السبت، 6 أبريل 2013

من قتل الشيخ البوطي؟



ورحل صاحب (ممو زين؟) *بقلم : سليم عثمان قرابة مائة الف شهيد سقطوا حتى الان على ثرى سوريا المكلومة ،في حرب مستعرة بين نظام الرئيس السوري بشار الأسد والشعب السوري المغلوب على أمره وكان من ضمن من نحسبهم شهداء ، ولا نزكي على الله أحدا الشيخ الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي، ، الذي لقي ربه بتاريخ الخميس 21 / 3 / 2013 بجامع الإيمان في دمشق ،رفقة نحو اربعين اخرين ممن كانوا يحضرون داخل المسجد وقتها درس الخميس الأسبوعي ،الذي كان يلقيه على مسامعهم لسنين عددا، إضافة الي حفيده أحمد ، ، إن موت العلماء خطب جلل تتشنف له المسامع ، وتذرف له المدامع ،لأن بموتهم تطوى صفحات لامعة، وسجلات ناصعة، فرحيل العلماء ثلمة لا تسد ، ومصيبة لا تحد ، وفجيعة لا تنسى. ولد الشيخ العلامة محمد سعيد رمضان البوطي ،عام 1929م ، في قرية تقع على ضفاف نهر دجلة عند نقطة التلاقي بين حدود سوريا والعراق وتركيا، وتدعى جيلَكَا تابعة لجزيرة بوطان التركية ووالده هو العلامة ملا رمضان البوُطي رحمه الله تعالى. الذي هاجر إلى دمشق إثر الإجراءات التي اتخذها اتاتورك في سبيل محاربته للدين.ربما أختلف الناس عن الشيخ البوطي كثيرا بسبب مواقفه من الثورة والثوار وما يعتقد أنه وقوف منه الي جانب النظام السوري لكن لا يختلف معظمهم أنه كان من أهم المرجعيات الإسلامية في عالمنا الإسلامي ، كتب أحمد بسام ساعي الأستاذ الجامعي في إنجلترا وأحد المقربين من جماعة الإخوان المسلمين السورية، وذلك في تقديمه للطبعة الثانية لكتاب البوطي (هذا ما قلته ( يقول: لقد تركت سورية والمساجد تبحث عن مصلين، وعدت إليها بعد أكثر من عشرين عامًا والمساجد تبحث عن أماكن لاستيعاب جماهير المصلين الجدد، تركتها والشباب في المساجد هم القلة، وعدت لأراهم فيها الكثرة الكاثرة، تركتها وهي شبه خالية من الحجاب، وعدت لأراها شبه خالية من السفور. كيف كان لكل هذا أن يتحقق لولا فضل الله ونماذج إسلامية خيرة كالشيخالبوطي ، آثَرَتْ الكلمةَ على الرصاصة، ولغةَ الحكمة على الشتيمة، ولينَ الخطاب على عنفه). ربما يكون هذا صحيحا لكن هل يستطيع الجنود السوريون الان في ظل حكم الرئيس بشار الأسد أداء شعيرة الصلاة داخل ثكناتهم؟ تجيب سيرته المنشورة في موقعه الرسمي نسائم الشام (أنه لم يتوقف عن نصح الحاكم ، وكان له وقفات مع الحكام في سورية سراً وجهراً ، لا سيما فيما يتعلق بالصلاة في الجيش والوقوف بوجه بعض المسلسلات، وموقفه من طرد المنقبات من بعض الدوائر الحكومية معروف ، ومناهج التربية الإسلامية واللغة العربية)ثم نسأل ،هل كان الرحل الشيخ البوطي يرحمه الله يناصر نظام الأسد؟ هل وصف الثوار بالحثالة من على منبر المسجد الذي قتل فيه؟ ولماذا انتقد أراءه وتصريحاته علماء كبار؟ كل هذه الأسئلة وغيرها لا يجيب عليها مقالنا هذا، وليس معنيا بالإجابة عليها ،هذا كله علمه عند الله سبحانه وتعالي، لكن الذي أعرفه من خلال اطلاعاتي المتواضعة ومعرفتي المحدودة بتراث الشيخ العلمي أنه كان شيخا فاضلا ، تقول سيرته العطرة: فيما نحسب أن والده عهد به في السادسة من عمره إلى امرأة فاضلة، كانت تعلم الأطفال قراءة القرآن، وأوصاها به، فكانت تُعلِّمه القرآن وتلقنه إياه على الوجه السليم، حتى ختم القرآن عندها ، وهو حاصل على الدكتوراه في أصول الشريعة الإسلامية، من جامعة الازهر عام 1965، وللشيخ البوطي ما لا يقل عن أربعين مؤلفًا في علوم الشريعة، والآداب، والتصوف، والفلسفة، والاجتماع، ومشكلات الحضارة، وغيرها،أبرزها كتاب (الإنسان مسير أم مخير، هذه مشكلاتنا، وهذه مشكلاتهم،هذا والدي، محاضرات في الفقه المقارن، الإسلام ملاذ كلّ المجتمعات الإنسانيّة، الحب في القرآن ودور الحب في حياة الإنسان،من الفكر والقلب، يغالطونك إذ يقولون، منهج الحضارة الإنسانية في القرآن، اللامذهبية أخطر بدعة تهدد الشريعة الإسلامية، السلفية مرحلة زمنية مباركة وليست مذهب إسلامي، شخصيات استوقفتني، المرأة بين طغيان النظام الغربيّ ولطائف التشريع الربانيّ، لا يأتيه الباطل،عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها،منهج الحضارة الإنسانية في الإسلام،نقض أوهام المادية الجدلية، تجربة التربية الإسلامية في ميزان البحث، أبحاث في القمة (عشر كتيبات)، قضايا فقهية معاصرة، تحديد النسل،قضايا ساخنة،المذاهب التوحيدية والفلسفات المعاصرة، التعرف على الذات، الإسلام والغرب والعديد من مؤلفاته ترجم إلى لغات عدة: كالإنكليزية والفرنسية والألمانية والتركية والروسية والملاوية . ترى هل كانت تصدر تصريحاته الأخيرة التي أنتقده بعض من المعارضين للنظام وأيضا العلماء تحت ضغط من النظام السوري ؟ ربما لكننا نبربأ بعالم علامة كالشيخ البوطي يبيع اخرته بعرض دنيوي زائل ،وحتى هو نفسه يرحمه الله لم يشأ أن يرد على تساؤلات من هذا القبيل وردت اليه قال فيها أنه لا يبيع اخرته بدنياه ولذلك مهما أتفق الناس حول مواقفه السياسية والأقوال المنسوبة اليه رحمه الله أو أختلفوا حولها ليس هناك ما يبرر قتله بحال من الأحوال في بيت من بيوت الله حرمة الدم فيه كبيرة ،كونه كان مسلما موحدا بالله وكونه كان شيخا طاعنا في السن وكونه كان يلقي درسا دينيا تشهده الملائكة فيما نحسب ،ثم كون أبرياء كانوا في معيته ،ثم إذا أراد البعض قتله تحت أي ذريعةوبتلك الكيفية الهمجية ، فما ذنب أولئك النفر الذين قتلوا في معيته وما ذنب حفيده؟ كلها أسئلة نجد الإجابة عليها بعد تمحيص وتدقيق لمالات الأوضاع في سوريا ،والتي تبين بجلاء أن الذين قتلوا الشيخ البوطي فعلوا ذلك لشئ معلوم في نفوسهم ،وهم ليسوا بأي حال من الأحوال مسلمون حقيقيون ،سيبعث الله الشيخ البوطي ومن قتلوا معه، وكذلك الذين أغتالوهم وسوف يسألون يوم النشور. تزوج الشيخ البوطي وهو في الثامنة عشر ، وله من الأولاد ستة ذكور وبنت واحدة، كان مولعا في تلك الفترة م بقراءة الكتب الأدبية لأدباء معاصرين وسابقين مثل: مصطفى صادق الرافعي، والجاحظ، والعقاد والمازني، إضافة إلى مقامات الحريري، وفي عام 1952 ظهرت أولى أعماله وهي مقالة بعنوان أمام المرآة، نشرتها له مجلة التمدن الإسلامي، ثم تبعتها في المجلة ذاتها مقالات أخرى، لكن باكورة أعماله الأدبية كانت قصة ترجمها من اللغة الكردية،التي كان يجيد التحدث بها وعرفت بإسمها باسمها الكردي (ممو زين)، وهي قصة تمثل الحب العفيف والعاطفة الملتهبة والوفاء النادر، وقد أفرغها المترجم في بيان عربي مشرق وبنيان قصصي جذاب، ولا تزال طبعاتها الكثيرة تتوالى،الشيخ البوطي رحمه الله كان عالما علامة، وكان يواظب على الحضور الدائم في كل المحافل العلمية والفكرية، التي تطرح فيها على بساط البحث والمناقشة أهم وأخطر القضايا التي تشغل الحيز الأكبر من التفكير الإنساني، والتي لها دور الأبلغ في توجيه المجتمعات الإنسانة فكرياً وعلمياً. الشيخ البوطي أيضا كان كاتبا أسلاميا لامعا مهتما بالأدب واللغة العربية التي كان يجيدها وبارعا فيها كتب في خاطرة بعنوان قلب كسير: ومما جاء فيها(في ليلة طويلة ظلماء، ساقني الكرب إلى أعتاب الخالق جل جلاله وهناك لقيت من الأنس أضعاف ما أملته من دنيا الناس وشؤونهم. فغمرتني نشوة الذل لقيّوم السماوات والأرض، وفاض القلب بهذه النجوى، وكيف يكون كسيرا وأنت النور الذي يشعّ في حناياه والأمل الذي يخفق به ويعيش عليه، بل كيف لا يكون كسيرا وقد ذلّ لعظيم سلطانك، ودان لسابق حكمِك وقضائك! بلائي به محض العبودية لك، والتجاؤه إليك، محض رعاية وتوفيق منك. فلأيّهما أدين بالشكر، وعلى أيهما أبذل التحمّل والصبر، وأقسى ما في كلّ منهما نعمة منك لا أستحقّها، ويد جميلة لا قبَل لي بأداء شكرها. مولاي! لئن نسيتْني أفراحُ الدنيا، فإن عزائي بما فاتني منها عظيم ما ألقاه من الأنس بذاتك، والأملِ في رحمتك. ولئن أبكتْني صروف الليالي والأيام فإن عزائي معها بكائي على أعتاب لطفك وبين يدي ربوبيتك. وشتان بين دموع اعتصرتْها الآلام من العيون، ودموع استجابتْ لذلّ العبودية فانحدرت تبكي لمن خلق الوجد في القلوب، وأودع الحرقة في الدموع. مولاي! أأشكرك على ما أوليتني من نعمة الصبر على البلاء، أم أشكرك على ما أوليتني بذلك من سعادة القرب إليك ولذّة المناجاة لك؟.. جلّت حكمتك يا سيدي، وصدق ما قاله الواصلون: "إنّ في كلّ جلال جمالا، وفي كل ابتلاء منّة ولطفا". وهل في اللطف ما هو أعظم من انصراف العبد إليك، وتحوله عن الأغيار إلى ملازمة بابك الكريم، إلهي! أي شيء يوحشني من الدنيا فقْده بعد أن رأيتك أمامي، وأنست بك في سري وجهري؟!. بل أي منّة منك أعظم وأجلّ من أن تُزيح عني حجابا كان قد شغلني عنك، فشُغلتُ بك عنه بما أكرمتَني من