الجمعة، 5 أغسطس 2011

زواج فريد ومبتكر في السودان أسمه الإيثار



زواج فريد ومبتكر في السودان أسمه الإيثار
بقلم : سليم عثمان
كاتب وصحافي سوداني مقيم في قطر
أريق حبر كثير،وسودت صحف وصحائف ولأشهر عديدة ،بسبب فتوى أصدرها مجمع الفقه الإسلامي في السودان بجواز ماسمي بزواج الإيثار،وهانحن نحاول الخوض مع الخائضين بعد أن انجلى غبار معركة حامية الوطيس اشترك فيها صحافيون، ومحامون، ومثقفون ، من كافة التيارات الفكرية، وشيوخ ،وشيخات، وتبارت الصحف والفضائيات تعرض بضاعة الإيثار في أثواب جميلة، ملونة، تارة ،وفي أزياء بالية متهرئة تارةاخرى،ولله الحمد والمنة.،لم نبلغ بسقوط شهداء على أرض المعركة ،غير أن عددا من الجرحى سقطوا ،ويتوقع المختصون في مؤسسة الإيثار المعنية بزواج الإيثار سقوط المزيد من الضحايا ،إن لم يتدخل العقلاء لوضع ضوابط لتقنين الفتوى موضع إثارة الجدل، فنقول ابتداءً إن الإيثار كلمة حبيبة إلى النفس ،وتتطابق مع قوله تعالى (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة)وقد استند شيوخنا الأجلاء في فتواهم تلك و التي حركت بشدة المياه الراكدة في الحالة الاجتماعية السودانية ،إلى أن زواج الإيثار زواج تتوفر فيه كامل أركان الزواج الشرعي، من ولي، وإيجاب، وقبول، وشهود، ومهر، حتى لو كان خاتما من فضة أو آية من القرآن أو جنيها سودانيا واحدا، كما أشار الدكتور عبد الحكم عبد الهادي رئيس قسم الدراسات الإسلامية بجامعة زالنجي، وللمرأة مطلق الحق في أن تتنازل عن حقها في المبيت إقتداء بالسيدة زمعة التي أهدت ليلتها مع الرسول عليه أفضل السلام للسيدة عائشة رضي الله عنها.
ولها أيضا أن تتنازل عن جملة من الأمور التي لا يقدر الزوج الذي ارتبط بها توفيرها كالنفقة، وتعليم الأولاد، وصحتهم وتوفير السكن وما إلى ذلك، وبإمكان الزوج الإيثاري أن يذهب إلى بيت زوجته في رابعة النهار، في أم صفقا عراض أو عد بابكر ويعود ببص الحاج يوسف ، قبل غروب الشمس، إلى امبدة ، في أقاصي الريف الغربي لام درمان ، أو إلى الكدرو شمال مدينة الخرطوم بحري ،أو إلى جبل أولياء، أقصى جنوب الخرطوم ليباشر مسئولياته وانشطته الأخري ، ولا مانع من أن تعطيه زوجة المسيار ، حق البص ذهابا،وإيابا،ولو كانت كريمة، وتأصل الإيثار في نفسها وليس المسيار أو (المطياروالمسفار)كما يخشي أخونا كمال حنفي أن تصدر بحقهما فتوى، يمكن أن تعطيه حق كيس الخضار، لأم العيال أو البيت الكبير، لكن لم يوضح لنا مجمع الفقه الإسلامي إن كان يجوز لموظف الدولة، أو طالب الجامعة، أن يترك عمله وجامعته ،ويزوق إلى حيث بيت الزوجة المؤثرة، ويمضي معها وقت القيلولة ، ثم يتناول ما لذ وطاب من الطعام ، ثم بعد ذلك يعود إلي بيته الأول؟ لكن دعونا نري لماذا زواج الإيثار؟ يقولون إنه لو تقدم رجل إلي إمرأة لخطبها وكانت في سن العشرين، سألت بهدوء كيف هو (أي الرجل) ؟ وإذا كانت في الثلاثين سألت من هو ؟ وإذا كانت في الأربعين فإنها تصرخ باهتمام أين هو ؟ ولا أدري إن كانت مطلقة ماذا تقول ربما تقول الإيثار ولا شئ سواه ؟عملا بالمثل المصري ،(ظل راجل ولا ظل حيطة)،ولا أدري كم عدد الفتيات اللاتي فاتهن قطار الزواج لسبب أو لآخر؟ وكم عدد المطلقات في مجتمعنا الريفي والحضري؟وهل بلغ العدد حدا يدعو للخوف عليهن من جورالزمان ؟ وبالتالي لابد من البحث عن وسيلة شرعية لإدخالهن في ظل الرجل ،لكننا نقول إن المرأة السودانية صندوق مجوهرات، يكشف كل يوم عن جوهرة جديدة ،لذلك نطمئن أخواتنا ممن فاتهن هذا القطار العجيب، وأولئك اللاتي لم يوفقن في تجربة أو تجربتين ،أن كل واحدة تقدر ظرفها وحاجتها لزواج كهذا.إن شاءت قبلت به وإن شاءت أبته ،ويحكي أن رجلا تزوج بامرأتين أحداهما تدعي حانة والأخري مانة ،كانت حانة صغيرة، في السن ومليحة لم تتجاوز العشرين (عمر الزهور عمر الغرام عمر المنى) بينما كانت عمتنا مانة ،كبيرة في السن وقد تجاوزت الخمسين بكثير وكان الرجل كلما دخل إلي غرفة الصغيرة حانة تنظر إلي لحيته وتنزع منها كل شعرة بيضاء وتقول :يصعب علي يا حبيبي أن أري الشيب يلعب بهذه اللحية الجميلة ،السوداء ،وأنت ما زلت شابا علما بان زواجه منها لم يكن مسيارا ولا زواج متعة ولا مسفارا ولا طيارا ولا بحارا!!؟بل كان الزواج العادي المعروف منذ سحيق العصور (المهم كانت تدلعه بهذه الطريقة )ولم تكن عمتنا مانة باقل منها في تدليع زوجها فكانت هي الأخري كلما دخل عليها تمسك بلحيته وتنزع منها الشعر الأسود وهي تقول له:يكدرني يا حبيبي أن أرى شعرا أسود في رأسك وأنت رجل كبير وقور جليل القدر،ودام حال الرجل علي هذا المنوال، حتي وقف ذات يوم أمام المرآة فرأي بلحيته نقصا كبيرا من كثرة نتف زوجتيه( حانة ومانة) لشعر لحيته( أبيضه وأسوده ) فقال قولته المشهورة : ( بين حانة ومانة ضاعت لحانا ).
لذلك فقبل أن نناقش مسألة التحريم والتحليل في زواج الإيثار في السودان ننصح كل رجل يبتغي الإيثار سبيلا للعفاف أن الأمر ليس قضاء لوطر ولا تأتي السكينة والمودة بسويعات يسرقها من زوجته الأولى أو دوامه الذي يأكل منه عيشه ليقضيها مع إحداهن صبية كانت أو مطلقة ،عندها مال، أم فقيرة، ثم لا شأن له بما يترتب علي سكن مشوش، مضطرب كهذا ،لان المسألة في اعتقادنا ليست قضاء وطر وإشباع رغبة أنية لهذا الطرف أو ذاك، خاصة المرأة أو أكلة حلوة من صاحبة أيد طاعمة ،وربما مصاريف مواصلات كي يعود مع العصاري أو في جنح الليل إلي صاحبة الحب الأول (وما الحب الإ للحبيب الأول ) أما إن كان الرجال يشكون من الصلع مثل حالة العبد لله وبدون لحيه وحتى لا يغضب، منا شيوخنا أمد الله في أعمارهم، ونفع الناس بعلومهم، نقول نعم إطلاق اللحية من السنة وأننا نحن معشر الصلع السودانيين ربما نكون مرغوبين في سوق زواج الإيثار هذه الأيام، ذلك أن الصلعة أصبحت موضة، عصرية سيما لو كانت لمغترب مثلنا، تكون مندية ومرطبة، وهذه دعاية للراغبات في الارتباط بنا، وذلك لتوفر هذه الميزة والأفضلية لدينا ،فإنني من مقامي هذا، أدعو رصفائي الصلع في ارض المليون ميل للإسراع في تسجيل أسمائهم لدي الأستاذ النور احمد النور رئيس تحرير هذه الصحيفة المنضم حديثا لاتحادنا، حتى يتسنى لنا ليس البحث عن أنجع السبل لإيقاف الزحف الصحراوي إلي مؤخرة رؤوسنا،بل لوضع الخطط والتدابير اللازمة، خاصة الخطة الخمسية، لدخول حلبة الإيثار ،وبعد أن كنت أفكر في زراعة شعر كانت سوف تكلفني ( الشئ الفلاني ) وبعد أن يسر مجمع فقهنا الإسلامي بارك الله فيه وأدامه للغلابي من الرجال العاطلين منهم علي وجه الخصوص والعاملين ، وكذلك من لا مأوي لهم وحتى صغار المغتربين من أمثالي، سوف اسعي بجزء من مبلغ زراعة الشعر الذي وفرته ، للحصول علي ثلاثة من المؤثرات ويفضل أن يكن من سيدات الأعمال الناجحات اللواتي لديهن فلل وعمارات في الطائف والرياض كي ترطب الصلعة أكثر، ولا بأس إن كن مطلقات، وبالعدم طالبات ،علي مقاعد الدراسة الجامعية أو متخرجات حديثا، شريطة أن يكون لديهن سكن يليق بمغترب، لا يمانع في القبول بزواج إيثار،ومن حسن حظي أن شيخنا وأستاذنا الجليل بروفسير احمد علي الإمام( بلدياتي) سوف يقوم بعقد قران زيجاتي لتكون مباركة، وسوف يقوم بدوره بدعوة الأخ الرئيس وعلية القوم وكبار المشايخ، لحضور المناسبة ،كي نتباهي بعرس أسطوري مبسط مع من الناس والملائكة لتسير معنا في مشوار مفعم بالمودة والسكينة والرحمة، وسوف أقوم في إجازتي الصيفية بإجراء المعاينات اللازمة وأي طلب غير مستوفي للشروط أعلاه لن انظر فيه ،وليتنا نحظي بالودود الولود حتى يباهي الله بنا الأمم يوم القيامة .
أما( الرجال البخافو من نسواوينهم ) كما اسماهم زميلنا الأستاذ عبد الرحمن محمد علي المحامي حيث حاولت الانضمام قبل عشرة أعوام لاتحادهم فنقول له حفظ الله لكم من هن تحت عصمتكم ولأن الصلع بدأ يزحف من مقدمة رأسكم وفي منتصفها فأننا من حيث المبدأ لا نمانع في انضمامكم إلي إتحادنا الوليد، شريطة أن تكون أنت مستشاره القانوني وتعمل( ببلاش ) حتى لا يتعرض الأعضاء الايثاريون لأي انتهاكات من العضوات المؤثرات وسوف أقوم شخصيا بوصفي رئيسا للاتحاد بدعوة لعقد الجمعية العمومية للاتحاد، لاعتمادكم كمستشار مفوض، من قبلنا للترافع أمام كافة المحاكم في السودان دفاعا عنا نحن معشر (الرجاجيل )أمام كيد أخوات نسيبة الايثاريات أو المؤثرات أيهما اصح لغة ،ولا بأس لك بثالثة ورابعة، مع الاعتذار لمن أكلنا عندهن العيش والملح ؟؟ .
