الخميس، 4 أكتوبر 2012

حوار صحفي أجرته معي الزميلة المغربية الشاعرة عزيزة الرحموني

لقاء مع الكاتب والصحفي السوداني / سليم عثمان أحمد
الإثنين, 06 آب/أغسطس 2012 08:46

لقاء مع ألأستاذ/ سليم عثمان أحمد



اجرت اللقاء /عزيزة رحموني من المغرب

من قلم سليم عثمان احمد خيري تنثال النصوص و تومض رؤاه حتى تبتلّ كتابته بفكره المتوقد...يكتب إيمانا و احتسابا بالإنسان و الإنسانية... ينسف الصمت مؤمنا بحرية التعبير و ضرورة انفتاح الرأي على الرأي الآخر...كان لنا معه الحوار التالي:

*في البدء، هل يحدثنا سليم الكاتب عن سليم الإنسان: نشأته/بداياته/مسيرته ؟
شكرا لك أختي الأديبة الرقيقة عزيزة رحموني لإتاحتك لي هذه الطيبة للتعريف بشخصي الضعيف ، سيدتي بإختصار شديد إسمي سليم عثمان أحمد خيري(شهد)من زيتونة مباركة تخلقت وأستطالت وأورقت وأخضرت أطرافي ومن عطرتلك الزيتونة المباركة جرى دمي وتفجر، أنا شقيق الفجر المسجّي على خدّ الأفق الوردي. فىتلك القرية الوادعة الرابضة على خدّ النّيل الغربي ،ذلكم النهر الهادر الفيّاض شمال مدينة دنقلا بالولاية الشمالية أقصى شمال الزورات ، أطلعت كما نخل أخضر باسق فى أحد صباحات تلك القرية الوادعة عام 1966 بعد تمنع من عيني لمعانقة النّور لمدّة سبعة أيام حسوما وحينما أبصرتا النور للمرة الأولى داخل مستشفى دنقلا التعليمي ولم يكن تعليميا يومذاك أشارت القابلات (الممرضات )على والدتي بأن تسمّيني سليما،لأن معاناة مخاض أسبوع كامل تستحق ذلك ..وبالفعل فقد سُمّيت بهذا الإسم الذي لازمني الى يومي هذا مع العلم بأن عدد من تسموا به فى السودان قليل جدا والغريب أن السّليم فى القاموس المحيط هواللَّديغُ، أو الجَريحُ الذي أشْفَى على الهَلَكَةِ، بل والسّالِمُ من الآفاتِ وفى لسان العرب ،امرأة عاتكة: مُحْمَرَّة من الطِّيب، وقيل: بها رَدْعُ طِيبٍ، وسميت المرأَة عاتكة لصفائها وحُمْرتها وفي الحديث: قال، صلى الله عليه وسلم، يوم حنين: أَنا ابن العَواتك من سليم والعواتك: جمع عاتكة، وأَصل العاتكة المُتَضَمِّخة بالطيب. والعواتك من سليم ثلاث يعني جداته، صلى الله عليه وسلم، وهنّ عاتكة بنت هِلال بن فالَج بن ذَكْوان أم عبد مناف بن قصيّ جدّ هاشم، وعاتكة بنت مُرّة بن هلال بن فالَج بن ذكوان أُم هاشم بن عبد مناف، وعاتكة بنت الأَوْقَص بن مُرَّة بن هلال بن فالَج بن ذكوان أُم وهب بن عبد مناف بن زُهْرة جد رسول الله، صلى الله عليه وسلم وقال الشاعر:
وطِيرِي بمِخْرَاقٍ أشمَّ كأنه ... سليمُ رِماحٍ لم تلده الزَّعانِفُ .
هكذاهمس خيال تلك القرية الكبيرة الوادعة التى تسمى الزورات فى أذنى ساعة بزوغه بمسقط رأسي حلة (شهدي)حين أرخي ليلي الأول عباءته على وجهي والتحم بروحي وعزف من قيثار غاياته ،عشت طفولة عادية فى تلك القرية البسيطة ، بساطة أهلها، وسط إخوان ثلاث أنا رابعهم وأصغرهم وأخت وحيدة تصغرني، فقدت والدي وأنا لم أدخل المدرسة الأبتدائية بعد ،بالطبع لم يكن فى قريتي وقتذاك حضانة أو روضة أو (كجي ون وتو) حتى أنتقل منها للمدرسة،نشأت فى بيئة زراعية خضراء للغاية ،نخيل باسق يكاد يعانق السماء على ضفاف النيل ،ونبات ذرة وقمح يتمايل مع النسيم العليل، يقطر الندى ليبلل أوراقه مع الصباحات الندية، التى طالما حدّثتني عن صبابات الورد وتوق الندى وإنبثاق الوجد فى طقس الليالي ،وكان بالقرب منا بستان وريف مزهرمليئ بشتى أنواع الفواكه ،من مانجو وليمون وبرتقال ويوسفي ورمان ورطب جني ودوم،كانت بداياتي نحو الحياة فى تلك القرية الجميلة كبدايات كل أقراني ،حيث مشيت خلف أغنام الأسرة راعيا لها فى صغري، كنت صديقا للنّهر العظيم الذي كان منزلنا العامر يرقد فى حضنه،تعلمت السباحة فيه وأنا صغير بل كنت من القلائل الذين عبروا الى الضفة الشرقية سباحة فى نهار شاتٍ،رغم تحذير الأهل لي من التماسيح التى كانت تتتكاثر فى تلك المنطقة، وتيارات النهر الجارفة فكثيرا ما تنامى الى سمعي أنها التهمت أناسا، وقد رأيت أكثر من مرة تمساحا أبيضا طويلا ،كان ينام أسفل تلّة لا ترتفع عن الأرض إلا بنحو نصف متر ،وكان ينزلق الى النهر حينما يشعر بوقع أقدام الماعز والضأن التى كنت ارعاها تقترب منه ، وحتى يومي هذا لم ار تمساحا لونه أبيض ،وفى المدرسة الإبتدائية كنت من المميزين،وكنت أحب اللغة العربية،بل كنت أقوم بحفظ الأناشيد أثناء الحصة ،وكنت بارعا فى تلحينها، واذكر أن ميولي نحو مهنة البحث عن المتاعب ظهرت من خلال نشيد فى الصف الثالث الإبتدائي شدّني خاصة بيت منه يقول :
انني طفل صغير اتخذت العلم نورا
يا ترى ماذا أصير عندما أغدو كبيرا؟
هل ترى أغدو أديبا أو صحافيا شهيرا؟
