وشهادات البراءة، من عندهم ومن عند مراقبيهم
غاية ما ستفعله قمة سرت هو اعتماد نصف مليار دولار لدعم القدس وسكانها لمزيد من الصمود بعد أن ضمتها إسرائيل اليها عام 1980 بقرار من الكنيست ،وقد يؤكدون على أنها جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967،وربما لا يجرؤون على تدبيج عبارة سابقة لهم (القدس عاصمة أبدية لفلسطين )بعد ان قبل الفلسطينيون بمبادرة الدولتين لتكون القدس عاصمة لكليهما ،وربما يوافقون علي إنشاء مفوضية خاصة بالمدينة المقدسة ضمن اطر الجهاز التنفيذي للجامعة العربية ، ويقول المثل العامي (إذا أردت قتل موضوع فشكل له المزيد من اللجان والمفوضيات ) والقدس والقضية الفلسطينية لا تحتاج مفوضيات ولا لجان بل رجال يواجهون الرصاص بصدورهم العارية ،وهذه مهمة أبناء فلسطين جميعا ثم من بعدهم العرب والمسلمين ،ثم قادة عرب شجعان لا يخافون على كراسيهم لديها القدرة علي تحويل قرارات قممهم علي ضعفها وبؤسها إلي فعل وممارسة حتي يعرف العدو الصهيوني كم نحن متحدون وأقوياء ، القضية الفلسطينية تحتاج من قادتنا موقفا شجاعا يسحب المبادرة العربية التي قدمها خادم الحرمين الشريفين وتبناها القادة فلم تحقق للعرب شيئا ،والمفاوضات المباشرة وغير المباشرة لم تجر على الفلسطينيين سوي مزيد من العذاب والويل ،والحمم والرصاص المصبوب ،واغتيال قادة المقاومة فى الداخل والخارج.
ومنذ مؤتمر انشاص الأول عام 1946لمواجهة الخطر الصهيوني ثم مؤتمر بيروت 1956فالقاهرة 1964فالدار البيضاء بالمغرب 1965 الذي صدر عنه ميثاق التضامن العربي والمؤتمر الذى استضافته بلادنا فى الخرطوم عام 1967 وعرف بمؤتمر اللاءات الثلاث (لا صلح لا تفاوض لا اعتراف بإسرائيل)ردا علي هزيمة يوليو 1967 ومرورا بالقمم الأخري وليس انتهاء بالقمة الحالية فى ليبيا ، لم يبدي القادة العرب روح المسئولية والتضامن الجماعي فى مواجهة قضايا الأمة المصيرية وما أكثرها ،ولن ينصلح الحال الا بمزيد من الحكم الراشد سواء كان ديمقراطيا او شموليا وما لم نبتعد عن سياسة التوريث واضطهاد الشعوب ومحاربة الفساد والفقر واحترام حقوق الإنسان ،والبحث فيما يجمع بين شعوبنا العربية وليس ما يفرق بينها قد نصبح ذات يوم فلا نري فى قمة عربية قادمة سوي موظف صغير من أمانة الجامعة العربية يجلس إلي رئيس الدولة المضيفة ليواسيه على حال امة العرب وقادتهم .وحتى ذلك الحين فلا ينبغي ان نفسد علي القادة العرب الذين توافدوا علي سرت الليبية التي تقع علي ساحل البحر الأبيض المتوسط بهجتهم بمنظر البحر عله يضفي عليهم بعض حكمته وليس غدره ،
هوامش :
تجري الأمور علي حكم القضاء وفى طي الحوادث محبوب ومكروه
فربما سرني ما بت أحذره وربما ساءني ما بت أرجوه
لا تلق دهرك الا غير مكترث مادام يصحب فيه روحك البدن
فما يدوم سرور ما سررت به ولا يرد عليك الفائت الحزن
لا تيأسن من انفراج شديدة قد تنجلي الغمرات
وهي شدائد كم كربة أقسمت الا تنقضي زالت وفرجها الجليل الواحد
ومن طلب العلا من غير كد أضاع العمر فى طلب المحال
بعض حكم :
. قال حكيم : كلمة حسنة تحيي , وكلمة سيئة تميت.فأجعل لسانك فاصلا بين الموت والحياة.
وحكيم نصح الناس كي لا يدفعوا بأحد إلى اليأس فقال: في فترات اليأس لا يجدي إلا المجازفة
وقال حكيم آخر : لا تغرك دمعة زاهد, فربما كانت لفرار الدنيا من يديه, ولا بسمة ظالم فربما كانت لإحكام الطوق في عنقك, ولا مسالمة غادر فربما كانت للوثوب عليك وأنت نائم, ولا بكاء زوجة فربما كانت لإخفاقها في السيطرة عليك.
وآخر قال:لا تنسى اللطف القليل ولا تذكر الأخطاء الصغيرة.فبالرقة والوداعة تمتلك النفوس,وليس بالصلابة والقسوة .
وقال آخر : الليونة أساس القدرة والثبات.فالأسنان أقوى من اللسان, لكنها تَفْسد وتتساقط بينما يبقى اللسان مادامت الحياة, فالكلمة الطيبة لا تخدش اللسان.
و قال أبو العيناء : سمعت العباس بن الحسن العلوي يصف رجل فقال فيه: كلامه سمح سهل, كأن بينه وبين القلوب نسباً وبينه وبين الأذنين طرباً, وبينه وبين الحياة سبباً, كأنما هو تحفة قادم, ودواء مريض, وتسلية حزين, وواسطة قلادة, الكل يتمنى رؤيته وسماع حديثه.
وقال شاعر : إذا أتيت الأمر من غير بابه ضللت وإن تقصد الباب تهتدي.





.

هل نقتدي بالنجوم الزواهر؟

هل نقتدي بالنجوم الزواهر؟
بقلم :سليم عثمان
كاتب وصحافي سوداني مقيم فى قطر
إنما أنت أيام مجموعة كلما مضى يوم مضى بعضك (الحسن البصري)
بيننا وصدر الاسلام الأول ومن عاشوا فيه عقود طويلة،وبيننا وانبثاق الرسالة المحمدية دهور كثيرة ،لكننا جميعا نحاول تلمس طريقهم ،والتمسك بالهدي النبوي والسنة المطهرة،والتشبه بالسلف من رجالات صدر الاسلام الأول، إن لم نكن مثلهم لما فى التشبه بهم من فلاح ،ولعل قادتنا أكثر الناس حاجة للإقتداء بالأنجم اللوامع ومن تلك النجوم الحسن البصري أحد اعلام أمتنا الاسلامية ونجومها الزواهر وهو من أعلام الصالحين وإمام من أئمتهم ما إن يذكر اسمه إلا ويذكر الزهد كان على درجة من الفطنة والزكاة، والخشية والإنابة والعقل والورع، والزهد والتقوى ما جعله يشبه الصحابة الكرام كان جائعاً عالماً عالياً رفيعاً فقيها ثقة مأموناً عابداً ناسكاً كبير العلم فصيحاً جميلاً وسيماً. قال عنه أحد الصحابة: لو أنه أدرك أصحاب رسول الله لاحتاجوا إلى رأيه. كانت أمه خيرة مولاة لأم سلمة زوج النبي وكان مولده قبل نهاية خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بسنتين، نحاول فى هذه المقالة الوقوف على شئ درره الثمينة
كتب عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه لما ولى الخلافة إلى الحسن بن أبى الحسن البصرىّ أن يكتب إليه بصفة الإمام العادل ، فكتب إليه الحسن (رحمه الله ):
اعلم يا أمير المؤمنين، أن الله جعل الإمام العادل قوام كل مائل ، و قصد كل جائر ،وصلاح كل فاسد ، و قوة كل ضعيف ، و نصيف كل مظلوم ، ومفزع كل ملهوف والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالراعى الشفيق على إبله ، الرفيق بها ، الذي يرتاد لها أطيب المراعى ، و يذودها عن مراتع الهلكة ، و يحميها من السباع ، و يكنها من أذى الحر و القرّ . والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالأب الحاني على ولده ، يسعى لهم صغارا ، ويعلمهم كبارا ، يكتسب لهم في حياته ، ويدخر لهم بعد مماته . والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالأم الشفيقة البرة الرفيقة بولدها ، حملته كرها ، ووضعته كرها ، وربته طفلا تسهر بسهره ، وتسكن بسكونه ، ترضعه تارة وتفطمه أخرى، وتفرح بعافيته ، وتغتمّ بشكايته ،والإمام العدل يا أمير المؤمنين وصى اليتامى ، وخازن المساكين ، يربى صغيرهم ، ويمون كبيرهم. والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالقلب بين الجوارح ، تصلح الجوارح بصلاحه ، و تفسد بفساده . والإمام العدل يا أمير المؤمنين هو القائم بين الله وبين عباده ، يسمع كلام الله ويسمعهم ، وينظر إلى الله ويريهم ، وينقاد إلى الله ويقودهم . فلا تكن يا أمير المؤمنين فيما ملكك الله (عز وجل) كعبد ائتمنه سيده ، واستحفظه ماله و عياله ، فبدد المال وشرد العيال ، فأفقر أهله وفرق ماله.
و اعلم يا أمير المؤمنين أن الله أنزل الحدود ليزجر بها عن الخبائث و الفواحش ، فكيف إذا أتاها من يليها ! و أن الله أنزل القصاص حياة لعباده ، فكيف إذا قتلهم من يقتص لهم ! واذكر يا أمير المؤمنين الموت وما بعده، وقلة أشياعك عنده ، وأنصارك عليه ، فتزود له ولما بعده من الفزع الأكبر .
و أعلم يا أمير المؤمنين أن لك منزلا غير منزلك الذي أنت فيه ، يطول (فيه)ثواؤك و يفارقك أحباؤك ، يسلمونك في قعره فريدا وحيدا . فتزود له ما يصحبك ( يوم يفر المرء من أخيه . وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه) وذكر يا أمير المؤمنين(إذا بعثر ما في القبور . وحصل ما في الصدور ) ، فالأسرار ظاهرة، والكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها. فالآن يا أمير المؤمنين وأنت في مهل قبل حلول الأجل ، وانقطاع الأمل . لا تحكم (يا أمير المؤمنين) في عباد الله بحكم الجاهلين ، ولا تسلك بهم سبيل الظالمين، ولا تسلط المستكبرين على المستضعفين ، فإنهم لا يرقبون في مؤمن إلاّ ولا ذمة، فتبوء بأوزارك وأوزار مع أوزارك، وتحمل أثقالك وأثقالا مع أثقالك ، ولا يغرنك الذين يتنعمون بما فيه بؤسك، ويأكلون الطيبات في دنياهم بإذهاب طيباتك في آخرتك، و لا تنظر إلى قدرتك اليوم ، ولكن أنظر إلى قدرتك غدا وأنت مأسور في حبائل الموت ، و موقوف بين يدى الله في مجمع (من) الملائكة (النبيين) والمرسلين ، وقد عنت الوجوه للحى القيوم ،إني يا أمير المؤمنين، وإن لم أبلغ بعظتي ما بلغه أولو النهى من قبلي ، فلم آلك شفقة ونصحا، فأنزل كتابي إليك كمداوى حبيبه، يسقيه الأدوية الكريهة لما يرجو له في ذلك من العافية والصحة . والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته .
ونحن لانزكي رئيسنا عمر البشير على الله ،وقد سمعنا عن كرمه وحسن سيرته كثيرا ،ولكن الحاكم ليس كسائر الناس،مسئول عن نفسه فقط بل عليه مسئوليات جسام ثقال، وعليه حمل ثقيل تنوء به ظهور الجبال ،ونحن لانطلب من رئيسنا أن يضع عصاته، وينام تحت شجرة ظليلة أمام القصر الجمهوري، لمعرفتنا أن الهوام كثيرة فى الخرطوم وغيرها ،ولا نريده أن ينام على (عنقريب) العنقريب عند السودانيين هو السرير منسوج بحبل من سعف النخيل،وقد ينسج بغيره، ولن نقول له اكتفى يا سعادة الرئيس بوجبة واحدة بائسة ،كما معظم أهل السودان،ولن نقول له لا تحلي بأطايب الفاكهة والثمار ، لكننا قطعا سوف ندعوه الى ان لا يسلط المستكبرين والفاسدين من معاونيه على المستضعفين من الشعب ،لن نحذره من بطش أوكامبومدعي محكمة الجنايات الدولية ، أن وجد اليه سبيلا، بل من بطش الجبار فى يوم تشخص فيه الأبصار ،ولن نذكره بالنعيم الذي يرفل فيه وأخوته الحاكمين مقابل البؤس الذى كان يعيش فيه كل من عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز والحسن البصري وكثير من الرعية السودانية ،بل نذكره بذلك اليوم الذى يقضى فيه الله بينه وبين كل من لديه مظلمة عنده،هو شخصيا ربما لم يظلم أحدا لكن ربما ظلم ولاته الناس وربما ظلمت شرطته وجيشه الناس ربما ظلمت بعض سياسات حكومته الناس ،ربما ظلمت محلياته الناس ، وربما ظلم بعض جباة الضرائب فى عهده الناس ، ربما ظلم بعض النافذين من حوله الناس ، ربما طغي وتجبر بعضهم على خلق الله ، وربما زينوا له الباطل ، وربما قالوا له ان الناس فى عهدك سيدي الرئيس يعيشون فى رغد وبحبوحة يأكلون البقلاوة المحلاة بعسل النحل ،وما دري الرئيس ان السواد الاعظم من رعيته يلسعهم شوك الجوع والعوز، ربما لا يعلم الرئيس واقع شعبه الا من خلال تقارير تكتب اليه كلها توضح ان الامور كلها عال وتحت السيطرة وليس هناك سوى قلة تحلم بتقليد ما يحدث فى محيطنا وتريد ان يؤول ملكك اليهم ،نعم مسئول عنه يوم القيامه،لذلك نذكره فقط والذكري تنفع المؤمنين أن يعدلوأن يأمر بالإحسان ،ونذكره أن هذا الكرسي الوثير يمكن أن يشتعل نارا إن لم يكن غدا ففى ذلك اليوم الذى فى خاطر كل منا ،ما أجمل أن يتنازل أهل الانقاذ لأخوانهم فى الوطن وما أجمل أن يتشاركوا معهم فى الهم،ويقسموا اللقمة فيما بينهم ،وما أجمل أن يزهدوا قليلا فى الحكم الذى لا يورد الناس الا موارد التهلكة ،إين فرعون وهامان أين مبارك وزين العابدين وأين القذافي وعلى صالح فالدائرة لابد أن تدور على الكل هذه سنة الله فى خلقه،فهل من متعظ ومعتبر؟هل يجد رئيسنا ومن حوله وقتا ليراجعوا شيئا من سيرة السلف؟أم أنهم يكتفون بعبارة عفا الله عما سلف ويحسبون أن كل ظلم ارتكبوه بحق مواطنيهم سوف يضيع هباء؟
وقد كتب الحسن البصري ايضا ذات مرة إلى عمر بن عبد العزيز واعظا: "إعلم أنّ التفكر يدعو إلى الخير والعمل به، والندم على الشر يدعو إلى تركه، وليس ما يفنى وإن كان كثيرا يعدل ما يبقى وإن كان طلبه عزيزا، فاحذر هذه الدار الصارعة الخادعة الخاتلة التي قد تزينت بخدعها وغرت بغرورها ،وقتلت أهلها بأملها وتشوفت لخطابها فأصبحت كالعروس المجلوة، العيون إليها ناظرة، والنفوس لها عاشقة، والقلوب إليها والهة ولألبابها دامغة وهي لأزواجها كلهم قاتلة، فلا الباقي بالماضي مُعتبر، ولا الآخر بما رأى من الأول مُزدجر، ولا اللبيب بكثرة التجارب منتفع.