وبالعودة إلي زواج الإيثار نقول انه يمكن أن يحل مشاكل كثيرة ولكنه بنفس القدر يمكن أن يخرب بيوتا شيدت علي التقوى، ما لم نسارع بوضع ميثاق شرف اجتماعي، أخلاقي، نتواضع عليه صونا لهذه المكتسب العظيم، قبل أن يصدر مجمع الفقه الإسلامي عندنا فتوى أخرى بتحريمه، ولابد أن نضع من الشروط والضوابط ما يجعل كرامة المرأة السودانية محفوظة،(فما أهانهن إلا لئيم وما أكرمهن إلا كريم ) فهل نكرمهن أم نستغل حاجتهن إلينا ونمسح بكرامتهن الأرض؟؟ورفقا بالقوارير وهي دعوة محمدية وعنوان كتيب رائع للداعية والصحافية والكاتبة المصرية كريمان حمزة، آمل أن يقرأه كل رجل وامرأة، حتى نعرف معاني الرفق ،وطالما نحن في هذه الفضاءات الرومانسية الحالمة والهائمة لابد لي ان أذكر بالخير كله صديقنا الرائع الشفيف صاحب الحس الجميل تجاه الجنس الآخر الأستاذ حسن فضل المولي فقد قرأت له قبل سنين عدة كتيب رائع عنوانه علي ما اذكر (هذا الشئ )وفيه أورد اقتباسات غاية في الروعة من مصادر متعددة واري أن شخصا في قامته المديدة في مجال البوح المباح تجاه ذلكم المخلوق الرقيق (المرأة) سواء كانت أما أو ابنة أو أختا أو صديقة ،أو زوجة ،وحبيبة، قد سرقته منا الفضائيات والعمل الإداري الإعلامي وألوم هذه الصحيفة والصحف الاخري لتقصيرها في جذبه اليها كي يسري صفحاتها بعذب القصيد وشجي الكلمة، وربما لي عودة مع فراشاته الملونة التي تحلق في سماء تلك الفضائية الرائعة ، بعد أن طلقنا الفضاء السياسي هذا الأسبوع ،دعونا نزف البشري لكل الرجال والنساء حيث أظهرت صور الرنين المغناطيسي(لا أدري في أي مختبر أو مشفي )بأن أجزاء من الدماغ تضئ مثل خيمة سينمائية عندما نمر في مرحلة أو تجربة رومانسية،...لماذا؟؟بسبب مكون يسمي جرعة الحب،أو (دوبامين)وهي مادة مسببة للإدمان كتلك التي يطلقها تناول السكر،النوم ، العطش ،والتبغ و(الصعوط)فعندما يكون الشخص عاشقا يفرز الدماغ مادة ( الد وبامين )ويزيد إفراز هرمون الغبطة والسرور لدينا سيما لو كان الجو لطيفا وكهربتنا ما فيها قطوعات ، كلما رغبت بالمزيد من من تلك المشاعر،كما أن الجسم يفرز هرمونا يروج للشعور بالتواصل العاطفي وهي فرصة لكل راغب في زواج الإيثار أن يتحرك سيما إن كان مثلنا يمر بما يعرف اصطلاحا بأزمة منتصف العمر ،ذلك أن الجسم سرعان ما يطور تحملا لمادة (الدوبامين)ويبدأ المد الكيميائي الذي يروج للتواصل العاطفي بالانحسار أيضا،وهنا يبدأ الانفصال التدريجي ،عن المحبوب ،ويمكن أن تفقد العلاقة بعض لمعانها ،لهذا السبب يحتاج الطرفان إلي مزيد من النشاط الرومانسي ،للوصول إلي مستوي أعمق من الجمال في التواصل ولكن كيف ؟من خلال القيام بعمل إبداعي كل بوم لتحفيز الاندماج العاطفي والتواصل مع الشريك سواء كان زوجا أو خطيبا بمزيد من الإطراء والمديح والشعور بالجمال والأهمية،وعلي صعيد المتزوجين لابد من تبادل كلمات الإطراء والإعجاب بشكل يومي أو حتى من خلال الابتسامات والإشارات الموحية بالرضا ?ن تعطلت لغة الكلام ولم تخاطب عيوننا في لغة الهوى عيون من نحب ونعشق ونسكن فيها ، ولا بأس من كلمات من شاكلة (شعرك اليوم جميل لكن ماذا لو كان الشعر مجعدا ؟وكسي الشيب الرأس ؟وبذات القدر يمكن أن يقول الرجل لزوجته (قميص نومك الليلة رائع وعلي الأقل لابد أن يحضر زوج الإيثار مثل هذه القمصان حتى يستحي علي روحه حبتين ولا ينبغي أن تقبل أية امرأة سواء تزوجوها في عرس جماعي أو إيثار أو زواج عادي أو زواج سبعة نجوم علي زوجها ورائحة الثوم والبصل والتقلية وأم فتفت وغيرها تعبق بملابسها واحسب أن كل أمرأ?ه سودانية تدرك ذلك وكل أم تعلم بنتها كيف تتزين لزوجها حتى لا يفر لأخرى سيما في زمن الإيثار العجيب هذا؟ولاباس من أن نتذكر الأوقات الجميلة التي مرت بنا خلال التجربة العاطفية مع التركيز علي استعادة بعضها كلما كان ذلك ممكنا مثل لقاء رومانسي قبلة ، أول هدية شهر العسل والعودة إلي تلك الأماكن مااستطعنا إلي ذلك سبيلا(للأزواج فقط)وليس للايثارين والمؤثرات أنفسهن عليهم ويعزز ذلك التواصل العاطفي وإعادة كيمياء الروحين والجسدين التي أثمرت عن هذا الرباط المقدس ذلك أن مشاعر الحب والتواصل العاطفي وكل تلك الألعاب النارية التي تشتعل في دواخلنا عندما يظهر شخصا ما نكن له مشاعر الحب مما يجعلنا نطير من الفرح وتزداد دقات قلوبنا وتضطرب أمعدتنا كلها وتحدث نتيجة تلك التغيرات الكيميائية التي تحدث داخل أجسادنا بسبب الحب غير أن مشاكل الحياة اليومية الضاغطة وتعقيداتها لا تترك لنا مجالا لتلك الروابط الحميمة فتجدنا شيبا وشبابا رجالا ونساء نتوه مع إيقاعها السريع ركضا خلف قفة الملاح وتعليم الأبناء وعلاجهم لذلك من الطبيعي أن يكسو الشيب رؤؤسنا بسرعة مذهلة ،ويزحف الصلع إلي مؤخرتها وما لم نكن قادرين علي تمثل هذه المشاعر الإنسانية النبيلة فلا ينبغي أن نفكر في زواج الإيثار هذا إذ ليست القضية مسألة قضاء وطر كما يتصور البعض منا لأننا قطعا لسنا قطيعا من الأنعام أعزكم الله كل همه قضاء هذه الحاجة وينبغي عدم المبالغة في تصوير حاجة الجانب الأخر بأنها تفوق حاجتنا فهذه المسكينة التي ترتضي هذا النوع من الزواج لكونها تخاف علي نفسها وتريد أن تستر نفسها وتعفها بالحلال نستغل جاجتها ونزاحمها في عقر دارها ونأكل ماله ويرمي ولدها بحجة أنها تريد ذلك فلماذا الحقد ولم يقل احد من العلماء حسب علمي البسيط منذ فجر الإسلام الأول والي يومنا هذا أن أحدا تزوج أمراة و قال انه لا يعنيه من أمر زواجه سوي قضاء الوطر لا فالزواج مسئولية فقد لا تستطيع هذه المسكينة تحمل تبعات الزواج سيما إن أنجبا أولاداً وبناتٍ أو تغير وضعها المادي ولا نتصور أن أيما امرأة لم تجد زواج إيثار يمكن أن تبيع شرفها لأجل لا مسئولية واضحة فيها على الزوج حتى لو قبلت المرأة بهذا الوضع المهين وقالت (كيفي) كما أن علماءنا الأجلاء الذين أصدروا هذه الفتوي ولا أدري لأية دواع أصدروها حتى يشغلوا الناس هكذا وربما يتسببون من حيث لا يدرون في مآسي لا أول ولا آخر لأسر كانت راضية عما قسمه الله لها من نصيب وقد نجد شبابنا العاطل عن العمل كله وقد التحق بأسر غير أسرهم،تصرف عليه الزوجة المؤثرة من حر مالها أو مال أسرتها لتنتهي مروءة الرجال ولتضيع حقوق الإنسان واتفق مع أولئك النفر الذين قالوا بأنه لم يكن من داع لإصدار الفتوى من أساسها في مجتمع أكثر من نصف سكانه أميون سيما وان كثير من الأسر أصلا تقوم باستضافة أزواج بناتها لسنين عددا حتى قبل أن تصدر فتوي زواج الإيثار في بلادنا ثم لماذا لا يكون شيوخنا قدوة لنا ويتكرموا علينا ببناتهم في الحلال ويسكتوننا معهم في بيوتهم ويعطوننا من مال الله الذي أعطاهم أم أن الأمر لا يعنيهم إنما المعنيون به هم قله من الرجال والنساء االنساء تروق لهم مثل هذه الفتاوي التي لا تحل مشكلة بل تزيد الطين بلة فهذه المسكينة التي يراد أن يثني ويثلث ويربع بها بعض الرجال لديها حقوق شرعية كثيرة حتى وإن تنازلت عن النفقة وحقها في المبيت معها إذا من شروط ان يكون لنا مثني وثلاث ورباع من الزوجات العدل في كل شئ وكفي ذلك أن الإسلام رسم طريق الهداية الذي يكفل للحياة الزوجية المودة والعطف والألفة والرحمة والتسامح والعفو والتآزر أيضا وليس الاستغلال بأي حال من الأحوال ومن عظمة الخالق ان خلق من نفس الجنس الذكر والانثي وجعل بينهما المودة والرحمة فهل تحدث مودة ورحمة بين زوجين يقتطعان من ساعات الليل والنهار بضعة دقائق وفي أحسن الأحوال ساعة بحالها كي لا يغضب منا الطرفين الطرفي ثم ننتظر المودة والرحمة من علاقات كهذه .
و قد سئل نافع بن الأزرق ابن عباس رضي الله عنهما (عن سر اللباس في الآية فقال:هن سكن لكم وانتم سكن لهن تسكنون إليهن بالليل والنهار وهي متعة المؤانسة بالحديث والعواطف المتبادلة وإرواء الجوارح كلها والنفس فقال نافع بن الأزرق وهل تعرف العرب ذلك ؟؟قال : نعم وقال الشاعر النابغة الذبياني في أحدي قصائده :
إذا ما الضجيج ثني عطفها تثنت عليه فكانت لباسا
لكن الرجال الراغبين في الإيثار وكذلك النساء الراغبات فيه ربما يبحثن عن لباس نهاري أو ليلي لا يواري جسديهما أما باقي الأشياء التي تجلب المودة والرحمة فطائرة نسأل الله رجال ونساء السودان من كل شر.