وفى مدرسة جرادة المتوسطة وهي قرية أخرى جميلة تجاور قريتي من ناحية الجنوب صِرت مولعا بالجمعيات الأدبية ومشاركا رئيسيا فيها بل تفتقت فى تلك المرحلة هواية وموهبة قراءة نشرات أخبار كوميدية هزلية ساخرة،وفى تلك المرحلة بدا لي أنني يمكن أن أكون فنانا وبدأت بالفعل فى تقليد بعض الفنانين، سرعان ما جذبني أصدقاء أعزاء الى تيار الإسلام السياسي (جماعة الإخوان المسلمين بقيادة الدكتور حسن الترابي) وحينما وصلت الى مدرسة دنقلا الثانوية فى بدايات الثمانينات وكان يومذاك من كبريات مدارس السودان كان قد تمَّ تجنيدي عضوا فاعلا فى صفوف الحركة الطلابية الإسلامية بل وأصبحت ثاني رئيس لاتحاد طلابها خلفا للزميل عبد المنعم سليم الذي أستقال بعد أشهر قليلة من انتخابه، وفى تلك المرحلة أيضا ظهرت قدرات خطابية لي ، تخرجت فى كلية الإعلام تخصص صحافة ونشر بامتياز من جامعة أمدرمان الإسلامية، وكانت أولى الصحف التى عملت فيهاعام 1986 هي صحيفة السوداني لصاحبها ورئيس تحريرها الأستاذ محجوب عروة ،ولا تزال حتى الان تصدر بعدما غادرها عروة، وكانت صحيفة السوداني قد أوقفت ضمن صحف أخرى صبيحة انقلاب المشير عمر البشير فى 30 يونيو 1989 ثم عملت في (صحيفة الإنقاذ، لسان حال الثورة ، وبعد حلّها عملت في صحيفة السودان الحديث لأشهر معدودة قبل أن التحق بصحيفة الأنباء وهي الصحيفة التى جمعت معظم محرري ومحررات صحيفتي الإنقاذ والسودان الحديث ، ثم غادرتها الى صحيفة الأسبوع لمالكها ورئيس تحريرها الزميل الدكتور محي الدين تيتاوي ، ثم انتقلت الى صحيفة الشارع السياسي لصاحبها ورئيس تحريرها الزميل الأستاذ محمد محمد أحمد كرار،حيث عملت فيها مديرا أول للتحرير، قبل أن أجرب العمل التلفزيوني فى فضائية السودان محررا بالإدارة السياسية ومديرا لتحرير مجلة فضاءات دولية،وهي مجلة ثقافية تصدر عن مؤسسة التلفزيون،وقت ان كان المهندس الطيب مصطفى مديرا للتلفزيون السوداني ،هجرت السودان بل غادرته شتاء 1999 رفقة حرمي المصون الأستاذه فاطمة ميرغني التى أختيرت معلمة لمادة الرياضيات وقتذاك ولا زلت مقيما بالدوحة لي من الأبناء الاء طالبة بكلية الصيدلة جامعة قطر ومحمد يستعد لدخول الجامعة هذا العام وإيلاف اكملت الصف الأول الثانوي وأحمد أكمل الصف الخامس واخر العنقود ايات اكملت صفها الرابع الابتدائي ،أمارس الصحافة بصفة الإحتراف منذ عام 1985ووقتنا الذي لاندركه دوما يستحثنا لأن نخطوتجاه الضياءوأن نمحو من ذاكرتنا كل ألم وحزن وأن نحرث ونبذر ونصلّي حتى ينهمر مطر الروح فتتفتق وينتفض الأخضر فى دواخلنا ويتطاول ليعلن صحوة مرتجاة،، يستحثنا يومنا الذي لا نعبره أن نفهمه وأن نغنيه أغنية فى الصباح وفى المساء،هذا ؟ بأختصار يا سيدتي .
*سليم عثمان كيف يُقَطّر ورد الأنفس الحيرى ؟
ورد الأنفس الحيرى مقال كتبته حول كائن رقيق شفيف لا يزال يشغل الناس والدنيا وسيظل الى أن يرث الله الأرض ومن عليها كتبته عن المرأة (الأم ، الأخت ، الحبيبة،ملهمة الشعراء والفنانين، يكفي أن أشير هنا الى فقرة صغيرة أوردتها فى ذلك المقال وهي:
قال ابو جعفر البغدادى :كان لنا جار وكانت له جارية جميلة وكان شديد المحبة لها ،فماتت فوجد عليها وجدا شديدا ،فبينما هو ذات ليلة نائم إذا أتته الجارية فى نومه ،فأنشدته هذه الأبيات:
جاءت تزور وسادى بعد ما دفنت... فى النوم ألثم خدا زانه الجيد
فقلت قرة عينى قد نعيت لنا ... فكيف ذا وطريق القبر مسدود
قالت هناك عظامى فيه ملحدة ... تنهش منها هوام الأرض والدود
وهذه النفس قد جاءتك زائرة ... فاقبل زيارة من فى القبر ملحود
والمرأة بإختصار هى كل شئ فى الحياة والذين لا يرونها هكذا نقول نذكرهم بقول ايليا أبو ماضي:
أيهذا الشاكي وما بــك داءٌ كيف تغدو إذا غدوت عليلا
إن شرَّ الجناة في الأرض نفسٌ تتوقَّى قبل الرحيل الرحيلا
وترى الشوك في الورود وتعمى أن ترى فوقها الندى إكليلا
والذي نفسه بغير جمـــالٍ لا يرى في الوجود شيئاً جميلا
فتمتع بالصبح ما دمت فيـه لا تخف أن يزول حتى يزولا
ولمن أراد الإطلاع على مقالنا ذاك حول المرأة بعنوان( ورد الأنفس الحيرى ) نحيله الى هذا الرابط لقراءته:
*إذا كان العالم مجنونا و وحدك العاقل، كيف تتصرف و كيف تنتج حكمة تلُمّ شمل الجميع؟
العالم الذي نعيش فيه اليوم لاشك هو عالم الجنون بإمتياز، فما يحدث فيه من تقتيل للأبرياء فى سوريا وفى العراق وفلسطين وأفغانستان، وغيرها من البلدان شئ يشيب له الولدان ، عالم لا تسوده الرحمة ولا الحكمة ولا المنطق السليم ،عالم القوي فيه أكل والضعيف مأكول ،عالم تضهدنا فيه الليالي وتهمي علينا من كآبتها وحزنها ما تعجز صدورنا على تحمله، فنتركها تحفر فيها وتحط ما يلذ لها من أوجاع ، ولذلك يقول المثل عندنا: (المجانين فى نعيم) لأنهم لا يحسون بما يجري حولهم ، لم أستثن نفسي من هذا الجنون ،بقدرما حاولت أن أسخرمنه ،ومع ذلك نقول: مرحى لطقسنا الجنوني ،مرحى لنا حين نخلع ثوب التعقل ونلوذ بجبال الدهشة والحيرة المشتهاة ، نحاول فى هذا الزمن الضبابي -بل الأسود -الإرتداد إلى الزمن الأول الجميل ،زمن البراءة والطيبة والنقاء ،قبل تشكل وعينا الأول ، قبل أن تسمرنا القوانين والمثل، التى داس عليها الكل حُكّاما ومحكومين (بالنّعال) أعزكم الله ،قبل أن نصلب بالواجب والممكن والمفروض ،قبل أن تهترئ ذواتنا من الجلد ، يا لهذه النفس يا لعذاباتها التى لا تنتهي يا لصهيلها الذي لا يهدأ، فى زمن كهذا يتساءل المرء من أين لنا ببذور خضراء نزرعها فى يباب أيامنا الفالتات ؟ أحلامنا ما عادت زوادة فى لهيب أيامنا هذه ما عادت تروي الظمأ ولا ذكرياتنا التي جفّت كينابيع مياهنا ما عدنا نستقي منها الإ الجفاف نتداوى به ونصفه للمرضي المحزونين فى كل مكان فيزيدهم حزنا ويحيلهم هياكل من وهن كما يحيلهم رصاص الحكام الى رماد ، لعل الرحيل شفاء ، اه ما أقسى الجفاف فى الزمن الضنين المجنون هذا وما أحلى الجنون ساعة مولده فى الذات فلا ممكن الا هو يحيل الايام الاليمة الى صفاء والوعي المعذب الى التلاشي ، ليس هناك عاقل واحد يمكن أن يجمع شمل امة مجنونة أمة هى خير أمة أخرجت للناس ولكنها للأسف أصبحت أمة عاجزة كل العجز لتتسامي وتضع نفسها حين أراد خالقها لها .