فاحذرها الحذر كله فإنها مثل الحية ،لين ملمسها وسمها يقتل، فاعرض عما يعجبك فيها ،لقلة ما يصحبك منها، وضع عنك همومها ،لما عانيت من فجائعها، وأيقنت به من فراقها، وشدد ما اشتد منها الرخاء ما يصيبك، وكن ما تكون فيها أحذر ما تكون لها فإن صاحبها كلما اطمأن فيها إلى سرور له، أشخصته عنها بمكروه، وكلما ظفر بشيء منها وثنى رجلا عليه انقلبت به، فالسار فيها غار، والنافع فيها غدا خار، وصل الرخاء فيها بالبلاء، وجعل البقاء فيها إلى فناء، سرورها مشوب بالحزن، واخر الحياة فيها الضعف والوهن، فانظر اليها نظر الزاهد المفارق ولا تنظر نظر العاشق الوامق، وأعلم أنها تزيل الثاوي الساكن وتفجع الغرور الآمن، لا يرجع ما تولى منها فأدبر ولا يدري ما هو ءات فيها ينتظر". وقال رضي الله عنه: "إن الدنيا دار عمل، من صحبها بالنقص لها والزهادة فيها سعد بها نفعته صحبتها، ومن صحبها على الرغبة فيها والمحبة لها شقي بها ،وأسلمته إلى ما لا صبر له عليه ولا طاقة له به من عذاب الله، فأمرها صغير ومتاعها قليل، والفناء عليها مكتوب، والله تعالى ولي ميراثها، وأهلها محولون عنها إلى منازل ومنها يخرجون، فاحذروا ذلك الموطن وأكثروا ذلك المنفلت، واقطع يا ابن ادم من الدنيا أكثر همك، ولا تميل إلى الدنيا فترديك منازل سوء، مفضية بأهلها إلى ندامة طويلة وعذاب شديد، فلا تكونن يا ابن ادم مغترا، ولا تأمن ما لم يأتك الأمن منه فإن الهول الأعظم ومفظعات الأمور أمامك لم تخلص منها حتى الآن، ولا بد من ذلك المسلك وحضور تلك الأمور إما يعافيك من شرها وينجيك من أهوالها، وإما الهلكة وهي منازل مخوفة محذورة مفزعة للقلوب، فلذلك فاعدد ومن شرها فاهرب، ولا يلهينك المتاع القليل الفاني، ولا تربص بنفسك فهي سريعة الانتقام من عمرك فبادر أجلك، ولا تقل غدا غدا فإنك لا تدري متى إلى الله تصير فان الحجة لله بالغة، والعذر بارز، وكل مواف الله عمله، ثم يكون القضاء من الله في عباده على أحد أمرين: فمقضي له رحمته وثوابه فيا لها نعمة وكرامة، ومقضي سخطه وعقوبته فيا لها من حسرة وندامة، ولكن حق على من جاءه البيان من الله بأن هذا أمره هو واقع أن يصغر في عينيه ما هو عند الله صغير، وأن يعظم في نفسه ما هو عند الله عظيم".
وقال الحسن البصري رحمه الله :(إنما الدنيا حلم ، والآخرة يقظة والموت متوسط بينهما ، ونحن أضغاث أحلام من حاسب نفسه ربح ، ومن غفل عنها خسر من نظر في العواقب نجا ، ومن أطاع هواه ضل من حلم غنم ، ومن خاف سلم ، ومن اعتبر أبصر ، ومن أبصر فهم ومن فهم علم ، ومن علم عمل فإذا زللت فارجع ، وإذا ندمت فأقلع وإذا جهلت فاسأل . وإذا غضبت فأمسك واعلم أن أفضل الأعمال ما أكرهت النفوس عليه)
صباح الامام أحمد:
قال المروذي : دخلت يوماً على أحمد بن حنبل فقلت له : كيف أصبحت ؟
فقال : كيف أصبح مَن ربه يطالبه بأداء الفرض ، ونبيه يطالبه بأداء السنة ، والملكان يطالبانه بتصحيح العمل ، ونفسه تطالبه بهواها ، وإبليس يطالبه بالفحشاء ، وملك الموت يطالبه بقبض روحه ، وعياله يطالبونه بنفقتهم
شعر:
إذاكنت فى أمر فكن فيه محسنافعما قليل أنت ماض وتاركه
فكم أفنتالأيام أصحاب دولة وقد ملكوا أضعاف ما أنت مالكه
قالوا:
فى أحضان البطالة تولد الاف الرذائل (محمد الغزالي)
أنا لست عملاقا العمل هو العملاق(بيل غيتس)

السودان جروح وأحزان؟

السودان جروح وأحزان؟
بقلم : سليم عثمان
كاتب وصحافي سوداني مقيم في قطر:
تقطع يدى ولايقطع السودان ....
الزعيم المصري جمال النحاس)
على ذمة مراسل صحيفة "ذى إندبندنت" من جوبا، أرسم للقارئ الكريم مشاعر الجنوبيين المتناقضة، الذين فضّلوا صياغة عقد الزواج الجديد أمام السيناتور الأمريكى جون كيرى، بتفضيل كلمة الانفصال ،على كلمة الطلاق، لأنهم يعتقدون والكلام لإندبندنت ،بفشل الدولة الجديدة قبل ميلادها، لطبيعة هذه الدولة، ولتوقيت الاختيار، فى وسط أجواء عامة من الشكوك، والظنون السيئة.
لأن العاصمة الجديدة (جوبا) ستظهر فيها جماعة متخلفة عن الركب العالمى والأفريقى، تعرفهم الجنوبيون أنهم لم يحققوا شيئا بعد خمس سنوات من الحكم الذاتى لفتيان، فى خيم يفترشون حاويات شحن، وفتيات يمتن فى المخاض قبل الولادة ،ويحملن فى مدارسهن الابتدائية والإعدادية، فيما تزدحم شوارع جوبا بسيارات الهامر الفارهة، وخلف الجدران المرتفعة بالأسلاك الشائكة أحواض السباحة الراقية ،محاطة بضباط الأمن وعمال الإغاثة، يتناولون سلطة الإخطبوط ،فى علياء شرفة المطاعم اليونانية والإيطالية نهارا، ويحتسون رشفات فياغرا أفريقيا (اللّبستر وشرم كوكتيل) فى الدسكوهات ليلا.
كل ذلك فى العاصمة المرشحة (جوبا) التى وصل سكانها إلى ثمانمائة ألف، أربعة أضعاف ما كان عليه خلال الحرب الأهلية! هذا التفاوت الكبير يشوش حلم الاستقلال، لمدينة تغرب فيها الشمس على مشهد فتيات ،يدخلنها فى زنازين ،ليتعرين أمام هؤلاء المعضّلين، من محتسى كوكتيل الفياغرا، وهى الصناعة المزدهرة فى جوبا ،بما لا يقل عن ستة مراكز للدعارة تضم أكثر من ألفى فتاة.
أحمد ابراهيم /كاتب اماراتي/ اليوم السابع). )
.