بائع كيك السمسم والبطيخ (الحاج الرئيس ) هل يحرر فلسطين ؟


بائع كيك السمسم والبطيخ (الحاج الرئيس ) هل يحرر فلسطين ؟
بقلم : سليم عثمان :
كاتب وصحافي سوداني مقيم في قطر:

هل يكفي أن نكافئ الشيخ رجب طيب أوردغان رئيس الوزراء التركي فقط بجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام التي سلمها له خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ؟ نظير خدماته الجليلة التي قدمها للإسلام والمسلمين ؟ ام ينبغي علينا نحن معشر العرب والمسلمين أن نقدم إليه والي دولته أكثر من ذلك ؟ وأيهما كان الأجدر بجائزة نوبل للسلام أوردغان أم الرئيس الأمريكي باراك اوباما الذي لم يستطع بعد عام كامل من الحكم في البيت الأبيض أن يقول لإسرائيل ربيبة أمريكا في المنطقة ودلوعتها ،كفي عربدة وصلفا وطغيانا وغرورا. إن المال اليهودي هو صاحب القرار في أميركا وكثير من الدول الغربية، إذا أين المال العربي والإسلامي من هذه المعركة، ألم يكن في مقدرتنا تكوين لوبي اقتصادي داخل الدول الكبرى للتأثير على القرار؟
يري قادة الأمتين العربية والإسلامية اننا لسنا قادرين على خوض معارك حربية مع عدوتنا اللدود إسرائيل لأننا لم نعد لها ما استطعنا من قوة ويرون أننا يمكن بل من المؤكد سوف نخسر أية معركة معها لا محالة، ولا يري هؤلاء أن ما فعله حزب الله ضد إسرائيل يؤهلنا للمغامرة بحرب مع العدو الصهيوني ،لكن مهما كانت مبررات هؤلاء الاستسلاميين والانهزاميون يجب ان تكون معركتنا معها (إسرائيل )يجب أن تكون معركة عمل متواصلة ، معركة انجاز، معركة تطور وتعليم مستمرة لقد تركنا مركب الحضارة والشفافية والإصلاح والانجاز، ولم نبحر فيه وهو ما جعلنا نخسر معاركنا كلها رغم اننا أمة القران أمة أقرأ، الأمة التي وصفها الله تعالي بأنها خير أمة أخرجت للناس ، معاركنا ، .،لذلك كان طبيعيا أن نفرح لمجرد أن أحفاد العثمانيين الجدد ، حاولوا كسر حصار جائر ظالم علي أخواننا في غزة ،لكننا ونحن نتقزم ونتقهقر لم نحسن حتي التعبير عن الفرح ، فكانت مسراتنا خجولة وبائسة ،وتضامننا مع الذي استهدفتهم الآلة الحربية الإسرائيلية الغاشمة ،كان تضامنا صوريا محنطا لا روح فيه ولا صدق ،سيدة تركية يموت زوجها المجاهد في أحضانها في عرض البحر الأبيض المتوسط ، بعد أن أمطره جنود العدو الصهيوني ، وصبوا جام رصاصهم علي جسده الطاهر،وأمطروه نارا شيعت روحه السمحة الي بارئها مع دعوات من كانوا علي ظهر السفينة مرمرة وهي بالمناسبة تحمل أسم ذات الجامعة التي تخرج فيها السيد رجب طيب أوردغان ،هذه السيدة تقول وهي تحتضن زوجها الشهيد المضرج بالدماء القانية أن مصابها لا يساوي شيئا أمام معاناة أهالي غزة الذين تقتلهم إسرائيل بشكل بطيء كل يوم أمام سمع وبصر كل سكان العالم ،ونساء المسلمين والعرب يقدمن العري الساخن ومشاهد الجنس الرخيص علي شاشات الفضائيات التي لم يرتق معظمها الي مستوي التحديات التي تجابه الأمة ،وقادتنا الا من رحم ربك يخشون حتي من الإدانة والشجب للجريمة النكراء ولا زالوا متمسكين بمبادرتهم البائسة كأنها كتاب مقدس ،انزل علي نبينا محمد أو موسي او عيسي أو داوود ، فلكم أعزائي القراء أن تتصوروا حجم صرف العرب علي سفاسف الأمور ودنايا المقاصد من خلال الإحصائيات أدناه :
الحصيلة الشهرية من الرسائل الخلوية ،التي تظهر على الشريط الموجود أسفل الشاشة في بعض القنوات الفضائية العربية التي لا رسالة ولا هدف لها سوي تضليل الشباب العربي ، تقارب (8) ملايين دولار!
تكلفة إنتاج الفيديو كليبات الخاصة بأغاني التعري والفن الهابط في العالم العربي تقارب (16) مليار دولار سنويا
مجموع الدخل السنوي للخادمات في البيوت العربية هو (35) مليار دولار, أي ما يقارب (3) مليارات دولار شهريا!!
مجموع ما تنفقه المرأة العربية على مستحضرات التجميل في السنة الواحدة هو (2) مليار دولار (منها 1.5 مليار حصة المرأة الخليجية)!!
مجموع ما تنفقه الدول العربية مجتمعة على البحث العلمي هو (1.7) مليار دولار سنويا, أي ما نسبته (0.3%) فقط من الناتج القومي الإجمالي.
(للمقارنة: في فرنسا 2.7%, السويد 2.9%, اليابان 3% (أي 10 أضعاف ما تنفقه الدول العربية مجتمعة), وفي إسرائيل 4.7% حسب إحصائيات اليونسكو لسنة 2004)
عدد العاطلين عن العمل في مملكة النفط يقارب النصف مليون مواطن سعودي أي ما نسبته (10%) من مجموع السكان
عدد الأميين في العالم العربي يفوق ال (100) مليون, يعني ثلث العرب لا يستطيعون القراءة ولا الكتابة
المواطن الأمريكي يقرأ( 11 )كتابا في السنة والأوربي يقرأ( 7 )كتب أما العربي الذي ينتمي لأمة أقرا فيكتفي بربع صفحة في العام .
ليس هذا فحسب بل أن هناك 30الف مصري هجروا بلدهم وتزوجوا باسرائليات ،لم لا فهن كتابيات وشقراوات ،ولا يهمهم سحب جنسياتهم طالما هم يكثرون من نسل الصهاينة ،لم يقل احدا منهم أنه جعل زوجته تدخل في الإسلام ولا يهمه أن يصبح ولده أو بنته يهودية ومتصهينة ، وفي وقت تتصاعد فيه الدعوات عالميا لكسر الحصار تفتح مصر معبر رفح علي استحياء ، انحناء لعاصفة تهب علي إسرائيل وتلفح وجوه قادتها القميئة ،وسوف تتحين الفرص وتبحث عن أي سبب لإغلاقه مجددا ،فالعدو في نظر النظام الحاكم في مصر ليس إسرائيل إنما حماس التي يرونها امتدادا لحركة الإخوان المسلمين ،التي يضيقون عليها منذ عقود ، أين علماء الأمة وما دورهم في تحريض شعوبهم النائمة ،يقولون أنهم ربما يسيروا سفينة في الخامس عشر من يوليو المقبل ،أذا وجدوا من يمولها ، أين الصحفيون الشرفاء ولماذا لم يشاركوا في تلك السفن التي تحاول كسر الحصار علي غزة ؟ يقولون أنهم مشغولون بلقمة عيشهم ويصارعون أنظمة استبدادية لا تقل في بطشها عن إسرائيل ،تضعهم في السجون وتعذبهم عذابا نكرا ،لذلك فهم يطلبون من أهالي غزة ان يلتمسوا لهم العذر ،أين أساتذة الجامعات وأهل الثقافة والفن والقريض ؟ يقولون : أنهم لا يستطيعون مبارحة مدارج كلياتهم ، لأنهم يسابقون الزمن في اللحاق بإسرائيل وأمريكا وأوربا في التطور العلمي ، ويرون أن ركوب سفن الحرية مضيعة للوقت وأنه بالعلم والعلم وحده سوف يهزمون إسرائيل بعد خمسمائة عام من الان تقريبا ،أما المثقفون فيرون أن الكتابة عن البطيخ الذي كان يبيعه السيد رجب طيب اوردغان عندما كان يافعا مع كيك السمسم لمساعدة والده العامل البسيط في خفر السواحل أفضل من المشاركة في تلك السفن العبثية ،كون البطيخ مفيدا في حرارة الصيف ويرطب الأكباد ، في زمن الفجائع ،والسمسم مفيد هو الاخر كونه خال من الكولسترول الضار بصحة القلوب ،أما الشعراء الذين يتبعهم الغاوون والذين هم في كل واد ومحفل هائمون ،فهم أيضا مشغولون في وصف الفاتنات وبالكتابة عن جمال البحر الذي ابحرت فيه السفينة مرمرة سيما بعد اختلاط دماء الشهداء بزرقته ولعلهم الوحيدون القادرون علي تصوير مشاهد الصراع بين أولئك المتضامنين الذين القي بهم في عرض واسماك القرش التي التهمتهم وقد ينبري لنا أناس ويصفوننا بالجهل فيقولون لنا انه لا توجد اسماك قرش في مياه المتوسط إنما تماسيح نيلية مسالمة تماما كالجنود الاسرائليين الذي فعلوا ما فعلوا بالمتضامنين دفاعا عن النفس ،ليس الا ،
لكن تعالوا معي نقرا سيرة رجل عصامي فريد في عصره معتز بإسلامه ولغته التركية ،شجاع وجرئ هو السيد رجب طيب اوردغان الرجل الطيب الذي جعل أحفاد القردة والخنازير يرتعبون :
فالعلاقات الاجتماعية الدافئة من أهم ملامح شخصيته؛ فهو أول شخصية سياسية في تركيا يرعى المعوقين في ظل تجاهل حكومي واسع لهم، ويخصص لهم امتيازات كثيرة مثل تخصيص حافلات، وتوزيع مقاعد متحركة، بل أصبح أول رئيس حزب يرشح عضوا معوقًا في الانتخابات وهو الكفيف "لقمان آيوا" ليصبح أول معوق يدخل البرلمان في تاريخ تركيا.
ولا يستنكف أن يعترف بما لديه من قصور علمي لعدم توفر الفرصة له للتخصص العلمي أو إجادة لغات أخرى غير التركية؛ لذلك فقد شكل فريق عمل ضخمًا من أساتذة الجامعات والمتخصصين في شتى المجالات للتعاون معه في تنفيذ برامج حزبي الرفاه والفضيلة أثناء توليه منصب عمدة إستانبول.
يميزه احترام الكبار وأصحاب التخصص؛ فهو لا يتردد في تقبيل أيدي أهل الفضل عليه، ومن ذلك أنه أصر أن يصافح ضيوفه فردًا فردًا خلال "مؤتمر الفكر الإسلامي العالمي" الذي تبنته بلدية إستانبول عام 1996؛ مما أكسبه احترام العديد من الشخصيات الإسلامية الثقيلة . انتشل رجب طيب اوردغان بلدية اسطنبول من ديونها التي بلغت ملياري دولار إلى أرباح واستثمارات وبنمو بلغ 7% بعد تعيينه رئيسا لها، بفضل عبقريته ويده النظيفة وقربه من الناس لاسيما العمال ورفع أجورهم ورعايتهم صحيا واجتماعيا، وقد شهد له خصومه قبل أعدائه بنزاهته وأمانته ورفضه الصارم لكل المغريات المادية من الشركات الغربية التي كانت تأتيه على شكل عمولات كحال سابقيه بعد توليه مقاليد البلدية خطب في الجموع وكان مما قال:
"لا يمكن أبدا أن تكونَ علمانياً ومسلماً في آنٍ واحد. إنهم دائما يحذرون ويقولون إن العلمانية في خطر.. وأنا أقول: نعم إنها في خطر. إذا أرادتْ هذه الأمة معاداة العلمانية فلن يستطيع أحدٌ منعها. إن أمة الإسلام تنتظر بزوغ الأمة التركية الإسلامية.. وذاك سيتحقق! إن التمردَ ضد العلمانية سيبدأ "
وعن سر هذا النجاح الباهر والسريع قال أردوغان: "لدينا سلاح أنتم لا تعرفونه إنه الإيمان، لدينا الأخلاق الإسلامية وأسوة رسول الإنسانية عليه الصلاة والسلام".
كانت فكرة الزواج حاضرة في ذهنه ولكنه لم يصادف سعيدة الحظ.. قام خطيباً في أحد تجمعات حزب السلامة وكان في الجمع شابة تركية محافظة خفق له قلبها وقالت لصديقتها: هذا هو فارس أحلامي الذي رأيته في المنام.
وتتلخص القصة في أن الفتاة (أمينة) ذهبت لهذا التجمع مع صديقتها الكاتبة التركية الإسلامية (شعلة بو كسلشنر) وقالت لها في الطريق: لقد رأيت في المنام شاباً وسيماً فصيحاً بليغاً يقف خطيباً أمام الناس، رأيته فارس أحلامي وأبا عيالي وسأبذل جهدي في البحث عنه.
عندما وقف أردوغان خطيباً خفق قلبها وانفرجت أساريرها عن فرحة غامرة وضغطت على يدها صديقتها الكاتبة قائلة: إنه هو! أنظري إليه إنه فارس أحلامي الذي ظهر لي في المنام.
تزوج الشابان (رجب وأمينة) في 4 يوليو 1978م، وسارا على درب واحد ببنيان أسرة مثالية ويشاركان في عملية البناء الوطني. رزقا ولدان وبنتان. أحد الأولاد اسمه نجم الدين تيمناً بالزعيم نجم الدين أربكان، وإحدى البنات تتلقى دراستها حالياً في أمريكا حيث لم يسمح لها بالدراسة في الجامعات التركية وهي ترتدي الحجاب ، لم يتردد اوردغان في إرسال بناته لأمريكا لإكمال تعليمهن، بعد أن أغلقت الأبواب أمامهن داخل تركيا بسبب ارتداء الحجاب، ولم يلتفت للحملة الإعلامية الشرسة التي تعقبته أثناء ذهابه للحج أو العمرة مع زوجته المحجبة؛ حيث راحت تستهزئ به ب أثناء دراسته بالمدرسة الإبتدائية سأل مدرس التربية الدينية طلابه عمن"يستطيع أداء الصلاة في الفصل ليتسنى لبقية الطلاب أن يتعلموا منه".
رفع رجب يده فناوله المدرس صحيفة (جريدة) ليصلي عليها. رفض الطالب رجب الصلاة على الصحيفة لأن بها صور نساء سافرات.. وأدى الصلاة صحيحة أمام زملائه. دهش المدرس وأعجبه تصرف الطالب الصغير فأطلق عليه لقب "الشيخ رجب".
التحق رجب طيب اوردغان بمدرسة الإمام خطيب الدينية وواصل دراسته حتى تخرج في الثانوية بتفوق انتظم للدراسة بكلية التجارة والاقتصاد في جامعة مرمرة باسطنبول .
والسيد اوردغان يعد بحق نموذجا للقيادة الواعية واحد ابرز الإسلاميين الحركيين الفاعلين والمستنيرين علي الساحة الدولية . وقد قال
ردا على مذبحة أسطول الحرية:( قد تكون صداقتنا قوية وأيضا عداوتنا كذلك قوية) وقال : (لن ندير ظهورنا لغزة) لقد أطلق عددا من الكلمات أشد من الرصاص الذي صبه إسرائيل من قبل علي غزة وأمطروا به جنودها أجساد من كانوا علي ظهر الجميلة مرمرة هزت كلماته شعوب العالم، وأسمعت من به صمم وخرجت الآلام الحمراء في مختلف بلاد العالم لتشيد بشجاعته وجرأته، لأنهم لم ينسوا ما قاله في القمة العربية في سرت بليبيا عندما أسمع العالم لغة جديدة: (نحن نريد في هذه (نحن نريد في هذه المرحلة رؤية نهاية الطريق، وليس خارطة الطريق فالقدس هي قرة عين جميع العالم الإسلامي). "... و إن احتراق القدس يعني احتراق فلسطين، وبالتالي الشرق الأوسط برمته ولا يمكن تسوية المشكلة في ظل الاعتداءات "الإسرائيلية. وأضاف : (تعالوا لنحطم الأحكام المسبقة ونعدل الصور والأفكار الخاطئة المتعلقة بنا.. تعالوا لنؤسس معا مستقبلا يؤسس بين الحضارات، وليس فيه صراع بين الحضارات، وبهذا المنظور لا أحد يستطيع الزج( بالإسلاموفوبيا ) بالعالم الإسلامي.. من يتهمنا بذلك يرتبكون جرائم إنسانية.) هذه الكلمات القوية لم يجرؤ أحد من القادة العرب والمسلمين التفوه بها ، وهو ما جعل شعوبنا من المحيط الي الخليج تري في الرجل صلاح الدين الأيوبي الجديد القادم من جبال الأناضول لتحرير فلسطين السليبة ، ولذلك فان موقفنا المتخاذل من قضية شعبنا الفلسطيني تستحق منا توقفا ومراجعة للنفس ، اذا لا يعقل أن ننتظر من الا وربين والأتراك أن يحرروا القدس من أيدي الصهاينة ونحن نعجز حتي عن صياغة بيانات شجب وأدانه لأفعال المحتل الصهيوني ، ويجتمع قادة الأمة العربية بعد فوات الأوان ثم لا يصدرون سوي بيان باهت كوجوههم ،يقدم الهدايا والجوائز للصهاينة نظير قتلهم لأهل غزة وكل من يحاول التعاطف والتضامن مع قضيتهم ، لماذا لا تسير كل دولة عربية سفينة مثل مرمرة تحمل فيها شبابنا العاطل ليجدوا وظائف تقودهم الي الجنة طالما لم يجدوا في أوطانهم عيشا كريما ،لماذا لا يمول المقتدرون وأثرياء الأمة سفن دعاة الحرية من الغربيين وغيرهم لكسر الحصار ، كيف يتسني لأولئك المتخمون السمان وضع أموالهم في البنوك الخارجية ويبخلون بها علي الجوعي من بني جلدتهم لتكوي بها جباهم وجنوبهم يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من أتي الله بقلب سليم ، وكيف يقابل هؤلاء الله بقلوب سليمة وهم لا يحسون بمعاناة أهل غزة ، وانينيهم تحت سياط جلاديهم من الصهاينة البغاة ؟ وأذكر ان الامام الخميني عليه الرحمة قال ذات يوم لو حمل كل مسلم علبة ماء صغيرة بحجم علبة الصلصة لأغرقنا إسرائيل، لكن أين تلك الأيادي التي تحمل علب الصلصة ؟ للأسف صارت أيادينا ترتجف وترتعب خوفا من بطش الصهاينة ،وصارت لا تجيد حتي رفع الدعاء الي عنان السماء بأن يزيل ما بنا من غمة .لكن مهما يكن من أمر فلابد من توجيه التحية لتركيا وقيادتها الواعية الشجاعة والخزي والعار لقادتنا ،ويبدو ان شعوبنا أصابها ما أصاب حكامها ولا يغير الله ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم . فلن يردع خوفنا وهواننا إسرائيل ويثنيها عن مجازرها ولن يساوي عندها كل العرب والمسلمين جلعاد شاليت ،لكنها تري في اوردغان وبلده أمة جديدة قد ولدت وربما تؤدي الي نهايتها باذن الله .