* إذا أُهديتَ قارورة حِبر، لكن الومضة لم تجئ، ما تفعل ؟
فى أيامنا الحالكات هذه الومضة دائما لا تأتي،فلو أراد كاتب أن يكتب مقالا ما مثلا يمزق الورقة التى يسودها عشرات المرات قبل أن يكتب شيئا مفيدا ، لانه مشتت الذهن، مشوش الخاطر، واهن العزيمة، خائف مرتعش مرتجف، من رقيب حقيقي، يمنعه من تناول هذا الموضوع أو ذاك ، بل يلجمه رقيب تربّى وسكن دواخله، فحينما يكون كل ما حول المرء مجنونا ،وحريقا كبيران يسكب المرء قارورة حبره فى انتظار أن تومض فكرة جديدة وتختمر فى ذهنه حتى يسيل بها يراعه، حتى الشعراء لم يعودوا قادرين على التعبير عما يجول بخواطرهم قريضا لان ليلهم أمسى بلا وجوه ولا أحاديث تسر ولا سمر ليل بلا أقمار ليل مدفوع الثمن ليل مفتتح رحيله الى مدائن لم تبن بعد مدائن بلا عيون تجلجل فيه ضحكة إمرة ضيّعت مسارها وتكاد تضيع شرفها ساعة تجرعت قهوتها بين الصحاب أنة ذئبة باحت للذئاب بسرها .
* السودان بلد ثري بترابه و سواعد أهله ، لكن اقتصاده يظل هشا لماذا؟
السودان منذ فجر إستقلاله فى حروب لا تنتهي فبعد حرب ضروس قضت على أخضر ويابس السودان أستمرت منذ عام 1955 أو قبلها بقليل فى جنوب السودان مات فيها قرابة مليوني مواطن سوداني قضت اتفاقية وقعت فى منتجع نيفاشا الكيني عام 2005 بأن تضع الحرب أوزارها وبمنح مواطني الجنوب حق تقرير مصيرهم إنفصالا أو وحدة مع السودان، وقد اختاروا الإنفصال وأسسوا دولة لهم فى ثلث مساحة السودان وبربع موارده وتكمل الدولة الوليدة عامها الأول هذه الأيام ، كان هذا فشلا طبيعيا للنخبة السودانية المثقفة والسياسية،وللأسف الشديد لم يجلب الإنفصال سلاما لشطري السودان الشمالي والجنوبي،فقبل شهر كانت الحرب على أوجها بين البلدين، وأوقفت دولة الجنوب ضخ نطفها عبر أنابيب الدولة الأم بسبب عدم الإتفاق على سعرهذه الخدمة بين البلدين، الان هناك حرب تدور فى دارفور و النيل الأزرق ،وجنوب كردفان، فى وقت تمضي فيه مفاوضات بين السودان وجنوب السودان على ظهر سلحفاة لتبحث جملة من القضايا العالقة والشائكة كقضايا الحدود والأمن و تقاسم المياه والجنسية والنفط معلوم ان 75% من نفط السودان آل الى الدولة الجديدة، السودان كان واحدا من اكبر بلدان القارة السمراء مساحة بل كان الأكبر على الإطلاق،بلد غني بموارده وخيراته المتمثلة فى أراض خصبة مدّ البصر تنبت حتى الحصي،يشقه أطول أنهار العالم نهر النيل، لديه مئات الملايين من رؤس الانعام(أبل ، ضأن ماعز أبقار) وثروات غابية وصمغ عربي ومع ذلك يستجدي السودان قوت مواطنيه من خلف البحار،مشكلة السودان تكمن فى النخبة التى لم تعرف بعد أكثر من نصف قرن الحروب كيف يتم التداول السلمي للسلطة بل كيف يتعايش اهله بنفوس طيبة فى هذا الفضاء الأفريقي الكبير،والى أن يقيض الله لهذا البلد خيرة ابناءه للنهوض به سنعمل ما بوسعنا حتى نساهم فى التغيير المنشود،لكن السلطة الإنقاذية الحاكمة حاليا لا تسمح حتى بمجرد نقد رموزها فى وقت يستشري فيه الفساد وينخر فى كل جسد الدولة وفى وقت يقترب الجوع الى بطون السواد الأعظم من أطفاله، هذا قدرنا وعلينا مواجهته بشجاعة وحكمة.
*كيف يساهم مثقّفوا السودان في حل مشاكل طرَفَيْه ؟
كما ذكرت لك انفا المثقفون هم أساس المشكلة،فهم إما أناس يتخبطون فى الداخل حاما ومعارضين للسلطة أو كوادرصرفت عليها الدولة الشئ الكثير فغادرت البلاد طوعا أو مرغمة ،السودانيون اليوم فى كل المنافي والمهاجر بدءا من الخليج مرورا بأوربا وليس إنتهاء بالأمريكتين واستراليا،تصوري شاعرا كبيرا كالشاعر السوداني محمد مفتاح الفيتوري ،الذي رفع اسم السودان عاليا فى محافل أدبية عديدة،لا ترعاه الدولة فى مرضه ولا تجدد له جواز سفره ومشكورة المملكة المغربية تمنحه أقامة فى أرضها رغم مخالفته لقوانين وأنظمة الإقامة،وهو القائل :
دنيا لا يملكها من يملكها
أغنى أهليها سادتها الفقراء
الخاسر من لم يأخذ منها
ما تعطيه على استيحاء
والغافل من ظنّ الأشياء
مثله كان اأديب والروائي العالمي الطيب صالح صاحب رائعة موسم الهجرة الى الشمال عاد جسدا ميتا الى السودان،السودانيون اليوم علماء كبار وخبراء فى المنظمات الاقليمية والدولية يبنون بلدان الاخرين وينسون بناء وطنهم حالهم لا يسر أحدا.
