الاثنين، 6 أغسطس 2012

حكايات جحا


بقلم : سليم عثمان
كاتب وصحافي سوداني مقيم فى الدوحة
النفس قد تمل من ملازمة الجد وترتاح إلى بعض المباح من اللهو ، سيما حين تزداد الخطوب ،ويصعب أمر المعاش ، وتكثر المشاكل، وقد كثرت هذه الأيام حتى إذا الكل مهموما محزونا ،وكما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،أنه قال لحنظلة: ساعة وساعة. وعن علي كرم الله وجهه أنه قال: روحوا القلوب بطرائف الحكم،فإنها تمل كما تمل الأبدان ،وقال الرشيد: النوادر تستحدّ الأذهان وتفتق الآذان. وقال آخر: لا يحب الملح إلا ذكران الرجال ،ولا يكرهها إلا مؤنثوهم ،وقال الشاعر:
أروح القلب ببعضِ الهزلِ .. تجاهلاً منيّ بغير جهل
أمزحُ فيه مزحَ أهلِ الفضل .. والمزحُ أحياناً جلاءُ العقل.
وقال سفيان الثوري :هجران الأحمق قربة إلى الله تعالى، فمن ضرب المثل بحمقه وتغفله هبنقة ،واسمه يزيد، وكان قد جعل في عنقه قلادة عظام وودع وقال: أخشى أن أضيع من نفسي ،ففعلت ذلك لأعرفها ،فحولت أمه القلادة إلى عنق أخيه، فلما أصبح ورآها قال: يا أخي أنا أنت ،وضل له بعير فجعل يقول :من وجده فهو له فقيل له: فلم تنشده ؟قال: لحلاوة الظفر، واختصمت بنو طفاوة وبنو راسب في رجل ادعى كل من الفريقين أنه منهم، فقال هبنقة : حكمه أن يلقى في الماء ،فإن طفا فهو من طفاوة ،وإن رسب فهو من راسب ،فقال الرجل: إن كان الحكم هكذا فقد زهدت في الطائفتين.
قيل : صلى إعرابي خلف بعض الأئمة في الصف الأول،وكان اسم الأعرابي مجرما ، فقرأ الإمام والمرسلات عرفاً ،فلما بلغ إلى قوله تعالى (ألم نهلك الأولين ) تأخر الأعرابي إلى الصف الأخير، فقال: (ثم نتبعهم الآخرين) فرجع إلى الصف الأوسط ،فقال :(كذلك نفعل بالمجرمين) فولى هاربا وهو يقول: والله ما المطلوب غيري.
ومثله صلى أعرابي خلف أمام صلاة الصبح ،فقرأ الإمام سورة البقرة ،وكان الأعرابي مستعجلا ففاته مقصوده ،فلما كان من الغد بكر إلى المسجد ،فابتدأ فقرأ سورة الفيل ،فقطع الأعرابي الصلاة، وولى هارباً ،وهو يقول: أمس قرأت سورة البقرة ،فلم تفرغ منها إلى نصف النهار، واليوم تقرأ سورة الفيل ،ما أظنك تفرغ منها إلى الليل.
ومنه كان أعرابي قائما يصلي، فأخذ قوم يصفونه بالصلاح ،وهو يسمع فقطع الصلاة وقال : وأنا مع هذا صائم، ومنه دخل خالد بن صفوان الحمام ،وفي الحمام رجل ومعه ابنه ،فأراد الرجل أن يعرف خالداً ما عنده من البيان والنحو، فقال :يا بني ابدأ بيداك ورجلاك ،ثم التفت إلى خالد فقال له : يا أبا صفوان هذاكلام قد ذهب أهله فقال :خالد هذا كلام ما خلق الله له أهلا.
نادرة لطيفة: نظر طفيلي إلى قوم ذاهبين ،فلم يشك أنهم ذاهبون إلى وليمة فقام وتبعهم ،فإذا هم شعراء قد قصدوا السلطان بمدائح لهم، فلما أنشد كل واحد شعره وأخذ جائزته، لم يبق إلإ الطفيلي وهو جالس ساكت ،فقال له: أنشد شعرك فقال :لست بشاعر قيل: فمن أنت؟ قال من الغاوين الذين قال الله تعالى في حقهم ( والشعراء يتبعهم الغاوون ) فضحك السلطان وأمر له بجائزة الشعراء.
وحكى الهيثم بن عدي قال: ماشيت الإمام أبا حنيفة رضي الله تعالى عنه ،في نفر من أصحابه إلى عيادة مريض من أهل الكوفة ،وكان المريض بخيلا وتواصينا على أن نعرض بالغداء ،فلما دخلنا وقضينا حق العيادة قال بعضنا: (آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا ) قال : فتمطى المريض وقال: (ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج ) فغمز أبو حنيفة أصحابه وقال: قوموا فما لكم هنا من فرج.
ومن لطائف المنقول: أن أبا محمد الوزير المهلبي كان في غاية من الأدب والمحبة لأهله، وكان قبل اتصاله بمعز الدولة بن بويه في شدة عظيمة من الضرورة والمضايقة، وسافر وهو على تلك الحالة، ولقي في سفره شدة عظيمة فاشتهى اللحم فلم يقدر عليه فقال ارتجالا:
إلا موتٌ يباع فأشتريه .. فهذا العيش ما لا خير فيه
ألا موتٌ لذيذ الطعم يأتي .. يخُلِّصني من العيش الكريه
إذا أبصرتُ قبراً من بعيدٍ .. وددت لو أنني فيما يليه
ألا رحم المهيمن نفس حرٍّ .. تصدّق بالوفاة على أخيه
كان له رفيق يقال له أبو عبد الله الصوفي وقيل :أبو الحسن العسقلاني فلما سمع الأبيات اشترى له لحما بدرهم، وطبخه وأطعمه وتفارقا ،وتنقلب الأحوال وولي الوزارة ببغداد لمعز الدولة المذكور، وضاق الحال برفيقه الذي اشترى له اللحم في السفر وبلغه وزارة المهلبي فقصده وكتب إليه:
ألا قل للوزير فدتْهُ نفسي .. مقال مذكّرٍ ما قد نسيه
أتذكرُ إذ تقولُ لضيق عيشٍ .. ألا موتٌ يُباعُ فاشتريه
فلما وقف عليها تذكر الحال وهزته أريحية الكرام فأمر له بسبعمائة درهم ووقع له في رقعته ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة) ثم دعا به فخلع عليه وقلده عملا يرتفق منه.
وقيل أن أبي دلامة دخل على المهدي فأنشده قصيدة فقال : سل حاجتك فقال يا أمير المؤمنين هب لي كلبا قال: فغضب وقال : أقول لك سل حاجتك تقول: هب لي كلبا فقال: يا أمير المؤمنين الحاجة لي أو لك فقال : بل لك فقال: إني أسألك أن تهب لي كلب صيد فأمر له بكلب فقال : يا أمير المؤمنين هبني خرجت للصيد أعدو على رجلي فأمر له بدابة فقال: له يا أمير المؤمنين فمن يقوم عليها ؟فأمر بغلام فقال: يا أمير المؤمنين هبني صدت صيدا وأتيت به المنزل فمن يطبخه؟ فأمر له بجارية ،فقال يا أمير المؤمنين :فهؤلاء أين يبيتون ؟فأمر له بدار فقال : يا أمير المؤمنين قد صيرت في عنقي عيالا فمن أين لي ما يقوت هؤلاء؟ قال :المهدي اعطوه جريب نحل ، ثم قال : هل بقيت لك حاجة قال : نعم فأذن لي أن أقبل يدك.
ومن المنقول عن حنين، أنه كان إسكافيا من أهل الحيرة ساومه أعرابي بخفين ،ولم يشتر منه شيئا وغاظه ذلك، فخرج إلى الطريق التي لا بد للأعرابي من المرور منها ،فعلق الفردة الواحدة منهما في شجرة على طريقه ،وتقدم قليلا فطرح الفردة الثانية واختفى، فجاء الأعرابي فرأى أحد الخفين فوق الشجرة فقال : ما أشبهه بخف حنين، لو كان معه آخر لتكلفت أخذه ، وتقدم فرأى الخف الآخر مطروحا فنزل وعقل بعيره وأخذه ورجع ليأخذ الأول ، فخرج حنين من الكمين فأخذ بعيره وذهب ورجع الأعرابي إلى ناحية بعيره فلم يجده، فرجع بخفي حنين فصارت مثلا.
وحكي أنه قدم رجل إلى بغداد ومعه عقد يساوي ألف دينار ،فأراد بيعه فلم يتفق فجاء إلى عطار موصوف بالخير والديانة ،فأودع العقد عنده ،وحج وأتى بهدية للعطار ،وسلم عليه فقال: من أنت ومن يعرفك ؟قال: أنا صاحب العقد فلما كلمه رفسه وألقاه عن دكانه، فاجتمع الناس وقالوا :ويلك هذا رجل صالح ،فما وجدت من تكذب عليه إلا هذا؟ فتحير الحاج وتردد إليه فما زاده إلا شتما وضربا،فقيل له :لو ذهبت إلى عضد الدولة لحصل لك من فراسته خير، فكتب قصته وجعلها على قصبة وعرضها عليه فقال: ما شأنك فقص عليه القصة ،فقال : اذهب غدا واجلس في دكان العطار ثلاثة أيام ،حتى أمر عليك في اليوم الرابع، فأوقف وأسلم عليك ،فلا ترد علي إلا السلام، فإذا انصرفت أعد عليه ذكر العقد ،ثم أعلمني بما يقول لك ففعل الحاج ذلك ،فلما كان في اليوم الرابع جاء عضد الدولة في موكبه العظيم، فلما رأى الحاج وقف وقال السلام عليكم ،فقال الحاج :وعليكم السلام ،ولم يتحرك فقال :يا أخي تقدم من العراق ،ولا تأتينا ولا تعرض علينا حوائجك؟ فقال له: اتفق هذا ولم يزده على ذلك شيئا ،هذا والعسكر واقف بكماله ،فانذهل العطار وأيقن بالموت فلما أنصرف عضد الدولة التفت العطار إلى الحاج، وقال له: يا أخي متى أودعتني هذا العقد ؟وفي أي شيء هو ملفوف ؟فذكرني لعلي أتذكر فقال: من صفته كذا وكذا فقام وفتش ثم فتح جرابا وأخرج منه العقد، وقال: الله أعلم أنني كنت ناسيا ولو لم تذكرني ،ما تذكرت فأخذ الحاج العقد ومضى، إلى عضد الدولة فأعلمه فعلقه في عنق العطار ،وصلبه على باب دكانه ونودي عليه هذا جزاء من استودع ثم جحد، ثم أخذ الحاج العقد ومضى إلى بلاده.
ومن المنقول عن أذكياء الأطباء أن جارية من جواري الرشيد، تمطت فلما أرادت أن تمد يدها لم تطق، وحصل فيها الورم ،فصاحت وآلمها فشق على الرشيد وعجز الأطباء عن علاجها ،فقال له طبيب حاذق : يا أمير المؤمنين لا دواء لها إلا أن يدخل إليها رجل أجنبي غريب، فيخلو بها ويمرخها بدهن نعرفه، فأجابه الخليفة إلى ذلك رغبة في عافيتها، فأحضر الطبيب الرجل والدهن وقال: أريد من أمير المؤمنين أن يأمر بتعريتها حتى يمرخ جميع أعضائها ،بهذا الدهن فشق ذلك على الخليفة، وأمره أن يفعل وأضمر في نفسه قتل الرجل ، وقال للخادم خذه وأدخله عليها بعد أن تعريها ،فعريت الجارية وأقيمت فلما دخل عليها وقرب منها، وسعى إليها وأومأ بيده إلى فرجها ليمسه ،غطت الجارية فرجها بيدها ،التي قد كانت عطلت حركتها، ولشدة ما داخلها من الحياء والجزع ،حمي جسمها بانتشار الحرارة الغريزية، فأعانها على ما أرادت من تغطية فرجها ،واستعمال يدها في فرجها ،فلما غطت فرجها قال لها الرجل :الحمد لله على العافية فأخذه الخادم وجاء به إلى الرشيد ،وأعلمه بالحال وما اتفق، فقال الرشيد للرجل: فكيف نعمل في رجل نظر إلى حرمنا ؟فمد الطبيب يده إلى لحية الرجل فانتزعها فإذا هي ملصقة ،وإذا الشخص جارية ،وقال :يا أمير المؤمنين ما كنت لأبذل حرمك للرجل ،ولكن خشية أن أكشف لك الخبر ،فيتصل بالجارية فتبطل الحيلة ،ولا يفيد العلاج ،لأني أردت أن أدخل على قلبها فزعا شديداً ،ليحمي طبعها ويقودها إلى تحريك يدها ،وتمشي الحرارة الغريزية في سائر أعضائها ، بهذه الواسطة فسرى على الرشيد ما كان وقر في صدره من الرجل وأجزل عطيته.
قال أبو عمرو الجهضمي: كان لي جار طفيلي وكان من أحسن الناس منظرا وأعذبهم منطقا وأطيبهم رائحة، فكان من شأنه إذا دعيت إلى وليمة يتبعني فيكرمه الناس من أجلي ويظنون صحبتي له ،فاتفق أن جعفر بن القاسم الهاشمي أمير البصرة، أراد أن يختن أولاده فقلت في نفسي:كأني برسول الأمير قد جاءني وكأني بالطفيلي قد تبعني والله لئن فعل لأفضحنه ،فأنا على ذلك إذا جاءني رسول الأمير يدعوني فما زدت على أن لبست ثيابي وخرجت فإذا أنا بالطفيلي واقف على باب داره وقد سبقني بالتأهب فتقدمت وتبعني فلما حضرت الموائد كان معي على المائدة فلما مدَّ يده ليأكل قلت :حدثني درسة بن زياد عن أبان ابن طارق عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من دخل دار قوم بغير إذنهم فأكل طعامهم دخل سارقا وخرج مغيراً فلما سمع الطفيلي ذلك قال :أنفت لك والله يا أبا عمرو من هذا الكلام على مائدة سيد من أطعم الطعام فإنه ما من أحد من الجماعة إلا وهو يظن أنك تعرض به دون صاحبه وقد بخلت بطعام غيرك على من سواك ثم ما استحييت حتى حدثت عن درسة بن زياد وهو ضعيف وعن أبان بن طارق وهو متروك الحديث والمسلمون على خلاف ما ذكرت فإن حكم السارق القطع، وحكم المغير أن يعزر على ما يراه الإمام ،وأين أنت من حديث حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن الزبير عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ،طعام الواحد يكفي الأثنين ،وطعام الأثنين يكفي الأربعة ،وطعام الأربعة يكفي الثمانية ،وهو إسناد صحيح ،ومتن صحيح متفق عليه ،قال أبو عمرو :والله لقد أفحمني ولم يحضرني جواب فلما خرجنا فارقني من جانب الطريق إلى الجانب الآخر، بعد أن كان يمشي ورائي وسمعته يقول:
ومن ظنّ ممن يلاقي الحروب .. بأن لا يصاب فقد ظنّ عجزا.
ومن المنقول عن أذكياء النساء ، حكى المدائني قال :خرج ابن زياد في فوارس فلقوا رجلاً ومعه جارية، لم ير مثلها في الحسن، فصاحوا به خل عنها وكان معه قوس فرمى أحدهم فهابوا الإقدام عليه ،فعاد ليرمي فانقطع الوتر ،فهجموا عليه وأخذوا الجارية ،فهرب واشتغلوا عنه بالجارية ،ومد بعضهم يده إلى أذنها ،وفيها قرط وفي القرط درة يتيمة لها قيمة عظيمة، فقالت : وما قدر هذه الدرة إنكم لو رأيتم ما في قلنسوته من الدر لاستحقرتم هذه فتركوها ،واتبعوه وقالوا له ألق ما في قلنسوتك ،وكان فيها وتر قد أعده فنسيه من الدهش ،فلما ذكره ركبه في القوس ورجع إلى القوم فولى ،و قيل أن رجلاً سأل بعضهم وكان من الحمق على الجانب عظيم فقال : إيما أفضل عندك معاوية أو عيسى بن مريم ؟فقال: ما رأيت سائلا أجهل منك ،ولا سمعت بمن قاس كاتب الوحي إلى نبي النصارى، ومن ذلك أن لصا تسور روزنة وكان اللص مغفلا فنظر من خلال الروزنة فوجد رجلا وزوجته وهي تقول له :يا رجل من أين اكتسبت هذا المال العظيم؟فقال لها:كنت لصا وكنت إذا تسورت روزنة بيت صبرت إلى أن يطلع القمر فإذا طلع اعتنقت الضوء الذي في الروزنة وتدليت بلا حبل وقلت:شولم شولم فنزلت فآخذ جميع ما في البيت ولا تبقى ذخيرة من ذخائر البيت إلا ظهرت لي ثم أقول :شولم شولم وأصعد في الضوء ولا ينتبه أحد من أهل البيت وأذهب بلا تعب ولا كلفة فسمع اللص ذلك فصبر إلى أن طلع القمر ونام أهل البيت فتعلق في ضوء الروزنة فوقع وتكسرت أضلاعه فقام إليه صاحب البيت وقبض عليه وأسلمه إلى صاحب الشرطة.