الاعتصام بك والتضرع إليك؟.. أجل يا سيدي... لقد ذهب موسى  ليقتبس نارا، فعوّضتَه عن ذلك بعظيم نجواك!.. نعم، إن القلب قد يتألم ولكن ما ألذَّ الألَم الذي يذيق صاحبه طعم العبودية لك، وحلاوة الرضا بحُكمك!. ولكني يا مولاي، أجدني قد تطاولتُ بهذا القول إلى مكانة ليس لي شرف الدنوّ إليها. وما أنا -وحقك- في المزلة ممن يَحسُن بهم أن يقولوا: "عذِّبْ بما شئتَ، غيرِ البُعد عنك" إنني يا مولاي عبد إحسانك وفضلك، أفرّ من كل ضائقة إلى ظلال رحمتك، وأرتمي هاربًا من كل بلاء أمام أعتاب جودك. حسبي أن أتعلق في الخوف من كل كرب بنجوى أحبِّ خلقك إليك: "ولكن عافيتك أوسع لي". وبدعاء نبيك الكليم: ﴿رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾(القصص:24)، وبنداء رسولك الصابر الأواب لربِّه: ﴿أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ (الأنبياء:83). وكيف لا أتعلق بفضلك وأطمع بعافيتك، وأنت الذي لم تُقصِني عن مائدة إحسانك في يوم من حياتي، ولم تقطع عني وابل رحمتك في لحظة من عمري؟!.. أم كيف أَركن إلى البؤس والضيق، وأنت الذي عوّدتَني العطاء، ونشّأتني في ظلال الرخاء؟!. أعوذ برحمتك التي غمرتَ بها وجودي كله، من أن تبدّل بها شدة لا قبل لي بها، أو بلاء لا صبر لي عليه. أيتها الرياض النّضرة! أيتها الورود الناعمة الضاحكة!. أيتها الروائح المسكرة العبقة!. لَشدَّ مَا يطربني وينعشني أن أجدني غريقا فيما بينكم، ملفوفا بتَحنانكم، ولكني ما انتعشت منكم بشيء أكثر من الأمل! أقرؤه في تماوج العشب مع الرياح السارية، وأجده في انبعاث روائح منعشة شتى من تلك الورود النضرة، وأسمعه من حفيف الأغصان وتصفيق أوراقها الرقيقة الخضرة. أجل.. إنه الأمل الذي صورتْه يد الخلاّق، إذ أنبَتَكم من طوايا أرض مظلمةٍ جامدة؛ أبدع حياة الأرض من موتها، وأخرج زينة الدنيا من كآبتها، وأظهر أرقّ ما في الكون من قسوته وصلابته!. يا من استوى في خلقه الأملُ واليأس، وتلاقى في تقديره الموت مع الحياة!. يا مُنشئ النور من الظلام، ومبدع الفرح من الأحزان!. يا من هذا سرّ لطفك وطعم إحسانك وحنانك؟ يا إلهي! كيف أيأس إذاً وأنت ربّي، أم كيف لا يُنعشني الأمل وأنت حسبي؟ رحمك الله رحمة واسعة . *كاتب وصحافي سوداني مقيم في الدوحة

الي الزميلة نسرين سوركتي مع التحايا


الى الزميلة نسرين سوركتي مع التحايا *بقلم:سليم عثمان قُمْ للمعلّمِ وَفِّهِ التبجيلا” “ كادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا كان عمر الشيخ أحمد محمد السوركتي لا يتجاوز 37 عاما ،حين أتاه الطلب في المملكة العربية السعودية، للسفر الى جزيرة جاوه الأندونيسية، للعمل كناظر لمدرسة جمعية الخير العلوية في جاوه ،ولما وصل هناك بهر القوم وسحرهم ،بغزير علمه وأدبه الجم وخصاله الحميدة وسجاياه الحسنة، وبما طبع عليه من الخلق الكريم . ولد الشيخ سوركتي بأرقو بالولاية