كيف تُقَيِّمُ جروح السودان ؟
تتقاطر أسئلة شتى تلف النفس السودانية المتعبة وتغلفهابرغبة مجنونةللمعرفة والهدوء والفرح فلا تجني الا سياطا من قلق فجروجنا كثيرة بل ومتقرحة ومندملة نحاول عبثا ان نكتب تعاويذ تمنح انفسنا شيئا من السلام والرضا نحاول احياء الجزء المهزوم والمجروح فينا نحاول تقويم انكساره نحاول تغيير المستحيل ونبحث علّنا نجد لنزف أرواحنا المتعبة في السودان عقارا يسكن أآلامها جروح السودان ليست فى المظاهرات التى تقمع اليوم ولكن فى فشل نخبنا وحكامنا فى نزع الاسى عن نفوسنا وغرس شقائق النعمان فى عيوننا .
قضاياالبيئة/الطفولة-المراة/ حقوق الانسان تستدعي تكريس الجهد لإنجاح مخططاتها ، هل نجح السودان في رسم خارطة طريق لهذه القضايا ؟
لا أظن أننا فى السودان نجحنا فى رسم خارطة طريق لأى من هذه القضايا فالطفولة على سبيل المثال فى بلدنا طفولة بائسة ولا تزال الزهرات يخفضن لأن القوانين وحدها لا تحارب عادة الخفاض المتأصلة لمئات السنين فى بلد كالسودان ، المرأة فى السودان أيضا لم تتبوأ المكانة التي تليق بها بل تُجْلَد في الشارع إن تجرأت وارتدتْ بنطالا ، مشاركتهن فى السلطة مشاركة شكلية وصورية وديكورية فى معظم الأحيان ، رغم ان السودانية بطبعها نابهة ومتفوقة فى كل مجال ترتاده
بيئتنا هي الأخرى تهدر مواردها الطبيعية .فغابات السودان لا أحد يهتم بها والحياة البرية التي كان يذخر بها السودان في أفريقيا كلها تناقص عدد الحيوانات التي كانت ترتع في بواديه وسهوله وغاباته مثل الاسود والنمور والأفيال والغزلان وغيرها بفعل الصيد الجائر وعدم الحماية الكافية حتى أصبحت مهددة بالإنقراض داخل محمية الدندر الطبيعية التى لا تجد هي الأخرى الرعاية اللازمة.
أما الحديث عن حقوق الإنسان يكفي أن أشير الى أن رئيس الدولة عندنا وكبار معاونيه مطلوبون فى محكمة الجنايات الدولية على خلفية انتهاكات حقوق الإنسان فى السودان ، يكفي القمع الذي يجري بحق المتظاهرين الان فى الشارع السوداني والإعتقالات اليومية حتى بلغ عدد الموقوفين دون محاكمات خلال أسبوعين من التظاهر السلمي أكثر من الفي ناشط وصحفي،ملف حقوق الإنسان فى السودان ملف قميئ لا ننصح بالاطلاع عليه .
* بين الشارع السياسي و الشارع الادبي كيف تنسجم الخطى من اجل مسيرة سليمة سلمية نحو الأفضل؟
الشارعان السياسي والأدبي فى تقديري وجهان لعملة واحدة كلاهما ينشد التغيير نحو الأفضل فى عالمنا العربي،فكما تعمل النخب السياسية على احداث التنمية المنشودة تهتم النخب الأدبية والمهتمون بمختلف أنواع الاداب والفنون بتشكيل وجدان هذه الأمة فالشاعر ينشد الخير والجمال لامته تماما كما السياسي الذي يُعد الأمة بالبناء والتغيير ولابد أن تتكامل الأدوار بل لا ينبغي أن يمارئ الأديب السياسي من أجل منصب أو غيره بل لابد أن يوظف ضرب الفن الذي يجيده لمصلحة الأمة وحدها،لسنا بحاجة لشعراء وكتاب وفنانين مطبلين مداح.
وقد اثبت الأدباء والفنانون في ثورات الربيع العربي انهم فصيل رائد وأصيل فى مسيرة التغيير التي تنتظم أولاد العرب من مغربها الى مشرقها.
مجتمعاتنا نفتح و تتغير عاداتها و تسقط مبادئها تباعا. و من الآفات التي تنمو كالفطر وسط الشباب، نجد التحرش سائبا ، كيف نتعاطى مع الظاهرة و كيف نحاربها ؟
ليس التحرش وحده ما تعاني منه مجتمعاتنا ،النسيج الاجتماعي كله يتمزق فى مجتمعاتنا العربية والاسلامية، لذا فالتحرش مجرد عرض لما اصابها من وهن وضعف وتصدع ،الاسرة اليوم ليست كالأسرة بالأمس واولاد وبنات اليوم ليسوا بالطبع كأولاد وبنات الأمس ،صحيح أن الوسائل التقنية المختلفة غيّرت كثيرا من مفاهيمنا ،لكننا لم نحسن استخدامها لم تعد لدينا المناعة الكافية لامراض العولمة، والتحرش لم يعد حكرا على الشباب والرجال بل الفتيات والنساء يقمن فى بعض البلاد بمجاراة الرجال فيه ، للمزيد حول موضوع المرأة احيلك الى مقالي بعنوان هل من رجل يتحرش بي فى موقع وكالة أنباء المرأة
على الرابط التالي:
* في العالم الإسلامي...يصيبنا بين الحين و الحين وابل من الفتاوى الغريبة، ما دور الإعلامي في تحجيم/صدّ او نشرهذه الفتاوى خصوصا تلك التي تخزنا في الصميم كإرضاع الزميل في العمل أو زواج الطفلة و زواج المسيار و ما شاكَله ؟
ليس أدق على تصوير واقع الفتوي فى الدول العربية من تلك الواقعة التى حكاها الزميل خالد القشطيني حيث قال: أنه قبل سنوات سأل إمرأة ساقطة في احدى العواصم العربية. كانت محجبة ومحتشمة في زيها ومظهرها وتقيم الصلاة في اوقاتها والصيام في أيامه. سألها عن هذا التناقض. قالت ذهبت الى دار الافتاء واستفتيتهم. اجابوني بأن الله غفور رحيم، وحالما أتوب من هذا العمل واستغفره سيغفره لي على ان احافظ على اداء الصلاة. فترك الصلاة لا يغتفر- قالوا لها. وهكذا واظبت على البغاء ليلا واداء الصلاة نهارا، هناك من أفتي حق «مضاجعة الوداع» مع زوجته المتوفاة ، وهناك من أفتي بإرضاع الزميل فى العمل أو السائق فى البيت،وهناك من أفتى بزواج الطفلات،وهناك من أفتي بزواج المسيار والإيثار وغيره،بل هناك من أفتى بتحريم لبس الستيان (صدرية النهدين) على النساء.لأنه يؤدي الى غش الرجال بحجم ثدي الفتاة وشكله! أسوة بحملة «حرق الستيان»bra burning التى وقعت قبل سنوات كخطوة نحو تحرر المرأة ومساواتها بالرجل. وهناك من أفتى بتحريم لبس سراويل الجينز لأنها تنطوي على تشبه بالكفار، بل هناك من أفتي بحرمة لبس ربطات العنق لأنها عقدتها تشبه صليب الكفار، وهناك من أفتي على النساء والفتيات بحرمة الجلوس أمام جهاز كومبيوتر مزود بخدمة الأنترنيت بدون محرم خشية أن تتم غوايتها في الدردشة. وهناك فى المغرب فتوي أجازت للأبوين تزويج بناتهن القاصرات معللا ذلك بان السيدة عائشة تزوجت فى سن التاسعة، وهناك من أفتي باستخدام المكياج للرجال يجوز بشكل عام، سواء كانت الوظيفة تتطلب ذلك، أو لإخفاء بثور في الوجه، أو حتى للتجمّل، لأن الله جميل يحب الجمال»وهناك من أفتى بجلد الصحافيين ثمانين جلدة إن كتبوا خبرا غير دقيق. الفتوي تحتاج أختى العزيزة فى بلاد المزيد الى مزيد من الضبط.