لعل رمضان لا يلقانا العام القادم




*بقلم : سليم عثمان
إني رأيت أن لا يكتبَ إنسانٌ كتاباً في يومه إلا قال في غده:
لو غُيِّرَ هذا لكان أحسنَ, ولو زيدَ كذا لكان يُستحسنُ , ولو قُدِّم هذا لكان أفضلَ, ولو تُرك هذا لكان أجملَ, وهذا من أعظم العِبَرِ, وهو دليلٌ على استيلاء النقص على جُمْلةِ البشرِ . العماد الأصفهاني
هل فكرت أخي المسلمة- أختي المسلمة أن رمضان هذا العام ربما يكون الأخير الذي تصومه فى حياتك ؟هل تفكر فى أن تجعله مختلفا عن رمضانك السابق؟ لَو نَظَرَ كُلٌّ مِنَّا فِيمَا مَضَى مِن عُمُرِهِ وَمَا خَلا مِن أَيَّامِ دَهرِهِ ثم سَأَلَ نَفسَهُ: كَم رَمَضَان مَرَّ عَلَيَّ؟ وَمَاذَا فَعَلتُ فِيمَا مَضَى مِن مَوَاسِمَ؟ هَل كُنتُ فِيهَا مَعَ المُشَمِّرِينَ المُسَابِقِينَ المُسَارِعِينَ، أَم كُنتُ مُسَوِّفًا مُقَصِّرًا عَاجِزًا؟ لوجدنا هنالك تقصيرا كثيرا لذا لن يكفي احدنا التحسر والندم بل التشمير عن ساعد الجد لإغتنام فرصة جديدة قد لا تتكرر ، فقد كان معظمنا سَهَرٌ في اللَّيلِ طَوِيلٌ، وَنَومٌ في النَّهَارِ وَبِيلٌ، وَتَفوِيتٌ لِصَلاةِ الجَمَاعَةِ، وَعَدَمُ إِدرَاكٍ لِتَكبِيرَةِ الإِحرَامِ، بَل رُبَّمَا تَركٌ لِلصَّلَوَاتِ المَفرُوضَةِ وَتَضيِيعٌ لها، فَكَيفَ بِصَلاةِ التَّرَاوِيحِ وَقِيَامِ اللَّيلِ؟! أَمَّا القُرآنُ فَمَا أَطوَلَ شَكوَاهُ مِنَ الهَجرِ وَعَدَمِ العِنَايَةِ بِهِ! وَأَمَّا الإِنفَاقُ فَمَا أَقَلَّ نَصِيبَنَا مِنهُ! وَأَمَّا المُشَارَكَةُ في البِرِّ وَنَفعِ الآخَرِينَ فَمُقِلُّونَ مِنهَا. هَذِهِ هِيَ أَحوَالُ أَكثَرِنَا فِيمَا مَضَى وَخَلا إِلاَّ مَن رَحِمَ اللهُ، وَأَحسَنُنَا حَالاً مَن يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ قَلِيلاً مِنَ اللَّيلِ، وَيَقرَأُ مِنَ القُرآنِ شَيئًا وَلا يَكَادُ يَختِمُهُ، وَهُوَ في مَكَانِهِ هَذَا يُراوِحُ، وَلِمُستَوَاهُ مُنذُ سَنَوَاتٍ مُلازِمٌ، يَتَقَدَّمُ عُمُرُهُ ولم يَتَقَدَّمْ عَمَلُهُ، وَيَقتَرِبُ أَجلُهُ وَلم يَزدَدْ تَأَهُّبُهُ ، وما دام الإنسان حيا وفي كامل قواه العقلية ،فهو مأمور بالتوبة، من ذنب أو من غير ذنب، وتجديدها كلما سنحت الفرصة، وليس هنالك ذنب مهما عظم ،لا تصح التوبة منه، أو لا تقبل التوبة منه كما يعتقد البعض ، ورمضان فرصة طيبة لتصحيح أخطاءنا وتقصيرنا ،فيما فرطنا فى سابق أعمارنا، ولهذه الغفلة التى يقع فيها الكثيرمنا ،آثارا سلبية ،ونتائج فادحة، قد تصيب المرء في مقتل ، وخصوصا إذا فاته الأوان، بأن لقي ربه ،وهو على تلك الحال، من الانغماس في المنكرات ،وترك الواجبات،فكم من اخوان لنا صاموا معنا العام الفائت، واليوم نفتقدهم؟ ومن تلك الآثار القبيحة الخطيرة، شقاوة في الحياة وضنك في المعاش، قال تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (طه:124) ثم الحسرة والندامة يوم القيامة على التفريط في دين الله، وهو وقت لا ينفع فيه الندم وأخيرا تمني العودة والكرة إلى الدنيا لاستدراك ما فات، وهو أمر ممتنع ولا شك، قال تعالى: أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ.فى هذا الشهر الفضيل علينا أن نتذكر الموت: يقول الله تعالى تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ (آل عمران:185)، وقال تعالى: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ (الرحمن:26، 27)، وقال تعالى: أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمْ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ (النساء:78)، وقال الرسول : (أكثروا من ذكر هادم اللذات).
فأكثر من عملك،عزيزي الصائم واقصُر من أجلك"، قال الشاعر:
الْموت في كل حين ينشر الكفنا…ونحن في غفلة عما يراد بنا
لا تطمئن إلى الدنيا وزينتها…ولو توشحت من أثوابها الْحسنا
أين الأحبة والجيران وما فعلوا…أين الذين هم كانوا لنا سكنا
سقاهم الْموت كأسًا غير صافية…فصيرتْهم لأطباق الثرى رهنا
فيا أخي الصائم كم من ذاهب بلا إياب، وكم من حبيب على الرغم قد فارق الأحباب وترك الأهل والأصحاب وانتقل إلى ثواب جزيل أو عقاب وأنت ما زلت مخدوعًا بهذه الدنيا وسفرك على اقتراب، فانتبه واستعدّ للرحيل بعمل صالح تفرح به عند مقابلة ربك الجليل.
اللهم إنا نسألك أن تهدينا بهداية الإيمان، وأن تغفر لنا الذنوب والعصيان، اللهم واجعل الدنيا في أيدينا، وأعنّا اللهم على طاعتك، واغفر اللهم لنا ولجميع موتى المسلمين.
أذكر نفسي وإيّاكم إخوتي بشكر الله تبارك وبقوله تعالى : ( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ) (البقرة:152) نشكر الله تعالى الّذي وفّقنا لبلوغ هذا الشّهر ، شهر الصّبر، شهر الطّاعة والشّكر، شهر الإنابة والذّكر ، فكم من قلوب اشتاقت وحنّت للقاء هذا الشّهر فانقطع بها القدر، وانقطع عنها الأثر ،صاروا اليوم في القبور واللّحود، وما عادوا من أهل الوجود ، وكم مـن أناس رأيناهم تفانوا فلم يبق منهم قريب، وصاروا إلى حفرة تحتوي ويُسلم فيها الحبيبَ الحبيبُ، لقد أراد الله تعالى أن تكون هذه السّنة ممّن يزدادون تقرّبا منه تعالى بصوم شهر رمضان وقيام ليله ، ولو قيل لأهل القبور تمنّوا لتمنّوا يوما من رمضان ، ويدلّ على ذلك ما رواه الطّبرانيّ في (الأوسط) عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مرّ بقبر فقال: ( مَنْ صَاحِبُ هَذَا القَبْرِ ؟ ) فقالوا: فلان. فقال: ( رَكْعَتَانِ أَحَبُّ إِلَى هَذَا مِنْ بَقِيَّةِ دُنْيَاكُمْ ). فإذا كان هذا حال ركعتين فقط، فكيف أخي الكريم - أختي الفضلي بأيّام نهارها صيام؟ وليلها قيام؟ نهارها ذكر وخضوع؟وليلها تهجّد وخشوع؟ كيف بعدة سنوات سابقة ؟صمت فيها رمضان، ونسيت أن فى رمضان ليلة خير من ألف شهر؟ لذلك نشتاق جميعا الى رمضان حتى نستقبله، وترانا لا نودّعه إلاّ وقلوبنا تحترق لوداعه، ولسان حال كل منا لعلنا لا نلقاه بعد عامنا هذا فالسعيد فينا من يوفقه الله الى صيام نهاره وقيام ليله ،والى تلاوة القرانوعمل الخيرات،والتصدق على الفقراء والمساكين، إن شهر الصيام إخواني هو موسم النفوس الطائعة، وهو مدرسة كاملة للتربية ،على الأخلاق الفضيلة، من الأمانة والصبر والرحمة ،والشعور بآلام الفقير والمحتاج، فالصائم أمين على هذه العبادة التي لا يشوبها الرياء،والرياء كما تعلمون أصغر أنواع الشرك بالله، لأن الصيام سرّ بين العبد وربه (الصوم لي وأنا أجزئ به) فالصوم فيه تجديد للعهد على الطاعة والعبادة يقطعه المخلصون على أنفسهم، والصائمون على المعاصي، طمعا في فضل ومغفرة خالقهم،وكما قال رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم :(إن في الجنة بابا يقال: له الريان ،يدخل منه الصائمون يوم القيامة ،لا يدخل منه أحد غيرهم ،يقال :أين الصائمون ؟فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم ،فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد)وبصومنا لرمضان على هدي نبينا الكريم تسمو أرواحنا ، وتطيب نفوسنا وأعمالنا ، وتصقل قلوبنا ، وتنقّى سرائرنا ، وتزكّى نفوسنا ، ويذهب درَنها، ويتساقط وزرها.
يا من تعّدون أنفسكم لصيام رمضان ،وقيام ليله، وإحياء سنة نبيكم ،وخلفائه من الصحابة والتابعين ،في التراويح والتسابيح ،وفعل الخيرات والبعد عن المعاصي ،والآثام والمنكرات، ليقينكم أن الخاسر من أدراك رمضان ،ولم يغفر له، كما أشار الى ذلك نبينا الكريم عليه من الله أفضل الصلاة وأزكي التسليم (رغم أنف امرئ أدرك رمضان فلم يغفر له).
وقفات سريعة بين يدي الشهر الفضيل:
* مختلفون حتى فى شعيرة الصيام !
كل عام نجد أن أمتنا الإسلامية لا تتوحد فى صومها فهناك أكثر من دولة عربية وأسلامية صام الناس فيها يوم السبت بينما بدأ السواد الإعظم الصوم يوم الجمعة ولما كانت عبادة الصوم مرتبطة برؤية هلال رمضان لحديث النبي عليه الصلاة والسلام : (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غمّ عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين) تجد هناك من لا يصوم لرؤية الهلال بواسطة التلسكوبات الفلكية وغيرها ويصر على رؤية الهلال فلماذا لا تصوم الأمة كلها لرؤيته من خلال هذه الوسائل الفلكية العلمية الحديثة؟ مجرد سؤال نعلم علم اليقين أنه لن ينهي جدلا قديما متجدداكل عام .
*شياطين الفضائيات:
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم قَال : (إِذَا كَانَت أَوَّلُ لَيلَةٍ مِن رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الجِنِّ، وَغُلِّقَت أَبوَابُ النَّارِ فَلَم يُفتَحْ منها بَابٌ، وَفُتِّحَت أَبوَابُ الجَنَّةِ فَلَم يُغلَقْ مِنهَا بَابٌ، وَنَادَى مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الخَيرِ أَقبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقصِرْ، وَللهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلِكَ في كُلِّ لَيلَةٍ). فاذا كان الله سبحانه وتعالي يصفد الشياطين فى هذا الشهر الكريم حتى يغنم الصائمون ويفوزوا بالجنان فإن بعض إخواننا من القائمين على أمر الفضائيات يطلقون شياطين الإنس من مخرجين وممثلين ومن أهل الفن حتى يجعلونا نحن ضعاف الإيمان فى حيرة من أمرنا فالمسلسلات تعرض فى أوقات الصلوات وطوال الليل فلماذا لا تساعد الفضائيات الناس بتركهم لشهر واحد يتعرضون لنفحات الله فى دهره؟
*الصديقون والشهداء:
جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم – كما في صحيح ابن حبان – فقال : يا رسول الله ، أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، وأديت الصلوات الخمس وأديت الزكاة وصمت رمضان وقمته فمن أنا ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : ( أنت من الصِّدِّيقين والشهداء )فكيف أخي الفاضل إذا أضفنا لها الصدقات والنوافل وافطار الصائمين من الفقراء والمساكين؟وساعدنا فى رمضان المحتاجين وتذكرنا فضل الظهر(من كان له فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له،يسير أحدنا بسيارة فارهة فى شوارع المدينة ويري الناس وقوفا على الطرقات فلا يحمل معه على ظهر دابته الفارهة هذه أحدا من هؤلاء،ثم يقول لك ،أنا صائم،يحلف الجزار والتاجر والصانع كذبا فى نهار رمضان ويقول لك: إني صائم،يقصر الموظف فى عمله ولا يخلص معاملات المراجعين ثم يقول لك :إني صائم،مطلوب من التجار أن يخففوا على الصائمين فى هذا الشهر ولا يسعوا الى الربح الفاحش،مطلوب من سائقي السيارات العامة تخفيف معاناة الطلاب وذوي الحاجة، مطلوب من وسائل الاعلام خاصة الفضائيات أن تتقي الله فى الصائمين،مطلوب من أخواتنا وبناتنا الاحتشام حتى لا يحملن أوزارا كثيرةفى هذا الشهر وفي غيره، وبامكان المرء أن يجعل كل حركاته وسكناته لله، تناظر أبو موسى ومعاذ ابن جبل حول قيام الليل قال معاذ رضي الله عنه: (أما أنا فأصلي وأرقد وأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي). أنظر يا هداك الله الى فضله حتى وأنت نائم تكسب أجرا فكيف بك فى يقظتك؟
*أخلاق الصائم
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل وإن جهل عليه أحد فليقل إني امرؤ صائم) ما فائدة الصيام إذا كان لا ينهى عن فحشاء أو منكر؟ ووما فائدة الصيام إذا كان لا يزكي الأنفس ويطهرها من الشح والأثرة وسائر الدناءات؟ومن أخلاق الصيام التي ينبغي للصائم المؤمن أن يتحلى بها خلق الصبر، ورمضان شهر الصبر، لأن الامتناع عن الشهوات المعتادة يحتاج إلى صبر، فيصبر الإنسان على الجوع والعطش، طاعة لله عز وجل ومحبة له، واتباعاً لنبيه صلى الله عليه وسلم،ومن أخلاق الصيام: الرحمة والمواساةوقضاء الحوائج، فرمضان شهر الرحمة والمواساة، يتذكر فيه الغني أخاه الفقير، ويشفق عليه، ويواسيه بالمال والطعام والشراب، وقد رغَّب النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فقال: (من فطَّر صائماً كان له مثل أجره، من غير أن ينقض من أجر الصائم شيء) والصبر على أذى الناس وسفاهة السفهاء، قال صلى الله عليه وسلم: (وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يفسق ولا يرفث، فإن سابَّه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم) متفق عليه ،ومن أخلاق الصيام: الأمانة؛ لأن الصيام أمانة من جملة الأمانات التي تحملها الإنسان وعجزت عن حملها السماوات والأرض قال تعالى: (ِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) (72) سورة الأحزاب،ومن أخلاق الصائم المؤمن: النصح لكل مسلم، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (الدين النصيحة)قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: (لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) رواه مسلم. ومن أخلاق الصيام: الإصلاح بين الناس: وهو باب عظيم من أبواب الخير غفل عنه كثير من الناس، قال -تعالى: (لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) (114) سورة النساء. وقال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (10) سورة الحجرات.
*صنوف البر فى رمضان
أنواع البر وصنوفه فى رمضان كثيرة لا تحصى فمنها على سبيل المثال لا الحصر: الصيام يغفر به الله ما تقدم من السيئات، ويبلغ به العبد العالي من الدرجات فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) ومن أبواب البر في هذا الشهر الكريم قراءة القرآن: فإن هذا الشهر هو شهر القرآن قال الله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يختم القرآن في رمضان فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (كان جبريل يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن، كل عام مرة فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه) ومن أبواب الخير في هذا الشهر الكريم الجود والكرم والسخاء والصدقات وذلك أن النفوس إذا زكت وطهرت أعطت وبذلت، فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان ،حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه جبريل في كل ليلة من رمضان، فيدارسه القرآن،فالرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة) وللأسف فإن بعض أهل الإنفاق يمسك عن البذل والصدقة خشية الفقر أو بسبب الأوضاع الإقتصادية الصعبة التى تمر بها البلاد أو غير ذلك من الأسباب ولهؤلاء الإخوة نقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما نقصت صدقة من مال)أو (ما نقص مال من صدقة) ومن أبواب الخير في هذا الشهر اعتكاف العشر الأواخر منه فإن النبي صلى الله عليه وسلم: (كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل).
*الشيخ كشك رحمه الله
في آخر لقاء مع الشيخ الخطيب عبدِ الحميد كشكٍ رحمه الله سأله الصحفي:
ما البرامج التي تعجبك وتجلس أمام التلفزيون لمتابعتها ؟
فأجاب :أنا لا أجلس أمام التلفزيون إلا للضرورة السياسية كخطاب سياسي أما غير ذلك فإن الله تبارك وتعالى أكرمني بفقد البصر حتى لا أرى ما يغضبه .
رأيت العمى أجراً وذخراً وعصـمةً
وإنـــي إلى تلك الثلاثِ فقيـرُ
يعيرني الأعــــداءُ والعيبُ فيهمُ
وليس بعيبٍ أن يُقـــال ضريـرُ
إذا أبصر المرءُ المروءة والــــوفا
فإن عمى العينين ليس يَضيــــر
لا ضير أخي الصائم فى أن تجلس أمام التلفاز، لكن حذار أن تنظر الى ما لا يرض الله فى هذا الشهر الفضيل ثم سئل عن تجربته في الحياة سواء في السجن والمحنة أم غيرها وما الحكمة بعد كل هذه التجربة ؟ فقال : لخصتها في ستِّ حِكم :
ذقت الطيباتِ كلَّها, فلم أجد أطيب من العافية، وذقت المراراتِ كلها, فلم أجد أمرّ من الحاجة إلى الناس،وحملت الصخر والحديد, فلم أجد أثقل من الدين، ولو سئلت عمن هو أثقل من السموات والأرض لقلت : تهمة البريء. الشجاعة ليست هي التهورَ, إنما أن تقول الحق دون أن تسمح للآخرين بأن يتسلقوا على كتفيك. وإياك أن تغتر بالعواطف, فإن العواطفَ تخفي وراءها ما وراءها .
*حتى ينكح أربع نسوة
دخل أعرابي على الحجاج فسمعه يقول:
لا تكمل النعمةُ على المرء حتى ينكح أربع نسوة يجتمعن عنده، فانصرف الأعرابي فباع متاع بيته، وتزوج أربع نسوة، فلم توافقْه منهن واحدة، خرجت واحدة حمقاءُ رعناءُ، والثانية متبرّجةٌ، والثالثة فاركٌ أو قال: فروك، والرابعة مُذَكَّرة، فدخل على الحجاج فقال: أصلح الله الأمير، سمعت منك كلاماً أردت أن تتم لي به قرةُ عين؛ فبعت جميع ما أملك، حتى تزوجت أربع نسوةٍ، فلم توافقني منهن واحدة، وقد قلت فيهن شعراً، فاسمع مني، قال: قُل. فقال:
تزوجتُ أبغي قُرّةَ العينِ أربَعا ***فياليـتَ أنّى لم أكـن أتـزوَّجُ
وياليتنى أَعْمَى أصمُّ ولم أكُنْ *** تزوجتُ بل ياليت أنـى مُخَـدَّجُ
فواحدةٌ ما تعـرفُ الله ربَّها *** ولا ما التُّقَى تدري وَلا ما التَّحرُّجُ
وثانيةٌ مـا إن تـقـرَّ ببيتها *** مـذكّـرةٌ مشـهـورة تتـبرَّجُ
وثالثة حمقاءُ رَعْنَا سـخيفةٌ *** فكل الذي تأتـي من الأمر أعوجُ
ورابعةٌ مفروكةٌ ذاتُ شـِرَّةٍ *** فليستْ بها نفسي مَدَى الدهر تُبْهَجُ
فهنَّ طلاقٌ كلّـُهُن بوائنُ *** ثـلاثاً ثلاثاً فاشـهَدُوا لا تلجلجوا
فضحك الحجاج حتى كاد يسقط من سريره، ثم قال له: كم مهورهنّ؟ قال: أربعة آلاف درهم. فأمر له بثمانية آلاف درهم.
*بخل
* قالَ الأعمشُ : أدركتُ أقواماً كانَ الرجلُ منهم لا يلقى أخاه شهراً وشهرين، فإذا لقيه لم يزده على "كيف أنت؟ "، و "كيف الحالُ؟"، ولو سأله شطرَ مالِه لأعطاه .
ثم أدركتُ أقوامًا لو غابَ أحدهم عن أخيه يوماً، ثم لقِيه، لسأله عن الدجاجة في البيتِ، ولو سأله شطرَ حبّةً من مالِه لمنعه ! أحِبَّ اللهَ يحببك الناس.. ما يحبُّه فأحبَّه، وما يكرهُه فاكرهْه؛ إذن ترتفع منزلتك عند الله وعند الناس، وبهذا وحده تظلُّ عاليَ الشأن رفيع المنزلة..!
*من أقوال السلف
*قال ابن القيم رحمه الله: ولو لم يكن في العلم إلا القرب من رب العالمين والالتحاق بعالم الملائكة لكفى به شرفاً وفضلاً، فكيف وعزّ الدنيا والآخرة منوط به مشروط بحصوله
*قال الحسن: إياك والتسويف، فإنك بيومك ولست بغدك، فإن يكن غداً لك فكن في غد كما كنت في اليوم، وإن لم يكن لك غد لم تندم على ما فرطت في اليوم.
*قيل للشعبي رحمه الله: من أين لك هذا العلم كله؟ قال: بنفي الاعتماد، والسير في البلاد، وصبر كصبر الجماد، وبكور كبكور الغراب.
*قال يحيى بن معاذ: القلوب كالقدور تغلي بما فيها، وألسنتها مغارفها، فانظر إلى الرجل حين يتكلم، فإن لسانه يغترف لك مما في قلبه، حلو.. حامض.. عذب.. أجاج.. وغير ذلك، ويبين لك طعم قلبه اغتراف لسانه.