احفظوها بالعدل والإحسان يرحمكم الله


احفظوها بالعدل والإحسان يرحمكم الله :
بقلم: سليم عثمان
كاتب وصحافي سوداني مقيم فى قطر
اكثر من مائة وخمسون الف شخصا يتهددهم الجوع فى شرقنا الحبيب حسب افادة أحد ابناء الإقليم ،الخبر تصدر العيد من نشرات الفضائيات والصحف العربية، والسبب فى ما ال اليه حال أهلنا فى الشرق هو أهمال الحكومة لمواطنيها فى كل مكان وهناك سبب ثانوي يتمثل فى شجرة المسكيت التى أفسدت المساحات الزراعية بتغول جزورها على التربة هناك،وهذه شهادة بأن حكومتنا فشلت بجدارة فى محاربة الفقر تماما كعجزها عن محاربة الجهل والمرض ،فلا أحد يستطيع القول أنها أفلحت فى تطوير حال التعليم ولا محاصرة الأمراض ،فعندما تهمل الحكومة المعلم رأس الرمح فى العملية التعليمية وحينما تفشل فى تحديث مناهج التعليم وحينما يصبح المعلم مهموما بلقمة عيشه والأطباء فى اضرابات مستمرة يصبح الفقر والجوع سمة ملازمة للمواطن فى كل مكان،المهددون بشبح المجاعة فى السودان اعدادهم كثيرة،لكنهم لايسألون الناس الحافا ولا يبلغون وسائل الاعلام بحالهم ،ولا أحسب أن عمرا(الرئيس البشير) يمر ليلا فى احياء العاصمة النائية ليسمع بكاء الاطفال الصغار الجوعي وهدهدة أمهاتهم لهم حتى يناموا على لحوم بطونهم، ولا الشيوخ الذين يتألمون من حمي تسهرهم الليالي الطوال لأننا لسنا فى صدر الاسلام الأول، ولا نعيش فى مدينة افلاطون الفاضلة، بل فى ما يسمي بدولة التوجه الحضاري ،يشعر المرء بالخجل حينما تتصدر اخبار المجاعة فى بلده وسائل الاعلام العالمية ،لأنه لا يعقل ان يصاب قلة بالتخمة، فى دولة التوجه الحضاري ، بينما يتضور كثيرون جوعا ،وينهك قواهم المرض، ويشقيهم العوز، وسعادة وزير زراعتنا الاتحادي يجلس ليتمرجح فى كرسي الزميل الطاهر حسن التوم، الذى أتي به الى برنامجه كي يدفع الرجل التهمة عن نفسه ،وأنه لم ينشغل بمصالحه ومصالح اخوانه الذين لم يعمل منهم سواه فى الحكومة كما قال:وينسي هموم وأوجاع اكثر من أربعين مليون اذا طرحنا بضعة ملايين منهم،راحو يجربون حظهم فى دولة الجنوب الجديدة بل أن ضاق السودان الكبير بهم، الوزير المتعافي عافانا الله من حيله هو المسئول عن تطبيق شعار( نأكل مما نزرع)يقول ببساطة أنه يفهم الدستور أكثر من الزميلين الطاهر ساتي والمكاشفي وغيرهما ،وبالتالي فهو لا يخلط ولا يجمع بين العمل الوزاري العام والتجارة والأعمال الخاصة ،ببساطة الرجل يشارك مع اخوته فى زراعتهم وليس ذلك عيبا ولا يمنعه الدستور، وهو كل عام يقدم اقرارا بوضعه المالي للحكومة ،ومجلس الوزراء نفسه ،يعلم كل شئ عن هذا الموضوع ،لذا فالكلام عن استفادته من منصبه ،لا يسنده دليل قانوني، والمال العام كما قال الرجل محروس بالسلطة الرابعة وبقانون الثراء الحرام ، ومن أين لك هذا شغال ، و وخلط الرجل للعمل العام والخاص ،إنما حديث طائش من بعض ممتهني الكتابة ،هم لا يتحرون البتةعن معلوماتهم ،ويتهمون الرجل زورا وبهتانا والرجل برئ ويريد ان يقدم للبلد نموزجا رائعا ، فى الادارة المحترفة الناجحة ، ومن خلال ادارة محترفة لمزرعة اخوانه يمكن أن يفيد مزارعي السودان جميعا ولاأدري لماذا يعجز عن تقديم نموزج فى وزارته الكبيرة بدلا من مزرعة اخوانه واللهم لا حسد ،و يؤكد الرجل انه لا يشتري من الوزارة التى هو على رأسها، ولا يكلف موظفيها بمتابعة شئون زراعته ،وحتى يفهما ويعلمنا الرجل، ذو الصلعة اللامعة والابتسامة الساحرة،وربطة العنق الانيقة ،واللحية المشذبة بعناية(الرجل من قيادات الحركة الاسلامية جناح المؤتمر الوطني) قال الرجل للزميل الطاهر،هب ان لاخوانك مزرعة فى القرية وطلبوا منك المساهمة بمالك فى تطويرها ،هل هذا ممنوع أو عيب؟ الطاهر كان مؤدبا أكثر من اللزوم فى طرح اسئلته على الوزير الهمام ،وهذا من شأنه أن ينثر شيئا من الغبار على برنامجه الرائع،نعم ربما ليس للاخ الطاهر أى دليل يدين الرجل ، ولكنه ينقل أحاديث المجالس ،ولكن النار من مستصغر الشر، فحينما يكثر الحديث عن شخص ما فى منصب عام ،لابد ان يكون هناك شيئ، لذلك ديننا الحنيف نفسه يدعونا عن البعد عن مواطن الشبهات حتى لا نقع فى الحرام،وأعجبني قول الوزير حينما قال:أن نثر المبيدات فى أوسع مساحة والاستفادة من 50%منها أفضل وسيلة للتخلص منها (ببساطة من اثاروا الموضوع لايفهمون فى البيئة ولا الكيمياء ولا حتى فى الاقتصاد )بينما صاحبنا يفهم فى الزراعة والطب والتجارة وهلم جرا ،ووصف الرجل من تحدثوا عن الموضوع انهم جهلة ،فكان الاحري ان يذهبوا لعلماء ومختصون لمعرفة كيفية التعامل معها وأنا مع الوزير فى ضرورة التحري الدقيق، وهى مشكلة بالفعل تعاني منها صحافتنا السودانية ،فاكثر فن من فنون التحرير يغيب عن صحفنا كلها هو فن التحقيق الصحفي، فالناس يطرحون قضايا تثير الرأى العام ولكنهم لا يحيطون بكل أبعادها يتحدثون عن الفساد ولا يحيطون بمصادره ودواعيه، لكن رغم ذلك أنا شخصيا أري فى وزير زراعتنا رجلا ضل طريقه من مهنة الطب أو التجارة الى هذه الوزارة المهمة التى لم تقدرها الانقاذ حق قدرها فجيش المهندسين الزراعيين الذين لفظتهم جامعاتنا خير دليل على فشل الوزير ومن سبقوه واهتمام الوزير بمزرعة إخوانه على حساب مزراع الشعب السوداني ،خير دليل على فشل هذا الوزير لكن ماذا عسانا ان نقول فى حق حكومة التوجه الحضاري التى تكرم كل من تحوم حوله الشبهات ،بمنصب أرفع والادلة كثيرة حتى أننا لم نر الا وجوها كالحة مسودة منذ اكثر من عشرين عاما ،ولو سألتهم لماذا لاجابوك أن حواء السودان لم تلد الا هؤلاء، وأنهم أقوياء أمناء ووضعوا جميعا فى أماكنهم المناسبة ،ولا أحسب أن وزير الزراعة سوف يتقدم باستقالته، حتى لو جاع كل أهل السودان لككنا نرجو من رئيس الجمهورية أن يقيله منعا للقيل والقال،وأن يأتي باخر لايكون همه الا تطبيق شعار( نأكل من بعض ما نزرع) وليت السيد رئيس الجمهورية الذى أحاط نفسه بعدد من المستشارين يقرأ ما كتبه أبن حبيب الحلي فى كتابه الموسوم ب(نسيم الصبا فى باب العدل والاحسان) ليعلم الاسباب التى دعت نفرا من أهل السودان لتشكيل تنظيم باسم العدل والمساواة غض النظر عن إتفاقنا وإختلافنا مع فلسفتها ورؤاها.وبالعدل وحده تحفظون فخامتكم دولة التوجه الحضاري:
يقول أبن حبيب:
إن الله يأمر بالعدل والإحسان، فبادر إلى امتثال الأمر أيها الإنسان، وانشر أعلام الإنصاف، واتصف بمحاسن الأوصاف، وارفق بالرعية، وأكثر من البر إلى البرية، وابسط رداء المعدلة، وساو بين الخصوم في المنزلة، واسمح بجبرك وخيرك، ولا تظلم الناس لغيرك.
واعلم أن العدل حارس الملك، ومدبر فلك الفلك، وغيث البلاد، وغوث العباد، وخصب الزمان، ومظنة الأمان. وكبت الحاسد، وصلاح الفاسد، وملجأ الحائر ومرشد السائر، وناصر المظلوم ومجيب السائل والمحروم. به تطمئن القلوب، وتنجلي غياهب الكروب، ويرغم أنف الشيطان، وترتفع به قواعد السلطان. عليه مدار السياسة، وهو مغن عن النجدة والحماسة:
عن العدل لا تعدل وكن متيقظاً ... وحكمك بين الناس فعليك بالقسط
وبالرفق عاملهم وأحسن إليهم ... ولا تبدلن وجه الرضا منك بالسخط
وحل بدر الحق جيد نظامهم ... وراقب إله الخلق في الحل والربط
وإياك والظلم فإنه ظلمة، وداع إلى تغيير النعمة وتعجيل النقمة. يقرب المحن ويسبب الإحن، ويخلي الديار، ويمحق الأعمار، ويعفي الآثار، ويوجب المثوى في النار، وينقص العدد، ويسرع يتم الولد، ويذهب المال، ويتعب البال، ويجلب العقاب، ويضرب الرقاب، ويقص الجناح، ويخص بالإثم والجناح، والمظلوم أنفاسه متعلقة بالسحاب، ودعوته ليس بينها وبين الله حجاب:
كن منصفاً واسلك سبيل التقى ... فالبغي ليل جنحه مظلم
واجتنب الظلم ولا تأته ... والله لا يفلح من يظلم
وأيقظ عيون حزمك وشيد مباني عزمك، واحتم بالاحتمال، فهو أنصر لك من الرجال. وزين مجلسك بألمعيتك، وسس نفسك قبل رعيتك وامزج الرغبة بالرهبة، وارع لأوليائك حقوق الصحبة، وادفع بالتي هي أحسن، وأت من المعروف بما أمكن:
واصنع جميلاً ما استطعت فإنه ... لا بد أن تتحدث السمار
وتجاوز عن الهفوات، وادرأ الحدود بالشبهات. وأنجز الوعد وأخلف الوعيد، وقيد لفظك فلديك رقيب عتيد، وتفكر في العواقب، والحظ الأخرى بعين المراقب:
من لم يفكر في العواقب ناظراً ... فيما يؤول إليه آخر أمره
خسرت تجارته وضل عن الهوى ... ورأى مساعيه بطرف أمره
وعليك بالحلم فإنه معدن السرور، وعقال الفتن والشرور. يبلغك من المجد قاصيته، وتملك به من الحمد ناصيته. مطية وطية وعطية يالها من عطية، وخصلة محمودة، وشيمة ألويتها بالسعد معقودة. يسهل الأمور، ويقي كل محذور. همة صاحبه علية، ومرآة متعاطية جلية. لا يظهر إلا عن صدر سليم:
قابلت بالإحسان من ساءني ... ميلاً لتحصيل الثناء المقيم
وقمت بالواجب من شكره ... إذ عرف الناس بأني حليم
واعف عمن ظلمك، وصل رحمك، وارحم حرمك، وأطف بالأناة جمر الغضب، واحذر من غاسق الغيظ إذا وقب، وصن عرضك عن الأدناس، وادخل في زمرة العافين عن الناس، فهم أهل الفضل يوم القيامة، والمتقلدون بكرم الكرامة، يرفلون في أثواب الثواب، ويدخلون الجنة بغير حساب. ولا تعج عن سنن السنن، وراقب الله في السر والعلن، واتبع في الإحسان طريق من أفلح به المؤمنون، والزم التقوى: " إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.
الإحسان الى والمساكين .
من أدخل السرور على أي انسان أحس بذلك السرور في قلبه ، ومن أشبع جائعا احس بالشبع ، ومن أروى عطشانا إرتوى من غير رشف المياه ، إنها سلوكيات تجلب السعادة ، ومعاملات تدخل السرور ، من عاش للناس عاش سعيدا ، ومن عاش لنفسه عاش كئيبا(فكم فى السودان فخامة الرئيس من فقراء وجوعي وعطشي فهل تعيش سعادتك لهؤلاء جميعا أم لقلة من أخوانك ،احفظوها بالعدل والاحسان تدوم.(