*هل تتصور نوبل للإسلاميين ؟
الاسلاميون الذين صعد نجمهم هذه الايام بعد أفول طويل لن تزيدهم نوبل بمختلف تفرعاتها شرفا بل سوف تتشرف نوبل بهم إن أحسنوا قيادة الأمة فى بلدانهم ليس من خلال الشعارات البراقة من شاكلة (الاسلام هو الحل)وإنما إنزال قيم السماء فى واقع الناس بشكل عملي ومقنع فهم فى تحد كبير فى تونس من خلال حزب النهضة برئاسة الرجل المستنير الشيخ راشد الغنوشي ،وفى مصر التى وصل فيها الدكتور محمد مرسي الى كرسي رئاسة الجمهورية،وفى ليبياوسوريا والمغربفى كل هذه البلدان وغيرها الاسلاميون بحاجة الى أن يثبتوا لشعوبهم بأنهم ديمقراطيون وبأنهم دعاة دولة مدنية عصرية تمنح المواطنين كافة الحقوق وتوفر لهم الحياة الكريمة ،واليمنية توكل كرمان اول عربية تحصل على جائزةنوبل للسلام أكدت قدرة الأسلاميين على مقارعة غيرهم وبزهم فى كافة المحافل وعلى كل حال الحديث عن نوبل وجوائزها لا ينبغي أن يشغلنا عن قضايانا المصيرية وما أكثرها .
*الإبداع بين جدلية التطور و الركود يتأثر بما حوله و يؤثر فيه، و الحركة الأدبية في العالم الإسلامي تتطور، لكن القارئ شبه منعدم رغم وفرة الإنتاج ، ما سبب هذا العزوف في رأي سليم عثمان ؟
للأسف أختي عزيزة أن أمة إقرأ لا تقرأ وقد قيل فى شأن القراءة:
(الإنسان القارئ تصعب هزيمته).
(إن قراءتي الحرة علمتني أكثر من تعليمي فـي المدرسة بألف مرة).
(من أسباب نجاحي وعبقريتي أنني تعلمت كيف انتزع الكتاب من قلبه).
و سئل أحد العلماء العباقرة: لماذا تقرأ كثيراً؟ فقال: (لأن حياة واحدة لا تكفيني)
*القراءة تنمي ثقتي بنفسي.
*القراءة تجعلني أكثر كفاءة في إنجاز أعمالي.
* القراءة تجعل قراراتي أكثرفاعلية.
* القراءة تزيد من فرص ترقيتي في مجال عملي.
* القراءة تجعلنيأكثر ثباتاً في مواجهة الأزمات والضغوط.
* القراءة تزيد من فهمي وإدراكيللأمور.
* القراءة تجعلني عضواً بارزاً وفعالاً في فريق عملي
* القراءةتجعلني لبقاً في محادثة الآخرين.
* القراءة تجعلني أكثر دقة وذكاءًوبديهة.
* القراءة تزيد من قدرتي على تحمل المسؤولية
* القراءة وسيلة لتحصيل العلم الشرعي
وقديما كانوا يقولون القاهرة تؤلف الكتب وبيروت تطبع والخرطوم تقرأ لكن لسوء الحظ ابتعد أهل السودان فى زماننا الحالي عن القراءة كثيرا، بل إن معارض الكتب على قلتها لا يزورها الا القلة،بل تشعر بندرة المكتبات العامة والخاصة،ومع أننا أمة اقرأ ولكن للأسف لا نقرأ، وإذا قرأنا لا نقرأ المفيد من الكتب إلا من رحم الله من هذه الأمة، والأغرب من ذلك تقرير إحدى الجامعات في عالمنا العربي الذي أكد أن 72% من خريجي الجامعات يتخرجون دون أن يقوموا باستعارة كتاب واحد من مكتبة الجامعة!واذا سألت أحد الشباب عن قراءته للكتب يقول لك إنه يطالعها فى النت ،وليتهم فعلا يقرأون فى النت إن هجروا الكتاب الورقي .(ولقد أُجريت دراسة بهدف التعرف على معدل قراءات الشعوب في العالم، حيث كانت النتيجة: أن معدل قراءة الرجل العادي - الذي يعمل في المحلات والأعمال الحرفية - في اليابان أربعون كتاباً في السنة، ومعدل قراءة الفرد في المجتمع الأوروبي عشرة كتب في السنة، في الوقت الذي كان معدل قراءة الفرد في الوطن العربي عُشر كتاب، بمعنى أنه يقرأ في العام عشرين صفحة من كتاب تبلغ عدد صفحاته مائتي صفحة.)