*قيل لأحمد بن حنبل: كيف تعرف الكذابين؟ قال: بمواعيدهم.
*جنون
أنا متعَب ودفاتري تعبت مـعي هل للدفاتر يا ترى أعصــاب؟؟
لاتعذلوني إن كشفت مواجعـي وجـه الحقيـقة ماعليه نقــاب
إن الجنون وراءنصف قصائدي أوَ ليس في بعض الـجنون صوابُ !
فإذا صرخت بوجه من أحببتهم فلكي يـعيش الحبُّ والأحبــاب
*أحمق
ضاع لأحدهم حمار فنذر أن يصوم ثلاثة أيام إن وجد الحمار وبعد فترة من الزمن وجد حماره فأوفى بنذره وصام الثلاثة الايام وما أن أكمل الصيام حتى مات الحمار فقال: لأخصمنها من شهر رمضان.
*دعاء
اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمؤمنين يوم يقوم الحساب، اللهم اجعلنا مقيمي الصلاة ومن ذرياتنا ربنا وتقبل دعاء، ربنا هب لنا حكماً، وألحقنا بالصالحين، واجعل لنا لسان صدق في الآخرين، واجعلنا من ورثة جنة النعيم، ولا تخزنا يوم يبعثون، ربنا هب لنا من الصالحين، ولا تجعلنا فتنة للذين كفروا، وأوزعنا أن نشكر نعمتك التي أنعمت علينا، وأن نعمل صالحاً ترضاه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين

قنبلة الحدود قد تنفجر فى اي لحظة

مواطنو السودان وجنوب السودان، يأملون فى أن تفضي جولة المفاوضات الحالية بين وفدي البلدين فى أثيوبيا، الى أتفاق نفطي ،ينعش وضع أقتصادي الدولتين المنهكتين ،ولا أعتقد أن أى صيغة لإستئناف تصدير نفط جنوب السودان عن طريق أنبوب السودان ،سوف يستمر طويلا بحسبان أن الجنوب يريد فقط فك ضائقته الحالية ،ريثما يفكر فى إيجاد بديل اخر، والسودان نفسه بحاجة الى أي دولار يأتيه من الجار اللدود للجم جماح الشارع ،الذي ثار تحت ذات الضائقة المعيشية ،لكن ليست قضية النفط الوحيدة التى تشغل بال المسؤولين فى الدولتين ، فهناك قضية الحدود والمناطق الخمس المتنازع عليها، حسب وثيقة نشرتها (السوداني )مؤخرا هذه القضية سوف تسبب صداعا دائما لمسؤولي الدولتين ،وقد تجر القوات المسلحة فيهما لأستعراض القوة من وقت لاخر،لتأكيد ملكيتها لهذه المنطقة أو تلك، كما حدث مؤخرا فى هجليج ،وذلك كلما دعت الحاجة الى ممارسة السيادة على الأرض بهدف ارغام الطرف الاخر،على تقديم أقصي تنازل ممكن ،و المناطق المتنازع عليها هي (جودة) بمساحة 25 كلم2 والتي تقع في قطاع (أعالي النيل - النيل الأبيض)، أما المنطقة الثانية فتتمثل في منطقة المقينص بمساحة (425) كلم2، والتي تم تحديدها في (قطاع أعالي النيل - النيل الأبيض)، بجانب منطقة المقينص بمساحة 45 كلم2.
المنطقة الثالثة الخلافية والتي تم تحديدها والاتفاق عليها بين اللجنة المشتركة للحدود بين الشمال والجنوب فحددت منطقة (كاكا التجارية) بمساحة 1230 كلم2، والتي تقع في (قطاع أعالي النيل - جنوب كردفان)، أما المنطقة الخلافية الرابعة فقد تم الاتفاق عليها بين أعضاء اللجنة بحسب الوثائق على أنها (حفرة النحاس وكافيكنجي) بمساحة 12600 كلم2، والتي تقع في (قطاع جنوب دارفور - غرب بحر الغزال). ومعلوم أن جنوب السودان لا يكتفي بتلك المناطق الخمس المتنازع عليها حدوديا بين البلدين ،بل تطالب بضم مناطق ( المشاريع الزراعية) فى جنوب غرب ولاية سنار، فضلا عن مناطق طروجى ، بحيرة الابيض، والقردود فى جنوب كردفان اضافة لمنطقتى هجليج التى أحتلتها مؤخرا والخرصانة بعرض 100 كلم فى غرب كردفان ، علاوة على الميرم وابيى وسماحة فى شمال بحر العرب،ومن شأن ذلك أن يجعل الخرطوم فى موقف لا تحسد عليه فهي ستكون قد فقدت كل النفط الذي قامت باستخراجه من باطن الأرض للدولة الوليدة التى لا تريد أن تكتفي بالنفط فقط بل تطمع فى ضم مساحات معتبرة اليها.والخارطة التى قدمها الجنوب من خلال الوسيط الافريقي لمجلس الأمن تشير لنزعة توسعية لدولة جنوب السودان ولذلك نري أن موضوع الحدود سوف يستغرق وقتا طويلا حتى نصل لحل مرض للطرفين هذا إن لم يؤدي الى حرب جديدة بين الدولتين، سيما الوضع فى ابيي التى يتمسك كل طرف برويته للحل فيها .ومن مصلحة الدولتين إذن ابرام أتفاق يتم من خلاله لكل دولة تقديم الحد الأدني من التنازلات وذلك بهدف الاستفادة من عائدات بيع وتصدير النفط لتحسين الوضع الاقتصادي فى الدولتين ثم تعزيز القدرات الدفاعية والحربية لكل منهما انتظارا لحرب قد تشتعل في أي وقت
*مضي الثلث الأول:
مضى بحمد الله الثلث الأول من رمضان ولم يتبقي سوي ثلثين من الشهر الفضيل شهر رمضان شهر الخيرات شهر القرآن وشهر الغفران الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم:( إذا كان أو ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن ، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب ، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب وينادي مناد يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة) (رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجة). إن كثيرا منا أصبحت أحاديث الترغيب والترهيب لا تعني شيئا بالنسبة إليه، الذي يؤثر فيه أن يرغب بالدرهم والدينار ، الذي يهز كيانه أن يوعد أو توعد بأمر محسوس يصيبه في الدنيا، أما وعد الله تعالى ووعيده الذي هو في الآخرة فإنه يراه بعيدا وهو والله قريب ، إنه قريب منا ما رغبنا فيه وما رهبنا منه، إن من قسوة قلوبنا أننا أصبحنا إذا سمعنا الحديث عن الجنة والنار لا نتأثر! إنها الجنة تفتح أبوابها حتى لا يغلق منها باب، والنار تغلق أبوابها حتى لا يفتح منها باب، وينادي مناد المؤمنين الذين في قلوبهم الإيمان أقبلوا هلموا إلى رحمة الله تعالى، إلى مغفرته إلى عفوه إلى صفحه، تعالوا واستدركوا ما فاتكم، لقد قصرتم في أعمال، لقد ضيعتم أوقاتا، وفرطتم في عبادات وغفلتم وظلمتم واعتديتم وربما أشركتم وابتدعتم، كيف إذن كيف لانستفيد من الثلث الثاني من رمضان؟ إن فرطنا فى ثلثه الأول؟ بل كيف لا نستفيد من ثلثه الاخير الذي فيه ليلة خير من عبادة الف شهر ؟ليس للمؤمن هم اليوم سوى هم القبول.فقد ثبت ان سلفنا من الاوائل (كانوا يسألونه ستة أشهر أن يتقبله منهم.) ولقد ثبت عن سلفنا الغرّ الكرام أنهم(كانوا يعملون فيصيبهم الهمّ والغم بعد العمل، أكثر مما يصيبهم قبل العمل) وعن عائشة قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية:(والذين يؤتون ما ءاتوا وقلوبهم وجلة..) أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون ؟ قال)لا يا بنت الصديق ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون أن لا يقبل منهم أولئك الذين يسارعون في الخيرات" رواه الترمذي وابن ماجة وهو صحيح..وثبت عن ابن عمر –رضي الله عنهما- قوله: "لئن قبل الله مني ركعتين إني إذا لسعيد لأن الله تعالى قال:"إنما يتقبل الله من المتقين((إنما يتقبل الله من المتقين
وننسي ذلك اليوم الرهيب، يوم الحشر يقول ابن القيم فى مواعظه: إخواني تفكروا في الحشر والمعاد، وتذكروا حين تقوم الأشهاد: إن في القيامة لحسرات، وإن في الحشر لزفرات، وإن عند الصراط لعثرات، وإن عند الميزان لعبرات، وإن الظلم يومئذ ظلمات، والكتب تحوى حتى النظرات، وإن الحسرة العظمى عند السيئات، فريق في الجنة يرتقون في الدرجات، وفريق في السعير يهبطون الدركات، وما بينك وبين هذا إلاَّ أن يقال: فلان مات، وتقول: رَبِّ ارجعوني، فيقال: فات0 روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعاً ويلجمهم حتى يبلغ آذانهم) نعم يا أخواني معظمنا ينسي الاخرة بل وننسي قبلها الموت والقبر وعذابه، وفى ذلك يقول الرافعي: تأتي الأيام وهي في الحقيقة تفرُّ فرارها؛ فمن جاء من عمره عشرون سنةً ،فإنما مضت هذه العشرون من عمره، ولقد كان ينبغي أن تُصحَّح أعمال الحياة في الناس، على هذه الأصل البيِّن، لولا الطباع المدخولة، والنفوس الغافلة، والعقول الضعيفة، والشهوات العارمة، فإنه مادام العمر مقبلاً مدبراً في اعتبار واحد، فليس للإنسان أن يتناول من الدنيا إلا ما يرضيه ،محسوباً له ومحسوباً عليه في وقت معاً، وتكونُ الحياة في حقيقتها ليست شيئاً، إلَّا أن يكونَ الضميرُ الإنسانيُّ هو الحيَّ في الحيِّ،ويقول الشيخ سلمان العودة : متسائلا فى جلسة رمضانية: المنعمون في الدنيا إذا كانوا من أهل النار ماذا ينفعهم نعيمهم؟ ماذا تنفعهم لذة ساعة؟ ما تنفعهم القصور إذا صاروا إلى القبور؟ ماذا تنفعهم الأرصدة إذا ذهبوا إلى الدار الآخرة بلا رصيد؟ وماذا تنفعهم الأموال والأولاد والكراسي والمناصب؟ وماذا ينفعهم الجاه العريض في الدنيا إذا كانوا قد خرجوا من هذه الدنيا إلى الدار الآخرة، ولم يكونوا قدَّموا من الخير عملاً صالحاً؟ ولهذا قال الله عز وجل: (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ)(آل عمران:196-197).متاع قليل! أين فرعون؟ أين هامان ؟ أين قارون ؟! أين النمرود ؟ أين كسرى؟ أين قيصر؟!
ذهبوا ولم يبق منهم إلا أسماؤهم وأعمالهم وآثارهم يذمون بها ويشتمون ويلعنون بها إلى يوم يبعثون،بل حتى ملوك المسلمين وخلفاؤهم الذين توسعوا في ملاذ الدنيا، وبنوا القصور وعمروها وشيدوها، وجمعوا الأموال، وحشدوا الجنود، وفعلوا ما فعلوا أين هم؟أين قصر الحمراء، ومن بناه؟ أين قصر بني أمية في دمشق ؟ كلهم ذهبوا، ولم تبق إلا آثار درست، تقول للعقلاء: اعتبروا واتعظوا! ولذلك ينبغي أن نستثمر ما تبقي من أيام الشهر الفضيل فيما ينفعنا فى اخرتنا .لابد ان نستثمر فى ثلث المغفرة ليغفر الله لنا ولابد ان نجتهد فى الثلث الأخير لنكون من عتقاءه من النيران .
*رضا وقناعة
لا تحسبن أخي الكريم أختي الكريمة -الحياة الطيبة مجرد التمتع بالشهوات ولا الإكثار من عرض الدنيا وتشيد المنازل المزخفات، وإنما الحياة الطيبة راحة القلوب وطمأنينتها والقناعة التامة برزق الله وسرورها بذكر الله وبهجتها وانطباعها بمكارم الأخلاق وانشراح الصدور وسعتها، لاحياة طيبة لغير الطائعين ولالذة حقيقية لغير الذاكرين ولاراحة ولا طمأنينة قلب لغير المكتفين برزق الله القانعين، ولا نعيماً صحيحاً لغير أهل الخلق الجميل والمحسنين، لقد قال أمثال هؤلاء الأخيار: لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن في من لذة الأنس بالله لجالدونا عليه بالسيوف، ولو ذاق أرباب الدنيا ما ذقناه من حلاوة الطاعة لغبطونا وزاحمونا عليه، ماظنك بمن يمسي ويصبح ليس له هم سوى طاعة مولاه ولا يخشى ولا يرجو ولا يتعلق بأحد سواه، إن أعطي شكر، وإن منع صبر، وإن أذنب استغفر وتاب مما جناه، هذا والله النعيم الذي من فاته فهو المغبون، وهذه الحياة الطيبة التي لمثلها فليعمل العاملون، أي نعيم لمن قلبه يغلي بالخطايا والشهوات، وأي سرور لمن يلتهب فؤاده بحب الدنيا وهو ملآن من الحسرات، وأي راحة من فاته عيش القانعين، وأي حياة لمن تعلق قلبه بالمخلوقين، وأي عاقبة وفلاح لمن انقطع عن رب العالمين ومع ذلك لا يرجو العقبى وثواب العاملين، تالله لقد فاز الموفقون بعز الدنيا والآخرة ورجع أهل الدناءة بالصفقة الخاسر.
*خطبة فى التنفير من الدنيا
وخطب النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم خطبة فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: ( أيها الناس إن هذه الدار دار التواء، لا دار استواء، ومنزل ترح لا منزل فرح.فمن عرفها لم يفرح لرخاء، ولم يحزن لشقاء. ألا وإن الله - تعالى - خلق الدنيا بلوى، والآخرة دار عقبى، فجعل بلوى الدنيا لثواب الآخرة سببًا وثواب الآخرة من بلوى الدنيا عوضًا فيأخذ ليعطي، ويبتلي ليجزي، إنها لسريعة الذهاب، وشيكة الانقلاب. فاحذروا حلاوة رضاعها لمرارة فطامها، واحذروا لذيذ عاجلها لكريه آجلها، ولا تسعوا في تعمير دار قد قضى الله خرابها، ولا تواصلوها - فقد أراد الله منكم اجتنابها - فتكونوا لسخطه متعرضين ولعقوبته مستحقين ) اعتبروا عباد الله ممن مات منكم، وتفكروا فيمن كان قبلكم، أين كانوا أمس؟ وأين هم اليوم؟ أين الجبارون الذين كان لهم ذكر القتال والغلبة في مواطن الحروب؟ قد تضعضع بهم الدهر وصاروا رميمًا، قد تركت عليهم القالات الخبيثات ،وإنما الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات، وأين الملوك الذين أثاروا الأرض وعمروها؟ قد بعدوا ونسي ذكرهم، وصاروا كلا شيء، ألا وإن الله - عز وجل - قد أبقى عليهم التبعات، وقطع عنهم الشهوات، ومضوا والأعمال أعمالهم والدنيا دنيا غيرهم، وبقينا خلقًا بعدهم، فإن نحن اعتبرنا بهم نجونا، وإن اغتررنا كنا مثلهم. أين الوضاءُ الحسنة وجوههم، المعجبون بشبابهم؟ صاروا ترابًا، وصار ما فرطوا فيه حسرة عليهم. أين الذين بنوا المدائن وحصنوها؟
بالحوائط وجعلوا فيها الأعاجيب؟ قد تركوها لمن خلفهم، فتلك مساكنهم خاوية وهم في ظلمات القبور ( هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا )
أين من تعرفون من آبائكم وإخوانكم؟ قد انتهت بهم آجالهم فوردوا على ما قدموا فحلوا عليه، وأقاموا للشقوة أو للسعادة بعد الموت. ألا إن الله لا شريك له، ليس بينه وبين أحد من خلقه سبب يعطيه به خيرًا، ويصرف به عنه سوءًا إلا بطاعته واتباع أمره. واعلموا أنكم عبيد مدينون، وإن ما عنده لا يدرك إلا بطاعته، أما آن لأحدكم أن تحسر عنه النار ولا تبعد عنه الجنة؟
*فى فضل ذكر الموت
يا جامع المال و المجتهد في البنيان ليس لك من المال إلا الأكفان، بل هي و الله للخراب و ذهاب جسمك للتراب. فأين الذي جمعته من مال؟! أنظر لمن ملك الدنيا بأجمعها. فهل راح منها بغير القطن و الكفن؟
وعن أنس رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( أربعة من الشقاء: جمود العين و قسوة القلب و طول الأمل و الحرص على الدنيا ).
إن المتأمل في أمر الموت و الاستعداد له في كل لحظة سوف تغدو الدنيا أمامه بلا قيمة و يزهد فيها.
وروى عن أنس قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( أكثروا من ذكر الموت فإنه يُمحِص الذنوب و يُزهٌِد في الدنيا )قال صلى الله عليه و سلم ( كفى بالموت واعظاً، كفى بالموت مفُرِقٌاً )
وقيل له: يا رسول الله ، هل يحشر مع الشهداء أحد...؟ قال صلى الله عليه و سلم : ( نعم من يذكر الموت في اليوم و الليلة عشرين مرة )اتعظ أخي المسلم قبل فوات الأوان فالموت موقف رهيب يحتاج إلى كثير من التأمل و الاعتبار..أنه إنسان مسجى لا حركة و لا همس ..، ومنذ لحظات كان يدك الأرض دكاً. و يرفع صوته و يسعى في حياته غير خائف لا يعلم أن الموت ينتظره وأن ملك الموت وُكٌل به، وأنه صباحاً في الدنيا – على وجه الأرض – ومساءً في بطن الأرض حيث القبر و ظلمته
*فضائية النيل الأزرق
الصديق الأستاذ حسن فضل المولي مدير فضائية النيل الأزرق رجل فنان ومتفتح الذهن واتابع الكثير من برامج الفضائية التى يديرها لا غرو فقد أكتسب الرجل خبرات جمة فى تلفزيون السودان حيث كان مديرا عاما للبرامج ولكننا نأخذ على الصديق العزيز إكثار فضائيته من برامج الغناء فى رمضان دون أن نخوض فى الاراء الفقهية فى موضوع الغناء والمغازف وكان بأمكانه ترحيل تلك الحلقات الغنائية المتصلة لكوكبة من شباب الغناء ،لما بعد رمضان حتى نصفد أيضا شياطين بعض شياطين الإنس فى نفوسنا وحتى لا يظن الصديق حسن فضل المولي اننا ننظر الى قناته الفتية بنصف عين نقول : ان العديد من برامج القناة لا غبار عليها خاصة ذلك البرنامج الذي تقدمه د/ هبه المعتمد فهو ببساطة يوثق لأسر عريقة بشكل مبسط وتعليمي بهدف غرس قيم كادت ان تندثر فى مجتمعنا قيم المحبة والترابط والتواصل وما الي ذلك
كان صلة بن أشيم في خراسان، يغزو مع قتيبة بن مسلم، وكان هذا الرجل من صلاة العشاء إلى صلاة الفجر في صلاة، وفي عبادة وفي بكاء.
فقل لأهل الغناء، قل لأهل الطرب ، قل لأهل الفواحش، قل لأهل اللهو والعبث: صلة بن أشيم من صلاة العشاء إلى صلاة الفجر في صلاة وفي دعاء ومناجاة مع ربه وأنتم في المجون والعربدة.
قلت لليل هل بجوفك سرٌّ عامر بالحديث والأسرار
قال لم ألق في حياتي كحديث الأحباب في الأسحار
كان قتيبة بن مسلم، يقول: الحمد لله الذي جعل في جيشي مثلك يا صلة.
وكان إذا قام يصلي الليل يأخذ بردة بألف دينار ويطيبها، ويقول: اللهم إنك جميل تحب الجمال، ما لبستها إلا لك، فيلبسها في الليل، فإذا أتى النهار خلعها، خرج من الجيش بعد أن نام الناس، ودخل الغابة، وقام ليصلي يتنفل ويبكي، وهو في الجبهة في سبيل الله قريباً من كابل
بنفس تلك الأرض ما أحسن المرتجى وما أحسن المصطاف والمرتعا

قام يصلي فأتى الأسد عليه، والأسد معروف من هو؟ إنه حيدرة، الهزير، الليث الذي سمته العرب ملك الحيوانات، كان إذا زأر في أيّ وادٍ تنتقل العرب وترتحل من الوادي، لا يستطيع أحد أن يصارعه.
أتاه الأسد فدار عليه وهو يصلي، فما تحول ولا تحرك، ولا اضطرب، فلما انتهى من ركعتين التفت إلى الأسد، وقال: يا حيدرة ياليث، إن كنتَ أُمرت بقتلي وأكلي فاقتلني وكُلني، فإنه ليس معي سلاح إلا حماية الله تعالى، وإن كنت ما أمرت بقتلي ولم تسلط عليّ فاذهب واتركني أُصلي. فقام الأسد فلوى ذنبه وذهب، كأنه جرو الكلب، حتى دخل جحره!! (فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) [يوسف:64].
*قال الشافعي رحمه الله:
انالدنيا دحض مزلة,ودار مذلة, عمرانه الى خرائب صائر, وساكنها الى
القبور زائر, شملها على الفرق موقوف, وغناها الى الفقر مصروف, الاكثار
فيها اعسار, والاعسارفيها يسار. فافزع الى الله, وارض برزق الله, لا تتسلف من دار فنائك الى داربقائك. فان عيشك فيء زائل, وجدار مائل, أكثر من عملك, وأقصر من أملك