الشمالية في عام 1876م في أسرة مشهود لها بالورع والصلاح والعلم ،حفظ القرآن بخلاوى منطقة دنقلا، ودرس مبادئ الفقه على والده ،وبعد وفاة والده سافر الى المملكة العربية السعودية طلبا لمزيد من العلم في المدينة المنورة، التي أقام فيها اربع سنوات ،ثم تركها الى مكة المكرمة ،حيث أجتهد في سبيل الحصول على الشهادة العالمية حتى حصل عليها ،وأصبح مدرسا ومديرا لمدرسة أهلية هناك ،يدرس فيها العلوم الدينية ،بالاضافة الي عقد حلقة علمية داخل الحرم المكي الشريف ،وفي جاوة الاندونيسية أصبح الشيخ سوركتي ، ناظرا لمدرسة خير العلوية، وملأت سيرتة الطيبة أفاق اندويسيا لما اتصف به من ورع وصلاح وحلم وتواضع وتسامح، كما يقول السيد صلاح البكري: في كتابه تاريخ حضر موت السياسي صفحة 256، وقام الشيخ سوركتي بتطوير التعليم في جزيرة جاوة، ثم قام بجولة في مدن الجزيرة عام 1914 ،خاصة في مدينة الصولو او سوركارتا حيث تقيم فيها جالية عربية كبيرة من العرب والحضارم، ونزل في دار الشيخ عوض بن سنكر نقيب العرب في المدينة، كما يقول د/يعقوب يوسف الحجي في كتابه: الشيخ عبد العزيز الرشيد سيرة حياته صفحة 246،وعقد جملة من جلسات العلم معهم وفي احداها وجه اليه رجل يدعى عمر بن سعيد بن سنكر السؤال التالي: يا شيخ أحمد ماذا تقول بزواج العلوية من غير العلوي ؟هل هو جائز شرعا؟لم يتأخر الشيخ سوركتي بالفتوي بصحة هذا الزواج، لكنه لم يكن يعرف ساعتها ما سوف تسببه له فتواه تلك من مشاكل ، استمرت طويلا بين فريقين من العرب هناك ،وصل الشيخ سوركتي الى بتافيا (العاصمة) قادما من جولته تلك ،وقد سبقته فتواه تلك الى العاصمة، فلم يجد حرارة في استقبال العلويين له بل لاحظ فتورا وتغييرا في علاقتهم به، ولم يحظى بالاحترام والتقدير الذي اعتاده منهم،خاصة من كبيرهم محمد بن عبد الرحمن شهاب العلوي ،مؤسس جمعية خير العلوية مما اضطره الى تقديم استقالته من نظارة المدرسة بعد عامين من التدريس والنظارة فيها، كان ذلك في عام الحرب العالمية الاولي 1914وبدا الشيخ سوركتي يفكر بالعودة الي مكة مع زملاءه الذين احضرهم للتدريس معه في المدرسة، وهم الشيخ أبو الفضل أحمد شقيق السوركتي والشيخ احمد العاقب السوداني ،والشيخ ابو الفضل محمد، والشيخ حسن حامد الانصاري لكنه رأى أن ذلك يعني عجزا منه في الدفاع عن الحق والجهاد ،كما يقرره الاسلام وذلك استجابة لنصائح بعض شيوخ الحضارم من غير العلويين، فبقي هناك ينشر العلم والمعرفة ردحا من الزمن، وأسس جمعية الاصلاح والارشاد الاسلامية في ،1914وانشأت الجمعية فروع لها في انجاء الجزيرة وفي اكتوبر 1915، كتب احد العرب مقالا في جريدة محلية اسمها( صولو هنديا )عن المساواة بين المسلمين، أتى فيه على ذكر الشيخ سوركتي ،بما لا يليق، مما اضطر الشيخ سوركتي للرد عليه في نفس الجريدة ،بعنوان( صورة الجواب) يشرح فيها رأي الاسلام حول الكفاءة في