الحب فى زمن أنفلونزا الخنازير


الحب فى زمن أنفلونزا الخنازير
بقلم سليم عثمان
كاتب وصحافي سوداني مقيم فى الدوحة
سليم عثمان
عنوان مقالنا هذا ،مقتبس من رواية الأديب العالمي الحائز على جائزة نوبل للآداب ،جابرييل غارسيا ماركيز (الحب فى زمن الكوليرا )التى صدرت عام 1985،وتروى أحداثها ،قصة رجل و امرأة منذ المراهقة ، وحتى بلوغهما سن السبعين ،وما دار حولهما فى منطقة الكاريبي من حروب أهلية وتغيرات مختلفة منذ نهاية القرن التاسع عشر، وحتى بدايات القرن العشرين ،والرواية كتبت بأسلوب فريد، وبعبارات قصيرة جزلة عميقة، لا يجيد مثلها سوى أمثال ماركيز، والطيب صالح ،ولأن معظم أحداث الرواية حزينة وكتبت فى وسط حزين، فقد أضاف إليها الكاتب .فى زمن الكوليرا .
قد يعاتبى معاتب بقوله :أهذا وقت للكلام عن الحب ؟سواء كان فى زمن الكوليرا أو أنفلونزا الخنازير أو أنفلونزا الحمير، أعزكم الله أو حتى جنون البقر . ،وربما الكلام عن الحب يقودنا إلى الجنس الآخر ،فيجرح مشاعر البعض من قراء هذا الموقع الرائع ،فأرد بسؤال من عندي،فهل يجوز الكلام عن الحب فى كل أشهر الله الحرم وغيرها ونحرمه فى شهر بعينه ؟ او يوم ، أو ساعة من زمان ، الكلام عن الحب يحلو وقت السحر وعند المطر وفى فصل الربيع والخريف وفى المساءات الجميلة والصباحات الندية، على كل لم اسمع فتوى تحرم الحديث عن الحب فى وقت من الأوقات ، . ودونكم أكثر من ألف فضائية عربية تفتتح برامجها [باسم الحب وتختمها بذات الكلمة (مسلسلات وأفلام ).. .فى رمضان وفى غيره فمن الطبيعي ان نمتلئ بالأحمر الوهاج ومن البنفسج الفواح نملا الرئتين لتطير فى أعين من تتعلق قلوبنا بهم آلاف والنوارس البيضاء وملايين الغيمات الصغيرة فراشات ملونة زاهية ، لنعبر بها عن بعض وجد،ونرشف من كؤوس الحب حتى إذا ثملنا عدنا الى رشدنا ،نؤدي صلواتنا ونحن سكارى بحب الرحمن، ولأن خطر الإصابة بفيروس أنفلونزا الخنازير فى منطقتنا العربية أصبح محدودا ،فلا بأس أن نحب فى مواسمه وفى غير مواسمه حتى لا نختنق ،لكل الحق فى أن يحب ويعشق من يشاء وكيف شاء ومتى شاء ، ينبغي أن نعطي دون من او أذي لمن نحب ، لا ننظر جزاء ولا شكورا ، .
.. إلا أننا نؤمن أيضا بأن الحذر لا ينجى من القدر ، وأنا لاندرى ماذا نكسب غدا ولا تدرى نفوسنا بأى أرض تموت ، . .
وعودا إلى موضوع الحب فأنه يقع فى كل المواسم ،سواء كانت مواسم ربيع أو مطر ،أو أوبئة أو حتى (كتاحة ) والكتاحة عند السودانيين تعنى الأتربة والغبار الكثيف، فنقول طالما ليست هناك فتوى تحرم الكلام فى موضوع الحب، وطالما الدنيا صيام وحر وطالما هناك من يفترشون الأرض ويلتحفون السماء بسبب أحزانهم المختلفة وبسبب بؤسهم . ،وطالما هناك من يقومون بحل الكلمات المتقاطعة فى الصحف فى نهار رمضان، وطالما هناك من يركبون الحافلات فى خطوط طويلة لا بأس من كلام خفيف عن الحب ،فأنى ابتداء أعلن حبي لكل هؤلاء وغيرهم، وأدعوهم إلى سياحة خفيفة ، لن تجرح مشاعرهم بإذن الله .لكن حب المرء لوالدته لا يضاهيه حب فى الحب ولأنها رحلت عن دنياي قبل عام وبضعة أشهر فإن الدنيا تسود فى عيني لأنها رحلت دون أن أودعها ،كان الموت أسرع الى أنفاسها الزكية الندية من وقع أقدامي وخطواتي نحوها ،وهكذا حال الدنيا تحرمنا من أحب الناس ألى نفوسنا فعليها وعلى سائر نساء المسلمين ورجالها ألف رحمة ونور،ولا ينبغي أن نخصص يوما للاحتفال بمن صيرت الجنات تحت أقدامهن بل يجب أن نجعل كل أيامنا أعيادا لهن وبعد ذلك نقصر فى حقهن كثيرا جدا .
ستظل أسطورة الحب ملهمة للأدباء والفنانين والمفكرين والفلاسفة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، وهناك شبه إجماع بين الناس كلهم تقريبا (لم اجري استطلاعا لمعرفة النسبة المئوية )على أن الإنسان يمكن أن يشترى كل شئ بماله وجبروته، الإ الحب ،فالأم لا تستطيع أن تجبر بنتها على حبها وكذلك الوالد ،ولا أي شاب يمكن أن يحمل فتاة على حبه ، لماذا ؟لان القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيفما يشاء ،والحب قدر وطوفان تصاب به القلوب العاشقة فقط !!فطه حسين مثلا يرى( أن الحب لا يسأم ولا يمل ولا يعرف الفتور ، ويدعو كل محب إلى أن يلح فى حبه حتى يظفر بمن يحب أو يفنى دونه) وفى صيغة مبالغة تصل حد الكفر ،يقول دانتى .(الحب يحرك الشمس والنجوم )ومعلوم أن الشمس والنجوم تتحرك بأمر ربها ،أما العقاد فيصف الحب بقوله (انك لا تختار حين تحب ولا تحب حين تختار، وإننا مع القضاء والقدر حين نولد، وحين نحب، وحين نموت ) .أما محمود تيمور فيرى ضرورة ان يملأ الحب حياتنا وانه الروح الدافعة للإنسان للعمل المبدع الخلاق ،فإذا انعدمت هذه الروح فقدت الحياة أهميتها ، أترى أن كسلنا نحن معشر السودانيين يعود إلى أننا لا نعرف قيمة الحب ؟ذلك أن الحب ليس مقصورا على حب شاب لفتاة معينة أو رجل لأمراه ، بل يشمل حب الأم لأبنائها وهذا شئ فطرى وحب الأخ لأخيه والصديق لصديقة والموظف لمديره وكل فرد على وجه البسيطة للآخر وغيره من أنواع الحب ،وأسمى تلك الأنواع هو حب الله ورسوله (أظن أنني لم أجرح صيامكم حتى الآن،ولم أجعلكم تقولون ، اللهم أنى صائم ) لكن قولوها على كل حال .
إذن فالحب عاطفة سحرية يقع فى دوامتها العشاق ،حيث وصفه شوقي (الحياة الحب والحب الحياة ) ووصفه سقراط (بأنه شوق النفس الإنسانية الملح إلى الجمال الإلهي) ، والمحب لا يشتاق إلى التماس الجمال فحسب بل إلى إبداعه ونشره وزرع بذور الخلود فى الجسد الفاني ،وهذا ربما هو السر فى حب كل جنس للجنس الآخر ، والحب إذن هو أجمل مافى الحياة، ولولاه لما كان لهذه الحياة القصيرة الفانية مذاقها وحلاوتها ،وبالحب تغزل عمر ابن ابى ربيعة وسمي شاعر الغزل ،وعن الحب كتبت أجمل الروايات والقصص وأنتجت الأفلام فى أرجاء الكون، وفى كل يوم نسمع شابا أحب فتاة حتى الثمالة سرعان ما تفرقا ،لأننا دائما نتعجل الثمار لعدم معرفتنا بماهية الحب الحقيقي ،فكم منا أحب فتاة لشئ ما فيها ‘وعندما يذبل هذا الشئ يفتر الحب ،والحب الصادق هو من يلهمنا أدباء وشعراء وفنانين وعامة، لنكتب أعذب الأشعار ونعزف أجمل الألحان، ونرسم أبدع اللوحات ،بل نسوس الناس و الحياة كلها على قيم الخير والجمال والفضيلة ،فعلى سبيل المثال الحب هو من جعل طه حسين مبدعا وهو كفيف البصر، حتى ألف الأيام ودعاء الكروان ،لكن ذات الحب هو أيضا من أشقى قلوب العشاق فى الشرق والغرب ،خاصة الأدباء والفنانين منهم لأنها أشد حساسية ورقة وعذوبة من ملايين القلوب، وهو فى نفس الوقت القوة الدافعة التى تدفع هؤلاء الأدباء إلى أن يسجلوا آلامهم وأفراحهم، فى أعمال فنية بديعة ،هى كل عزائهم .وثروتهم، وقد تعذب العقاد كثيرا بقلبه وكانت له مع الأديبة اللبنانية الراحلة مي زيادة التى لعبت اخطر الأدوار فى مسيرته الأدبية، وأعطته من السعادة ما لم يكن يخطر له على بال، قصة حب مؤثرة وفيها قال : .
أعروس أحلامي وملهمتي معنى الحياة وفتنة السحر
كوني إذا ما شئت مفعمة حوريتي فى مقبل العمر
ويقول فى قصيدة أخرى بعنوان (إلى مي ..فى روما )
قبلتي يا مى فى ذاك الحمى أنت لا القبلة فى ذاك البناء
ورجائي اليوم فى مغربها وجهك الباسم لا وجه ذكاء
أرقب الليل إذا الليل سجا قلبا فيه على البعد لقاء
وأرود الشعر فى مثل الكرى فإذا فيه من القلب عزاء
أنت يا مى وهل أنت سوى حلم فى يقظة القلب أضاء
وتلقت مى هذه الأبيات وعبرت فى رسالة إلى العقاد عن هيامها وحبها له وختمتها بقولها ك(لقد أعجبتني أبياتك وأبكتنى )
وقد يقول قائل وما الحب الا للحبيب الأول ، فنقول إنه إن كان للأول أو الآخر ينبغى أن نسقيه ونرويه من مشاعرنا واحاسسينا ،ومن وقتنا وصبرنا وصدقنا، لكى تظل شعلته متقدة ولا تنطفئ أبدا ،وليس كل ما تعجب به بالضرورة حبيب،ولا تنتظر دائما اى عائد من الحب البشرى ،بل كن مثل الفراشة التى تحترق على ضوء المصابيح ، ..وكل عام وانتم بألف خير ونلتقيكم دائما على الخير والمحبة .