لو كان الفقر أمراة جميلة


بقلم : سليم عثمان
كاتب وصحافي سوداني مقيم فى الدوحة
من المؤسف حقًّا بل من المخجل الا يكون هـناك اكتفاء ذاتي حتى الآن في المواد الغذائية الأساسيةُ فى السودان ، ومن المؤسف حقا أن تتدهور أحوال السودان الإقتصادية للدرجة التى يظن فيها البعض أن خفض أجور الدستوريين فى الدولة وإجراء جراحة لإمتيازاتهم المتعددة يمكن أن تنعش حال هذا الأقتصاد المتضعضع منذ أن أنفصل الجنوب من الدولة الأم بنفطه وموارده الأخري ،ومن المؤسف أن تكون بلادنا مهددة بالجوع والفقر بعد قرابة ربع قرن من السنوات العجاف من حكم الإنقاذين أى من حكم أخواننا الإسلاميين فى المؤتمر الوطني، الذين كانوا يرفعون شعارات التكافل الاجتماعي والعدالة الإجتماعية وغيرها من الشعارات التى غابت عن واقعنا المؤلم ،ومع ذلك دعونا نقول حسنا يفعلون إن خفضوا رواتبهم بنسبة 15% ولكننا لا نعرف كم يتقاضي الوزير والسفير والوالي والمعتمد وغيرهم من الدستوريين ،حتى نتصور حجم الأموال التى يمكن أن تعود الى خزينة الدولة جراء هذه الخطوة المتأخرة، والتى لا تعدو أن تكون ذرا للرماد فى العيون، التى أصابها الوهن ،ومن المؤسف أن تسارع جماعة سلفية صغيرة تم إدخالها فى الحكومة إرضاء ومخاصصة عما تقول : حقها فى المناصب الدستورية ،ولا يفعل المؤتمر الوطني الذي يستأثر بمعظم الكوتة الدستورية فى الحكومة الإتحادية وحكومات الولايات ولكن كم من المليارات يمكن ان تعود الى خزينة الدولة إذا قامت الحكومة بخفض رواتب جيشها من الدستوريين فى المركز والولايات بل حتى لو أبعدت كل وزراء الدولة والغت المؤسسات والهيئات الحكومية التى تقول أنها فاشلة فى أداء رسالتها ، أقتصاديون كثر يرون أن هذه الترقيعات لن توفر نصف ما كان بترول الجنوب يوفره لخزينة الدولة قبل الانفصال ، الحكومة تعلم علم اليقين أن نسبة 50% من مواطنيها أما فقراء أو تحت خط الفقر المدقع ، وتعلم أن تبنيها قرار رفع الدعم عن المحروقات هو بمثابة لعب بالنار كما يقول منبر السلام العادل ، والحكومة تدرك تماما أن الدولة باتت مفلسة كما قال وزير المالية الإتحادي أمام البرلمان ، وتعلم أنه ليس أمامها من خيارات متعددة للخروج من عنق الزجاجة الا بمزيد من سياسات إفقار المواطنين وتجويعهم وإذلالهم ، والشعب يعرف أنه ليس من بين مسئولي الحكومة كبيرهم وصغيرهم شخص واحد فى عداد الفقراء ، الحكومة تخشي أن يكون صيفها وخريفها ربيعا عربيا جديدا إن هي أقدمت على رفع الدعم عن المحروقات لصلتها تقريبا بكل شئ فى السودان .
وقد أقر مجلس شوري المؤتمر الوطني فى اجتماعه ليلة السبت سياسة رفع الدعم عن المحروقات وقال السيد علي عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية : في هذا التوقيت إما أن نستطيع أن نقنع المواطن بالإصلاحات (ونقود البلاد أو نُقاد). وأبدى طه استعدادهم للتنحي عن الحكم إذا كان إنفاذ قرار رفع الدعم سيقود إلى إسقاط النظام، وقال: (أحسن نتنحى ونحن واقفين وصادقين مع المواطن بشأن الحلول التي قدمناها) ووجه النائب الأول انتقادات مباشرة لمنسوبي حزبه بتسببهم في زيادة المنصرفات من خلال مطالباتهم بزيادة عدد المحليات وتوسيع دائرة الحكومات الولائية، ولفت الانتباه إلى تصدي المركز لمثل تلك الممارسات، ونوَّه بضرورة تعديل الدستور وعدم ترك الأمر مطلقاً لحكومات الولايات في ما يلي شؤون ولاياتهم دون هضم لحقوق المركز،وأقرَّ بأن جزءاً من عائدات الدولة ذهبت في ما وصفه بالبذخ السياسي، وأكد ضرورة الاعتراف بذلك، مؤكداً في ذات الوقت عدم تكرار ذلك مرة أخرى، حكيم الأنقاذ يعترف بتسبب منسوبي حزبه فى زيادة المنصرفات فى الدولة، وأن جزءا من أموال الدولة ذهبت فى البذخ السياسي ،سعادته يبدي أستعداهم للتنحي عن الحكم ،إن كان رفع الدعم عن المحروقات سوف يؤدي الى أسقاط النظام ،اليس عيبا يا شيخ علي أن يأتي هذا الإعتراف من قبلك بعد أن سحق الفقر والجوع والمرض نصف شعبك؟أليس عيبا أن تقول لنا أن حزبك غير راغب فى تكرار أفعاله المشينة مرة أخري ،هل يريد حزبك يا سعادة النائب الأول أن يسوم شعب السودان لربع قرن اخر أعجف من سابقه،ثم هل ستسمحون لهذا الشعب الجائع أن ينتفض ويقول كلمته فى سياساتكم العرجاء المتخبطة والملتوية،هل تظنون أن دمج بعض الوزارات وحل بعض المؤسسات وإنقاص رواتبكم بضعة جنيهات سيقنع شعبكم بمزيد من الصبر ،هل لوزير ماليتك الذي اعلن إفلاس الدولة وقال بإن خزينتكم خاوية على عروشها أن يخبرنا كم من الجنيهات ستوفرها هذه المسرحية الهزيلة ؟وهل ترون سعادتكم أن هذا الشعب الوفي الذي تحمل كل سنوات الإنقاذ العجاف فى صبر فاق صبر أيوب الذي أبتلي وصبر على المرض وفقد المال والولد والزرع والضرع (18) عاما و شعبك الأبي يا شيخ على صبر حتى الان 23 عاما فقد فيها الولد إما شهيدا أو( فطيسا )أيهما نطلق على من ماتوا أو قتلوا بسبب حروب قدتمونا اليها فى جنوب البلاد وشرقها وغربها ووسطها ولا تزال مشتعلة،صبر عليكم وضحي بتعليم ابناءه فى مدارس وجامعات هى أقرب للكتاتيب،وتفخرون بما تسمونه ثورة للتعليم المفتري عليه ،حتى باتت دول الخليج لا تعترف بشهادات تصدرها جامعاتنا ،صبر شعبكم يا حكيم الإنقاذ أو هكذا كنا نحسبك وحزبك الذي فصل ثلث البلاد وأهدر ثلاثة أرباع ثروتها النفطية بجرة قلم منك فى نيفاشا وبعد كل ذلك لا سلاما جنينيا ولا أرضا أبقينا ولا نفطا سد جوعنا ومسغبتنا،بالله عليك هل فكرت يا شيخنا وأنت تضع رأسك على وسادة ناعمة عن حال إمرأة ترملت كيف لها أن توفر قيمة حلة ملاح لصغارها فى عد الفرسان ، كيف لمطلقة فى أمبده أن تتدبر مسألة تعليم أبنائها،لشيخ مسن كيف يتدبر توفير قيمة روشتة الدواء هذا عن استطاع أن يصل الى الطبيب ليكتبها له،هل فكرتم ,انتم تجلسون بعمائمكم البيضاء الناصعة وبدلاتكم وربطات الأعناق الأنيقة عن حال شعبكم الان وكيف سيكون بعد قراراتكم الكارثية هذه ،هل تريدون أن يقف ثلاثة أرباع شعبكم أمام مكاتب ديوان الزكاة فى العاصمة والولايات فى انتظار أن تتكرموا عليهم بما يجعلهم على قيد الحياة؟ الا تذكر يا شيخنا الجليل أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقف ذات يوم فى صدر الإسلام الأول فى عهد الخلافة الراشدة يودع أحد نوابه على بعض الأقاليم، فقال له: ماذا تفعل إذا جاءك سارق؟ قال: أقطع يده. قال عمر: وإذن، فإن جاءني منهم جائع أو عاطل، فسوف يقطع عمر يدك. تعلم سعادتك إن الله قد استخلفكم على عباده فى السودان لتسدوا جوعتهم وتستروا عورتهم وتوفروا لهم حرفتهم، فإذا أعطيتموهم هذه النعم تقاضيتم شكرها. يا هذا إن الله خلق الأيدي لتعمل، فإذا لم تجد في طاعة عملاً التمست في المعصية أعمالاً، هل فكرتم يا سعادة النائب الأول فى عشرات الالاف من شبابكم العاطل كيف سيكون حالهم كيف سيتنقلون حتى ليصلوا الى حديقة (حبيبي مفلس)ليلاقوا فيها حبيباتهم ،يمنون أنفسهم أن دولتهم ربما تيسر لهم أمر بناء عشة زوجية هانئة ذات يوم قريب ،هل تريدون من هذا الشباب البائس أن يكون وقود إنتفاضة تقتلع نظامكم ولا يعطيكم حتى فرصة شريفة للتنحي،هل نسيتم مقولة الخليفة الراشد وخوفه من سؤال خالقه عن بقلة أو بقرة لو تعثرت فى العراق فكم من البقال والحمير والشر تعثرت وسوف تتعثر بسبب سياساتكم غير المدروسة هذه،لو قال لنا نظامكم القميئ ذو الوجه الكالح البائس هذا أن بلادنا حوصرت وتم التضييق عليها من أمريكا والغرب بسبب تحكيمها لشرع الله فى البلاد لعذرناكم لكن ان يكون وضع البلاد الإقتصادي بهذا السوء وأنتم أبعد ما يكون أقصد نظامكم عن قيم السماء فإن ذلك والله يدعو للسخرية ، كيف تريدوننا أن نصبر على اذاكم لنا سنين اخر؟
عرف الفقر بأنه: (عدم القدرة على الحصول على الخدمات الأساسية). وهذه الخدمات هـي أساسية لأنها توفر الحد الأدنى اللازم (الكفاية) لكي يعيش الإنسان، خليفة الله في الأرض، عيشة كريمة تليق بمستوى التكريم الذي خصَّه الله به ﴿ ولقد كرمنا بني آدم ﴾ (الإسراء:70) والخدمات الأساسية هـذه هـي حق من حقوق الإنسان في الإسلام.إن لم يستطع الحصول عليها بعمله وإنتاجه ومدخوله لأي سبب وجيه على الدولة القائمة أن توفرها له.وبدلا عن توفير احتياجاتنا تزيدون الطين بلة علينا بهذه القرارات الجائرة ،لقد دافعنا عنكم وعن نظامكم ردحا طويلا من الزمان ظنا منا أنكم سوف تتقون الله فى شعبكم وأمتكم ،وإذا بكم تقودونها من حرب الى أخري ومن أزمة الى أخري ومن كارثة الى أخري ،فمتي تعيدونا الى النقطة التى قلتم أنكم أنقذتمونا فيها لنبدأ من جديد جولة أخري من الحياة ، أم أن شعبكم سوف يفني بأكمله فى ظل مشروعكم الحضاري ، والله معظم الشعب إن لم نقل كله يتمني اليوم الذي يتنحي فيه نظامكم عن الحكم وهو واقف ، وفى هذا خير لكم ولشعبكم هذا أفضل من أن يسقط نظامكم ونصف شعبكم الجائع تحت الثري نحن نعرف حساسيتكم المفرطة تجاه أن يخرج الشعب الى الشارع مناديا وهاتفا بسقوط نظامكم وليتك بحكمتك تقنع بقية أخوتك الكرام بضرورة التنحي اليوم قبل الغد حفظا للدماء أم تراك مراهنا على إراقة كل الدماء ؟.
ويقول سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه:لو كان الفقر رجلًا لقتلته،و الفقير في الإسلام هو من لا يملك قوت يوم وليلة لقوله (ص):من سأل وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من النار فقيل: وما حد الغنى يارسول الله ؟قال:شبع يوم وليلة.شعبك يا شيخ علي اليوم نصفه جائع وفقير ومسكين ،تجوز عليه الصدقات والزكاة ان وجدت وغدا سيكون كله فقيرا معدما اللهم الا اخوتك ومن لف لفهم فاتقوا الله فينا ما استطعتم تؤجرون ولا تنسوا أبدا أن فى كل كبد رطبة أجر .
إن أسوأ شئ تفعله الحكومة لمعالجة التدهور الكبير فى واقعنا الإقتصادي السيئ هي هذه المسكنات لا علاج جذور المشكلة ،ولو أخذنا قطاع الزراعة الذي أهملته الحكومة ردحا طويلا من الزمن فقط ورأينا كيف تتخبط فى هذا القطاع لعلمنا أنه ليس لديها رؤية ولا تخطيط استراتيجي للنهوض بهذا القطاع الحيوي والهام ،وفى الوقت الذي تعتزم فيه الحكومة مثلا لكهربة بعض المشاريع الزراعية فى بعض الولايات الزراعية كالولاية الشمالية ونهر النيل والجزيرة والنيل الأبيض وغيرها من الولايات تقوم برفع الدعم عن المحروقات التى لا تكتمل ولا تنجح الا بها مواسمنا الزراعية خذ مثلا السماد حينما تحاول نقله من بورتسودان الى الخرطوم ثم الى الولاية الشمالية كم سيكلف الجوال الواحد لو رفعنا الدعم عن البنزين والجازولين وقس على ذلك دون ان ننسي بالطبع ان محطات الكهرباء اغلبها تعمل بالجازولين بمعني ان ما يولده سد مروي والروصيرص لا يكفي حاجة البلاد من الطاقة الكهربائية .نحن لا ننكر ابدا أن لكم بعض المحاسن لكن الكبائر التى أرتكبها نظامكم لا تغتفر ولا نتمني لكم ما حدث لبعض أخوانكم فى تونس واليمن وليبيا ومصرالقريبة ولا نتمني لبلادنا ما يحدث فى سوريا من تقتييل وترويع للأبرياء.