الزواج ومما قال الشيخ سوركتي: كما يورده الشيخ عبد العزيزالرشيد في سيرة حياته ما يلي: إن النكاح بين المسلمين كالبيع والإيجارمنجهة ،انه متى عينت المنفعة المقابلة من المهر أو الثمن أو الأجروسمح من بيده الأمر وقبل الاخر صح العقد، وحل بذلك الانتفاع والتمتع ولا خلاف في ذلك بين العلماء المعتبرين، وكلا الفريقين حر مختار ،فيما في يده أو تحت حكمه قبل المعاقدة ،وقد ينوب عن صاحب السلعة وليه أو وكيله إذا كان ناقص الرشد أو المعرفة لدفع المغابنة ). يذكر أن ان شابا من غير العلويين تزوج أمراة (شريفة) في سنغافورة عام ،1905 وهو من اصول هندية تزوج باحدي بنات العلويين ،مما حدا بهم الي ارسال سؤال الي السيد محمد رشيد رضا (صاحب المنار) يستفتونه في هذا الزواج الذي عارضوه بشده، فأفتي الشيخ رضا بصحته شرعا (راجع الجزء السادس من المجلد الثامن من مجلة المنار 1905). واثار رد الشيخ سوركتي اخرين للرد عليه ،منهم السيد علوي بن حسين بن علوي من خلال رسالة سماها( النوراني في دحض مفتريات السناري السوداني) وطلب فيها من الحكومة الهولندية التي كانت تحتل اندويسيا وقتها بكبح جماح الشيخ السوركتي كما ختمتها بالبيت التالي: وإن عادت العقرب عدنا لها وكانت النعل لها حاضرة. ثم اصدر احد المشايخ كتابا يدافع فيه عن الشيخ سوركتي امام الهجمة الشرسة التي تعرض لها من بعض العلويين هناك، وقد أصدر الارشاديون في عام 1920ىجريدة ناطقة باسمهم لمواجهة كبر حملة كانت تشنها جريدة( الاقبال) لسان حال العلويين واسموا جريدتهم( الارشاد) كان الشيخ سوركتي احد ابرز كتابها ومن خلالها ظهرت قدراته الكبيرة في كتابة المقالات باسلوب سلس ، وفي العدد 41 من تلك الجريدة كتب الشيخ سوركتي بتاريخ 31 مارس 1921 مقالا يدعو فيه عقلاء الفريقين العربيين المتخاصمين في تلك البلاد البعيدة للتنافس الشريف فيما بينهما ،ومما قاله في ذلك المقال: انه لا يضمر عداوة لأحد بل يتمني السعادة للجميع ،وفي 10 مارس اصدر فرع جمعية الارشاد في مدينة بكالونجان مجلة شهرية جديدة اسمها( الشفاء ) فكانت سندا للارشاد في دفاعها عن جمعية الاصلاح والارشاد التي اسسها الشيخ سوركتي واخري ولقد بقيت جريدة الارشاد المثل الذي احتذت به الكثير من الصحف، التي صدرت في اندونيسيا وسنغافورة ،في تلك الفترة،من حيث الشكل والاخراج الفني والصحفي ،وعندما لم يجد الشيخ سوركتي استجابة من قبل جمعية الارشاد المركزية للاصلاحات التي تقدم بها للنهوض بالتعليم في مدارسها قدم استقالته، من منصبه كمسؤول عن مدارس الارشاد، واتجه للتجارة وكان عمله فيها ناجحا في البدء،ولكن بعد سنوات خسر الشيخ سوركتي، واصبح مديونا لكنه استطاع ان يسدد ديونه،ويعود مرة اخري لحقل التعليم، لكن هذه المرة اسس مدرسة خاصة ، الحق بها قسما داخليا للطلاب وبدأ التدريس فيها عام 1931 لكنها لم تعمر طويلا فاغلقها، وعاد لجمعية الارشاد وفي