إن ملت المساءات المجئ

/بقلم : سليم عثمان
كاتب وصحافي سوداني مقيم فى الدوحة
مساءات الغربة دائما ما تمر مملة رتيبة ،غير إني شعرت بنوع من السعادة والمتعة وأنا أتابع تواشيح النهر الخالد،(بفضائية الشروق السودانية ) ذلك البرنامج الماتع الذى يقدمه زميلنا الاستاذ حسين خوجلي ،صاحب الألوان الصحيفة والالوان الوردية ،التى يبثها فى هذا الفضاء العكر،وحسين خوجلي كان ولا يزال من شباب الحركة الإسلامية النابهين والمبدعين،ومؤكد أنه لا يقف الى جانب التيار الحاكم من الاسلاميين فى السودان بعد المفاصلة الشهيرة ، لكنه بكل تأكيد أحد تلامذة الدكتور الترابي ،الذى تمعنوا جيدا فى تلك الرسالة الصغيرة ،التى صاغها الشيخ الترابي حول الدين والفن، وهو الذى أستشهد شقيقه عبد الإله خوجلي، ذات يوم من أجل تسود قيم (الخير والجمال والفضيلة ) التى جعلها حسين خوجلي شعارا لصحيفته ،التى كنت أحزن كثيرا فى ثمانينات القرن الماضي ،حين كانت تنفد نسخها فى مكتبة الأفندي بدنقلا، كنا وقتها طلابا بمدرسة دنقلا الثانوية ،وكنت شخصيا أستمتع بمقالات حسين خوجلي الأنيقة فى مضمونها ولغتها وسبكها ،فهو كما يعلم الكل صاحب عبارة شفيفة رقيقة، طلية ندية بهية ،بل كنت أعتبرها الأبهي والأجمل،من كل تلك الورود التى كان ينثرها ثلة من الزملاء ،وهو من جعل مجموعة (حلمنتيش )مجموعة لامعة ، وفى العهد الحزبي كانت الوان أكثر خطرا على الاحزاب وقادتها ،خاصة السيد الإمام الصادق المهدي، زعيم حزب الأمة القومي، والسيد محمد عثمان الميرغني، زعيم الحزب الإتحادي الديمقراطي، والسادة رئيس وأعضاء مجلس السيادة، وكان لحزب البعث جناح العراق نصيب وافر من تصيد الصحيفة وكتابها ورسامو الكاركاتير فيها كما كان لبقية السياسيين الذين يخالفون الجبهة الإسلامية القومية أيضا نصيبهم من النقد الجارح ، كانوا يتعرضون لنقد لاذع ،وممنهج من قبل الصحيفة ، وكانت تتجاوز الحدود أحيانا ، لكني كنت أجد فى مقالات الأستاذ حسين السياسية ،كثيرا من شذرات الأدب، والحكمة والبلاغة، فللرجل مقدرة على تطويع الكلمات وتلوينها ،حتى تكتسب صدقية، وحميمية لدي القارئ،وربما يعود ذلك الى الثقافة الموسوعية التى يتمع بها الرجل ، وإهتمامه بالأدب بذات القدر الذى يهتم به بالسياسة، والفن والفلسفة والتراث ،حتى اختيار إسم ألوان الصحيفة، يدل على أن الرجل مولع بالالوان كلها ،بذات أناقة لغته ورصانتها ونداوتها وطلاوتها .
دخل حسين خوجلي مجال التقديم التلفزيوني،ليس بوسامة وجه وضيئ صبوح، فحسب ،حيث دائما ما يبحث التلفزيون عن صاحبات الوجوه الجميلة ،وأيضا أصحاب الوجوه الجميلة من الرجال، وإن لم يكن هذا شرطا لنجاح الإعلامي ،حيث معايير النجاح اليوم فى الحضوروالثقافة والنباهة ،وحسن الاعداد والطرح الى اخره، بل أقتحم ود الشرفة أستديوهات التلفزيون، بكل ذلك وأكثر،وحسين خوجلي حينما دخل استديوهات تلفزيون السودان ببرنامجه التوثيقي المميز(أيام لها أيقاع)أضاف الكثير للتلفزيون، الذى كان ولا زال يقدم برنامجا توثيقيا عتيدا اخر، هو برنامج (أسماء فى حياتنا ) الذى يقدمه زميلنا الأستاذ عمر الجزلي، متعهما الله بالصحة والعافية ووفقهما فى التوثيق للشخصيات السودانية والتراث والفن والسياسة والرياضة.
وعودا الى تواشيح نهر حسين الخالد،وتحديدا الى ذلكم البرنامج الذى تم الأحتفاء من خلاله بالفنان الكبير الذى يقاسي مثلنا ويلات الغربة ،ويصارع مساءاتها التى لاتجئ الا ثقيلة على النفس (الفنان الطيب عبد الله) والذى تغني له فى تلك الحلقة وبذات الصوت الشجي الطروب، الفنان الشاب فيصل عبد اللطيف (الصحافة) عددا من الأغنيات ،التى كتبها عدد من شعراء السودان الفحول، فكانت تلك الأمسية الندية ، ليست ككل امسياتنا الحزينة، فى ليالي الغربة، بل كانت أمسية مختلفة ،تعطرت فيها أرواحنا ،حينما عانقت وهزت نخلة، تلك الكلمات الأنيقة الرقيقة ،وإبتساماتها الحزينة، وعذاباتنا وشجوننا فى الغربة ،حتى أوقدت وتوقدت أفراحا وردية ،فكانت تلك الليلة أقرب من حلم، وأبعد من واقع ،حينما ناشد الأخ حسين خوجلي، ذلك البلبل والنورس المهاجر ، الأستاذ الطيب عبد الله ،بأوبة وعودة حميدة ،الى تراب الوطن، ليضمخه ويعطره ،من أنفاس الحانه، ويستبيح من جديد أغوار أنفسنا ،ووهادها ويسكنها للأبد، ليبني له أهل السودان جميعا عرشا من محبة، وود رحب كريم .
كم يملأنا البكاء فى ليالي الغربة ، وكم يضنينا البعد،رغم أن وسائل الإتصال قربت المسافات وألغت الحدود،لكن أن يمشي المرء فوق ثري الوطن الذى تربي فى كنفهوأستنشقت رئتيه غباره ونسيمه وشذاه ،لا يمكن أن تعوضه مجرد كلمات والحان وأخيلة مهما كانت ندية بهية ما يفقده ببعده عن الوطن،فالشديد القوى هو من يمنع الطيب عبد الله وغيره من طيورنا ونوارسنا الجميلة المهاجرة من العودة،ولعل حسينا يعلم علم اليقين أن دولة التوجه الحضاري التى ساندها ردحا من الزمن لم تعد تهتم بتلك الطيور المغردة خارج الوطن وقد تلتفت اليهم بعد انفصال الجنوب الشهر القادم فقط لتسنزف ما بجيوبهم.
كم تذبح أرواحنا حينما يأتيها صوت من حضن غيمة باردة الجوانح شرود ،لاتهطل لتروي ظمأ الروح ،يا للملكوت الذى يشيده البكاء، يا برحة حين يستوى فيحجب القدرة ، نعم لقد عطر حسين خوجلي مساءات المغتربين، كما عطر مساءات الشرفة والوطن، فكم ممن تابعوا تلك الحلقة لم تخفق جوانحهم ،حينما تغني فيصل عبد اللطيف بحنجرة تشبه حنجرة الطيب عبد الله ،بتلك الكلمات التى تقول:
أيوحشني الزمان و أنت أنسي ؟
ويظلم لي النهار و أنت شمسي.
و أغرس في محبتك الأماني .
وأجني الشوك من ثمرات غرسي .
لقد جازيت غدرا عن وفائي .
وبعت مودتي ظلما ببخس .
ولو أن الزمان أطاع حكمي .
فديّتك من مكارهه بنفسي.
كلمات حركت فى النفس شجنها ،وذكرتني بأمسية حالمة ،عانق فيها سمعى أوتار عود خضيب أخضرلقامة، رحلت عنا وظلت أغنياته حبية الى نفسي، ذلكم هو الفنان الراحل عبد العزيز محمد داوود ،فى تلك الأمسية كنت برفقة قاض،متوجهين من مروي الى الغابة ، كان هذا الأمر فى بداية الثمانينات ،تحركت السيارة رويدا رويدا وهى تقطع الفيافي والقفار،بأتجاه مصب النهر الخالد، لتتوشح الروح سحر الكلمات، التى كانت تصدح بها حنجرة أبو داوود الذهبية من جهاز التسجيل الخاص بالسيارة(الكروزر)
عادنى الوجد الى ليلى وكأسى المترع.
وسعير الحب يشقينى ويشقى مضجعى.
ولهيب الشوق يدعونى فهل أنت معى.
ثم تعقبها كلمات الرائع عبد المنعم عبد الحي:
يا نديماً عبَّ من كأْس الصَّبا
ومضَى يمشى الهُوَيْنا طرباً
لم أكن أنا ولا القاضي وربما سائق العربة ممن يتعاطون الخمر،لكننا جميعا كنا غارقون فى ذلك الكوثر نغرف من درر أبى داوود ، ثم رائعة حسين بازرعة
قل لي بربِّك كيف تنسَى الموعدا؟
والليلُ احلاٌم وشوقٌ غردا
والجدولُ الهيمانُ حولنا عَرْبدا
كانتْ ذراعاكَ لرأْسى مَرْقَدَا
عَجَباً.. أََتنساها وتَنْسَى المشهدَا ؟
ويترنم بعوده للشاعر عمر البنا
يا زهرة الروض الظليـــل
جانى طيبِك مع النسيـــم العليلْ
زاد وجدِي ونوم عينى أصبح قليل ْ
الله عليك يا ابوداوود ،أنت فناني الأول ولا شك،أذكر أن أيام وفاتك كانت متزامنة مع زيارة للرئيس الأسبق الراحل جعفر محمد نميري الى مقام الشيخ العرف بالله المغفور له حسن محمد نور بجه(والد الشيخ الراحل ومقري القران باذاعة امدرمان محمد نور حسن)كان نميرى ذات صباح فى زيارة الى ذلك الشيخ فى قرية الترعة بالضفة الشرقيه للنهر الخالد نهر النيل قبالة قريتي الصغيرة(شهدي بالزورات) كنت قد سمعت نعيا للفنان ابوداوود فى الاذاعة وانا بعد صغيرثم ذهبت مع رفاقي الى شاطئ النهر ننتظر حضور الرئيس من دنقلا عبر النهر وإذا به يفاجئنا ويصل برا لموقع الاحتفال ،كعادته دائما يرحمه الله فى التمويه،ومنذ ذلك الحين وأبوداوود فى خلدي ثم توثقت صلتي بأغاني الرجلبعد رحلة مروي التى استمعت خلالها لمعظم اغانيه مرارا .وليس المقام هنا للتحدث عن هذا العملاق بل عن عملاق اخر اتحفنا حسين خوجلي بالحانه الخالدة الفنان الطيب عبد الله .
ليت أني ما أستنهضت هذا النهر الهادر ،وليتني ما حدثت غيمة حسين خوجلي الزائرة لمواسمنا اللاهبة الحزينة فى تلك الليلة ،مالفرح أذا لم تملأ نفوسنا فى غربتها بهجة وحشية؟ مالفرح إذا لم يسكنها نور روحاني ،ما قيمة المال الذى يملأ الجيوب(أين هو) بينما منشار الغربة يقطع أوراق العمر اليانعة،بعيدا عن الأهل والخلان والأحباب ، نعم سعير الحب يشقينا فى غربتنا ،ويقض مضاجعنا ،ولهيب الشوق يدعونا الى الوطن، لكن هل نستطيع تلبية النداء؟ وهل يلبي الفنان الطيب عبد الله دعوة أخى حسين وهل غيرهم من الفنانين والشعراء والاطباء والمهندسون ورجال القلم يستطيعون العودة ؟؟ سؤال كبير لا نجد له إجابة ،هل يستمع الطيب عبد الله لمناشدة حسين خوجلي الرمضانية فيعود الى أرض الوطن ؟بارك الله فيك أخى حسين فقد اطلقت من خلال تلك الأمسية الحالمة عصافير مجنحة، محومة راقصة ،وغناء وفراش يلذ له الإغماء ،على شفاهنا وأرواحنا ،وحين يغازل مد الغربة الموجع عواطفنا، تجدنا أخى حسين، عاجزين عن الانفكاك من قيود الغربة ،حيث الاولاد وحيث الظن بأننا لو عدنا الى البلد لمتنا جوعا، لكن ما أقسي جوع وعطش الروح،وحين يغازل أخى حسين هذا المد الموجع وينداح ليغمر الروح ويزيدها بؤسا لا نجد سوى الكلمات ، الصماء الخرساء الباردة والمعلبة، لنعبر بها عما يعترى نفوسنا من ضياع ، نحاول الهروب الى شواطئ نهرك الخالد ،فلا نستطيع الوصول ، تتقاذفنا أمواج النهر الخالد فى موسم الإخصاب والدميرة فنغرق فى هموم الغربة وتفاصيلها ومشكلاتها الصغيرة والمعقدة، فى غربتنا أخى حسين حيث البحث عن المال لا نحصد الا الوهم، فيتساءل كل منا ،ما معني ان نحلم بالاماسي التى لم نروها ونشبعها ؟ولا نملك الصحو حتى يهدينا حفنة من ضوء ،من بهجة أيامنا الفائتة الايام الخوالي تلك التى تغني لها الفنان الرائع الطيب عبد الله .
ايامي الخوالي شفت الوحشة فيها
خاليه رتيبة تمشي والليلات شبيه
تطفئ شموع شبابي تذهب ما عليها
لكن كل تلك الأيام الخوالي مصيرها الى زوال، وكل طير مسافر هجر الأهل سيعود يوم،ا فالغريب عن وطنه مهما طال غيابه مصيره تاني يرجع لأهله وصحابه
يا فتاتى..ما للهوى بلد
كل قلب فى الحب يبترد
وأنا ما خلقت فى وطن
فى حماه الحب مضطهد
فلماذا أراك ثائرة
وعلام السباب يضطرد
الأن السواد يغمرنى
ليس لى فيه يا فتاة يد
أغريب ان تعلمى
لى ديار ولى بلد
لى دنياي مثلما لهمو
لى ماض وحاضر وغد
أى ذنب جنيت فاندلعت
ثورة منك خانها الجلد
الوداع الوداع قاتلتى
ها أنا عن حماك أبتعد
سوف تنأى خطاي عن بلد
حجر قلب حوائه صلد
وسأكتم الجراح فى كبدى
غائرات ما لها عدد
نعم كل من أحب مال الغربة ونساء وبهرج الغربة، لابد أن يعود ،ذلك أن
للأوطان فى دم كل حر يد سلفت ودين مستحق،وكما قال شوقي
وطني لو شغلت بالخلد عنه نازعتني اليه فى الخلد نفسي
تحية وسلاما للأستاذ حسين خوجلي ولنهره المتوشح بالورود.