الى الحالمين بربيع سوداني


الى الحالمين بربيع عربي فى السودان


بقلم: سليم عثمان

كاتب وصحافي سوداني مقيم فى الدوحة

إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه وعادى محبيه بقول عداتِه
وصدَّق ما يعتاده من تَوَهمِ وأصبح في ليل من الشكِّ مظلمِ
الناس من خوف الذل في ذل.(الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه)
لو كان الاستبداد رجلا، وأراد أن ينتسب، لقال: أنا الشر، وأبي الظلم، وأمي الإساءة، وأخي الغدر، وأختي المسكنة، وعمي الضر، وخالي الذل، وإبني الفقر، وإبنتي البطالة، ووطني الخراب، وعشيرتي الجهالة( عبد الرحمن الكواكبي)
جماهير الشعب السوداني تتذوق شتى أنواع الظلم ، فهم بين مظلوم في ماله ، مظلوم فى عيشه و مظلوم فى وظيفته ،ومظلوم في حياته ، ومظلوم في حريته ، ومظلوم في حقوقه الأدبية والشخصية ، كل منهم جثم عليه من الظلم ، نوع أو أكثر خلال 23 عاما من هذا الحكم الذي أنتظرنا من قادته إنقاذا وإنصافا وعدلا وحرية وكرامة أجتماعية ،فالمواطن السوداني أصبح دائم التفكير في ظالمه ، زاهداً في إنجاز أي شيء سوى الانتصاف لنفسه إن استطاع ، مشلول التفكير والإرادة إلا عن التقلب على جمر الغيظ وحب الانتقام، لكن قلة من الشباب رفضوا الخنوع والإنكسار ونفضوا عن أنفسهم غبار الكسل والخوف، فخرجوا ربما بطريقة عفوية أو بدفع بعض قادة الأحزاب التى تناهض الحكومة، وكان طبيعيا أن يخرجو تعبيرا عن غضبهم وأحساسهم بظلم وقع عليهم ،وعلي مواطنيهم جراء سياسات إقتصادية جائرة ،لكن الذي لم يكن طبيعيا هو هذا الإفراط فى إستخدام القوة فى مواجهتهم لإعادتهم الى بيوت أمهاتهم ،نحن من حيث المبدأ ضد أن يحمل الغضب شبابنا الى تعطيل الإنتاج، أو حركة السير أو الإعتداء على الممتلكات العامة والخاصة،بأي شكل من الأشكال ،بل ضد أن يجبروا الاخرين فى أن يخرجوا معهم ،مناهضين لتلك القرارات المتعسفة ،لكننا فى ذات الوقت لم نشهد أنهم أساءوا الى مقتضيات خروجهم ، للتعبير عما يجيش بصدورهم ،وكانت الشرطة التى تحسب كل صيحة على الحكام لأنها ببساطة لم تتعود الا على القمع بالهروات والبمبان (الغاز المسيل للدموع)ونخشي أن يكون هتاف الشباب إن استمرت تلك المظاهرات المحدودة (يا بوليس ماهيتك كم؟) ليشعروا إخوانهم رجال الشرطة، أنهم حينما يخرجون مغاضبين أنما يدافعون عن كل فئات الشعب، والشرطة فصيل مهم من الشعب وينبغي أن يكون فى خدمته ،لا فى قهره وإزلاله،فى تقديري أن الأمور فى السودان لم تخرج عن نطاق السيطرة ،ولا أحسب شخصيا أننا نقترب من ربيع عربي حاسم هناك لجملة من المعطيات نحاول أن نلخصها فى مقالنا هذا:
أولا: من الواضح أن المعارضة السودانية، بشخوص قادتها وبتمزق وضعف بنيان أحزابها ، ليست فى وضع يجعلها بديلا مقبولا لهذا النظام المستبد، مهما بدت سوءاته ،دون أن يعني ذلك إرتضاء من جموع الشعب لما يحدث من ترد لمناحي الحياة كلها فى السودان.فهذه الأحزاب قلوبها شتى منها من يبحث عن تعويضات مالية ومنها ما يلهث خلف مشاركة شكلية فى السلطة ومنها من لم يعقد حتى مؤتمرا واحدا منها سنوات تفوق سنوات الإنقاذ ومنها أحزاب الشخص الواحد ومنها ومنها ،فالطبيعي فى حال كهذه أن يتعملق المؤتمر الوطني وتتقزم هذه الأحزاب المعارضة التى تارة تحدثنا عن المعارضة المسلحة وتارة أخري عن النضال السلمي ،أحزاب ليس لها حتى دور حزبية ولا وسائل إعلام بل بعضعها لا يستطيع حتى أصدار مطوية واحدة .ومع ذلك تنتظر هذه الأحزاب الهرمة والبائسة بؤس حال السودان فى عهد الإنقاذ ليضحي قلة من الشباب ويحملون قادتها الى سدة السلطة.
ثانيا: يبدو جليا أن الاحزاب الكبري (الأمة بمسمياته المختلفة والإتحادي الأصل المشارك فى الحكومة والأخري المتوالية و التيارات المعارضة منه والشيوعي والشعبي والبعثي كلها ليست على قلب رجل واحد كما أشرنا انفا لتخيف المؤتمر الوطني، الذي يتحداها بالتصريحات تارة ،وبالإجراءات القمعية تارة ،وبالسخرية فى معظم الأحيان،فالحزبين الكبيرين على سبيل المثال الأمة والإتحادي (قدم فى الحكومة وأخري فى المعارضة )بينما الشباب الذين خرجوا الى الشارع يريدون من رموز المعارضة (المهدي، الترابي، والميرغني،الخ أن يكونوا فى قلب الشارع الذي يتمني الشباب الثائر كما نظن، أو المغرر به والمدفوع والشاذ كما تري قيادة الدولة ،التهابة سريعا.( إن العالم يموج بالأقوياء، ومَن لا يكون قوياً بفكره واستقلاله فإنه يعيش على الهامش، كما تعيش بعض القوارض ، وستظل الدنيا محكومة بالأقوى فكراً وإنتاجاً وتحضراً ، ولن يكون فيه مكان للكسالى المتواكلين ، ولن يجدوا "خبزاً مبلولاً) ولا سكناً جاهزاً ولا قبراً جاهزاً، ولا سلطة جاهزة تنادي عليهم أن هلموا ،وفى السودان يظل المؤتمر الوطني هو الأقوي، شئنا أم أبينا ، كونه يجبر كل إمكانات الدولة، لصالح مشروع هلامي غير واضح المعالم ،مشروع بإسم السلام قطع جزء عزيزا من الوطن ،وقدمه لإخواننا فى الجنوب،ولم يكون ثمن هذا الإقتطاع سلاما دائما كما وعودنا،وهاهي الحكومة ووفدها المفاوض فى الجنوب يبحثون عن تدابير أمنية تبحث أولا من أجل أيقاف حرب جلبتها أتفاقية نيفاشا ،قبل غيرها من الملفات ،وعودنا بالشريعة الإسلامية ولم نرى منها شيئا ،وعدونا بكرامة إنسانية ولم ،ر منهم الإ إذلالا،وعدونا بالكثير ولم نر حتى القليل ومع ذلك نقول سيكون لديهم متسع من الوقت لاذلالنا وكسر إرادتنا
لقد عنون ابن خلدون فصلاً مهماً من مقدمته بالقول : (الظلم مؤذِن بخراب العمران) ولأمر ما اختار كلمة (مؤذن) حتى يجعلك لا تغتر إذا رأيت قصراً منيفاً يتربع فيه ظالم بين الأضواء والرياش ، أو سلطة يتحكم بها متجبر عاتٍ يأمر فيُطاع ، فها هو ذا الظلم ينعق في جنباتها ، مؤذناً بدك بنيانها من القواعد .وأستغرب من أحاديث وتصريحات بعض صغار السياسيين المنتمين للمؤتمر الوطني، والذين يطلق الإعلام على أحدهم تجاوزا عبارة ( قيادي فى المؤتمر الوطني) حينما يقولون أننا أتينا لحكم الشعب بانتخابات ديمقراطية قبل عامين وشهرين، ولا نقبل بالذهاب بأصوات ضعيفة تصدر من شباب موتور فى الشارع ، بل بصناديق الإقتراع ،سبحان الله هؤلاء يعلموننا أصول وقواعد الديمقراطية متي وكيف نمارسها! وبالتالي فهم يرفضون إنتخابات مبكرة تكنس أثارهم من الوجود ،لذا على الأحزاب والشباب الغاضب أن ينتظر عامين اخرين حتى يعيدوا المؤتمر الوطني الى نصر مبين وكاسح فى انتخابات حرة نزيهة يشهد بها العالم كله هكذا يقولون فماذا أنتم قائلون ؟
ثالثا:السواد الإعظم من الشعب السوداني مستاءمن الإجراءات الأقتصادية الأخيرة التى مسته بشكل مباشر فى قوت يومه ،وتعليم أبناءه وفى علاجهم وفى كسوتهم ، لكن هذا السواد الذي صبر وصابر على شظف العيش لا يثق فى أن البديل الذي ينتظره إثر هبة شعبية تشبه هبة أكتوبر 1964 أو إنفاضة أبريل 1985 هو بديل أفضل من الإنقاذ بمختلف نسخها،لكن اليأس الذي يمكن أن يتولد لدي هذا السواد قد يجعله ينتفض لإزالة هذا النظام (علي وعلي أعدائي). أنه من المتفق عليه بين العلماء (أن الإمام ( لا أقصد الإمام الصادق المهدي لأنه مثلنا محتار فى أفاعيل أهل الإنقاذ وأكتفى بشرف دخول أبناءه ضمن جوقة النظام وصار يوزع تصريحاته البالونية يمنة ويسرة ) أن الإمام ما دام قائماً بواجباته الملقاة على عاتقه، مالكاً القدرة على الاستمرار في تدبير شئون رعيته عادلاً بينهم، فإن له على الرعية حق السمع والطاعة ، لكن هل ترى أن إمامنا البشير وقائدنا الذي بعض الشباب الثائر بأنهم شذاذ أفاق ومخربون،له علينا حق السمع والطاعة ،هل علينا أن نحتفظ ببيعتنا له ؟هل يقوم هذا القائد بتدبير أمور معاشنا وتعليمنا وصحتنا وعلاقاتنا الخارجية وسلامنا الإجتماعي كما ينبغي؟ هل جنبنا ويلات الحروب ، هل جنب أقتصادنا العثرات ؟ هل حافظ على حدودنا شرقا وجنوبا وشمالا وغربا ؟ هل جعلنا نستفيد من حقوقنا الطبيعية فى المنظمات الاقتصادية الإقليمية والدولية ؟هل ساوى بيننا كسودانيين فى الوظائف والحقوق كلها ؟ أم أم سخرها للأمناء والأقوياء من شيعته وأنصاره ؟الإجابة بالطبع لا،وقد أعجبني تذكير زميلنا الأستاذ طلحه جبريل فى رسالة وجهها للرئيس البشير بفقرة فى خطابه غداه انقلابه يوم الجمعة الموافق30/6/1989،ليقارن بين وعده ذاك وما ال اليه حال الأمة اليوم،قبل أن يدعوه للتنحى ،حيث قال البشير فى بيانه بالنص: ( تدهور الوضع الاقتصادي بصورة مزرية وفشلت كل السياسات الرعناء في إيقاف التدهور ناهيك عن تحقيق أي قدر من التنمية مما زاد حدة التضخم وارتفعت الأسعار بصورة لم يسبق لها مثيل واستحال على المواطن الحصول على ضرورياتهم إما لانعدامها أو إرتفاع أسعارها مما جعل الكثير من ابناء الوطن يعيشون على حافة المجاعة، وقد أدى التدهور الاقتصادي إلى خراب المؤسسات العامة وإنهيار الخدمات الصحية والتعليمية وتعطيل الإنتاج بعد أن كنا نطمع أن تكون بلادنا سلة غذاء العالم أصبحنا أمة متسولة تستجدي غذاءها وضرورياتها من خارج الحدود. وانشغل المسؤولون بجمع المال الحرام حتى عم الفساد كل مرافق الدولة، وكل هذا مع استشراء التهريب والسوق الأسود مما جعل الطبقات الاجتماعية من الطفيليين تزداد ثراء يوم بعد يوم بسبب فساد المسؤولين وتهاونهم في ضبط الحياة والنظام). ونحن نقول لسعادة المشير البشير رئيس الجمهورية ما أشبه الليلة بالبارحة يا فخامة الرئيس ،فقد تدهور إقتصاد البلاد ،وتكاد المجاعة تنشر فى كل أرجاء البلاد إنتشار النار فى الهشيم،انهارت الخدمات الصحية والتعليمية ، جامعات البلاد البائسة تشكو حالها اليكم، وأنتم تفاخرون العالم بثورة متوهمة فى هذا القطاع الحيوي والهام ،وتمنحون نجمة الإنقاذ لرجل أطلقها دون وعي وتدبير فتردي تعليمنا الجامعي بشكل مخجل، وأصبحت شهادات جامعاتنا لا يعترف بها فى محيطنا العربي القريب، ناهيك عن أوربا وألغرب عموما ، القادرون ينفقون على تعليم أبناءهم فى الخارج وربما فى جامعات خاصة تقدم مستوى أفضل بقليل ، فكيف يكون حال غير القادرين؟ فى تعليم ابناءهم ،العبرة سيدي الرئيس ليس بكم الجامعات لكن بنوعيتها وجودتها ،ومطابقة مخرجات ما تقدمه هذه الجامعات بنظيراتها ومثيلاتها العالمية، لقد قلت فى بيانك الأول وأنت تعدنا بالإنقاذ مما كنا فيه أنكم كنتم تطمحون بأن تكون بلادنا سلة غذاء العالم ،لكن أتراك سيدي الرئيس أوفيت بما عاهدتنا عليه؟حال الزراعة فى البلد لا تسر عدوا ولا صديقا ،تزداد أراضينا بورا وبلقعا وتصحرا وجدبابل تصحرها صار يشبه تصحر صلعة وزير زراعتك الفهلوي د/ المتعافي الذي لم نر منه سوى تصريحات ،ما قتلت حشرة قطن أو نخيل يصارع الموت فى الشمالية،فهل تعدنا بعد ذلك بأن نكون سلة غذاء لأنفسنا ناهيك عن العالم؟كيف نطعم جوعي العالم وخزينتنا خاوية؟ بل كيف نطعم جوعانا وأراضينا معظمها أصبحت صفراء اللون فى عهدكم الميمون ؟،لم يحدث ذلك من قلة موارد، فقد كان البترول قبل إنفصال الجنوب يتدفق، لكن الزراعة لم تكن أولوية ، كان النيلان الأبيض والأزرق وما يزالان يتدفقان بالخصب والنماء ،دون أن نستفيد منهما،لم تكن لنا إرادة تترجم الشعارات الجوفاء للمتعافي ومن سبقوه ، الى واقع عملي ملموس ،بعتم أراضينا فى الشمالية للأحزاب المصرية ،رغم علمكم أنها لن تستثمرها لصالحنا، حرمتم مزارعينا هناك من أستثمارها بعدم توفيركم مدخلات الإنتاج الزراعي، عاما بعد اخر ،حتى هجرنا قرارنا وأستوطنا مدن السودان والمنافي فى الخليج وأروبا وأمريكا،بحثا عن لقمة عيش كريم ، ظننتم فخامة الرئيس أن بضع دريهمات تستقطعونها من رواتبكم ورواتب معاونيكم الكثر، يمكنها أن تحل مشاكل بلد محاصر ومفروض عليه حصار إقتصادي وعربي ودولي بفعل سياسات عقيمة اتبعتموها منذ بيانكم الأول .فى هذا العهد الميمون أصبح الفساد هو السمة المميزة للسودان ،ومن المخجل أن يعترف بعض قادة (حزبكم العملاق) كما تقولون:بأنهم أدخلوا الناس الى المساجد لعبادة رب العباد ودخلوا هم الى الأسواق لعبادة رب الأسواق، هناك خلل كبير سعادة المشير فى منهج الحكم ،كيف تدعو الناس الى المساجد وتمارسون الصلاة فى الأسواق ، التى هي أبغض الأماكن الى الله، ربما لأنها أحب الى نفوهم من المساجد ،نعم سعادة المشير تهاونتم فى ضبط ايقاع الحياة، فلا تلومون الا أنفسكم إن انفرط عقد نظامكم هذا،فى المدى القريب بفعل مظاهرات محدودة يصفها قادة حزبكم بأنها بائسة ،والنار سيدي الرئيس من مستصغر الشرر،والنار إذا أشتعلت لا تقول لي بقلبي بطفيها ،كما يحلو لكم الرقص على أنغام هذه الأهزوجة.
رابعا:نجاح ربيع عربي فى الوقت الراهن فى السودان مستبعد، ليس فقط لاختلال ميزان القوة بين شباب أعزل محدود العدد يتظاهر بشكل راتب هنا وهناك،وبين قوات شرطية أعطيت الضوء الأخضر، لقمع كل المظاهرات، ولكن أيضا لإنشغال الإعلام الدولي والعربي بحريق اخر يشعله طغاة فى بلاد الشام ،وسط تقاعس دولي تقوده روسيا والصين فى مناصرة الشعب السوري،بالوقوف مع جلاديه وقتلته.لكن بمجرد نجاح الثورة هناك فسوف يصوب الإعلام الدولي كل الياته ومعداته وكاميراته صوب الشارع السوداني، فهل سوف يتحسب حزبكم العملاق ونظامكم القهري لهذه المهلة ويجترح إجراءات وتدابير تخفف من غلواء وغضب الشارع السوداني؟قد يصبر الشعب لأشهر معدودات ولكنه لن يصبر مدي الدهر .هذه سنة التغيير .
من أقوال الإمام الشافعي:
ما حك جلدك مثل ظفرك ... فتول انت جميع امرك(الى أحزاب المعارضة مع التحية)
ما طار طير وارتفع ... الا كما طار وقع (الى قادة المؤتمر الوطني مع دعوتهم للرفق بشعبهم)
نعيب زماننا والعيب فينا ...وما لزماننا عيب سوانا( الى الشعب السوداني الأبي مع خالص المواساة )
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها *** فرجت وكنت اظنها لا تفرج(الى فقراء السودان مع رجاء المزيد من الصبر)
وقال الإمام الشافعي ايضا :
اذا رمت ان تحيا سليما من الردى ... ودينك موفور وعرضك صن
فلا ينطق منك اللسان بسؤة ...فكلك سؤات وللناس ألسن
وعيناك ان ابدت اليك معائبا ... فدعها وقل ياعين للناس اعين
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى ... ودافع ولكن بالتي هي أحسن
وقال ايضا :
الدهر يومان ذا أمن وذا خطر ...والعيش عيشان ذا صفو وذا كدر
أما ترى البحر تعلو فوقه جيف ...وتستقر بأقـصى قـاعه الدرر
وفي السماء نجوم لا عداد لها ... وليس يكسف الا الشمس والقمر
ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي ... جعلت الرجا مني لعفوك سلما
تعاظمني ذنبي فلما قرنته ... بعفوك ربي كان عفوك أعظما
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل ... تجود وتعفو منة وتكرمــا
*مخاوف :
سأل رجل الامام الحسن البصريرحمه الله تعالى فقال
يا أبا سعيد انا نصاحب أقواما يخوفوننا حتى تكاد قلوبنا تتقطع
فقال له الحسن : لأن تصاحب اقواما يخوفونك حتى تدرك امنا،خير لك من أن تصاحب
اقواما يؤمنونك حتى تدرك المخاوف