وإحصائية أخرى أشارت إلى أن معدل قراءة الفرد العربي على مستوى العالم هو ربع صفحة !! أي أن متوسط القراءة لدى الفرد العربي في السنة- مقارنة بالقارئ العالمي - لا تتجاوز نصف ساعة
* إنّ الأدب كائن حي ينمو ويتطوّر، يتأثّر بما حوله ويؤثّر فيه، والمتتبّع لحركتنا الأدبيّة المحليّة يستطيع أن يلمح تطوّر الأدب نثرا وشعرا، كما أنّه يلاحظ أنّ ثمّة فيضا أدبيّا تفرزه أقلام محليّة عديدة، فلا يملك القارئ والمتتبّع إلاّ أن يقف مشدوها أمام هذه الوفرة من الإنتاج؟
صحيح الأدب كائن حي ينمو ويتطور،لكن لو أخذنا العالم العربي مشرقا ومغربا قبل عصر التكنولوجيا الحالية ما كان التواصل بينهما كبيرا وحتى اليوم لا يتم تبادل الكتب الورقية بين شطري العالم العربي كما ينبغي ربما بسبب كلفة النقل وربما لقيود أخرى نجهلها ..لكن التكنولوجيا يسّرت لنا الاطلاع على إنتاج كتاب المغرب كما يسّرت للمغاربة جميعا الاطلاع على نثر وشعر وكتابات اخوانهم فى المشرق ولا أدري لم تذكرتُ مقولة الكاتب الايرلندي الساخر برناردشو: غزارة فى الانتاج وسوء فى التوزيع وهو يشير ربما الى لحيته.ربما تجدين غزارة فى الانتاج هنا وقلة فى توزيعه هناك والعكس صحيح لكن هذا لا ينبغي أن يمنع الاستفادة من إرثنا الأدبي الكبير بل ومن تراثنا القديم لأن من نسي قديمه تاه. كم يتمنى المرء ان تترجم آداب العرب وفنونهم الى اللغات العالمية المختلفة .هل يقرأ لنا مثلا أكثر من مليار شخص فى الصين مثلا، رغم العلاقات الاقتصادية والسياسية بين بلداننا والصين؟ لا أظن ان انتاجنا الثقافي والفكري والأدبي وصل إلى تلك الدولة/القارة وليس العيب فيهم بل فينا هل نسطيع قراءة الادب الصيني او الروسي او اللاتيني بشكل جيد ؟ لا اعتقد وبالتالي نحن بحاجة لأن نتفاعل نؤثر بأكثر مما نتأثر لأننا أمة لها رسالة عظيمة لا ينبغي أبدا أن نكون فقط مستقبلين لانتاج الاخر بل علينا أن نعرض له وعليه بضاعتنا المزجاة بالسمو الرفعة والعزة والسؤدد والجمال والفضيلة .
ختاما لك شكري الجزيل زميلتي عزيزة رحموني على هذا التواصل الذي مكنني من التوقف لبرهة لاهثا فى بعض محطات حياتي المتواضعة أتمنى لك كل العافية والسعادة ..

اجرتِ اللقاء :
عزيزة رحموني من المغرب
من أقوال سقراط:
-تستطيع الشمس أن تجفف مياه المحيط، لكنها لن تجفف دموع امرأة.
-الحياة من دون ابتلاء لا تستحق العيش.
-ليس من الضروري أن يكون كلامي مقبولا، بل من الضروري أن يكون صادقا.
-إن أفضل الحكام أحكمهم وليس بالضرورة أكثرهم تحصيلا للعلم.
-تكلم لكي أراك.
- قال له أحذ تلامذته: كيف لا أرى فيك أثر حزن أيها الحكيم؟، فأجاب سقراط: لأني لا أملك شيئا إن فقدته أحزنني.
-الخير الوحيد في هذا العالم هو العلم والشر فيه هو الجهل.
-إني أعرف شئيا واحدا هو أني لا أعرف شيئا.
-الحكمة لله وحده، وإنما للإنسان أن يـَجِدَّ ليعرف وفي استطاعته أن يكون محبا للحكمة تواقا للمعرفة باحثا عن الحقيقة.
-التربية الخلقية أهم للإنسان من خبزه وثوبه.
-إذا احتاج اللئيم تواضع وتقرب وإذا استغنى تجبر وتكبر.
-الجمال استبداد مؤقت
-الذكاء يحول القبح جمالا، في حين لا يستطيع الجمال إصلاح الجهل والقضاء عليه.
-الزواج كشبكة الصياد، يتهافت عليه العزاب كما يتهافت السمك على الشبكة، والعالق فيه يتخبط جاهدا للتخلص منه ولكن دون جدوى.
-سُئِل سقراط أيهما خير، أن يتزوج المرء أو أن لا يتزوج؟، فأجاب: أيهما فعل فهو في كلتا الحالتين نادم.
-قيل لسقراط: ألا تخاف على عينيك من كثرة القراءة؟، أجاب: البصيرة عندي أهم من البصر.
-بمقدور الذكاء أن يحول القبح جمالا إذا عجز الجمال عن معالجة الغباء.
-إذا أردت أن أحكم على إنسان، فإني أسأله كم كتابا قرأت؟ وماذا قرأت؟
-لم أطمئن قط إلا وأنا في حجر أمي.
-أعظم امرأة هي التي تعلمنا  كيف نحب ونحن نكره، وكيف نضحك ونحن نبكي، وكيف نصبر ونحن نتعذب.
-متى أُتِيحَ للمرأة أن تتساوى مع الرجل أصبحت سيدته.
-للحياة حدان: أحدهما الأمل والآخر الأجل، في الأول بقاؤها وفي الآخر فناؤها.
-قل الحق ولو كان على نفسك.
-شاور الجميع ثم شاور نفسك.
-على المرء أن يأكل ليحيا، لا أن يحيا ليأكل.
-أعْمَلُ لسعادتي إذا عَمِلْتُ لسعادة الآخرين.
-هذه آخر جملة نطق بها سقراط قبل مفارقته الحياة: أليس الموت هو التحرر؟ أليس هو الشفاء من مرض الحياة؟




بقلم: سليم عثمان

كاتب وصحافي سوداني مقيم فى قطر

مقال كتب فى رمضان الماضي1433هجرية

نعم نحن في العشر الأواخر من رمضان ،وفيها يعتق المولى رقاب المؤمنين من النار ،نعم الكل يستعد لاستقبال عيد الفطر المبارك ،وقد يعود بعضنا إلى ما كان عليه قبل دخول رمضان، حيث كان يعاقر الخمر ولا تفارقه كأسها ،وقد يردد قول ذلك الشاعر العربيد رمضان ولى هاتها يا ساقي مشتاقة تسعى إلى مشتاق .
لست من متعاطي الخمر ولله الحمد،وليس مقالي هذا تحريضا للآخرين لتعاطيها ، فالكل يعلم أنها أم الكبائر ،ولكني من خلال هذا المقال أحاول تسليط الضوء على قضايا سودانية ترقى لأن تكون كبائر .