بات فى حكم المؤكد ولادة دولة جديدة ،فى غضون أيام قلائل ، فى الجنوب من رحم السودان الكبير،وكبار القوم هناك ما يزالون مختلفين، حول اسم المولود الجديد ومن بين الأسماء المقترحة ( السودان الجديد والجمهورية الاستوائية وجواما وجمهورية النيل) ( ويمثل انشطار السودان نموذجا نادرا لإعادة ترسيم حدود الدولة السودانية ، التي خلفت بواسطة بريطانيا المنسحبة خلال القرن المنصرم) بعد أن بذرت بذور الانفصال وها نحن نجنى ثمارها ، وهاهو الجنوب يقتطع من جسد السودان العليل ،الناس فى الجنوب بدأوا احتفالاتهم بالانفصال أو الاستقلال، كما يحلو للكثيرين أن يسموا ما سوف يحدث هناك بعد التاسع من يناير الجارى،المدن الجنوبية تعج وتضج، برجالات ونساء الصحافة المقروءة والمكتوبة والمرئية، وعددهم في( جوبا وحدها) العاصمة المرتقبة للدولة رقم(193 فى العالم ، يفوق( السبعمائة صحفي) ينصبون كاميراتهم فى كل مكان ،و عدساتهم ترصد الحجر والشجر والبشر، وتقاريرهم تتصدر وكالات الإنباء العالمية والصحف والفضائيات ، تقدم إليهم المشروبات الروحية المستوردة، خصيصا من الغرب، لهذه المناسبة التاريخية فى الفنادق الجديدة، التي يعمل فيها عدد من العرب واسرائليون ، يحملون جنسيات غربية ، وأبناء وبنات الجنوب ، خاصة فندق( شالوم الاسرائيلي) وكلمة شالوم تعني السلام .
كما أن اكبر مصنع للبيرة في إفريقيا شيدته الحركة الشعبية بأموال النفط ، يضاعف من إنتاجه،لسد حاجة المواطنين، وهم يستعدون لاحتفالاتهم الهستيرية.و كثير من التجار الشماليين اغلقوا متاجرهم، ويمموا وجوههم صوب الشمال، خوفا من اندلاع أعمال شغب، وانتقام في غمرة الأفراح التي عمت كل مكان، حتى قبل عملية الاستفتاء ،
لن يجد المرء هناك ربما شخصا واحدا يردد كلمة( الوحدة )المقبورة ولو في نفسه، كل من يجاهر بها يعتبر خائنا ،يستحق الشنق والسحل ، والإبعاد خلف قرص الشمس،من كانوا مع( المؤتمرين الوطني والشعبي ) المسلمون منهم والمسيحيين ،جميعهم الان يهتفون في قطار الانفصال ،الذي وصل محطته الأخيرة ، الحركة في مطار جوبا الصغير دائبة كخلية نحل ، وأزيز الطائرات التي تهبط وتقلع منه يصك الآذان ، الغربيون يحطون رحالهم هناك وليس فى مطار الخرطوم ،أسعار السلع في الجنوب اشتعلت وسعرت كما هو الحال في الشمال، في إعقاب اتخاذ وزير المالية الاتحادي حزمة من الإجراءات المسماة تقشفية، ألهبت جيوب مواطني شطري الدولة السودانية ، لمواجهة تبعات الانفصال ،الجنوبيون ربما لم يشعروا بوطأة غلاء الاسعار كأخوانهم فى الشمال، وذلك من فرط السرور الذي سرى فى أوصالهم، وهم ينتظرون اعلان دولتهم الجديدة فى غضون أيام،وزير خارجية السودان على كرتي، يعد بأن يكون السودان أول دولة تفتتح سفارة لها فى الدولة الجديدة، وما دري المسكين أن اسرائيل وامريكا، ودولا اوربية، بل وافريقية عديدة ،سبقته الى الشئ ذاته ،على ارض الواقع .
نعم الجنوبيون ينتظرون شروق شمس الحرية، والغد الأخضر الزاهر، والجنة التي وعدتهم بها الحركة الشعبية، إن صوتوا للانعتاق ،من ربقة الشمال ، (و نحن نخشى أن يقود غلاء الاسعار،إلى فوضى وغضب شعبي عارم فى الشمال ، كما يحدث في تونس بسبب الغلاء والبطالة وكما يحدث في الجزائر بسبب الغلاء ايضا ) هذا إن نجحت القوي السياسية خاصة المؤتمر الشعبي ،بقيادة الترابي وحزب الامة بقيادة الامام الصادق المهدي والشيوعيون وغيرهم، فى تحريك الشارع ،لكن يقيني ان الشعب السوداني من شدة الاحباط الذى اصابه، لم يعد قادرا على الذهاب الى الشارع ناهيك عن القيام بثورة وعصيان مدني ،لاسقاط حكومة هدد مدير جهاز امنها ومخابراتها، انهم سوف يضربون بيد من حديد ،كل من تسول له نفسه زعزعة الاستقرار والامن فى البلاد ،وفى الشمال أيضا اختفى أكثر من مليوني جنوبي،فى ظروف غامضة (ذابوا كفص ملح فى بحر لجي )واحتموا بمنازلهم، فيما لا يزال آخرون عالقين بين كوستي والخرطوم، ومدن الجنوب، بعد أن تقطعت بهم السبل ، حيث ترى الحركة الشعبية انها ليست بحاجة إلى أصواتهم، فما لديها من أصوات المقيمين فى الجنوب ،يكفي لتشطير السودان وزيادة، وقد كان المؤتمر الوطني يعول على هؤلاء، فى ترجيح كفة الوحدة ،التي لم تعد يتيمة فحسب ، بل شبعت موتا ،وربما لا ننتظر من يحييها، رغم تصريحات الرئيس البشير، وتصريحات السيد ياسر والسيد مالك عقار لخجولة فى هذا الصدد .
الأمريكان والاسرائليون أكثر الناس فرحا، بقرب ولادة الدولة الجديدة .فقد وصلت طلائعهم وجحافلهم ، إلى جوبا للاحتفال مع أهل الجنوب، بهذه الولادة ،التي طالما عملوا لها ليلا ونهارا ،حتى تحقق لهم ما أرادوا ، وكان احتفاؤهم كبيرا بتصريحات البشير فى جوبا ،خلال زيارته الأخيرة ،والتي بدا مسلما فيها بالانفصال، مبديا استعداده للاحتفال معهم، بهذا الخبر السعيد لهم، المحزن للبشير ولأهل الشمال جميعا ،وهكذا سنة الله والأيام دول ،وقد قال الرئيس البشير: أن شمال السودان وجنوبه يمكن أن يشكلا اتحادا على نمط( الاتحاد الأوروبي) إذا اختار الجنوبيون الانفصال في الاستفتاء( الذي بدأ أمس الأحد) لكن امين عام الحركة سارع فى رفض هذا الطرح.
وقال البشير في حديث إلى قناة الجزيرة مساء الجمعة: أن الجنوبيين يمكن إن يحصلوا على حقوق( حرية الحركة ،والإقامة، والعمل ،والتملك في السودان بعد الانفصال) وهى القضايا التي كان يتخوف منها مواطني الجنوب المقيمون فى الشمال، مما حدا بعشرات الآلاف منهم للرحيل إلى الجنوب، سيما فى أعقاب تصريحات مثيرة للقيادي في المؤتمر الوطني، ووزير الإعلام د/ كمال عبيد، والتي قال فيها( أنهم لن يأخذوا حقنة واحدة في حال تصويتهم لخيار الانفصال) لكن البشير قطع بأنهم(لا يمكن أن يكونوا مزدوجي الجنسية). وأنهم سيمنعون من تقلد وظائف حكومية
وأضاف انه لا يتحدث عن اتفاقية للدفاع المشترك، وان المناقشات تدور بين الجانبين بشأن لرعاية المصالح المشتركة، سواء كانت أمنية، أو سياسية أو اقتصادية و ضرب مثلا فى سياق دعوته للاتحاد( بالاتحاد الأوروبي). وقال أن هناك حاجة للاتفاق بشأن(الحريات الأربع) في إشارة إلى اتفاق يمنح المصريين حقوقا في السودان، ومن بينها حق( الإقامة والعمل والدخول بدون تأشيرة وحق التملك والتجارة.)
وأشار إلى أن مفاوضات تجري بشان قضايا عديدة (كترسيم الحدود،وعائدات النفط ،وآبيي (يبدو ان الاجواء اخذة فى التوتر فى منطقة ابيي حيث سقط فيها فى اليوم الاول لاستفتاء الجنوب ثمانية قتلي ومعلوم ان استفاء ابيي تأجل الى أجل غير مسمي) و سوف تؤرق هذه القضايا لا محالة مضاجع قادة الدولتين،أما وجود الجنوبيين فى الشمال فسوف يكون بمثابة لجوء، تحكمه قوانين دولة الشمال، وقوانين اللجوء الدولية.وكلام الرئيس فى هذا الشأن واضح لا غموض فيه، ولذلك سيكون أمام الجنوبيين واحد من خيارين:إما أن يبقوا في الدولة الشمالية كلاجئين، وإما عليهم حزم أمتعتهم، والمغادرة فورا إلى دولتهم الوليدة فى الجنوب ،