اجرت اللقاء لـ العراق اليوم


اجرت اللقاء لـ العراق اليوم :
عزيزة سوزان رحموني - المغرب
من قلم سليم عثمان احمد خيري تنثال النصوص و تومض رؤاه حتى تبتلّ كتابته بفكره المتوقد...يكتب إيمانا و احتسابا بالإنسان و الإنسانية... ينسف الصمت مؤمنا بحرية التعبير و ضرورة انفتاح الرأي على الرأي الآخر...كان لنا معه الحوار التالي:
في البدء، هل يحدثنا سليم الكاتب عن سليم الإنسان: نشأته/بداياته/مسيرته ؟
شكرا لك أختي الأديبة الرقيقة عزيزة رحموني لإتاحتك لي هذه الطيبة للتعريف بشخصي الضعيف ، سيدتي باختصار شديد إسمي سليم عثمان أحمد خيري(شهد)من زيتونة مباركة تخلقت وأستطالت وأورقت واخضرت أطرافي ومن عطر تلك الزيتونة المباركة جرى دمي وتفجر، أنا شقيق الفجر المسجّي على خدّ الأفق الوردي. في تلك القرية الوادعة الرابضة على خدّ النّيل الغربي ،ذلكم النهر الهادر الفيّاض شمال مدينة دنقلا بالولاية الشمالية أقصى شمال الزورات ، أطلعت كما نخل أخضر باسق فى أحد صباحات تلك القرية الوادعة عام 1966 بعد تمنع من عيني لمعانقة النّور لمدّة سبعة أيام حسوما وحينما أبصرتا النور للمرة الأولى داخل مستشفى دنقلا التعليمي ولم يكن تعليميا يومذاك أشارت القابلات (الممرضات )على والدتي بأن تسمّيني سليما،لأن معاناة مخاض أسبوع كامل تستحق ذلك ..وبالفعل فقد سُمّيت بهذا الإسم الذي لازمني الى يومي هذا مع العلم بأن عدد من تسموا به فى السودان قليل جدا والغريب أن السّليم فى القاموس المحيط هواللَّديغُ، أو الجَريحُ الذي أشْفَى على الهَلَكَةِ، بل والسّالِمُ من الآفاتِ وفى لسان العرب ،امرأة عاتكة: مُحْمَرَّة من الطِّيب، وقيل: بها رَدْعُ طِيبٍ، وسميت المرأَة عاتكة لصفائها وحُمْرتها وفي الحديث: قال، صلى الله عليه وسلم، يوم حنين: أَنا ابن العَواتك من سليم والعواتك: جمع عاتكة، وأَصل العاتكة المُتَضَمِّخة بالطيب. والعواتك من سليم ثلاث يعني جداته، صلى الله عليه وسلم، وهنّ عاتكة بنت هِلال بن فالَج بن ذَكْوان أم عبد مناف بن قصيّ جدّ هاشم، وعاتكة بنت مُرّة بن هلال بن فالَج بن ذكوان أُم هاشم بن عبد مناف، وعاتكة بنت الأَوْقَص بن مُرَّة بن هلال بن فالَج بن ذكوان أُم وهب بن عبد مناف بن زُهْرة جد رسول الله، صلى الله عليه وسلم وقال الشاعر:
وطِيرِي بمِخْرَاقٍ أشمَّ كأنه ... سليمُ رِماحٍ لم تلده الزَّعانِفُ .
هكذاهمس خيال تلك القرية الكبيرة الوادعة التى تسمى الزورات فى أذنى ساعة بزوغه بمسقط رأسي حلة (شهدي)حين أرخي ليلي الأول عباءته على وجهي والتحم بروحي وعزف من قيثار غاياته ،عشت طفولة عادية فى تلك القرية البسيطة ، بساطة أهلها، وسط إخوان ثلاث أنا رابعهم وأصغرهم وأخت وحيدة تصغرني، فقدت والدي وأنا لم أدخل المدرسة الأبتدائية بعد ،بالطبع لم يكن فى قريتي وقتذاك حضانة أو روضة أو (كجي ون وتو) حتى أنتقل منها للمدرسة،نشأت فى بيئة زراعية خضراء للغاية ،نخيل باسق يكاد يعانق السماء على ضفاف النيل ،ونبات ذرة وقمح يتمايل مع النسيم العليل، يقطر الندى ليبلل أوراقه مع الصباحات الندية، التى طالما حدّثتني عن صبابات الورد وتوق الندى وإنبثاق الوجد فى طقس الليالي ،وكان بالقرب منا بستان وريف مزهرمليئ بشتى أنواع الفواكه ،من مانجو وليمون وبرتقال ويوسفي ورمان ورطب جني ودوم،كانت بداياتي نحو الحياة فى تلك القرية الجميلة كبدايات كل أقراني ،حيث مشيت خلف أغنام الأسرة راعيا لها فى صغري، كنت صديقا للنّهر العظيم الذي كان منزلنا العامر يرقد فى حضنه،تعلمت السباحة فيه وأنا صغير بل كنت من القلائل الذين عبروا الى الضفة الشرقية سباحة فى نهار شاتٍ،رغم تحذير الأهل لي من التماسيح التى كانت تتتكاثر فى تلك المنطقة، وتيارات النهر الجارفة فكثيرا ما تنامى الى سمعي أنها التهمت أناسا، وقد رأيت أكثر من مرة تمساحا أبيضا طويلا ،كان ينام أسفل تلّة لا ترتفع عن الأرض إلا بنحو نصف متر ،وكان ينزلق الى النهر حينما يشعر بوقع أقدام الماعز والضأن التى كنت ارعاها تقترب منه ، وحتى يومي هذا لم ار تمساحا لونه أبيض ،وفى المدرسة الإبتدائية كنت من المميزين،وكنت أحب اللغة العربية،بل كنت أقوم بحفظ الأناشيد أثناء الحصة ،وكنت بارعا فى تلحينها، واذكر أن ميولي نحو مهنة البحث عن المتاعب ظهرت من خلال نشيد فى الصف الثالث الإبتدائي شدّني خاصة بيت منه يقول :
انني طفل صغير اتخذت العلم نورا
يا ترى ماذا أصير عندما أغدو كبيرا؟
هل ترى أغدو أديبا أو صحافيا شهيرا؟
وفى مدرسة جرادة المتوسطة وهي قرية أخرى جميلة تجاور قريتي من ناحية الجنوب صِرت مولعا بالجمعيات الأدبية ومشاركا رئيسيا فيها بل تفتقت فى تلك المرحلة هواية وموهبة قراءة نشرات أخبار كوميدية هزلية ساخرة،وفى تلك المرحلة بدا لي أنني يمكن أن أكون فنانا وبدأت بالفعل فى تقليد بعض الفنانين، سرعان ما جذبني أصدقاء أعزاء الى تيار الإسلام السياسي (جماعة الإخوان المسلمين بقيادة الدكتور حسن الترابي) وحينما وصلت الى مدرسة دنقلا الثانوية فى بدايات الثمانينات وكان يومذاك من كبريات مدارس السودان كان قد تمَّ تجنيدي عضوا فاعلا فى صفوف الحركة الطلابية الإسلامية بل وأصبحت ثاني رئيس لاتحاد طلابها خلفا للزميل عبد المنعم سليم الذي أستقال بعد أشهر قليلة من انتخابه، وفى تلك المرحلة أيضا ظهرت قدرات خطابية لي ، تخرجت فى كلية الإعلام تخصص صحافة ونشر بامتياز من جامعة أمدرمان الإسلامية، وكانت أولى الصحف التى عملت فيهاعام 1986 هي صحيفة السوداني لصاحبها ورئيس تحريرها الأستاذ محجوب عروة ،ولا تزال حتى الان تصدر بعدما غادرها عروة، وكانت صحيفة السوداني قد أوقفت ضمن صحف أخرى صبيحة انقلاب المشير عمر البشير فى 30 يونيو 1989 ثم عملت في (صحيفة الإنقاذ، لسان حال الثورة ، وبعد حلّها عملت في صحيفة السودان الحديث لأشهر معدودة قبل أن التحق بصحيفة الأنباء وهي الصحيفة التى جمعت معظم محرري ومحررات صحيفتي الإنقاذ والسودان الحديث ، ثم غادرتها الى صحيفة الأسبوع لمالكها ورئيس تحريرها الزميل الدكتور محي الدين تيتاوي ، ثم انتقلت الى صحيفة الشارع السياسي لصاحبها ورئيس تحريرها الزميل الأستاذ محمد محمد أحمد كرار،حيث عملت فيها مديرا أول للتحرير، قبل أن أجرب العمل التلفزيوني فى فضائية السودان محررا بالإدارة السياسية ومديرا لتحرير مجلة فضاءات دولية،وهي مجلة ثقافية تصدر عن مؤسسة التلفزيون،وقت ان كان المهندس الطيب مصطفى مديرا للتلفزيون السوداني ،هجرت السودان بل غادرته شتاء 1999 رفقة حرمي المصون الأستاذه فاطمة ميرغني التى أختيرت معلمة لمادة الرياضيات وقتذاك ولا زلت مقيما بالدوحة لي من الأبناء الاء طالبة بكلية الصيدلة جامعة قطر ومحمد يستعد لدخول الجامعة هذا العام وإيلاف اكملت الصف الأول الثانوي وأحمد أكمل الصف الخامس واخر العنقود ايات اكملت صفها الرابع الابتدائي ،أمارس الصحافة بصفة الإحتراف منذ عام 1985ووقتنا الذي لاندركه دوما يستحثنا لأن نخطوتجاه الضياءوأن نمحو من ذاكرتنا كل ألم وحزن وأن نحرث ونبذر ونصلّي حتى ينهمر مطر الروح فتتفتق وينتفض الأخضر فى دواخلنا ويتطاول ليعلن صحوة مرتجاة،، يستحثنا يومنا الذي لا نعبره أن نفهمه وأن نغنيه أغنية فى الصباح وفى المساء،هذا ؟ بأختصار يا سيدتي .
سليم عثمان كيف يُقَطّر ورد الأنفس الحيرى ؟
ورد الأنفس الحيرى مقال كتبته حول كائن رقيق شفيف لا يزال يشغل الناس والدنيا وسيظل الى أن يرث الله الأرض ومن عليها كتبته عن المرأة (الأم ، الأخت ، الحبيبة،ملهمة الشعراء والفنانين، يكفي أن أشير هنا الى فقرة صغيرة أوردتها فى ذلك المقال وهي:
قال ابو جعفر البغدادى :كان لنا جار وكانت له جارية جميلة وكان شديد المحبة لها ،فماتت فوجد عليها وجدا شديدا ،فبينما هو ذات ليلة نائم إذا أتته الجارية فى نومه ،فأنشدته هذه الأبيات:
جاءت تزور وسادى بعد ما دفنت... فى النوم ألثم خدا زانه الجيد
فقلت قرة عينى قد نعيت لنا
فكيف ذا وطريق القبر مسدود
قالت هناك عظامى فيه ملحدة
تنهش منها هوام الأرض والدود
وهذه النفس قد جاءتك زائرة
فاقبل زيارة من فى القبر ملحود
والمرأة بإختصار هى كل شئ فى الحياة والذين لا يرونها هكذا نقول نذكرهم بقول ايليا أبو ماضي:
أيهذا الشاكي وما بــك داءٌ كيف تغدو إذا غدوت عليلا
إن شرَّ الجناة في الأرض نفسٌ تتوقَّى قبل الرحيل الرحيلا
وترى الشوك في الورود وتعمى أن ترى فوقها الندى إكليلا
والذي نفسه بغير جمـــالٍ لا يرى في الوجود شيئاً جميلا
فتمتع بالصبح ما دمت فيـه لا تخف أن يزول حتى يزولا
ولمن أراد الإطلاع على مقالنا ذاك حول المرأة بعنوان( ورد الأنفس الحيرى ) نحيله الى هذا الرابط لقراءته:
http://alnoor.se/author.asp?id=2235
*إذا كان العالم مجنونا و وحدك العاقل، كيف تتصرف و كيف تنتج حكمة تلُمّ شمل الجميع؟
العالم الذي نعيش فيه اليوم لاشك هو عالم الجنون بإمتياز، فما يحدث فيه من تقتيل للأبرياء فى سوريا وفى العراق وفلسطين وأفغانستان، وغيرها من البلدان شئ يشيب له الولدان ، عالم لا تسوده الرحمة ولا الحكمة ولا المنطق السليم ،عالم القوي فيه أكل والضعيف مأكول ،عالم تضهدنا فيه الليالي وتهمي علينا من كآبتها وحزنها ما تعجز صدورنا على تحمله، فنتركها تحفر فيها وتحط ما يلذ لها من أوجاع ، ولذلك يقول المثل عندنا: (المجانين فى نعيم) لأنهم لا يحسون بما يجري حولهم ، لم أستثن نفسي من هذا الجنون ،بقدرما حاولت أن أسخرمنه ،ومع ذلك نقول: مرحى لطقسنا الجنوني ،مرحى لنا حين نخلع ثوب التعقل ونلوذ بجبال الدهشة والحيرة المشتهاة ، نحاول فى هذا الزمن الضبابي -بل الأسود -الإرتداد إلى الزمن الأول الجميل ،زمن البراءة والطيبة والنقاء ،قبل تشكل وعينا الأول ، قبل أن تسمرنا القوانين والمثل، التى داس عليها الكل حُكّاما ومحكومين (بالنّعال) أعزكم الله ،قبل أن نصلب بالواجب والممكن والمفروض ،قبل أن تهترئ ذواتنا من الجلد ، يا لهذه النفس يا لعذاباتها التى لا تنتهي يا لصهيلها الذي لا يهدأ، فى زمن كهذا يتساءل المرء من أين لنا ببذور خضراء نزرعها فى يباب أيامنا الفالتات ؟ أحلامنا ما عادت زوادة فى لهيب أيامنا هذه ما عادت تروي الظمأ ولا ذكرياتنا التي جفّت كينابيع مياهنا ما عدنا نستقي منها الإ الجفاف نتداوى به ونصفه للمرضي المحزونين فى كل مكان فيزيدهم حزنا ويحيلهم هياكل من وهن كما يحيلهم رصاص الحكام الى رماد ، لعل الرحيل شفاء ، اه ما أقسى الجفاف فى الزمن الضنين المجنون هذا وما أحلى الجنون ساعة مولده فى الذات فلا ممكن الا هو يحيل الايام الاليمة الى صفاء والوعي المعذب الى التلاشي ، ليس هناك عاقل واحد يمكن أن يجمع شمل امة مجنونة أمة هى خير أمة أخرجت للناس ولكنها للأسف أصبحت أمة عاجزة كل العجز لتتسامي وتضع نفسها حين أراد خالقها لها .
* إذا أُهديتَ قارورة حِبر، لكن الومضة لم تجئ، ما تفعل ؟
فى أيامنا الحالكات هذه الومضة دائما لا تأتي،فلو أراد كاتب أن يكتب مقالا ما مثلا يمزق الورقة التى يسودها عشرات المرات قبل أن يكتب شيئا مفيدا ، لانه مشتت الذهن، مشوش الخاطر، واهن العزيمة، خائف مرتعش مرتجف، من رقيب حقيقي، يمنعه من تناول هذا الموضوع أو ذاك ، بل يلجمه رقيب تربّى وسكن دواخله، فحينما يكون كل ما حول المرء مجنونا ،وحريقا كبيران يسكب المرء قارورة حبره فى انتظار أن تومض فكرة جديدة وتختمر فى ذهنه حتى يسيل بها يراعه، حتى الشعراء لم يعودوا قادرين على التعبير عما يجول بخواطرهم قريضا لان ليلهم أمسى بلا وجوه ولا أحاديث تسر ولا سمر ليل بلا أقمار ليل مدفوع الثمن ليل مفتتح رحيله الى مدائن لم تبن بعد مدائن بلا عيون تجلجل فيه ضحكة إمرة ضيّعت مسارها وتكاد تضيع شرفها ساعة تجرعت قهوتها بين الصحاب أنة ذئبة باحت للذئاب بسرها .
السودان بلد ثري بترابه و سواعد أهله ، لكن اقتصاده يظل هشا لماذا؟
السودان منذ فجر إستقلاله فى حروب لا تنتهي فبعد حرب ضروس قضت على أخضر ويابس السودان أستمرت منذ عام 1955 أو قبلها بقليل فى جنوب السودان مات فيها قرابة مليوني مواطن سوداني قضت اتفاقية وقعت فى منتجع نيفاشا الكيني عام 2005 بأن تضع الحرب أوزارها وبمنح مواطني الجنوب حق تقرير مصيرهم إنفصالا أو وحدة مع السودان، وقد اختاروا الإنفصال وأسسوا دولة لهم فى ثلث مساحة السودان وبربع موارده وتكمل الدولة الوليدة عامها الأول هذه الأيام ، كان هذا فشلا طبيعيا للنخبة السودانية المثقفة والسياسية،وللأسف الشديد لم يجلب الإنفصال سلاما لشطري السودان الشمالي والجنوبي،فقبل شهر كانت الحرب على أوجها بين البلدين، وأوقفت دولة الجنوب ضخ نطفها عبر أنابيب الدولة الأم بسبب عدم الإتفاق على سعرهذه الخدمة بين البلدين، الان هناك حرب تدور فى دارفور و النيل الأزرق ،وجنوب كردفان، فى وقت تمضي فيه مفاوضات بين السودان وجنوب السودان على ظهر سلحفاة لتبحث جملة من القضايا العالقة والشائكة كقضايا الحدود والأمن و تقاسم المياه والجنسية والنفط معلوم ان 75% من نفط السودان آل الى الدولة الجديدة، السودان كان واحدا من اكبر بلدان القارة السمراء مساحة بل كان الأكبر على الإطلاق،بلد غني بموارده وخيراته المتمثلة فى أراض خصبة مدّ البصر تنبت حتى الحصي،يشقه أطول أنهار العالم نهر النيل، لديه مئات الملايين من رؤس الانعام(أبل ، ضأن ماعز أبقار) وثروات غابية وصمغ عربي ومع ذلك يستجدي السودان قوت مواطنيه من خلف البحار،مشكلة السودان تكمن فى النخبة التى لم تعرف بعد أكثر من نصف قرن الحروب كيف يتم التداول السلمي للسلطة بل كيف يتعايش اهله بنفوس طيبة فى هذا الفضاء الأفريقي الكبير،والى أن يقيض الله لهذا البلد خيرة ابناءه للنهوض به سنعمل ما بوسعنا حتى نساهم فى التغيير المنشود،لكن السلطة الإنقاذية الحاكمة حاليا لا تسمح حتى بمجرد نقد رموزها فى وقت يستشري فيه الفساد وينخر فى كل جسد الدولة وفى وقت يقترب الجوع الى بطون السواد الأعظم من أطفاله، هذا قدرنا وعلينا مواجهته بشجاعة وحكمة.