بعد نحو ست سنوات هي عمر الفترة الانتقالية ،لاتفاقية نيفاشا ،يستعد إخواننا في جنوب السودان، لإقامة دولتهم الجديدة، وعاصمتها جوبا، أو هكذا أظن ،وما العيب في ذلك؟ فإخواننا في الجنوب ملوا العيش كمواطنين من الدرجة الثانية في بلد المليون ميل!هكذا قال سلفا كير ميارديت النائب الأول لرئيس الجمهورية رئيس حكومة جنوب السودان ،ذات يوم، محرضا مواطنيه على التصويت لصالح انفصال الجنوب عن الشمال ،وباقان اموم يبشرنا صباح مساء بقرب بزوغ شمس انفصال الجنوب ، بل يهددنا بحرب مختلفة ،ربما يحاول الرجل استعراض مكامن القوة في جيش حركته،حيث قيل أنى الحركة دربت الآلاف من شبابها في أمريكا ودول غربية ـ وتزودت بطائرات مقاتلة متطورة،وخزنت آلاف الأطنان من الأسلحة الحديثة، باختصار سخرت معظم نصيب الجنوب من النفط في تسليح جيشها،لماذا لأنه ربما لم تؤمن بالسلام خيارا حقيقيا ،لذا قد نكون موعودين بما بشرنا به باقان شاعر الحركة ومفكرها الأوحد من شتاء ساخن فإما علينا كشماليين، قبول انفصال إخواننا في الجنوب، بالكيفية والنسبة التي يريدها باقان ورفاقه، أو الطوفان ، صحيح أن الخيار بيد المواطن البسيط هناك الذي تدغدغ الحركة مشاعره بمعسول الكلام وتبشره بجنة الله التي تنظره بعيد الانفصال ،لم لا والغرب كله وإسرائيل أيضا على أهبة الاستعداد لتقديم الغالي والنفيس لدويلة الجنوب وقد يختاروا لها اسما ونشيدا ، وقد يصمموا من الخطط ما يجعل أهل الجنوب لا يفكرون البتة في الوحدة مع الشمال في يوم ما،بل قد لا يكتفون بذلك إنما سوف يعملون بكل جد من أجل استنزاف السودان في صراع طويل في دارفور وقد يحرضون ما تسمى بالمناطق المهمشة سيما تلك التي يحدثوننا عنها بضرورة إجراء مشورة شعبية بشأنها دون أن نعرف كنهها ،لكن المؤكد أن المؤتمر الوطني الذي يسوق لنا بضاعة نيفاشا في سوقها الشعبي بالخرطوم تورط في هذا المخطط التقسيمي الانفصالي إيمانا بـ( وأمرهم شورى بينهم) فالحركة بعد أن يتحقق لها اقتطاع الجنوب عن جسد السودان ستحمل كل معاولها لاقتطاع تلك المناطق تحت فرية وزعم أن أهل تلك المناطق يحبذون العيش مع الجنوبيين وليس مع دويلة الشمال خوفا من مزيد من التهميش لها.
مخطئ من يقول إن شريكي نيفاشا(المؤتمر الوطني والحركة الشعبية) لا يتحملان النصيب الأكبر من وزر انفصال الجنوب،وأكثر خطأ إن برأنا أحزابنا السياسية المعارضة خاصة الكبرى منها كالأمة بكل فروعه والاتحادي بكل مسمياته والشعبي والشيوعي،بل لا نستطيع أن نبرئ النخب والمثقفين بل حتى العامة ووسائل إعلامنا المقروءة والمسموعة والمرئية ، وما يسمى بمؤسسات المجتمع المدني إن كان لها وجود حقيقي علي ارض الواقع ،فالكل قصر فيما سوف يحدث وفيما آل إليه حالنا الذي أصبح لا يسر إلا أعداء امتنا التي كانت موحدة منذ استقلال السودان في الأول من يناير 1956 ، ومن مساوئ الصدف أن ينفصل جزء عزيز عن السودان بعد مضي 54 عاما عن استقلاله ،وقد لا ننتظر أعواما مثلها قبل أن تنفصل مناطق أخري ، طالما ضيق الحاكمين علينا هذا المليون ميل مربع ، حتى جعلونا نتقوقع ونعود إلي مناطقنا وقبائلنا ، بدلا من العيش إخوانا في رحاب السودان الكبير،ومن عجب أن يحدثنا البعض عن كونفدرالية وصيغ أخري للتعايش بعد أن فشلنا جميعا في امتحان الوحدة الجاذبة بمفهوم باقان اموم وحركته.
وبغض النظر عما نحن مقبلون عليه من انفصال أو وحدة حال حدوث معجزة إلهية، ومع تقديرنا لكل ما أنجزته حكومة السيد الرئيس عمر البشير من انجازات دون تذكير القراء بها ، فهي معلومة لديهم نقول : إننا نخطئ كثيرا إن ظننا أن الخطأ فيما آل إليه حال البلد هو من صنع أيدي قادة الإنقاذ وحدهم ، والصحيح الذي لا شك فيه حديث رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم :(كلكم راع ، وكل راع مسئول عن رعيته) فالبشير مسئول عنا ،وكل احد منا مسئول عن الأمانة في صلته بمن هم فوقه وبمن هم دونه ،كلنا اليوم ميالون إلي أن نبدي أراء عاطفية،-ومن النقد المر أحيانا ، في الأحوال المحيطة بواقعنا الذي لبس ثوب البؤس ،وقلما نظر احدنا اليوم بعين العقل في واقعنا المرير هذا،كل واحد منا يحاول أن يزيح التبعة إلي كتف غيره ،شريكا الحكم كل واحد منهما يتهم الآخر ويخونه،الحكومة تتهم المعارضة والمعارضة تسخر من الحكومة ، الشعب يحمل الحكومة كل أسباب تردي حال البلد ، والحكومة تحسب الشعب قطعانا من الضأن تسوقه إلي المذبح كل يوم، تحسب إفراده رجرجة ودهماء ورعاع وسذج ،البعض منا يهتم بفوز فريق الهلال أو المريخ في الدوري أكثر من اهتمامه بوحدة السودان ،والبعض منا يهتم بقفة ملاحه، أكثر من انشغاله بفقه نيفاشا .
يقول أرسطو:إن أحسن أشكال الدولة ،هو الشكل الذي يتيح اكبر قدر من الخير للمجموع وللفرد، أما صلاح الحكم وفساده فلا يعرف من الاسم الذي يطلقه الحاكم علي شكل حكومته ،بل من الغاية التي يحاول الحاكم أن يصل إليها ،ولذلك كان سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يطوف ذات ليلة في المدينة يحاول معرفة أحوال رعيته ففي احدى ليالي طوافه سمع صوت امرأة تنشد :
هل من سبيل إلى خمر فاشربها ... أو من سبيل إلى نصر بن حجاج ؟ لم يثر سيدنا عمر ولم يأمر جنده باقتحام دارها أو سجنها ولكنه في اليوم التالي سأل عن ذلك البيت فقيل له :هو بيت فلان وهو في الجهاد وذهب عمر إلى ابنته حفصة وسألها رأيها في ذلك .فقالت له:أربعة أشهر يا أبي ،عند ذلك اصدر عمر بن الخطاب أمرا بأن يصحب المجاهدون في سبيل الله أهلهم ،أو أن يعود كل مجاهد إلى أهله مرة كل أربعة أشهر ،أن عمر بن الخطاب أراد بفعلته تلك أن يحل مشكلا اجتماعيا وعسكريا ودينيا في نفس الوقت ذلك أن القضية لم تكن مسألة امرأه تغني بالليل ، كانت قضية أسرة ،يجب أن تبقى سليمة صحيحة ،وذات مرة حمل احدهم طعاما شهيا إليه وقال له : يا أمير المؤمنين هذا طعام طيب .فسأله عمر هل أكل منه جميع الجند ؟فقال القائد :لا يا أمير المؤمنين،فقال عمر :لا حاجة لي إلى ذلك الطعام .