حتى لا تضيع حقوقهم في الشمال والجنوب معا ، ومن حق الدولة الشمالية أن تمنح من تشاء من مواطني الجنوب جنسيتها، كما انه من حق الدولة الجنوبية أيضا إن تمنح أو تمنع جنستها عمن تشاء ،وقد قطع السيد سلفاكير ميارديت النائب الاول لرئيس الجمهورية رئيس حكومة الجنوب بضرورة التعايش مع الدولة الجديدة ، وستكشف الايام المقبلة عما اذا كنا بصدد الدخول فى اتحاد بين دولتي (السودان الشمالي والجنوبي )أم سوف نشهد تعايشا بينهما ،ام سوف ننزلق معهما الى أتون حرب لاتبقي ولاتذر.
البشير حذر فى حديثه لقناة الجزيرة ، قبيلة دينكا نقوك الجنوبية من مغبة ضم منطقة آبيي المتنازع عليها بين الجانبين الى الجنوب بقرار احادي ،مشيرا إلى إن ذلك قد يؤدي إلى صراع.بل إلى حرب ،وهو ما سيخلط كل الأوراق، ويعيد الأمور إلى نقطة الصفر، ما لم يتحل الطرفان بأقصى درجات ضبط النفس ،خلال مفاوضات ما بعد الانفصال والتي سوف تكون شاقة وعسيرة، ودعا البشير إلى ضرورة أن يظل الوضع الراهن في ابيي كما هو، حتى الوصول إلى حل مرض للجانبين، مبينا أنهم استطاعوا من خلال الحوار وضع حد لأطول حروب القارة الأفريقية، وبإمكانهم إيجاد حل لقضية آبيي،لكن الخشية كل الخشية ان تتحرك قبيلة دينكا نقوك بإيعاز من قادة الحركة، من أبناء المنطقة بضم المنطقة الى الجنوب، دون الاتفاق بشأن اجراء استفتاء فيها،وتحديد من يحق لهم المشاركة فيه من مواطني (دينكا نقوك والمسيرية) ويلحظ المرء رغم اجواء الهدوء التى تسبق الاستفتاء ،واللغة الاعلامية المخملية، المتبادلة بين قادة المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ،ان نذر الحرب تبرق فى اكثر من صعيد وكل قضية من القضايا كفيلة بايقاد فتيلها سيما أن الحركة الشعبية لم تلتزم بطرد قادة حركات دارفور المتمردة من مناطق عديدة فى الجنوب ويكفى الاشارة هنا لوجود مناوى كبير مساعدى رئيس الجمهورية فى جوبا رغم اعلان سلفاكير الاخير بطردهم وهو ما سوف يضطر الشمال لمعاملة الجنوب بالمثل كما ان جبهة ابيي قابلة للاشتعال فى اية لحظة لذلك لابد ان يكون التفاؤل حذرا بشأن عملية الاستفتاء التى تجري بهدوء حتى الان.
مصر والسودان:
بدا واضحا منذ زيارة الرئيس المصري، حسنى مبارك لجوبا، قبل عام أن مصر لا يهمها من أمر السودان،سوى ضمان وصول شريان الحياة إليها (النيل) وفى سبيل ذلك شيدت مصر الرسمية مصانع للخمور وقدمت عيادات متنقلة، وذودت بعض المدن الجنوبية بمولدات كهرباء، وخدمات تعليمية وغيرها ، ولم يكن أمام النظام المصري سوي أن يغازل قادة الحركة الشعبية بكل السبل، ويتودد إليهم حتى لا تتضرر مصر من تداعيات الانفصال،ولعل وجودخبراء وعمال مصريين ، يؤكد أن مصر فعلا مهمومة بقطرات الماء، ولا يهمها إن تمزق السودان إلى عدة دويلات، لأنه ببساطة لم يعد ظهرا استراتيجيا لأمنها،وحسنا فعلت سلطات الأمن السودانية حين حجزت معدات التلفزيون المصري، الذي أعد استديو به خلفية تحمل خريطة للسودان، لا تتضمن منطقة حلايب المتنازع عليها بين البلدين، ويتمثل الخلاف بين مصر والسودان على مثلث حلايب في الاتفاقية التي وضعت إبان الاحتلال البريطاني للبلدين عام 1899، وحددت مثلث حلايب داخل الحدود المصرية، لكن في عام 1902 قامت بريطانيا بجعل المثلث تابعا للإدارة السودانية ،لأنه أقرب إلى الخرطوم من القاهرة.
وتبلغ مساحة هذه المنطقة التي تقع على البحر الأحمر نحو 21( ألف كيلومتر مربع) وتضم ثلاث بلدات كبرى وهي حلايب وأبو رماد وشلاتين، وقد ظلت المنطقة تابعة للسودان منذ عام 1902.
لكن النزاع عاد مرة أخرى عام 1992 ،عندما اعترضت مصر على إعطاء السودان حقوق التنقيب عن النفط في المياه المقابلة لمثلث حلايب، لشركة كندية، فقامت الشركة بالانسحاب حتى يتم الفصل في مسألة السيادة على المنطقة .
على الحكومة السودانية أن تسعى لتحريك هذا الملف بالحكمة المطلوبة، لا أن ترضخ لسياسة الأمر الواقع، التي يتبعها النظام المصري ، نعم مصر احتلت حلايب بالقوة،ومنعت الحكومة السودانية من اجراء انتخابات فيها مؤخرا، ولكن هذا لا يبرر لتلفزيونها أن يأتي إلى الخرطوم بخارطة مقطوع منها حلايب ، ثم لا ينتظر أن لا يقول له احد فى السودان شيئا ، فإن عجزت حكومتنا على استرداد المغتصب من أرضنا، كما عجزت عن إبقاء السودان موحدا، فلا يعني هذا بحال من الأحوال أن تفعل الشئ نفسه أجيال السودان القادمة، فستظل حلايب سودانية حتى لو اصاب الخور والضعف هذه الحكومة، وقد يعود الجنوب إلى حضن السودان، ولو بعد حين
لا يا سناء حمد:
وزيرة الدولة بالاعلام سناء حمد قالت :فى حوار لها مع قناة العربية ان: السودان لدية ما يكفى من مياه النيل الازرق، وليس بحاجة الى حصتة من ال14% التى تأتي للنيل من النيل الابيض، فنقول لسعادتها هذه قضية حساسة لا ينبغي ان تنجري للخوض فيها ، دون علم ،فالسودان بعد ان يذهب الجنوب بنفطه ،سوف يعتمد على الزراعة بصورة رئيسية ،وبالتالي سيكون فى مسيس الحاجة الى كل ذرة ماء، تأتي من اى مكان،وقضية المياه سيتم بحثها على مستويات عدة، اولا مع الدولة الجنوبية الوليدة ،ثم مع دول حوض النيل مجتمعة .
َسخرية الكاتب برناردشو:
ُ سالت سيدة ارستقراطية متصابية برنارد شو الكاتب العالمي الساخر
كم تقدر عمري؟
وبعد لحظة من الاستغراق في التفكير، أجابها قائلا:ا
من نظر الى قوامك الممشوق، ظنك ابنة ثماني عشرة>
ومن نظر إلى عينيك العسليتين ،ظنك ابنة عشرين>
ومن نظر إلى شعرك الكستنائي ظنك ابنة خمس وعشرين
وبعد أن أطربها ماسمعت: أعادت سؤالها .ولكن قل لي بصدق :كم تظن أنت عمري؟
أجاب شو:
مجموع هذا كله .
كيف تختار زوجتك؟
سئل حكيم كيف تختار زوجتك؟ فأجاب : لا أريدها جميلة فيطمع فيها غيري، ولا قبيحة فتشمئز منها نفسي، ولا طويلة فأرفع لها هامتي، ولا قصيرة فأطأطئ لها رأسي، ولا سمينة فتسد علي منافذ النسيم، ولا هزيلة فأحسبها خيالي، ولا بيضاء مثل الشمع، ولا سوداء مثل الشبح، ولا جاهلة فلا تفهمني، ولا متعلمة فتجادلني، ولا غنية فتقول هذا مالي، ولا فقيرة فيشقى من بعدها ولدي.وأنت عزيزي القارئ كيف تختارها ؟؟
يقول أحد حكماء الصين :
( حينما ينغلق أمامك باب الأمل.. لا تتوقف لتبكي أمامه طويلاً؛ لأنّ في هذه اللحظة انفتح خلفك ألف باب تنتظر أن تلتفت إليه)
يقول أبو الطيب المتنبي:
لا تَلقَ دَهرَكَ إِلا غَيرَ مُكتَرِثٍ مادامَ يَصحَبُ فيهِ روحَكَ البَدَنُ
فَما يَديمُ سُروراً ما سُرِرتَ بِهِ وَلا يَرُدُّ عَلَيكَ الفـائِتَ الحَـزن