*كيف يساهم مثقّفوا السودان في حل مشاكل طرَفَيْه ؟
كما ذكرت لك انفا المثقفون هم أساس المشكلة،فهم إما أناس يتخبطون فى الداخل حاما ومعارضين للسلطة أو كوادرصرفت عليها الدولة الشئ الكثير فغادرت البلاد طوعا أو مرغمة ،السودانيون اليوم فى كل المنافي والمهاجر بدءا من الخليج مرورا بأوربا وليس إنتهاء بالأمريكتين واستراليا،تصوري شاعرا كبيرا كالشاعر السوداني محمد مفتاح الفيتوري ،الذي رفع اسم السودان عاليا فى محافل أدبية عديدة،لا ترعاه الدولة فى مرضه ولا تجدد له جواز سفره ومشكورة المملكة المغربية تمنحه أقامة فى أرضها رغم مخالفته لقوانين وأنظمة الإقامة،وهو القائل :
دنيا لا يملكها من يملكها أغنى أهليها سادتها الفقراء الخاسر من لم يأخذ منها ما تعطيه على استيحاء والغافل من ظنّ الأشياء
مثله كان اأديب والروائي العالمي الطيب صالح صاحب رائعة موسم الهجرة الى الشمال عاد جسدا ميتا الى السودان،السودانيون اليوم علماء كبار وخبراء فى المنظمات الاقليمية والدولية يبنون بلدان الاخرين وينسون بناء وطنهم حالهم لا يسر أحدا. كيف تُقَيِّمُ جروح السودان ؟
تتقاطر أسئلة شتى تلف النفس السودانية المتعبة وتغلفهابرغبة مجنونةللمعرفة والهدوء والفرح فلا تجني الا سياطا من قلق فجروجنا كثيرة بل ومتقرحة ومندملة نحاول عبثا ان نكتب تعاويذ تمنح انفسنا شيئا من السلام والرضا نحاول احياء الجزء المهزوم والمجروح فينا نحاول تقويم انكساره نحاول تغيير المستحيل ونبحث علّنا نجد لنزف أرواحنا المتعبة في السودان عقارا يسكن أآلامها جروح السودان ليست فى المظاهرات التى تقمع اليوم ولكن فى فشل نخبنا وحكامنا فى نزع الاسى عن نفوسنا وغرس شقائق النعمان فى عيوننا .
قضاياالبيئة/الطفولة-المراة/ حقوق الانسان تستدعي تكريس الجهد لإنجاح مخططاتها ، هل نجح السودان في رسم خارطة طريق لهذه القضايا ؟
لا أظن أننا فى السودان نجحنا فى رسم خارطة طريق لأى من هذه القضايا فالطفولة على سبيل المثال فى بلدنا طفولة بائسة ولا تزال الزهرات يخفضن لأن القوانين وحدها لا تحارب عادة الخفاض المتأصلة لمئات السنين فى بلد كالسودان ، المرأة فى السودان أيضا لم تتبوأ المكانة التي تليق بها بل تُجْلَد في الشارع إن تجرأت وارتدتْ بنطالا ، مشاركتهن فى السلطة مشاركة شكلية وصورية وديكورية فى معظم الأحيان ، رغم ان السودانية بطبعها نابهة ومتفوقة فى كل مجال ترتاده
بيئتنا هي الأخرى تهدر مواردها الطبيعية .فغابات السودان لا أحد يهتم بها والحياة البرية التي كان يذخر بها السودان في أفريقيا كلها تناقص عدد الحيوانات التي كانت ترتع في بواديه وسهوله وغاباته مثل الاسود والنمور والأفيال والغزلان وغيرها بفعل الصيد الجائر وعدم الحماية الكافية حتى أصبحت مهددة بالإنقراض داخل محمية الدندر الطبيعية التى لا تجد هي الأخرى الرعاية اللازمة.أما الحديث عن حقوق الإنسان يكفي أن أشير الى أن رئيس الدولة عندنا وكبار معاونيه مطلوبون فى محكمة الجنايات الدولية على خلفية انتهاكات حقوق الإنسان فى السودان ، يكفي القمع الذي يجري بحق المتظاهرين الان فى الشارع السوداني والإعتقالات اليومية حتى بلغ عدد الموقوفين دون محاكمات خلال أسبوعين من التظاهر السلمي أكثر من الفي ناشط وصحفي،ملف حقوق الإنسان فى السودان ملف قميئ لا ننصح بالاطلاع عليه .
* بين الشارع السياسي و الشارع الادبي كيف تنسجم الخطى من اجل مسيرة سليمة سلمية نحو الأفضل؟
الشارعان السياسي والأدبي فى تقديري وجهان لعملة واحدة كلاهما ينشد التغيير نحو الأفضل فى عالمنا العربي،فكما تعمل النخب السياسية على احداث التنمية المنشودة تهتم النخب الأدبية والمهتمون بمختلف أنواع الاداب والفنون بتشكيل وجدان هذه الأمة فالشاعر ينشد الخير والجمال لامته تماما كما السياسي الذي يُعد الأمة بالبناء والتغيير ولابد أن تتكامل الأدوار بل لا ينبغي أن يمارئ الأديب السياسي من أجل منصب أو غيره بل لابد أن يوظف ضرب الفن الذي يجيده لمصلحة الأمة وحدها،لسنا بحاجة لشعراء وكتاب وفنانين مطبلين مداح.
وقد اثبت الأدباء والفنانون في ثورات الربيع العربي انهم فصيل رائد وأصيل فى مسيرة التغيير التي تنتظم أولاد العرب من مغربها الى مشرقها.
مجتمعاتنا نفتح و تتغير عاداتها و تسقط مبادئها تباعا. و من الآفات التي تنمو كالفطر وسط الشباب، نجد التحرش سائبا ، كيف نتعاطى مع الظاهرة و كيف نحاربها ؟
ليس التحرش وحده ما تعاني منه مجتمعاتنا ،النسيج الاجتماعي كله يتمزق فى مجتمعاتنا العربية والاسلامية، لذا فالتحرش مجرد عرض لما اصابها من وهن وضعف وتصدع ،الاسرة اليوم ليست كالأسرة بالأمس واولاد وبنات اليوم ليسوا بالطبع كأولاد وبنات الأمس ،صحيح أن الوسائل التقنية المختلفة غيّرت كثيرا من مفاهيمنا ،لكننا لم نحسن استخدامها لم تعد لدينا المناعة الكافية لامراض العولمة، والتحرش لم يعد حكرا على الشباب والرجال بل الفتيات والنساء يقمن فى بعض البلاد بمجاراة الرجال فيه ، للمزيد حول موضوع المرأة احيلك الى مقالي بعنوان هل من رجل يتحرش بي فى موقع وكالة أنباء المرأة
على الرابط التالي:
http://wonews.net/ar/index.php?act=post&id=1543
* في العالم الإسلامي...يصيبنا بين الحين و الحين وابل من الفتاوى الغريبة، ما دور الإعلامي في تحجيم/صدّ او نشرهذه الفتاوى خصوصا تلك التي تخزنا في الصميم كإرضاع الزميل في العمل أو زواج الطفلة و زواج المسيار و ما شاكَله ؟
ليس أدق على تصوير واقع الفتوي فى الدول العربية من تلك الواقعة التى حكاها الزميل خالد القشطيني حيث قال: أنه قبل سنوات سأل إمرأة ساقطة في احدى العواصم العربية. كانت محجبة ومحتشمة في زيها ومظهرها وتقيم الصلاة في اوقاتها والصيام في أيامه. سألها عن هذا التناقض. قالت ذهبت الى دار الافتاء واستفتيتهم. اجابوني بأن الله غفور رحيم، وحالما أتوب من هذا العمل واستغفره سيغفره لي على ان احافظ على اداء الصلاة. فترك الصلاة لا يغتفر- قالوا لها. وهكذا واظبت على البغاء ليلا واداء الصلاة نهارا، هناك من أفتي حق "مضاجعة الوداع" مع زوجته المتوفاة ، وهناك من أفتي بإرضاع الزميل فى العمل أو السائق فى البيت،وهناك من أفتى بزواج الطفلات،وهناك من أفتي بزواج المسيار والإيثار وغيره،بل هناك من أفتى بتحريم لبس الستيان (صدرية النهدين) على النساء.لأنه يؤدي الى غش الرجال بحجم ثدي الفتاة وشكله! أسوة بحملة "حرق الستيان"
bra burning التى وقعت قبل سنوات كخطوة نحو تحرر المرأة ومساواتها بالرجل. وهناك من أفتى بتحريم لبس سراويل الجينز لأنها تنطوي على تشبه بالكفار، بل هناك من أفتي بحرمة لبس ربطات العنق لأنها عقدتها تشبه صليب الكفار، وهناك من أفتي على النساء والفتيات بحرمة الجلوس أمام جهاز كومبيوتر مزود بخدمة الأنترنيت بدون محرم خشية أن تتم غوايتها في الدردشة. وهناك فى المغرب فتوي أجازت للأبوين تزويج بناتهن القاصرات معللا ذلك بان السيدة عائشة تزوجت فى سن التاسعة، وهناك من أفتي باستخدام المكياج للرجال يجوز بشكل عام، سواء كانت الوظيفة تتطلب ذلك، أو لإخفاء بثور في الوجه، أو حتى للتجمّل، لأن الله جميل يحب الجمال"وهناك من أفتى بجلد الصحافيين ثمانين جلدة إن كتبوا خبرا غير دقيق. الفتوي تحتاج أختى العزيزة فى بلاد المزيد الى مزيد من الضبط.
هل تتصور نوبل للإسلاميين ؟
الاسلاميون الذين صعد نجمهم هذه الايام بعد أفول طويل لن تزيدهم نوبل بمختلف تفرعاتها شرفا بل سوف تتشرف نوبل بهم إن أحسنوا قيادة الأمة فى بلدانهم ليس من خلال الشعارات البراقة من شاكلة (الاسلام هو الحل)وإنما إنزال قيم السماء فى واقع الناس بشكل عملي ومقنع فهم فى تحد كبير فى تونس من خلال حزب النهضة برئاسة الرجل المستنير الشيخ راشد الغنوشي ،وفى مصر التى وصل فيها الدكتور محمد مرسي الى كرسي رئاسة الجمهورية،وفى ليبياوسوريا والمغربفى كل هذه البلدان وغيرها الاسلاميون بحاجة الى أن يثبتوا لشعوبهم بأنهم ديمقراطيون وبأنهم دعاة دولة مدنية عصرية تمنح المواطنين كافة الحقوق وتوفر لهم الحياة الكريمة ،واليمنية توكل كرمان اول عربية تحصل على جائزة نوبل للسلام أكدت قدرة الإسلاميين على مقارعة غيرهم وبزهم فى كافة المحافل وعلى كل حال الحديث عن نوبل وجوائزها لا ينبغي أن يشغلنا عن قضايانا المصيرية وما أكثرها .
الإبداع بين جدلية التطور و الركود يتأثر بما حوله و يؤثر فيه، و الحركة الأدبية في العالم الإسلامي تتطور، لكن القارئ شبه منعدم رغم وفرة الإنتاج ، ما سبب هذا العزوف في رأي سليم عثمان ؟
للأسف أختي عزيزة أن أمة إقرأ لا تقرأ وقد قيل فى شأن القراءة:
(الإنسان القارئ تصعب هزيمته)
(إن قراءتي الحرة علمتني أكثر من تعليمي فـي المدرسة بألف مرة). (من أسباب نجاحي وعبقريتي أنني تعلمت كيف انتزع الكتاب من قلبه). و سئل أحد العلماء العباقرة: لماذا تقرأ كثيراً؟ فقال: (لأن حياة واحدة لا تكفيني)
*القراءة تنمي ثقتي بنفسي.
*القراءة تجعلني أكثر كفاءة في إنجاز أعمالي.
* القراءة تجعل قراراتي أكثر فاعلية.
* القراءة تزيد من فرص ترقيتي في مجال عملي.
* القراءة تجعلني أكثر ثباتاً في مواجهة الأزمات والضغوط.
* القراءة تزيد من فهمي وإدراكي للأمور. * القراءة تجعلني عضواً بارزاً وفعالاً في فريق عملي
* القراءة تجعلني لبقاً في محادثة الآخرين.
* القراءة تجعلني أكثر دقة وذكاءً وبديهة.
* القراءة تزيد من قدرتي على تحمل المسؤولية
* القراءة وسيلة لتحصيل العلم الشرعي
وقديما كانوا يقولون القاهرة تؤلف الكتب وبيروت تطبع والخرطوم تقرأ لكن لسوء الحظ ابتعد أهل السودان فى زماننا الحالي عن القراءة كثيرا، بل إن معارض الكتب على قلتها لا يزورها الا القلة،بل تشعر بندرة المكتبات العامة والخاصة،ومع أننا أمة اقرأ ولكن للأسف لا نقرأ، وإذا قرأنا لا نقرأ المفيد من الكتب إلا من رحم الله من هذه الأمة، والأغرب من ذلك تقرير إحدى الجامعات في عالمنا العربي الذي أكد أن 72% من خريجي الجامعات يتخرجون دون أن يقوموا باستعارة كتاب واحد من مكتبة الجامعة!واذا سألت أحد الشباب عن قراءته للكتب يقول لك إنه يطالعها فى النت ،وليتهم فعلا يقرأون فى النت إن هجروا الكتاب الورقي .(ولقد أُجريت دراسة بهدف التعرف على معدل قراءات الشعوب في العالم، حيث كانت النتيجة: أن معدل قراءة الرجل العادي - الذي يعمل في المحلات والأعمال الحرفية - في اليابان أربعون كتاباً في السنة، ومعدل قراءة الفرد في المجتمع الأوروبي عشرة كتب في السنة، في الوقت الذي كان معدل قراءة الفرد في الوطن العربي عُشر كتاب، بمعنى أنه يقرأ في العام عشرين صفحة من كتاب تبلغ عدد صفحاته مائتي صفحة.)
وإحصائية أخرى أشارت إلى أن معدل قراءة الفرد العربي على مستوى العالم هو ربع صفحة !! أي أن متوسط القراءة لدى الفرد العربي في السنة- مقارنة بالقارئ العالمي - لا تتجاوز نصف ساعة
إنّ الأدب كائن حي ينمو ويتطوّر، يتأثّر بما حوله ويؤثّر فيه، والمتتبّع لحركتنا الأدبيّة المحليّة يستطيع أن يلمح تطوّر الأدب نثرا وشعرا، كما أنّه يلاحظ أنّ ثمّة فيضا أدبيّا تفرزه أقلام محليّة عديدة، فلا يملك القارئ والمتتبّع إلاّ أن يقف مشدوها أمام هذه الوفرة من الإنتاج؟
صحيح الأدب كائن حي ينمو ويتطور،لكن لو أخذنا العالم العربي مشرقا ومغربا قبل عصر التكنولوجيا الحالية ما كان التواصل بينهما كبيرا وحتى اليوم لا يتم تبادل الكتب الورقية بين شطري العالم العربي كما ينبغي ربما بسبب كلفة النقل وربما لقيود أخرى نجهلها ..لكن التكنولوجيا يسّرت لنا الاطلاع على إنتاج كتاب المغرب كما يسّرت للمغاربة جميعا الاطلاع على نثر وشعر وكتابات اخوانهم فى المشرق ولا أدري لم تذكرتُ مقولة الكاتب الايرلندي الساخر برناردشو: غزارة فى الانتاج وسوء فى التوزيع وهو يشير ربما الى لحيته.ربما تجدين غزارة فى الانتاج هنا وقلة فى توزيعه هناك والعكس صحيح لكن هذا لا ينبغي أن يمنع الاستفادة من إرثنا الأدبي الكبير بل ومن تراثنا القديم لأن من نسي قديمه تاه. كم يتمنى المرء ان تترجم آداب العرب وفنونهم الى اللغات العالمية المختلفة .هل يقرأ لنا مثلا أكثر من مليار شخص فى الصين مثلا، رغم العلاقات الاقتصادية والسياسية بين بلداننا والصين؟ لا أظن ان انتاجنا الثقافي والفكري والأدبي وصل إلى تلك الدولة/القارة وليس العيب فيهم بل فينا هل نسطيع قراءة الادب الصيني او الروسي او اللاتيني بشكل جيد ؟ لا اعتقد وبالتالي نحن بحاجة لأن نتفاعل نؤثر بأكثر مما نتأثر لأننا أمة لها رسالة عظيمة لا ينبغي أبدا أن نكون فقط مستقبلين لانتاج الاخر بل علينا أن نعرض له وعليه بضاعتنا المزجاة بالسمو الرفعة والعزة والسؤدد والجمال والفضيلة.ختاما لك شكري الجزيل زميلتي عزيزة رحموني على هذا التواصل الذي مكنني من التوقف لبرهة لاهثا فى بعض محطات حياتي المتواضعة أتمنى لك كل العافية والسعادة..

كل شيء ما خلا الله باطل .ون