عام 1923 استقر رأي الشيخ سوركتي لاصدار جريدة دينية فاصدر جريدة(الذخيرة الاسلامية)وبدا في نشر سلسلة من المقالات الاسلامية، باسلوب رصين محكم، وبدأ الشيخ سوركتي في احداها بيان بعض الاحاديث الموضوعة والضعيفة ،ومنها حديث منسوب للرسول صلي الله عليه وسلم (انه قال:أحب العرب لثلاث أني عربي والقران عربي وكلام أهل الجنة عربي)وكان للشيخ سوركتي باب في الفتاوى وفي عام 1928 صدرت جريدة اسمها( الدهناء )وبعدها بشهر صدرت اخري اسمها( المصباح )ولقد انبرتا للدفاع عن الارشاديين بزعامة الشيخ سوركتي وكانتا تنشران مقالات لاذعة جدا، ثم اصدروا جريدة( الاصلاح ) فكانت المطابع التي تطبع الحروف العربية في ذلك الزمان كثيرة في اندونيسيا، لأنها كانت مستخدمة في لغة الملايو هذه لمحات موجزة ومختصرة من سيرة الشيخ احمد السوركتي الدنقلاوي، الذي نشر الاسلام واللغة العربية في اندونيسيا مع الحضارم الذين عاشوا هناك ،ولا يزالون منذ القرن الثامن الميلادي .ترى هل المذيعة المتألقة نسرين سوركتي بقناة الشروق الفضائية وعبد العزيز سوركتي بقناة النيل الازرق يمتان بصلة بالشيخ الراحل سوركتي؟ عليه رحمة الله وورثا شيئا من إرثه الصحفي والدعوي الكبير في مجاهل اسيا؟. قال أمير الشعراء أحمد شوقي عن المعلم قُمْ للمعلّمِ وَفِّهِ التبجيلا” “ كادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا لأعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي” “ يبني وينشئُ أنفساً وعقولا؟ سبحانكَ اللهمَّ خيرُ معلّمٍ” “ علَّمتَ بالقلمِ القرونَ الأولى أخرجتَ هذا العقلَ من ظلماتهِ” “ وهديتَهُ النورَ المبينَ سبيلا أرسلتَ بالتوراةِ موسى مرشداً” “ وابنَ البتولِ فعلّمَ الإنجيلا وفجّرتَ ينبوعَ البيانِ محمّداً” ” فسقى الحديثَ وناولَ التنزيلا إنَّ الذي خلقَ الحقيقةَ علقماً” ” لم يُخلِ من أهلِ الحقيقةِ جيلا أوَ كلُّ من حامى عن الحقِّ افتنى” ” عندَ السَّوادِ ضغائناً وذحولا؟ لو كنتُ أعتقدُ الصليبَ وخطبَه” ” لأقمتُ من صلبِ المسيحِ دليلا تجدُ الذين بنى “المسلّةَ” جدُّهم” “ لا يُحسنونَ لإبرةٍ تشكيلا! الجهلُ لا تحيا عليهِ جماعةٌ” ” كيفَ الحياةُ على يديّ عزريلا؟ ربُّوا على الإنصافِ فتيانَ الحِمى” “ تجدوهمُ كهفَ الحقوقِ كهولا فهوَ الذي يبني الطباعَ قويمةً” ” وهوَ الذي يبني النفوسَ عُدولا وإذا المعلّمُ لم يكنْ عدلاً، مشى” ” روحُ العدالةِ في الشبابِ ضئيلا وإذا أتى الإرشادُ من سببِ الهوى” ” ومن الغرورِ، فسَمِّهِ التضليلا وإذا أصيبَ القومُ في أخلاقِهمْ” “ فأقمْ عليهم مأتماً وعويلا وإذا النساءُ نشأنَ في أُمّيَّةٍ” ” رضعَ الرجالُ جهالةً وخمولا ليسَ اليتيمُ من انتهى أبواهُ من” “ همِّ الحياةِ، وخلّفاهُ ذليلا إنَّ اليتيمَ هوَ الذي تلقى بهِ” “ أمّاً تخلّتْ أو أبَاً مشغولاا *كاتب وصحافي سوداني مقيم في الدوحة

كل شيء ما خلا الله باطل .ون