هل من سبيل إلي خمر فأشربها؟

هل من سبيل إلي خمر فأشربها؟
بقلم: سليم عثمان
كاتب وصحافي سوداني مقيم في قطر:
من كثُرت لحظاته دامت حسراته
نعم نحن في العشر الأواخر من رمضان ،وفيها يعتق المولي رقاب المؤمنين من النار ،نعم الكل يستعد لاستقبال عيد الفطر المبارك ،وقد يعود بعضنا إلي ما كان عليه قبل دخول رمضان، حيث كان يعاقر الخمر ولا تفارقه كأسها ،وقد يردد قول ذلك الشاعر العربيد رمضان ولي هاتها يا ساقي ... مشتاقة تسعي إلي مشتاق .
لست من متعاطي الخمر ولله الحمد،وليس مقالي هذا تحريضا للآخرين لتعاطيها ، فالكل يعلم أنها أم الكبائر ،ولكني من خلال هذا المقال أحاول تسليط الضوء علي قضايا سودانية ترقي لأن تكون كبائر .
بعد نحو ست سنوات هي عمر الفترة الانتقالية ،لاتفاقية نيفاشا التي جلبت السلام لبلد عربي وأفريقي دمرته الحرب ،يستعد إخواننا في جنوب السودان، لإقامة دولتهم الجديدة، وعاصمتها جوبا، أو هكذا أظن ،وما العيب في ذلك؟ فإخواننا في الجنوب ملوا العيش كمواطنين من الدرجة الثانية في بلد المليون ميل!هكذا قال الفريق سلفا كير ميارديت النائب الأول لرئيس الجمهورية رئيس حكومة جنوب السودان ،ذات يوم، من داخل احدي الكاتدرائيات في جوبا عاصمة الاستوائية الكبري ، محرضا مواطنيه علي التصويت لصالح انفصال الجنوب عن الشمال ،وباقان اموم يبشرنا صباح مساء بقرب بزوغ شمس انفصال الجنوب ، بل يهددنا بحرب مختلفة ،ربما يحاول الرجل استعراض مكامن القوة في جيش حركته،حيث قيل أن الحركة دربت الآلاف من شبابها في أمريكا ودول غربية ـ وتزودت بطائرات مقاتلة متطورة،وخزنت آلاف الأطنان من الأسلحة الحديثة، باختصار سخرت معظم نصيب الجنوب من النفط السوداني ، في تسليح جيشها،لماذا لأنها ربما لم تؤمن بالسلام خيارا حقيقيا ،لذا قد نكون موعودين بما بشرنا به باقان شاعر الحركة ومفكرها الأوحد، من شتاء ساخن فإما علينا كشماليين، قبول انفصال إخواننا في الجنوب، بالكيفية والنسبة التي يريدها باقان ورفاقه، أو الحرب و الطوفان ، صحيح أن الخيار بيد المواطن البسيط هناك، الذي تدغدغ الحركة مشاعره، بمعسول الكلام، وتبشره بجنة الله التي تنظره بعيد الانفصال ،لم لا ؟ والغرب كله وإسرائيل أيضا علي أهبة الاستعداد لتقديم الغالي والنفيس، لدويلة الجنوب، وقد يختارون لها أسما ونشيدا جديدين ، وقد يصممون من الخطط ،ما يجعل أهل الجنوب لا يفكرون البتة في الوحدة مع الشمال، في يوم ما،بل قد لا يكتفون بذلك إنما سوف يعملون بكل جد من أجل استنزاف السودان، في صراع طويل في دارفور وقد يحرضون ما تسمي بالمناطق المهمشة، سيما تلك التي يحدثوننا عنها، بضرورة إجراء مشورة شعبية بشأنها دون أن نعرف كنهها ،لكن المؤكد أن المؤتمر الوطني الذي يسوق لنا بضاعة نيفاشا في سوقها الشعبي بالخرطوم، تورط في هذا المخطط التقسيمي الانفصالي إيمانا ب( وأمرهم شوري بينهم) فالحركة بعد أن يتحقق لها اقتطاع الجنوب، عن جسد السودان ستحمل كل معاولها لاقتطاع تلك المناطق الاخري ، تحت فرية وزعم أن أهل تلك المناطق يحبذون العيش مع الجنوبيين، وليس مع دويلة الشمال خوفا من مزيد من التهميش لها.
مخطئ من يقول أن شريكي نيفاشا(المؤتمر الوطني والحركة الشعبية) لا يتحملان النصيب الأكبر من وزر انفصال الجنوب،وأكثر خطأ إن برأنا أحزابنا السياسية المعارضة، خاصة الكبرى منها كالأمة بكل فروعة ،والاتحادي بكل مسمياته، والشعبي والشيوعي،بل لا نستطيع أن نبرئ النخب والمثقفين، ولا حتي العامة من الناس ووسائل إعلامنا المقروءة والمسموعة والمرئية ، وما يسمي بمؤسسات المجتمع المدني، إن كان لها وجود حقيقي علي ارض الواقع ،فالكل قصر فيما سوف يحدث وفيما آل إليه حالنا ،الذي أصبح لا يسر إلا أعداء امتنا، التي كانت موحدة منذ استقلال السودان في الأول من يناير 1956 ، بل وقبلها بكثير ، ومن مساوي الصدف، أن ينفصل جزء عزيز عن السودان، بعد مضي 54 عاما عن استقلاله ،وقد لا ننتظر أعواما مثلها قبل أن تنفصل مناطق أخري ، طالما ضيق الحاكمين علينا هذا المليون ميل مربع ، حتى جعلونا نتقوقع ونعود إلي مناطقنا وقبائلنا ، بدلا من العيش إخوانا في رحاب السودان الكبير،ومن عجب أن يحدثنا البعض عن كونفدرالية، وصيغ أخري للتعايش بعد أن فشلنا جميعا في امتحان الوحدة الجاذبة، بمفهوم باقان اموم وحركته.
وبغض النظر عما نحن مقبلون عليه، من انفصال، أو وحدة، حال حدوث معجزة إلهية، ومع تقديرنا لكل ما أنجزته حكومة السيد الرئيس عمر البشير من انجازات دون تذكير القراء بها ، فهي معلومة لديهم نقول : إننا نخطئ كثيرا إن ظننا أن الخطأ فيما آل إليه حال البلد هو من صنع أيدي قادة الإنقاذ وحدهم ، والصحيح الذي لا شك فيه حديث رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم :(كلكم راع ، وكل راع مسئول عن رعيته) فالبشير مسئول عنا ،وكل احد منا مسئول عن الأمانة في صلته، بمن هم فوقه وبمن هم دونه ،كلنا اليوم ميالون إلي أن نبدي أراء عاطفية،-ومن النقد المر أحيانا ، في الأحوال المحيطة بواقعنا، الذي لبس ثوب البؤس ،وقلما نظر احدنا اليوم بعين العقل في واقعنا المرير هذا،كل واحد منا يحاول أن يزيح التبعة إلي كتف غيره .
شريكا الحكم كل واحد منهما يتهم الآخر ويخونه،الحكومة تتهم المعارضة والمعارضة تسخر من الحكومة ، الشعب يحمل الحكومة كل أسباب تردي حال البلد ، والحكومة تحسب الشعب قطعانا من الضأن تسوقه إلي المذبح كل يوم، تحسب إفراده رجرجة ودهماء ورعاع وسذج ،البعض منا يهتم بفوز فريق الهلال أو المريخ في الدوري أكثر من اهتمامه بفوز منتخبنا الوطني علي الكونغو أو اهتمامه بوحدة السودان ،والبعض منا يهتم بقفة ملاحه، أكثر من انشغاله بفقه نيفاشا .
يقول أرسطو:إن أحسن أشكال الدولة ،هو الشكل الذي يتيح اكبر قدر من الخير للمجموع وللفرد، أما صلاح الحكم وفساده، فلا يعرف من الاسم الذي يطلقه الحاكم علي شكل حكومته ،بل من الغاية التي يحاول الحاكم أن يصل إليها ،ولذلك كان سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يطوف ذات ليلة في المدينة يحاول معرفة أحوال رعيته ، ففي احدي ليالي طوافه سمع صوت امرأة تنشد :
هل من سبيل إلي خمر فاشربها ... أو من سبيل إلي نصر بن حجاج ؟ لم يثر سيدنا عمر ولم يأمر جنده باقتحام دارها أو سجنها ولكنه في اليوم التالي سأل عن ذلك البيت فقيل له :هو بيت فلان وهو في الجهاد ، وذهب عمر إلي ابنته حفصة وسألها رأيها في ذلك .فقالت له:أربعة أشهر يا أبي ،عند ذلك أصدر عمر بن الخطاب أمرا بأن يصحب المجاهدون في سبيل الله أهلهم ،أو أن يعود كل مجاهد إلي أهله مرة كل أربعة أشهر ،أن عمر بن الخطاب أراد بفعلته تلك أن يحل مشكلا اجتماعيا وعسكريا ودينيا في نفس الوقت، ذلك أن القضية لم تكن مسألة أمراه تغني بالليل ، كانت قضية أسرة ،يجب أن تبقي سليمة صحيحة ،وذات مرة حمل أحدهم طعاما شهيا إليه وقال له : يا أمير المؤمنين هذا طعام طيب فسأله عمر هل أكل منه جميع الجند ؟ فقال القائد :لا يا أمير المؤمنين،فقال عمر :لا حاجة لي إلي ذلك الطعام .
هذان نموذجان لكيف يكون الراعي سواء كان رئيسا أو وزيرا أو مديرا ،أو غيره ،لكن عندما لا يهتم الراعي برعيته تتضجر الرعية ولعل حكوماتنا الوطنية كلها قصرت بحق الجنوبيين بل بحق كل السودانيين ،فالانفصال المتوقع ليس شرا كله وإن كان كبيرة من الكبائر،والسبب في ذلك أن إخواننا سوف يجربون محاسن الانفصال،وقد يعيشون فعلا في بحبوحة ،وقد يجدون أن الانفصال شر مستطير،المهم أن نكون جميعا في مستوي التحديات المنتظرة ،وقد نحن إلي بعض ذات يوم ،وقد نعود إلي الوحدة ثانية، لنلبس ثيابها من جديد ،لكن الذي لا يتمناه عاقل هو اندلاع الحرب بأي شكل من الإشكال ناهيك عن حرب من نوع مختلف، كما توعدنا باقان اموم، ذلك الحرب تظل هي الحرب، ليس فيها ندي ولا زهر ولا تفاح، بل دماء وأشلاء وموت وأحزان لا تنتهي . دعونا نعيش في سلام ولا تقودونا إلي حرب مجنونة، تأكل أخضر ويابس البلد
نفسي لا كنت :
سأل عمر بن الخطاب بعض المسلمين في أطراف المدينة، عن إمام محلتهم فوصفوه بخير، وقالوا إلا أنه إذا انتهى من صلاته تغنى..!! فقال عمر: تغنى؟ مستنكراً، قوموا بنا إليه. فلما جاء عمرُ الرجلََ، قال: يا أمير المؤمنين كنت أنا أحق بالمجيء إليك.
قال عمر: ما مقالة بلغتني عنك؟!
قال الرجل: وما ذاك يا أمير المؤمنين.
قال عمر: قيل أنك إذا انتهيت من صلاتك تغنيت!
قال الرجل: إنما هي موعظة أعظ بها نفسي يا أمير المؤمنين.
قال عمر: أسمعنيها.
فقال الرجل: أقول
وفـؤادي كلمـا عاتبتــه هام في اللذات يبغي تعبي
يا قرين السوء مـا هذا الصبا فنـي العمر كذا في اللعب
وشبابي بـان عني فمضى قبـل أن أقضي منه أربي
ما أرجي بعـده إلا الفنا ضيـق الشيب عليّ مطلبي
نفسي لا كنت ولا كان الهوى راقبـي الله وخافي وارهبي
فإذا عينا عمر تذرفان، وإذا هو يردد
نفسي لا كنت ولا كان الهوى راقبـي الله وخافي وارهبي
يقول عمر: من تغنى هكذا فليتغنّ
شغل :
سئل عبدالله الرازي: ما بال الناس يعرفون عيوبهم ولا يرجعون إلى الصواب؟ فقال: لأنهم اشتغلوا بالمباهاة بالعلم، ولم يشتغلوا باستعماله. واشتغلوا بالظواهر، ولم يشتغلوا بالبواطن. فأعمى الله قلوبهم وقيد جوارحهم عن العبادات.
يقول الرافعي في كتابه وحي القلم :حين يفسد الناس لا يكون الاعتبار فيهم إلا بالمال، إذ تنزل قيمتهم الإنسانية ويبقى المال وحده هو الصالح الذي لا تتغير قيمته. فإذا صلحوا كان الاعتبار فيهم بأخلاقهم ونفوسهم، إذ تنحط قيمة المال في الاعتبار، فلا يغلب على الأخلاق ولا يسخرها. وإلى هذا أشار النبي صلى الله عليه وسم في قوله لطالب الزواج: (التمس ولو خاتماً من حديد)، يريد بذلك نفي المادية عن الزواج، وإحياء الروحية فيه، وإقراره في معانيه الاجتماعية الدقيقة، وكأنما يقول: إن كفاية الرجل في أشياء إن يكن منها المال فهو أقلها وآخرها. حتى إن الأخس الأقل فيه ليجزء منه كخاتم الحديد، إذ الرجل هو الرجولة بعظمتها وجلالها وقوتها وطباعها، ولم يجزء منه الأقل ولا الأخس مع المال، وإن ملء الأرض ذهباً لا يكمل للمرأة رجلاً ناقصاً، وهل تتم الأسنان الذهبية اللامعة، يحملها الهرم في فمه شيئاً مما ذهب منه؟ وما عسى أن تصنع قواطع الذهب الخالص وطواحنه لهذا المسكين بعد أن نطق تحات أسنانه العظمية وتناثرها أنه رجل حل البِلى في عظامه..؟
الصوم :
قال مظفر القرمسيني: الصوم على ثلاثة أوجه:
صوم الروح بقصر الأمل..
وصوم العقل بخلاف الهوى..
وصوم النفس بالإمساك عن الطعام والشهوة.
وقال: الجوع إذا ساعدته القناعة فهو مزرعة الفكر، وينبوع الحكمة، وحياة الفطنة، ومصباح القلب.
فهل استفدنا من صيام الشهر الفضيل ،
من ملح أشعب :