هذان نموذجان لكيف يكون الراعي سواء كان رئيسا أو وزيرا أو مديرا ،أو غيره ،لكن عندما لا يهتم الراعي برعيته تتضجر الرعية ولعل حكوماتنا الوطنية كلها قصرت بحق الجنوبيين بل بحق كل السودانيين ،فالانفصال المتوقع ليس شرا كله وإن كان كبيرة من الكبائر،والسبب في ذلك إن إخواننا سوف يجربون محاسن الانفصال،وقد يعيشون فعلا في بحبوحة عيش ،وقد يجدون أن الانفصال شر مستطير،المهم أن نكون جميعا في مستوي التحديات المنتظرة ،وقد نحن إلي بعض ذات يوم وقد نعود إلي الوحدة ثانية لنلبس ثيابها من جديد ،لكن الذي لا يتمناه عاقل هو اندلاع الحرب بأي شكل من الإشكال ناهيك عن حرب من نوع مختلف كما توعدنا باقان اموم ذلك الحرب تظل هي الحرب ليس فيها ندي ولا زهر ولا تفاح بل دماء وأشلاء وموت وأحزان لا تنتهي . دعونا نعيش في سلام ولا تقودونا إلي حرب مجنونة تأكل أخضر ويابس البلد
نفسي لا كنت :
سأل عمر بعض المسلمين في أطراف المدينة، عن إمام محلتهم فوصفوه بخير، وقالوا إلا أنه إذا انتهى من صلاته تغنى..!! فقال عمر: تغنى؟ مستنكراً، قوموا بنا إليه. فلما جاء عمرُ الرجلََ، قال: يا أمير المؤمنين كنت أنا أحق بالمجيء إليك.
قال عمر: ما مقالة بلغتني عنك؟!
قال الرجل: وما ذاك يا أمير المؤمنين.
قال عمر: قيل إنك إذا انتهيت من صلاتك تغنيت!
قال الرجل: إنما هي موعظة أعظ بها نفسي يا أمير المؤمنين.
قال عمر: أسمعنيها.
فقال الرجل: أقول
وفـؤادي كلمـا عاتبتــه هام في اللذات يبغي تعبي
يا قرين السوء مـا هذا الصبا فنـي العمر كذا في اللعب
وشبابي بـان عني فمضى قبـل أن أقضي منه أربي
ما أرجي بعـده إلا الفنا ضيـق الشيب عليّ مطلبي
نفسي لا كنت ولا كان الهوى راقبـي الله وخافي وارهبي
فإذا عينا عمر تذرفان، وإذا هو يردد
نفسي لا كنت ولا كان الهوى راقبـي الله وخافي وارهبي
يقول عمر: من تغنى هكذا فليتغنّ
شغل :
سئل عبدالله الرازي: ما بال الناس يعرفون عيوبهم ولا يرجعون إلى الصواب؟ فقال: لأنهم اشتغلوا بالمباهاة بالعلم، ولم يشتغلوا باستعماله. واشتغلوا بالظواهر، ولم يشتغلوا بالبواطن. فأعمى الله قلوبهم وقيد جوارحهم عن العبادات.
يقول الرافعي في كتابه وحي القلم :حين يفسد الناس لا يكون الاعتبار فيهم إلا بالمال، إذ تنزل قيمتهم الإنسانية ويبقى المال وحده هو الصالح الذي لا تتغير قيمته. فإذا صلحوا كان الاعتبار فيهم بأخلاقهم ونفوسهم، إذ تنحط قيمة المال في الاعتبار، فلا يغلب على الأخلاق ولا يسخرها. وإلى هذا أشار النبي صلى الله عليه وسم في قوله لطالب الزواج: (التمس ولو خاتماً من حديد)، يريد بذلك نفي المادية عن الزواج، وإحياء الروحية فيه، وإقراره في معانيه الاجتماعية الدقيقة، وكأنما يقول: إن كفاية الرجل في أشياء إن يكن منها المال فهو أقلها وآخرها. حتى إن الأخس الأقل فيه ليجزء منه كخاتم الحديد، إذ الرجل هو الرجولة بعظمتها وجلالها وقوتها وطباعها، ولم يجزء منه الأقل ولا الأخس مع المال، وإن ملء الأرض ذهباً لا يكمل للمرأة رجلاً ناقصاً، وهل تتم الأسنان الذهبية اللامعة، يحملها الهرم في فمه شيئاً مما ذهب منه؟ وما عسى أن تصنع قواطع الذهب الخالص وطواحنه لهذا المسكين بعد أن نطق تحات أسنانه العظمية وتناثرها أنه رجل حل البِلى في عظامه..؟
الصوم :
قال مظفر القرمسيني: الصوم على ثلاثة أوجه:
صوم الروح بقصر الأمل..
وصوم العقل بخلاف الهوى..
وصوم النفس بالإمساك عن الطعام والشهوة.
وقال: الجوع إذا ساعدته القناعة فهو مزرعة الفكر، وينبوع الحكمة، وحياة الفطنة، ومصباح القلب.
فهل استفدنا من صيام الشهر الفضيل ،
من ملح أشعب :
قيل لأشعب الطماع: لقد لقيت التابعين وكثيراً من الصحابة، فهل رويت مع علو سنك حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فقال: نعم، حدثني عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خلتان لا تجتمعان في مؤمن. قيل: وما هما ؟ قال: نسيت واحدةً، ونسي عكرمة الأخرى .
وأهدى رجل من ولد عامر بن لؤي إلى إسماعيل الأعرج فالوذجة وأشعب حاضر فقال: كل يا أشعب، فأكل منها، فقال له: كيف تراها ؟ قال: الطلاق يلزمه إن لم تكن عملت قبل أن يوحي ربك إلى النحل، أي ليس فيها حلاوة.
وبأشعب هذا يضرب المثل في الطمع. قال الشاعر:
إني لأعجب من مطالك أعجب ... من طول تردادي إليك وتكذب
وتقول لي تأتي وتحلف كاذباً ... فأجيء من طمعٍ إليك وأذهب
فإذا اجتمعت أنا وأنت بمجلسٍ ... قالوا مسيلمة وهذا أشعب
وقيل له: أرأيت أطمع منك ؟ قال: نعم كلبة آل أبي فلان، رأت شخصاً يمضغ علكاً، فتبعته فرسخاً تظن أنه يرمي لها بشيء من الخبز.
كاتب وصحافي سوداني مقيم في قطر


كل شيء ما خلا الله باطل .ون