زرت المقابر وتحدثت الى الموتى

.بقلم سليم عثمان
كاتب وصحافي سوداني مقيم في قطر

كنت في صغري أعبر مقابر القرية ليلا ،في وقت كان فيه الكبار يخافون مجرد الاقتراب منها بعد المغيب ،وكنت دائما أسير خلف نعوش موتي القرية الي مثواهم الأخير ولم يطبع كل ذلك في إحساسي مخافة القبر ،ولم أكن أستوعب حقيقة الموت ، ولا افهم ان هناك عذابا ينتظر الميت في قبره ،المهم أنني كنت شديد الافتخار بين أقراني بأني أستطيع الذهاب الي المقابر ليلا والصلاة مع الكبار علي الموتى ، وما كنت أدرك أن أعمارنا في هذه الفانية قصيرة جدا، كما قال رسولنا عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم (أعمار أمتي بين الستين والسبعين وقليل من يتجاوز ذلك ) لكن رغم ذلك رأيت أصدقاء دراسة في كافة المراحل رحلوا عنا في صمت الجبال الراسيات ،أذكر أن زميلا لنا في المرحلة الابتدائية (الصف الثاني ) في قريتي الزورات ،الم به مرض فلزم الفراش الأبيض في المستشفي ،وبعد أيام توفاه الله فذهب كل الصف الي المقابر ، والقي علي جثمانه المسجي النظرة الأخيرة ، ليلتها أصبت بأرق شديد وجافي النوم مآقي طويلا ، ذلك أن صديقنا هذا و كان يدعي بشير حمد كان قبل فترة وجيزة في كامل صحته وعافيته ، وكان جارا لي في الفصل ، وفجأة رحل عنا ، ولذلك لم يكن عقلي الصغير يستوعب رهبة الموت حينها كما هو الان ، ولم أكن اعلم ان هذه الدنيا فانية ، وأن أنفاسنا فيها محدودة ولا ندري ماذا نكسب غدا ولا بأي أرض نموت، وأن هذه الدنيا الي زوال ،ثم مات زميل آخر لنا في مدرسة جرادة المتوسطة كان يدعي صلاح محمد فقير ، كنا سويا في المدرسة مساء وبعد عودته الي البيت فاضت روحه الي بارئها ، فقيل انه توفي إثر سكتة قلبية ، حزنت أيما حزن علي رحيله ، فقد كان دمث الأخلاق طيب المعشر حلو اللسان ، كريم الخصال والسجايا ، وقبل سنوات أيضا غيب الموت صديق دراسة آخر كان عزيزا علي نفسي ، كان يدعي أمين يحي حاج الامين من ذات القرية (جرادة)،مات في حادث سير وهو عائد من مقر عمله ، حيث كان يعمل في سلك القضاء الجالس ، وقد أيقنت ان الموت لا يستثني صغيرا او كبيرا ، رجلا أو أمراة ،ولا يميز بين فقير أو غني أو أبيض او أسود ، الكل يذيقهم من كأسه المر ، يمضي الفرد منا الي عالم مجهول رغما عنه ، دون ان يقضي كل حاجاته أو يحقق آماله غير المحدودة علي وجه البسيطة ،يترك خلفه أعزاء يفجعه أن يفارقهم ،ويؤلمهم ان يغيب عن أنظارهم وقد عاش بينهم حينا من الدهر ،وصدق الشاعر كعب بن زهير حينما قال :
وكل أبن أنثي وإن طالت سلامته يوما علي اله حدباء محمول.
فإذا حملت الى القبور جنازة فاعلم بأنك بعدها محمول
وقال الشريف الرضي:
يسعي الفتي وخيول الموت تطلبه وإن نوى وقفة فالموت لا يقف
وآخر قال : دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثوان.
وقيل في الموت :
لا تركنن الى الدنيا و ما فيها فالموت لا شك يفنينا و يفنيها
وهاهو سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه يحثنا لنعمل للدار الآخرة ولا نركن الي الدنيا فيقول :
وأعمل لدار غدا رضوان خازنها والجار أحمد والرحمن ناشيها
النفس تبكي على الدنيا وقد علمت ان السلامة فيها ترك ما فيها
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها إلا الذي كان قبل الموت بانيها
فاِن بناها بخير طاب مسكنه وان بناها بشر خاب بانيها
أين الملوك التي كانت مسلطنة حتى سقاها بكأس الموت ساقيها
كم من مدائن في الآفاق قد بنيت أمست خرابا وأفنى الموت أهاليها
قال علماؤنا رحمة الله عليهم: أكثروا ذكر هادم اللذات الموت، كلام مختصر وجيز قد جمع التذكرة وأبلغ في الموعظة فإن من ذكر الموت حقيقة ذِكره، نغّص عليه لذته الحاضرة، ومنعه من تمنيها في المستقبل وزهّده فيما كان منها يؤمل، ولكن النفوس الراكدة، والقلوب الغافلة تحتاج إلى تطويل الوعاظ، وتزويق الألفاظ، وإلا ففي قوله عليه الصلاة والسلام: أكثروا ذكر هادم اللذات مع قوله تعالى: ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ) ما يكفي السامع له، ويشغل الناظر فيه
هذا العالم كما يقول الشهيد سيد قطب في كتابه( مشاهد يوم القيامة) بسيط كل البساطة ،موت وبعث ونعيم وعذاب فأما الذين امنوا وعملوا الصالحات فلهم الجنة بما فيها من نعيم ، وأما الذين كفروا وكذبوا بلقاء الله فلهم النار بما فيها من جحيم ولا فدية من العذاب ولا اختلال قيد شعرة في ميزان العدالة الدقيق حيث يقول الحق تبارك وتعالي : (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شر يره ) (يوم لا يجزي والد عن ولده ،ولامولود هو جاز عن والده شيئا ) .
تشغلنا الدنيا والركض خلف هموم الحياة عن حقيقة الموت وفلسفته ، يقول المولي عز وجل في محكم تنزيله (وجاءت سكرة الموت بالحق ،ذلك ما كنت منه تحيد ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد ، وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد ، لقد كنت في غفلة من هذا كشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ،وقال قرينه :هذا ما لدي عتيد القيا في جهنم كل كفار عنيد مناع للخير معتد مريب ، الذي جعل مع الله إلها أخر ، فالقياه في العذاب الشديد )
وكثيرون سبقونا الي قبورهم وقالوا كلمات عند احتضارهم حتي نتعظ بها ولا يستطيع المرء تصور تلك اللحظات وشدتها علي النفس
قالت عائشة رضي الله عنها: كان بين يدي النبي .صلي الله عليه وسلم ركوة أو علبة فيها ماء، فجعل يدخل يده في الماء، فيمسح بها وجهه ويقول: . لا إله إلا الله إن للموت سكرات .
و يقول سيف الإسلام المسلول خالد بن الوليد : . لم يبق شبر في جسدي إلا وفيه ضربة سيف أو طعنة رمح وها أنا أموت على فراشي كما يموت البعير.
يقول مصطفى صادق الرافعي :
من هرب من شيء تركه أمامه إلا القبر، فما هرب منه أحد إلا وجده أمامه، وهو أبداً ينتظر غير متململ، وأنت أبداً متقدم إليه غير متراجع
لما حضر عبدالله بن مسعود الموت دعا ابنه فقال : يا عبد الرحمن بن عبدالله بن مسعود , إني أوصيك بخمس خصال , فأحفظهن عني : أظهر اليأس للناس , فإن ذلك غنى فاضل
و دع مطلب الحاجات إلى الناس , فإن ذلك فقر حاضر
و دع ما تعتذر منه من الأمور , و لا تعمل به
و إن استطعت ألا يأتي عليك يوم إلا و أنت خير منك بالأمس , فافعل
و إذا صليت صلاة فصل صلاة مودع , كأنك لا تصلي بعدها ، فما بالنا أخوتي وأخواتي ننقر صلواتنا نقرا ، لا نخشع فيها الا قليلا ،رغم علمنا بأن أول ما يسأل عنه المرء يوم القيامة الصلاة فإن صلحت صلحت سائر أعمالنا وإن فسدت فسدت كل أعمالنا وهي عماد الدين وركنها الركين فهل أقمناها بحقها ؟
وقال المأمون حين حضرته الوفاة: يا من لا يزول ملكه ارحم من زال ملكه .
وقال الفضيل بن عياض: آآآه.. ما أبعد السفر وقلة الزاد
لما جاء أبا الدرداء الموت ... قال : ألا رجل يعمل لمثل مصرعي هذا ؟
ألا رجل يعمل لمثل يومي هذا ؟
ألا رجل يعمل لمثل ساعتي هذه ؟
ثم قبض رحمه الله
ويقول أحد الإعراب :
فى السابقين الأولين من القرون لنا بصائر
لما رأيت مواردا للموت ليس لها مصادر
ورأيت قومي نحوها يمضى الأكابر والأصاغر
أيقنت اني لا محالة حيث سار القوم سائر
ولذلك إننا في هذه الدنيا أشبه ما نكون بالجنين في رحم أمه الذي لا يدرك حقيقة الشمس والقمر والهواء والزهور وهدير البحر، حتى وإن كان له عقل وذكاء؛ فهذا العالم بالنسبة لعالم القبر و القيامة هو كعالم الجنين بالنسبة لعالم الدنيا
وقال الدقاق: ( من أكثر من ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء: تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة، ومن نسي الموت عوقب بثلاثة أشياء: تسويف التوبة، وترك الرضي بالكفاف، والتكاسل في العبادة)
وللتخفيف عليك أيها القارئ الكريم نسرد هذه النكتة عن الجنازة :
.
سئل جحا: أيهما أفضل، السير خلف الجنازة أو أمامها؟
قال: «لا تكن في النعش، وسر حيث تشاء»!
ونحن معاشر المسلمين نؤمن بأن الموت حق
وقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك في قوله : (إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه ، وإنه ليسمع قرع نعالهم ، أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل - لمحمد صلى الله عليه وسلم ؟ فأما المؤمن فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله ، فيقال له : أنظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعداً من الجنة فيراهما جميعاً ، وأما المنافق أو الكافر فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول لا أدري كنت أقول ما يقول الناس ، فيقال له : لا دريت ولا تليت ويضرب بمطارق من حديد ضربة ً فيصيح صيحة ً يسمعه من يليه غير الثقلين) وفي قوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا مات أحدكم عُرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل النار فمن أهل النار ، فيقال له : هذا مقعدك حتى يبعثك الله إلى يوم القيامة ) . وفي قوله صلى الله عليه وسلم في دعائه : ( اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ومن عذاب النار ومن فتنة المحيا والممات ، ومن فتنة المسيح الدجال ) وفي قوله لما مر بقبرين فقال : ( إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير ، ثم قال بلى ، أما أحدهما فكان يسعى بالنميمة ، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله ) .
ومن قصص الصالحين في الموت
حكى عثمان بن سواد الطفاوى وكانت أمه من العابدات، وكان يقال لها‏:‏ راهبة، قال‏:‏ لما احتضرت رفعت رأسها إلى السماء وقالت‏:‏ يا ذخري ويا ذخيرتي ومن عليه اعتمادي في حياتي وبعد مماتي ، لا تخذلني عند الموت، ولا توحشني في قبري‏.‏ قال: فماتت، فكنت آتيها كل جمعة وأدعو لها، وأستغفر لها ولأهل القبور، فرأيتها ليلة في منامي فقلت لها‏:‏ يا أماه؛ كيف أنت ‏؟‏ قالت ‏:‏ يا بني؛ إن الموت لكرب شديد، وأنا بحمد الله في برزخ محمود، يفترش فيه الريحان، ويتوسد فيه السندس والإستبرق إلى يوم النشور‏.‏ فقلت ‏:‏ ألك حاجة‏؟‏ قالت‏:‏ نعم، لا تدع ما كنت تصنع من زيارتنا فإني لأسر بمجيئك يوم الجمعة إذا أقبلت من أهلك، فيقال لي‏:‏ يا راهبة هذا ابنك قد أقبل، فأسر ويسر بذلك من حولي من الأموات
روى المزني قال‏:‏ دخلت على الشافعي في مرضه الذي مات فيه، فقلت له‏:‏ كيف أصبحت‏؟‏ قال‏:‏ أصبحت من الدنيا راحلاً، وللإخوان مفارقاً، ولسوء عملي ملاقياً، ولكأس المنية شارباً، وعلى الله وارداً، ولا أدرى أروحي تصير إلى الجنة فاهنئها، أم إلى النار فأعزيها، ثم أنشد يقول‏:‏ ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي جعلت الرجا مني بعفوك سُلّماً تعاظمني ذنبي فلما قرنته ، بعفوك ربى كان عفوك أعظما وما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل تجود وتعفو منة وتكرماً
قال ميمون بن مهران‏:‏ خرجت مع عمر بن عبد العزيز إلى المقبرة، فلما نظر إلى القبور بكى، ثم أقبل عليّ فقال‏:‏ يا ميمون، هذه قبور آبائي بني أمية، كأنهم لم يشاركوا أهل الدنيا في لذاتهم وعيشهم ، أما تراهم صرعى قد حلت بهم المَثُلات، واستحكم فيهم البلاء، وأصاب الهوام مقيلاً في أبدانهم، ثم بكى وقال‏:‏ والله ما أعلم أحداً أنعم ممن صار إلى هذه القبور، وقد أمن من عذاب الله تعالى.
ابن آدم إنما أنت أيام كلما ذهب يوم ذهب بعضك ، فضح الموت الدنيا فلم يترك لذي عقلٍ عقلاً ، أيها الناس! احذروا التسويف، فإني سمعت بعض الصالحين يقول: نحن لا نريد أن نموت حتى نتوب ، ثم لا نتوب حتى نموت ..
زيارة القبور ضرورية حتي نتعظ بالموت ،وقد ذهبنا كثيرا الي القبور دون أن نتحدث الي الموتي ونعلم حالهم ، صحيح أنهم لا يتحدثون ، ولو تحدثوا لتمنوا أن يعودوا الي الدنيا ويتزودوا للآخرة ولكن هيهات
لكن المؤمن إذا مات وحمل على الأعناق، نادى أن يقدموه ويسرعوا به إلى القبر ليلقى النعيم المقيم، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (إذا وضعت الجنازة فاحتملها الرجال على أعناقهم، فإن كانت صالحة قالت: قدموني قدموني، وإن كانت غير صالحة قالت: يا ويلها أين يذهبون بها؟ يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان، ولو سمعها الإنسان لصعق)
ويقول الشيخ عائض القرني : وأنا أعلم أن الموت لا بد منه والاستعداد له واجب. ولكن قبل أن نموت علينا أن نعيش وقبل أن نرحل علينا أن نبني وأن نعمر، وقبل أن نودّع الحياة علينا أن نترك أثرا جميلا وذكرا حسنا من عمل صالح وخُلُق نبيل ومشروع نافع وذرية طيّبة ومؤسسة رائدة وكتاب مفيد ونحو ذلك من صنوف البر والإحسان.
الموت حق علينا جميعا لذا لابد من الاستعداد له بالإعمال الصالحة




.

فلنزرع قمحا بدل البؤس والموت:

s0فلنزرع قمحا بدل البؤس والموت:
بقلم سليم عثمان
كاتب وصحافي سوداني مقيم في قطر
كشف تقرير المؤشر العالمي للجوع الذي يصدر سنويا عن معدلات “مقلقة” في 25 دولة. وأوضح التقرير الذي يصدره معهد دراسات استراتجيات الغذاء العالمي أن عوامل الفقر والنزاعات والاضطراب السياسي أدت الى معاناة نحو مليار شخص من الجوع معظمهم أطفال في أفريقيا وآسيا. والحمد لله الذي لا يحمد علي مكروه سواه فقد صنف السودان ضمن اكثر عشر دول مهددة بخطر الجوع التقارير الدولية صنفت السودان ضمن بين الدول العشر الأكثر عرضة لنقص الطعام والمجاعة، وهي الكونغو وبوروندي وإريتريا والسودان وأثيوبيا وأنغولا وليبريا وزيمبابوي وتشاد ، ولا أدري سببا واحدا يجعلنا نصنف مع هذه الدول البائسة ،اللهم الا اتصافنا بعيب وراثي هو الكسل وعجز القادرين علي التمام كما قال المتنبئ، ثم تلك الشعارات الطنانة الرنانة التي ما قتلت ذبابة من شاكلة (نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع، وأمريكا روسيا قد دنا عذابها) ومسرحية النفرة الخضراء الكاذبة ،كانت حكوماتنا المسماة زورا وبهتانا منذ فجر الاستقلال تحدثنا عن ان السودان سيكون سلة غذاء العالم،لماذا؟لان فيه اكثر من مائتي مليون فدان ليست صالحة للزراعة بل لو بذرت فيها الحصى لانبت قمحا ووعدا وتمني ،وقبل أيام مازحني زميل قطري قائلا :كيف تقولون ان أراضي السودان خضبة ومناخاتها يمكن ان تنبت كل شئ، بينما الحقيقة أن السودان لا يصدر شيئا للعالم، وليس فيه سوي نبات العشر،وثماره التي تشبه المانجو الأخضر،ولا ترعاه حتي الأنعام، فقلت مدافعا، بل مكابرا ، نحن بلد زراعي كبير وكنا نصدر أجود أنواع الأقطان ، والحبوب ، بل والفواكه التي تنتج في الأراضي السودانية ليس لها مثيل في الجودة وحلاوة الطعم،فقال : انتم ليس لديكم شئ تفتخرون به سوي الدوم والكسل:قلت في نفسي :صدقت .
بعد انفصال الجنوب قد تنقص المساحات الصالحة للزراعة،وقد تواجه دولة الشمال نقصا في البترول،الأمر الذي سوف يعني أن حال الزراعة سوف يكون بائسا، كحال الجوعي ،والمهددون بالمجاعة ليس في الشمال فحسب بل في الجنوب أيضا،في الولاية الشمالية قبل أعوام كاد البعض ان يهدر دم واليها السابق لظنهم أنه بالتعاون مع مدير الكهرباء والسدود الحالي قد باع أراضيهم للإخوة في شمال الوادي، وكنت في إجازتي تلك الي السودان قد ناقشت بعض أولئك النفر، بأن استثمار أراضيهم من قبل الفلاحين المصريين فيه خير كثير لكم ولمنطقتكم ،وللسودان بدلا من تركها بورا بلقعا،قال: هذه أراضي أجدادنا فأن فشلت الحكومة الحالية في تمكيننا من زراعتها، فقد يأتي ابناؤنا من بعدنا ويزرعونها بمختلف أنواع المحاصيل، وتشاء الصدف ان يزور ذلكم الوالي المتهم بكبيرة من الكبائر في نظر أهلي في الشمالية، الدوحة ثم يقيم ندوة لأبناء الولاية بمقر السفارة ثم يوجه إليه ذات السؤال،فينفي الرجل جملة وتفصيلا أن يكون قد فرط في أراضيهم ،دون ان ينفي استعدادهم للتعاون مع أي كان للاستثمار في كافة المجالات، ثم سمعنا أن مصر لاعتبارات تخصها ،غضت الطرف عن الاستثمار في مجال القمح في السودان ويممت وجهها صوب يوغندا، البعض قال أن أمريكا حذرتها من مغامرة كتلك التي تنوي القيام بها في السودان كونها توفر لمصر كميات كبيرة من القمح منذ توقيعها اتفاقية سلام مع إسرائيل،ثم سمعنا ان حكومتنا باعت مشروع الجزيرة للأشقاء في مصر، دون ان تتنازل الأخيرة عن شبر من حلايب وشلاتين، التي اقتطعتها منا بقوة السلاح وليس بالفهلوة والشطارة وحدهما. وكل الذي تقوم به الحكومة من والي الشمالية ونهر النيل والجزيرة والنيل الأبيض وغيرها من الولايات ذات الأراضي الخصبة ، ان يهتموا بالزراعة دون ان تقدم إليهم المعينات اللازمة ، ففي الشمالية علي سبيل المثال ما تزال الزراعة تتم بالطرق التقليدية وما تزال الثيران والحمير أعزكم الله القاسم المشترك في كافة العمليات الفلاحية ،ووزارة المالية التي تشكو من استيراد سيارات نقل صغيرة بحوالي مليار دولار ،لا تستحي من استيراد القمح من وراء البحار بحوالي ملياري دولار،ثم يحدثونك عن نفره خضراء لا توجد الا في عقولهم الخربة،ووزارة الزراعة ليس لديها خطط للارتقاء بقطاع الزراعة سوي مسح بعض الأفدنة للمهندسين الزراعيين بالقرب من الخرطوم دون تمكينهم من استثمارها اللهم الا لإسكات أصواتهم كونها تفشل في توظيفهم لان الوظائف في هذا القطاع كما هو حال القطاعات الاخري غير المنتجة في الدولة أصبحت حكرا علي أصحاب الحظوة والمتملقين من كل فج وصوب،وقد حدثني مهندس زراعي شاب كسي الشيب رأسه وقارب العقد الرابع من عمره انه حصل علي بكالوريوس مرتبة الشرف من زراعة الجزيرة وماجستير في ذات المجال من جامعة الخرطوم وماجستير آخر في مجال إدارة الأعمال من جامعة الخرطوم وينوي خوض معركة الحصول علي شهادة الد كتوراة، فقلت له لماذا لم تعمل في مجال تخصصك، فقال لي بحسرة ومن الذي يعمل بتخصصه في السودان؟وأردف قائلا: ليس المهم الشهادة التي تحصل عليها او نوعها او سنة الحصول عليها، المهم عند أولي الأمر ان تكون مأمونا ومؤتمنا علي مكاسب الثورة في المجال الذي تعمل او تستوعب فيه،قلت ماذا تعني بقولك هذا؟ قال أن تسبح بحمد الحكومة وتهلل لها صباح مساء وتعفر قدميك في مسيرات تأييدها مبتغيا الأجر من الله ثم منها ،قلت ومتي تكون نفسك وتبني بيتك وتتزوج ؟قال ليس المسئول بأعلم من السائل، هذا أمر يشبه يوم القيامة مع فارق اننا نعرف من سنتنا المطهرة علامات قيامها الصغري والكبرى ،بينما لا نعرف الي ماذا ستئول أحوالنا ، فحالي هو حال مئات الالاف من الخريجين الذين لفظتهم الجامعات التي أصبحت من كثرتها تفوق عدد شعيرات صلعتك، فقلت له مودعا، طالما جابت شتيمة كان الله في عونكم، وقبل ان امضي الي حال سبيلي قال:تصور كل وزير يعين في هذه الوزارة المنحوسة، لا يكلف نفسه حتي عناء معرفة عدد خريجي كليات الزراعة،ولو زرت المؤسسات الزراعية المختلفة خاصة البحوث الزراعية،لن تجد فيها سوي المرضي عنهم نسأل الله القبول والرضا والصبر.
ولا يسعني الا ان انقل هذا الحوار العفوي الذي دار بيني وبين ذلكم المهندس الزراعي الشاب للدكتور عبد الحليم المتعافي عافني الله وإياه من كل بلاء عله يولي هؤلاء البؤساء من الزراعيين وغيرهم ان كان جادا وصادقا في ان تكتسي أراضينا وتلبس حلة خضراء ،صحيح انه لا سلطان له علي وزارة المالية ولكن بقدر اهتمامه بهؤلاء وبقدر اهتمامه بالزراعة ومعيناتها المختلفة يتحقق لنا النهوض بالزراعة فالسودان لن يكون سلة لحارة من حارات امبدة ما لم تتغير السياسات وما لم نعتقد جازمين ان الزراعة والزراعة وحدها هي المنقذ للسودانيين جميعا من شرور الفقر والجوع والعوز، ولا اعتقد ان مسئولينا يحسون بقرصه جوع ذلك لأن احدا منهم لم يذقه،ومن لم تهتم الحكومة في اعلي مستوياتها بالزراعة اهتماما حقيقيا سوف يظل اسم السودان يتصدر قائمة الدول الأكثر مجاعة وجوعا وفقرا في العالم، فليس هناك سبب للغلاء الذي نعيشه سوي إهمالنا للزراعة ،ولعله يكون امرأ طيبا ان نهجر بحيرة اببيي النفطية باتجاه السهول الخصبة والأراضي البور في كل إرجاء السودان لنزرعها قمحا وذرة وفواكه ،فهل تكون الزراعة أولوية قصوى للدولة حكومة وشعبا ام تكون مجرد شعارات لا تسد رمق جائع ؟ أما ان كانت حكومتنا تجيش الجيوش لحرب جديدة ،فابشروا يا أهل السودان بمزيد من الجوع والفقر ونقص في الأموال والأنفس والثمرات لكن بشراكم الجنة أيضا .
حجا مبرورا:
كتب زميلي الاستاذ عبد العظيم صالح في عموده المقروء خارج الصورة تحت عنوان حجا مبرورا عن كثير من الإخفاقات والشكاوي التي ظلت ترافق بعثات الحج السودانية وانتقد بشكل غير مباشر الأسلوب الذي تتبعه بعض مؤسساتنا التي تعمل علي تخريب ذمم أهل القلم من المحررين والكتاب،مما يتنافي مع معايير وأخلاقيات مهنة المتاعب ،التي ينبغي ان ننأى بها عن الشبهات درء للحرام مهما كانت إغراءات تلك الجهات ،فزميلنا عبد العظيم لا يبرئ حتي هيئة الحج والعمرة من هذا السلوك المشين،ورغم علمي بأن كل إنسان يتمني لو يحج الي بيته الحرام ،الأمر الذي يجعل صغار الصحفيين والكتاب ينتهزونها فرصة طيبة فلا يردون دعوة تأتيهم من هذه الجهة او تلك ولو من باب التغطية الصحافية غير الشريفة طبعان واعلم زملاء كثيرون حجوا بهذه الطريقة ليس في ظل هذه الحكومة بل في ظل كل الحكومات التي تعاقبت علي الحكم منذ الاستقلال،كغيرهم من مسئولي الدولة الذين لا يتورعون في الحج علي نفقة الدولة ليس مرة واحدة بل كل ما كان ذلك ممكنا،وليس هناك مثال صارح اكثر من سعادة وزير الأوقاف الذي يحسب انه لو لم يرافق الحجيج السوداني الي تلك الديار المقدسة لن يغفر الله لهم او يتوب عليهم ،او يكون سعيهم مشكورا، وكنت قد دعوت في مقال سابق السيد رئيس الجمهورية ان يمنع كل مسئول حكومي او شخص مقتدر يعمل في مؤسسات الدولة ان يحج علي نفقتها،فاذا كان رب العزة قدر اشترط القدرة بكل ما تحمله الكلمة من معان لإتمام الحج، فلماذا يصر البعض علي أداء هذه الشعيرة،مرات عديدة ، بل لماذا لا يحج هؤلاء المسئولين وهم قطعا مقتدرون علي نفقتهم الخاصة ولماذا لا يتدخل اتحاد الصحفيين ويمنع عضويته من الحج بهذه الطريقة كونهم يسيئون كثيرا الي سمعة المهنة التي ينتمون اليها،وأمر الحج المجاني في السودان ليس حكرا علي فئة الصحفيين المسحوقة، بل تتعداها الي فئات عديدة فالشرطة والقوات المسلحة والوزارات الاخري بما فيها مجلس الوزراء نفسه ينظم رحلات مكوكية لمنسوبيه للحج ببلاش، فبالله عليكم اخبروني هل أفيد للناس والبلد ان نسخر تلك الموارد التي نهدرها لكل من هب ودب للحج علي نفقة الدولة أم نسخرها في الزراعة وغيرها من مواقع الانتاج،إنه الفساد الذي ينخر جسد مؤسساتنا حتي المعنية منها بأمر الشعائر التعبدية، فاذا كان لابد من مساعدة الفقراء في أداء فريضة الحج لماذا لا نبحث عن أفقر الناس ونساعدهم بدلا من شراء ذمم هؤلاء الممسكين بجمر أقلامهم؟ الحديث عن الحج يطول ومن عجب ان تعرف انه يمنحون بعد الحج والعمرة حوافز،وعلي كل هناك جهات عديدة في الدولة تحاول إغراء الصحافيين والكتاب وشراء أقلامهم فمصانع السكر مثلا في موسم الانتاج لابد ان تكرم هؤلاء بجوالات سكرن ومن ينجز تحقيق في مصنع للبسكويت والزيوت لابد ان يعطي كرتونه بسكويت او بعض قوارير الزيت ،بل اعرف زميلا كان يعمل معنا وكان مختصا بتغطيات الناقل الوطني البحري وسافر في احدي رحلاتها علي متن سفينة سودانية وعندما وصل أوربا طلب حق الللجو السياسي في احدي دولها ومنح هذا الحق ،فهل يشرف مؤسسات الدولة مثل هذا السلوك بل هل يشرفنا نحن معاشر الصحفيين ان يحاول البعض شراء أقلامنا؟
الصحافيون في السودان من اكثر شرائح المجتمع المسحوقة،فرواتبهم كما يعلم الزميل عبد العظيم صالح محدودة وقد لا يحصل الواحد منهم علي راتبه من المؤسسة التي يعمل فيها شهور عدة ،وقد يساقون الي المحاكم بحجج واهية، وقد يتم وضعهم في السجون،وقد يتشردون،بينما ملاك الصحف وروساء التحرير أحسن حالا منهم لكنهم رغم ذلك لا يحسون بمعاناتهم ،لذلك ندعو من خلال هذا المقال علي تحصين أقلام زملاء المهنة ومنع بيعها،او شرائها من خلال منحهم الرواتب التي تتناسب مع تعبهم وعطائهم،وعلي تلك المؤسسات التي تحاول دعم الصحفيين ان تفعل ولكن بطريقة مؤسسية فيها شفافية كأن تدعم كافة الصحف بالإعلان،علي ان تخصص نسبة منه لدعم رواتبهم ، وعلي الدولة نفسها ان تدعم صناعة الصحافة بتوفير كل معيناتها،وقد ساءني ما كتبته زميلتنا آمنة السيدح، من ان بعض من منحوا مساكن شعبية من زملاء المهنة مهددون بانتزاع تلك المساكن واتفق معها ان الذنب ليس ذنب صندوق الإسكان او الزملاء،ولكن سياسات الدولة التي تمنح هؤلاء أراض وبيوت وهم عاجزون حتي عن إدخال الماء والكهرباء ،مما يدعو اتحاد الصحافيين وعلي رأسه زميلنا الكبير الاستاذ محي الدين تيتاوي ان لايكون همهم حصول الصحفي علي سكن او قطعة ارض فحسب بل التفكير في مبادرات من شأنها ان توفر الخدمات التي تقدمها الدولة والسبل التي تمكنهم من دفع الالتزامات التي عليهم حسب العقود،ولعل واحدة من أسباب معاناة الصحفيين في السودان تكمن في اننا نهتم بكم الصحف التي نصدرها وليس بنوعيها ، حيث تفتقر كثير منها البيئة الصالحة لممارسة مهنية سليمة، فهي مهنة تأكل بنيها كما يقول أخونا الاستاذ طلحة جبريل في كتابه الذي سوف يصدره قريبا عن المهنة ومتاعبها بذات العنوان.

كل شيء ما خلا الله باطل .ون