قيل لأشعب الطماع: لقد لقيت التابعين وكثيراً من الصحابة، فهل رويت مع علو سنك حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فقال: نعم، حدثني عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خلتان لا تجتمعان في مؤمن. قيل: وما هما ؟ قال: نسيت واحدةً، ونسي عكرمة الأخرى .
وأهدى رجل من ولد عامر بن لؤي إلى إسماعيل الأعرج فالوذجة وأشعب حاضر فقال: كل يا أشعب، فأكل منها، فقال له: كيف تراها ؟ قال: الطلاق يلزمه إن لم تكن عملت قبل أن يوحي ربك إلى النحل، أي ليس فيها حلاوة.
وبأشعب هذا يضرب المثل في الطمع. قال الشاعر:
إني لأعجب من مطالك أعجب ... من طول تردادي إليك وتكذب
وتقول لي تأتي وتحلف كاذباً ... فأجيء من طمعٍ إليك وأذهب
فإذا اجتمعت أنا وأنت بمجلسٍ ... قالوا مسيلمة وهذا أشعب
وقيل له: أرأيت أطمع منك ؟ قال: نعم كلبة آل أبي فلان، رأت شخصاً يمضغ علكاً، فتبعته فرسخاً تظن أنه يرمي لها بشيء من الخبز.
قطر تسقط أمريكا وتكسب تحدي رهان المونديال
بقلم :سليم عثمان أحمد
كاتب وصحافي سوداني مقيم في قطر
أسقطت دولة قطر الصغيرة، التي لا تتجاوز مساحتها الجغرافية ال11ألف كيلومترا مربع، أمريكا العظمي،وكسبت رهان و شرف استضافة مونديال كأس العالم لكرة القدم عام 2022،خلال تصويت جرئ لأعضاء اللجنة التنفيذية، للاتحاد الدولي لكرة القدم( الفيفا) الذين يحق لهم التصويت، والبالغ عددهم 22 عضوا جري في مدينة زيورخ السويسرية ،وكان من حسن الطالع أن الشخص الذي ترأس لجنة ملف قطر للمونديال ، وقدم عرضا مبهرا، بلغة فرنسية أنيقة،أمام أعضاء( الفيفا) ووفود الدول المختلفة ورجالات الصحافة، قبل ليلة واحدة من التصويت علي الملفات المترشحة، لاستضافة المونديال ، كان شابا قطريا ممتلئا حيوية مفعمة بالأمل،وهو في ذات الوقت، نجل أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وهو أيضا رئيس لجنة الملف القطري، الشيخ محمد بن حمد ال ثاني ويبلغ من العمر 22 عاما فقط،
وفي الوقت الذي كانت جموع هادرة، من المواطنين القطريين والجاليات العربية والأجنبية، المقيمة علي أرض قطر الطيبة الخيرة ،تستقبل وفد قطر العائد من زيورخ منتصرا في معركة شرسة،مع كل من أمريكا التي استضافت المونديال، عام 1994واليابان وكوريا الجنوبية، التي استضافتا نسخة عام 2002واستراليا التي لم تحظ من قبل بشرف الاستضافة،بالورود وأكاليل الزهور والدموع والإعلام العنابية والأهازيج ومواكب الفرح المجنح، في مطار الدوحة الدولي، وفي كل الشوارع والكورنيش وأكاديمية اسباير الرياضية ،وفي الوقت الذي استقل فيه وفد قطر العائد من زيورخ، برئاسة الشيخ محمد بن حمد والشيخة موزه بنت ناصر المسند(أم جاسم) حرم سمو الأمير، وأعضاء الوفد حافلة ضخمة مكشوفة، وجابوا شوارع الدوحة وسط ارتال من سيارات المواطنين، والمقيمين الذين شاركوا أهل قطر فرحتهم الكبيرة، باستضافة المونديال،وفي الوقت الذي أطلقت فيه آلاف السيارات العنان لأبواقها،كان الرئيس الأمريكي باراك اوباما يحط خلسة في احدي القواعد الأمريكية في أفغانستان،ليخاطب جنوده ، بعد أن فقد صوابه وأطلق تصريحا، لا ينم عن انه قائد للتغيير المرتجي في أمريكا والعالم، عندما قال ان أعضاء الفيفا اخطأوا، حينما قرروا إسناد استضافة مونديال 2022 لدولة قطر، مستبعدين بلاده العظمي (أمريكا) وما كان لرئيس دولة عظمي تدعو الآخرين دوما إلي احترام قواعد اللعبة الديمقراطية، في كل شئ أن يتفوه بتصريح مشين كهذا، اللهم إلا تحت تأثير الصدمة التي ألجمت السن الأمريكيين جميعا ولم يتفوهوا بكلمة ،بينما حاول رئيسهم المفجوع ان يقلل من فوز قطر علي بلاده وينتقص من قدرها وأقدار من ساندوا ملفها الرصين والبديع والمبهر في كل شئ، وفي الوقت الذي تحدث فيه الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلنتون مطولا، ومتجاوزا الزمن المحدد له في عرض ملف بلاده دون احترام لبرتوكول الفيفا ،كان أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة وحرمه المصون الشيخة أم جاسم، وبعض أنجاله وأعضاء لجنة الملف، يجلسون في القاعة بكل تواضع،يستمعون إلي كلنتون وهو يتحدث عن نفسه وعن ابنته وليس عن محتويات ملف بلاده كان حوالي 14 عضوا من أعضاء اللجنة التنفيذية للفيفا قد انبهروا بالملف القطري،واقتنعوا تماما، انه يستحق أن يمنحوه أصواتهم الغالية، فيما لم يحصل الملف الأمريكي سوي علي 8 أصوات رغم خطبة كلينتون المطولة وتداخل اوباما نفسه بالأقمار الاصطناعية للترويج للملف الأمريكي.
لكن تعالوا نحاول في عجالة قراءة الأسباب والمبررات التي جعلت قطر هذه الدولة العربية الصغيرة، والتي هي شبه جزيرة ولا يتجاوز عدد سكانها مليوني نسمة أن تحظي بشرف استضافة نهائيات كأس العالم عام 2022، باسم العرب جميعا والشعوب المسلمة ودول العالم الثالث قاطبة بينما فشلت دول كبري مثل أمريكا واليابان وكوريا الجنوبية واستراليا؟
لعل في مقدمة هذه الأسباب، يأتي اهتمام القيادة القطرية الحكيمة، والملهمة والعاشقة للرياضة عموما وكرة القدم علي وجه الخصوص، فهذه القيادة تعشق الرياضة بشكل كبير،ولا تدخر وسعا في دعم مسيرة العمل الرياضي، حتى غدت الدوحة بحق عاصمة للرياضة ليس في الشرق الأوسط فحسب، بل في العالم قاطبة،فالذي يزور الدوحة يبهره كل شئ فيها، فشعبها شعب ودود، ومحب لكل الأجناس ،وشوارعها نظيفة،وربما كانت من أكثر مناطق العالم أمنا،وقد عايشت ذلك بنفسي، منذ أكثر من عشرة أعوام، من إقامتي فيها ،وفيها بني تحتية رائعة وفخمة، وعدد كبير من الفنادق من فئة 5و7 نجوم والكثير من المطاعم والأماكن الترفيهية، ولا تقل الدوحة بحال من الأحوال في تعاملها الثقافي والحضاري ،عن اكبر المدن العالمية لا تقل عن لندن وباريس وبون وغيرها من مدن العالم،كما تتمتع قطر بعدد كبير من والاستادات الجميلة ،غير أن القائمون علي أمر ملفها يعدون العالم كله بإنشاء أكثر من 12 إستادا منها ستة استادات جديدة بمواصفات عالمية سيكون كل واحد منها بمثابة تحفة معمارية تحكي عظمة التراث المعماري العربي والإسلامي ،فقد خصصت دولة قطر أكثر من خمسين مليار دولار لاستضافة المونديال في حين وعدت روسيا التي سوف تستضيف نسخة المونديال عام 2018 فقط عشرة مليارات دولار وهذا يؤكد أن ملف قطر كان بالفعل قويا ومدهشا ومبهرا للكل خاصة أعضاء الفيفا فالملف لم يوفر فقط الشروط الفنية للفيفا بل وعد بما هو أكثر من ذلك فكل المنشات التي سوف يتم تشييدها خلال الأحد عشرة عاما المقبلة، ستراعي فيها المحافظة علي البيئة من خلال استخدام مواد وتقنيات حديثة للغاية لا تضر بالبيئة ،فمعظم والاستادات سوف تضاء بالطاقة الشمسية، بل ستعمل أجهزة التبريد بذات التقنية، وقد تغلبت قطر علي عامل الطقس، الذي كان البعض يتخوف منه، مما يجعل حظوظ قطر ضعيفة في الظفر بشرف استضافة المونديال، حينما تضمن ملفها وعدا جريئا بان تكون كافة الملاعب التي سوف تقام عليها المباريات مكيفة، وان لا تتجاوز درجة الحرارة فيها 27 درجة وهي أجواء مثالية للغاية في فصل الصيف الذي ترتفع فيه درجات الحرارة الي أكثر من 50 درجة في الخليج، وهو ربما ما جعل قطر، ترصد كل هذه الأموال الضخمة لتشييد هذه البني الرياضية العملاقة.
حق لقطر أن تفوز بهذا الشرف العالمي، وحق لقيادتها وشعبها أن يفرحا كثيرا، بما تحقق من انجاز غير مسبوق ،فالانجاز كما قال سمو الأمير وولي عهده وكل القائمين علي أمر ملفها هو انجاز لكل العرب،بحسبان أنها المرة الأولي التي تحظي فيها دولة عربية وإسلامية بشرف استضافة المونديال في الشرق الأوسط ،منذ أن استضافت الارغواي النسخة الأولي من هذا العرس العالمي الكبير عام 1930،ولم يأت فوز قطر من فراغ، فقد خططت قطر منذ وقت طويل، وعمل أعضاء ملفها قرابة عامين دون كلل أو ملل، حتى تحقق الفوز، ودولة قطر لها رؤية عميقة وطويلة تمتد حتي عام 2030 تشمل تنمية وتطوير كافة مناحى الحياة في البلاد .
ومن حسن الصدف، أن الفيفا اسند استضافة مونديالي 2018 و2022 لأكبر دولتين لإنتاج الغاز المسال في العالم هما روسيا وقطر، والغاز من الطاقات النظيفة،ولعل من الأسباب الاخري التي ساهمت علي فوزالملف القطري ان قطر اليوم تتمتع بخبرة استثنائية في كامل المنطقة في استضافة المؤتمرات العالمية في شتي المجالات ،وقد استضافت بنجاح في شتاء 2006 دورة الألعاب الأسيوية وفي تلك الدورة لمع نجم الشيخ محمد بن حمد آل ثاني حينما بهر العالم كله بصعوده علي صهوة جواده لقمة إستاد خليفة الدولي فأوقد شعلة انطلاق تلك الفعاليات ،واستضافت قطر العديد من بطولات التنس العالمية ،ولا تزال تستضيف العديد من البطولات الرياضية وهي العاصمة العربية الوحيدة التي تزورها المنتخبات العالمية الكبرى كالبرازيل والأرجنتين وانجلترا،ويكفيها فخرا أن النجم العالمي الجزائري الأصل، الفرنسي الجنسية، زين الدين زيدان، كان ضمن سفراء ملف ترشحها للمونديال،كما يكفيها فخرا أن أكثر من مائة جنسية تتعايش علي أرضها، في سلام ووئام ،اما الحديث عن امتلاكها لسلسلة قنوات الجزيرة الإخبارية والوثائقية والعالمية والرياضية ،وقنوات الدوري والكأس الرياضية فليس بخاف علي أحد، ومواقفها الإنسانية في العالم مشهودة فهي من جمع الفرقاء اللبنانيين وأصلحت ذات بينهم، وكذلك مواقفها في اليمن مشهودة وفي السودان قامت دولة قطر وتقوم بادوار غاية في العظمة، فهي تحتضن الآن مفاوضات سلام دارفور التي نام لان تطوي ملف الحرب بنهاية هذا الشهر كما أعلن الرئيس البشير والوسطاء، وتعمل علي توفير القوت للسودانيين ،من خلال استثمارها في الزراعة، وفي المجال العقاري وغيره، تفعل كل ذلك دون من آو أو أذى ويقوم سفيرها في الخرطوم سعادة السيد علي بن حسن الحمادي، بدور كبير في مزيد من تعزيز علاقات البلدين الشقيقين .
التهنئة نسوقها حارة لإخواننا القطريين حكومة وشعبا، ولكل العرب والمسلمين من المحيط إلي الخليج،بهذا الفوز ، ولعلها فرصة طيبة لنا في السودان كما لكل إخواننا العرب في أن يزيدونا تشريفا بوصول اكبر عدد من منتخباتهم إلي مونديال 2022 فلو فعلت دولة قطر كل هذا الانجاز التاريخي ،غير المسبوق للعرب والمسلمين، وأثبتت بعزيمة وإرادة قيادتها وشعبها، أنها قادرة علي قهر المستحيل،وكما قال المتنبى:
فعلي قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها
وتصغر في عين العظيم العظائم
فلا اقل من أن نقتدي بها في كل شئ فهي حقا قدوة للعرب ومثال طيب يحتذي في التغيير الحقيقي الذي تقوده قطر بخطى ثابتة ومدروسة وبفكر خلاق وجرأة ومثابرة والهام
وأخيرا فغن دولة قطر بإذن الله كما وعد قادتها سوف تنظم أعظم مونديال في التاريخ وليس ذلك علي الله ببعيد .
يا رب:

يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة

فلقد علمت بأن عفوك أعظم

إن كان لا يرجوك إلا محسن

فبمن يلوذ ويستجير المجرم

مالي إليك وسيلة إلا الرضا

وجميل عفوك ثم أني مسلم
في رثاء الوالدة الحاجة بخيتة الحسين
سليم عثمان احمد
قبل أكثر من ثلاثة عقود فقدت والدى ذات مساء بكيت ليلتها ما شاء لى الله أن أبكى ثم كبرت فى رعاية والدتى وإخوانى الكبار وكنت فى صغرى شقيا اعشق السباحة فى نهر النيل وكان هذا مصدر قلق دائم لوالدتى رحمها الله حيث كانت تخشى علي من البحر وأهواله خاصة فى موسم الفيضان (الدميرة) لكنى كنت احب ركوب أمواجه وكم من مرة عبرت سباحة إلى الضفة الشرقية وما كنت وقتها أحس بما تحس به والدتى من خوف على من الغرق أو تماسيح النيل ولم يقل خوفها علي حتى تخرجت فى الجامعة بل حتى بعد أن اصبحت ابا لعدد من البنين والبنات وهكذا قلب الام دائما رحيم بفلذات أكبادها لكن إحساسنا بهذه الرحمة لم يكن ليساوى مثقال ذرة من رحمتها بنا
مساء الإثنين الأول من ديسمبر 2008 الموافق الثانى من ذى الحجة 1429رن جرس هاتفى النقال طويلا فكان على الطرف الاخر إبن اخى عوض احمد وبعد أن توقف الرنين إتصلت مباشرة به ومن نبرة صوته وترديده لعبارة هكذا حال الدنيا عرفت أن مكروها الم بوالدتى لكنى لم أتوقع أن ترحل دون أن أودعها فقد طلبت منى فى اخر إتصال بها أن اذهب الى السودان لرؤيتها ووعدتها أن أفعل لكن كان الموت أسرع من خطواتى اليها سقط الجوال من يدى وابن عمى محمد هارون يعزينى وبعد ساعة ذهول قلت الحمد لله الذى لا يحمد على مكروه سواه وارسلت بعض الرسائل القصيرة لبعض الزملاء أسالهم الدعاء لها بالرحمة فأتصل بى على الفور الاأخ الزميل الصحفى خالد ابو احمد من مملكة البحرين معزيا وقام جزاه الله خيرا بوضع 0بوست.فى سودانيز أون لاين وعلى الفور بدأ جوالى فى الرنين ولم يتوقف الإبعد منصف الليل حيث تلقيت العزاء من العديد من الزملاء من داخل السودان وخارجه وهنا من زملاء المهنة والعمل والاهل والمعارف وكانت زوجتى الفاضلة الاستاذة فاطمة ميرغني تتابع بصبر مع شركات الطيران لتجد لى مقعدا على متن أول طائرة متوجهة الى الخرطوم ولم تفلح مساعيها خاصة مع موسم الحج لكن فى الصباح وفقنى الله بمساعدة االإخوان فى العمل فى حجز مقعد على القطرية الى الخرطوم وذهبت الى مسقط رأسى قرية شهدى كلمسيد جنوب الزورات لتعزية إخوانى لم يحزننى الفقد الجلل فقط بل أحزننى رحيلها دون وداع لى مضت إلى ربها راضية عنا مضت فى صمت كما عاشت كانت كالنسمة العليلة لكل من عرفها لم يذكرها أحد بسوء كما هى لم تتفوه طوال حياتها بكلمة تغضب احدا مضت دون أن أرى وجهها الوضيئ كانت رحمها الله تحرص على أداء صلواتها المكتوبة فى وقتها وكنت وأنا صغير استغرب قيامها إلى صلاة الفجر فى شتاء الشمالية القارس وتتوضأبماء مثلج وأحيانا تسخنه حتى تشقق قدميها وكانت شقيقتى الصغرى سعاد دائما بجانبها حتى وفاتها رفضت كل من تقدم إليها من أجل أن تكون بارة بها و احسبها كذلك مضت الأم الحنون الرؤوم فى صمت ودون وداع فكان هذا العيد من دون كل الأعياد دون طعم للاسرة متعت بالرضوان فى خلد الرضا ما أزينت لك غرفة وقصور وسمعت قول الحق للقوم أدخلو دار السلام فسعيكم مشكور هذا النعيم به الأحبة تلتقى لا عيش الا عيشه المبرور ولك الهناء فصدق تاريخى با توحيده زفت ومعها الحور تبقى المشاعر خجلى حين أذكرها فلن يفى قدرها صبرى وأحبارى يا معدن الطيب من فضل وأخلاق أم الفضائل كل الناس تذكرها شهادة الحق فى حسن واشراق وفد فى العزاء خلق كثير يعزون أبنائها محمد وحسن وصالح وصلى على جثمانها الطاهر كذلك عدد كبير رغم ان الدفن كان ليلا ونحن ابنائها المكلومين نتضرع الى العلى القدير أن يغفر لها ويرحمها ويسكنها فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا ويسكنها الفردوس الاعلى ويجعل قبرها روضة من رياض الجنة ويغسلها بالماء والثلج والبرد وينقها من خطاياها كما ينقى الثوب الابيض من الدنس وان يجمعنا بها حيث تكون الجنة تحت أقدامها وصدق رسولنا الكريم القائل أحبب من شئت فأنك مفارقه وإنا لفراقك يا والدتى لمحزونون ولكننا لن نقول الا ما يرضى الله وإنا لله وأنا اليه راجعون واخيرا لا بد من شكر كل من وقف معنا معزيا من الاهل وزملاء العمل والمهنة هنا فى دولة قطر وداخل السودان والاخوة الاعزاء فى سودانيز اون لاين خاصة الزميل خالد ابو احمد والاهل فى الخرطوم وشندى وعطبرة ودنقلا الزورات والمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين والامارات وكل من كتب اوابرق اوهاتف او جاء الى العزاء سائلين المولى ان لا يريهم مكروها فى عزيز لديهم واخر دعوان ان الحمد لله رب العالمين المكلوم سليم عثمان أحمد خيرى الدوحة قطر
كل شيء ما خلا الله باطل .
بقلم :سليم عثمان
كاتب وصحافي سوداني مقيم فى الدوحة
أجمل ما قالته العرب شعرا هذا البيت:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل .. وكل نعيم لا محالة زائل
الصراع بين الحق والباطل صراع أزلي،والشيطان قرين الإنسان يسوس له ليلا ونهارا ليغويه،وأنفاسنا معدودة مهما كثرت ،نحن نصارع الأمراض المختلفة سواء كانت فى قلوبنا أو نفوسنا أو ابداننا نصرعها حينا وتصرعنا فى احياين كثيرة،نشكو من جور وظلم الحكام لنا فنثور ضدهم لنخلعهم،لكننا لا نسأل أنفسنا إن كناأناسا صالحين حتى يستجيب الله دعوتنا ضدهم،نتعلق بهذه الحياة كأننا سوف نخلد فينا ، مع بزوغ كل فجر جديد تسقط ورقة خضراء من أعمارنا ،ولكن قلة منا تحس بالخطر الداهم،كل منا يؤجل عمل اليوم الى الغد ، كل منا يتكئ على بأب التوبة الذى لايغلق حتى تغرغرالروح،قلة منا تؤمن بموت الفجأة ،حيث لايفيد الندم بالتقصير فى الاعداد ليوم تشخص فيه الابصار ،سيموت الحكام وسنموت أيضا ولكل أجل كتاب ،ورغم ذلك الكل يشكو من نقص الأنفس والثمرات ،والجوع والمسغبة ، وكل غني يملك جبلا من المال والذهب والفضة يتمني لو حصل على جبال أخري،هذه طبيعة النفس البشرية الا من رحم ربك، ليتنا نحاسب انفسنا قبل أن نحاسب ، ليتنا نعى حقيقة أن الدنيا فانية، وأنها سراب بقيعة نحسبه من فرط أسرافنا فى أمور أنفسنا ماء،لو بعث كل شخص فارق الحياة هل تراه يتمني أن يعمل ليزيد فى ثروته؟ أن يتزوج بإمرأة أخرى؟ أن يحصل على شهادة رفيعة فى تخصص ما؟أن يصبح ملكا؟أن يمتلك مال قارون؟ أن يتمتع بمباهج الحياة وزخرفها؟لا والله لن يتمني سوى أن يركع ركعات ويعمل صالحا.ورغم هذا الفضاء الفسيح من العمر (عشرون ، ثلاثون ، اربعون ، خمسون، تسعون ، مائة)لا تجدنا نزرع لاخرتنا وذلك هو الخسران المبين .فى هذا المقال أردت أن أقف وقفات سريعات مع شيئ من شرور انفسنا وسيئات أعمالنا عل الله يهدينا وكل المسلمين الى صالح الاعمال ، لست أنصح ولكن أذكر نفسى والاخرين والذكري تنفع المؤمنين.
حفر الربيع بن خيثم رحمه الله تعالى قبرا داخل بيته، فكان إذا مالت نفسه للدنيا وقسا قلبه نزل في قبره، وإذا ما رأى ظلمة القبر ووحشته صاح : { رَبِّ ارْجِعُونِ }، فيسمعه أهله فيفتحون له، وفي ليلة نزل قبره وتغطى بغطائه، فلما استوحش داخله نادى : { رَبِّ ارْجِعُونِ } فلم يسمع له أحد، وبعد زمن طويل سمعته زوجته، فأسرعت إليه وأخرجته، فقال عند خروجه: اعمل يا ربيع قبل أن تقول : { رَبِّ ارْجِعُونِ } فلا يجيبك أحد.
نحن نظلم بعضنا البعض ،نفوسنا مغطاة بالشحناء،ننسى عاقبة ظلمنا لأنفسنا وللاخرين؟وهل يظلم الانسان نفسه ؟ نعم يظلمها ظلم الحسن والحسين عليهما السلام كما كانت تردد والدتي رحمها الله .ربما يذهب المرء منا الى الحج فيغفر الله ذنوبه كلها الا حقوق الاخرين وظلمنا لهم وربما نصوم ونصلى ونزكي ونأتي بكثير من القربات والنوافل ولكننا نظلم ربما بعلم وربما بجهل المهم نظلم ولا نتوقف عند عقباه
يروى أن صيادا لديه زوجة وعيال، وكان صابرا محتسبا، لم يرزقه الله بالصيد عدة أيام، حتى بدأ الزاد ينفد من البيت وبدأ الجوع يسري في ابنائه، فدعى الله ورمى الشبكة، وعندما بدأ بسحبها، أحس بثقلها، فاستبشر وفرح، فلما أخرجها وجد بها سمكة كبيرة جدا لم ير مثلها في حياته ،فأمسكها بيده، وظل يسبح في الخيال، ماذا سيفعل بهذه السمكة الكبيرة ؟ فأخذ يحدث نفسه… سأطعم أبنائي من هذه السمكة سأحتفظ بجزء منها للوجبات الأخرى، سأتصدق بجزء منها على الجيران
سأبيع الجزء الباقي منها وقطع عليه أحلامه صوت جنود الملك … يطلبون منه إعطائهم السمكة لأن الملك أعجب بها. فلقد قدر الله أن يمر الملك مع موكبه في هذه اللحظة بجانب الصياد ويرى السمكة ويعجب بها فأمر جنوده بإحضارها
رفض الصياد إعطائهم السمكة، فهي رزقه وطعام أبنائه، وطلب منهم دفع ثمنها أولا، إلا أنهم أخذوها منه بالقوة وفي القصر، طلب الحاكم من الطباخ أن يجهز السمكة الكبيرة ليتناولها على العشاء
وبعد أيام اصاب الملك فاستدعى الأطباء فكشفوا عليه وأخبروه بأن عليهم قطع إصبع رجله حتى لا ينتقل المرض لساقه، فرفض الملك بشدة وأمر بالبحث عن دواء له. وبعد مدة، أمر بإحضار الأطباء من خارج مدينه، وعندما كشف الأطباء عليه، أخبروه بوجود بتر قدمه لأن المرض انتقل إليها، ولكنه أيضا عارض بشدة
بعد وقت ليس بالطويل، كشف الأطباء عليه مرة ثالثة، فرأوا أن المرض قد وصل لركبته فألحوا على الملك ليوافق على قطع ساقه لكي لا ينتشر المرض أكثر... فوافق الملك وفعلا قطعت ساقه
في هذه الإثناء، حدثت اضطرابات في البلاد، وبدأ الناس يتذمرون. فاستغرب الملك من هذه الأحداث.. أولها المرض وثانيها الاضطرابات.. فاستدعى أحد حكماء المدينة، وسأله عن رأيه فيما حدث فأجابه الحكيم: لابد أنك قد ظلمت أحدا؟ فأجاب الملك باستغراب: لكني لا أذكر أنني ظلمت أحدا من رعيتي فقال الحكيم: تذكر جيدا، فلابد أن هذا نتيجة ظلمك لأحد. فتذكر الملك السمكة الكبيرة والصياد.. وأمر الجنود بالبحث عن هذا الصياد وإحضاره على الفور.. فتوجه الجنود للشاطئ، فوجدوا الصياد هناك، فأحضروه للملك فخاطب الملك الصياد قائلا: أصدقني القول، ماذا فعلت عندما أخذت منك السمكة الكبيرة؟ فتكلم الصياد بخوف: لم أفعل شيئا فقال الملك: تكلم ولك الأمان فاطمأن قلب الصياد قليلا وقال: توجهت إلى الله بالدعاء قائلا:
اللهم لقد أراني قوته علي، فأرني قوتك عليه .
عن أَبِي ذرٍّ رضى الله عنه قال : قلت : يا رسول الله ! ما كانت صحف إبراهيم عليه السلام ؟ قال : ( كانت أمثالاً كلّها : أيّها الملك المسلّط المبتلى المغرور ! إنّي لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض ، ولكنّي بعثتك لتردّ عنّي دعوة المظلوم ، فإنّي لا أردّها ، ولو كانت من كافر . وعلى العاقل ما لم يكن مغلوباً على عقله أن تكون له ساعات : ساعة يناجي ربّه ، وساعة يحاسب فيها نفسه ، وساعة يتفكّر فيها في صنع الله ، وساعة يخلو فيها لحاجته من المأكل والمشرب. قلت : يا رسول الله ! فما كانت صحف موسى عليه السلام ؟ قال : ( كانت عبراً كلّها : عجبت لمن أيقن بالموت ، ثمّ هو يفرح ! عجبت لمن أيقن بالنار ، ثمّ هو يضحك ! عجبت لمن أيقن بالقدر ثمّ هو ينصب ! عجبت لمن رأى الدنيا ، وتقلّبها بأهلها ثمّ اطمأنّ إليها ! عجبت لمن أيقن بالحساب غداً ثمّ هو لا يعمل .! قلت : يا رسول الله أوصني ! قال : أوصيك بتقوى الله ، فإنّها رأس الأمر كلّه.
قال أبو العيناء: «كان لي خصوم ظلمة، فشكوتهم إلى أحمد بن أبي داود، وقلت: قد تضافروا عليَّ وصاروا يدًا واحدة، فقال: يد الله فوق أيديهم، فقلت له: إن لهم مكرًا، فقال: ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله، قلت: هم من فئة كثيرة، فقال: كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله».
بعض الناس يحبون أكل لحوم إخوانهم المسلمين ،عوضا عن لحوم الحيوانات وعوضا الفواكه وغيرها من الأطايب ،بل ويستمتعون بأكل لحوم إخوانهم ، وتجدهم يزاحمون المصلين فى مساجد المسلمين ،ولاتفوتهم تكبيرة الاحرام فى الصلوات المكتوبة ،تجدهم يرسلون لحاهم ،ويعتنون بها أكثر من اهتمامهم بأمر الخشوع فى الصلاة نفسها وما دروا أن من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله الا بعدا. قيل للحسن البصري :ان فلانا اغتابك فأهدى إليه طبقا من رطب ،فأتاه الرجل وقال له :اغتبتك فأهديت إلي ،فقال الحسن :أهديت إلى حسناتك، فأردت أن أكافئك. وأوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام أن المغتاب إذا تاب فهو آخر من يدخل الجنة وإن أصر فهو أول من يدخل النار، ويقال لا تأمن من كذب لك أن يكذب عليك !ومن اغتاب عندك غيرك أن يغتابك عند غيرك، عن حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : لا يدخل الجنة نمام وروى أن النبي صلي الله عليه وسلم مر بقبرين فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما احدهما فكان يمشي بالنميمة ،وأما الآخر فكان لا يستنزه من بوله، وروى أن بعض الملوك استصحب حكيما فقال له :أصحبك على ثلاث خصال قال: وما هن؟ قال :لا تهتك لي سترا ،ولا تشتم لي عرضا ،ولا تقبل في قول قائل، حتى تستشيرني قال :هذا لك فماذا لي عليك ؟قال لا أفشي لك سرا ،ولا أدخر عنك نصيحة، ولا أوثر عليك أحدا ،قال: نعم الصاحب للمستصحب أنت.
الحسن البصري والمجوسي:

روي عن الحسن البصري رضي الله عنه أنه قال : دخلتُ على بعض المجوس وهو يجود بنفسه عند الموت ، وكان منزلهُ بإزاء منزلي ، وكان حسن الجوار ، وكان حسن السيرة ، حسن الخلق ، فرجوتُ الله تعالى أن يوفَّقه عند الموت ، ويميتُه على الإسلام ،،
فقلت له : ما تجد ، وكيف حالك ؟ فقال : لي قلب عليل ولا صحّة لي ،وبدنٌ سقيمٌ ولا قوة لي ، وقبر مُوحش ولا أنيس لي ،وسفر بعيد ولا زاد لي ، وصراطٌ دقيق ولا جواز لي ، ونار حامية ولا بدنَ لي ،وجنَّة عالية ولا نصيب لي ، وربٌّ عادل ولا حُجَّةَ لي . قال الحسن : فرجوتُ الله أن يوفَّقه ، فأقبلت عليه وقلت له : لم لا تُسلِم حتى تَسلمَ ؟ قال : يا شيخ ، إنَّ المِفتاح بيدِ الفتاح ، والقفُل هاهنا ، وأشار إلى صدره ، وغشيَ عليه . قال الحسن : فقلت : إلهي وسيِّدي ومولاي ، إن كان سبقَ لهذا المجوسيِّ عندك حسنةٌ فعجِّل لها إليه قبل فراق روحه من الدنيا، وإنقطاع الأمل . فأفاق من عشيته ، وفتح عينه ، ثم أقبل وقال : يا شيخ ، إنَّ الفتَّاح أرسل المفتاح ، أمدد يمناك ، فأنا أشهد أن لا إله إلاَّ الله وأشهدُ أن محمداً رسول الله ، ثم خرجت روحه وصار إلى رحمة الله .
جاء الى عمر بن الخطاب رضى الله عنه رجل شهد لرجل آخر فقال له عمر : هل تعرف هذا الرجل ؟ قال : نعم إني أعرفه . قال : هل صاحبته في السفر الذي تعرف به مكارم الأخلاق ؟ قال : لا قال : هل عاملته بالدرهم والدينار الذي يعرف به ورع الرجل ؟ قال الرجل : لا فصاح عمر : لعلك رأيته قائماً وقاعداً يصلى في المسجد ؟ قال الرجل : نعم . قال له عمر : اذهب فإنك لم تعرفه . والتفت إلى الرجل الأول : وقال له : اذهب أنت وائتني بمن يعرفك! .
الغافلون الأربعة :
قال الإمام جعفر الصادق رضى الله عنه : عجبت لأربعة كيف يغفلون من أربع :
عجبت لمن ابتلى بالخوف كيف يغفل من قوله الله تعالى : " حسبنا الله ونعم الوكيل "
وعجبت لمن ابتلى بمكر الله به كيف يغفل عن قوله تعالى : " وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد " .
وعجبت لمن ابتلى بالضر كيف يغفل عن قوله تعالى : " ورب إني مسني الضر وأنت ارحم الراحمين "
وعجبت لمن ابتلى بالغم كيف يغفل عن قوله " ولا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين"
حكمة:
نظر رجل إلى امرأته وهي صاعدة في السلم ،فقال لها: أنت طالق إن صعدت،وطالق إن نزلت ،وطالق إن وقفت، فرمت نفسها إلى الأرض، فقال لها :فداك أبي وأمي ،إن مات الإمام مالك ،أحتاج إليك أهل المدينة في أحكامهم .(ترى ماذا كانت ستفعل زوجة كل واحد منا،إذا قلنا لهن قولة الرجل؟
متى سيأتي الحلو .... ؟
الزوجة : قبل أن تتزوجني وتعيش معي ، كنت تقول لي : سوف أعيش معك على الحلوة والمرة .
الزوج : لقد تزوجنا منذ ست سنوات ، وعرفت المر والمرار ، فمتى سيأتي الحلو ؟.
بحر الدموع:
منعوك من شُرب المودَّةِ والصفا لما رأوكَ على الخيانة والجـفا إن أنت أرسلت العنان إليــهم جــادوا عليك تكـرُّماً وتعطُّفا حـاشاهُم أن يظلموك إنـــما جعلوا الوفا منهم لأرباب الوفـا بحر الدموع للإمام جمال الدين بن الجوزي

كل شيء ما خلا الله باطل .ون