الثلاثاء، 9 أغسطس 2011

لهفي علي زهرة روض زهت؟!

لهفي علي زهرة روض زهت؟!
بقلم: سليم عثمان
كاتب وصحافي سوداني مقيم في قطر
حدثني صديق صومالي، يعيش في الإمارات العربية المتحدة ،جاء زائرا لقريب له يلعب في ناد كبير هنا في الدوحة ، أنه عاد مؤخرا من الصومال بعد أن امضي فيه نحو شهر كامل ، حدثني بأسي شديد وكادت دموعه تطفر من عينينه قائلا :الصومال الذي كنت اعرفه دمر بالكامل، لا طرق ، لا اتصالات ، لا مستشفيات، لا رعاية صحية ، حتى الأولية منها معدومة ،لا تعليم، لا ماء صالح للشرب ،ولا تمر يساعد الصائمين علي الإفطار،لا تكاد تري في الشارع إلا شبابا وشيوخا ،يمسكون ببنادقهم، يتوشحون الرصاص ويدثرون به أكتافهم وصدروهم، الشوارع الترابية، التي ترك فيها الرصاص والمتفجرات أخاديد، تكتسي لون الدم الأحمر القاني ،منذ نحو عقدين من الزمان،ظل هذا الدم الغالي يسيل دون توقف، من شرايين أخوة العقيدة والعروبة والوطن، رجال ونساء وأطفالا.
وأضاف بألم، تصور أنه لا وجود رسمي للدولة هناك،الحكومة تعيش في قصرها وما حوله، ولا يكاد وزراؤها يتحركون قيد أنملة، إلا تحت حراسة بعض القوات الإفريقية، التي جاءت لإحلال السلام، كما يزعمون، لكنهم في حقيقة الأمر، يقتلون نساء وأطفال الصومال، كل يوم تحت ذريعة محاربة الارهابين، وعناصر القاعدة؟! قلت : أليست القاعدة إرهابية؟ قال : بل أقصد الارهابين من يسمون أنفسهم بالشباب المجاهدين ،فهؤلاء في إطار سعيهم لإسقاط حكومة الشيخ شريف الهزيلة ،أيضا يقتلون الأطفال والعجزة من الرجال والنساء ، قلت وأين قوات الحكومة (جيشها وشرطتها) قال:الصومال ليس فيه جيش ولا شرطة ،ولا مؤسسات حكومية، يعتد بها منذ سنين عدة ، منذ رحيل الرئيس محمد سياد بري عن شئت ،بل مليشيات عشائرية وقبلية تزرع الرعب والعنف، في كل شارع وبيت!قلت وكيف يعيش الناس في هذه الظروف الصعبة؟ قال بعد أن اخذ نفسا عميقا؟ إن حياتهم بائسة، ومعيشتهم ضنكي ،معظمهم يفترشون الأرض، ويلتحفون السماء ،ويكفي أن كثيرين منهم لا يجدون الأسودين(الماء والتمر) عند إفطارهم ،لا يجدون لحما لشهور عدة ،لا يجدون السكر، ولا يجدون شيئا يملئون به نصف( طنجرة) للطبخ ،لا وجود يذكر لمنظمات الإغاثة الإسلامية والعربية ، قلت أليس أهل الصومال مسلمون ؟ أليس بلدا عربيا؟ قال: نعم الصوماليون مسلمون مائة بالمائة، وفيهم عشرات الآلاف من حفظة القران الكريم، من الشيوخ والنساء والأطفال ، لكن لا أحد يهتم بالصوماليين ، فقد نسيهم العرب، والمسلمون منذ سنين عديدة،لا بواكي علي الصومال المدمر ، ومضي يحدثني والدمع قد انهمر علي خديه ،تصور أن كثيرين من خطباء المساجد،في الخليج وربما في المشرق والمغرب ، لا يدعون للصومال ، دبر صلواتهم أو عند خطبة صلاة الجمعة ،كأنهم لا يعرفون هذا البلد، الذي هو عضو فيما يسمي بالجامعة العربية أو حتى منظمة المؤتمر الإسلامي .
سألته لماذا الحرب مشتعلة في الصومال كل هذه السنين ؟ قال: ليس المسئول بأعلم من السائل، البعض يسعي للجلوس علي إنقاص قصر الحكم في مقديشو، والبعض يسعي لتطبيق الشريعة الإسلامية،وبعض الدوائر الأفريقية والعربية والغربية تريده أن يكون دائما مضطربا، ممزقا، ثم توقف لبرهة فقال :هل تتصور أن شخصا مثقفا من عرب الخليج لا يعرف عاصمة الصومال ؟ قلت لا بالطبع ،قال:أحدهم سألني مهنئا بسلامة العودة كيف حال الأهل في مدغشقر؟ قلت بخير والحمد لله ،فإذا كان هذا حال بعض مثقفينا ، فكيف حال ساستنا؟ وكيف يكون حال شعوبنا العربية والإسلامية، تجاه إخوانهم في الصومال ؟ ثم أردف قائلا:كم كنت أتمني لو كان خطباء المساجد في الدول العربية، والإسلامية يدعون للصومال كما يدعون لإخواننا في باكستان وفلسطين،وغيرها من المناطق المنكوبة لسبب أو لآخر، قلت: هذا أقل من الواجب ذلك إن إخواننا في الصومال جزء من جسد الأمة الإسلامية الواحد، فعندما يتداعي وقد تداعي فعلا لابد أن تتداعي له سائر الأمة بالسهر والحمى حتى يتجاوز محنته.
وقد سرني كثيرا تلك الحلقة التي أعدها، الداعية الكويتي د/ محمد العوضي في قناة الرأي ، من الصومال التي زارها ضمن وفد طبي كويتي ،أجري العيد من العمليات الجراحية لكثيرين من مرضي العيون في ذلك البلد الشقيق المنكوب،كانت الصور والمشاهد، التي تابعتها قبل الإفطار من النوع الذي يدمي القلوب إن كانت لنا قلوب تتفطر، لرؤية مثل تلك المناظر ، صفوف طويلة، من رجال مساكين، ونساء عجايز وأطفال من الجنسين عيونهم متورمة وجاحظة ومفقوءة ، ومحمرة ومصفرة ومخضرة ،وبها ألوان قوس قزح ، من شدة المرض ،ثم عرضه لجانب من مكابدة الناس للمعايش هناك ، وسط أصوات المدافع و الرصاص المنهمر، من كل صوب ، الماء هناك عزيز ، الخبز غال،الكهرباء معدومة،السكر ترف،التعليم قلة صنعة،المطار وما أدراك ما المطار، أفضل منه ألف مرة مواقف السيارات في سوق واقف ، تصوروا حال امرأة حامل إذا داهمها طلق الولادة كيف تصل إلي مستشفي؟ هو من بؤسه أقرب إلي مركز صحي صغير(شفخانة) مؤكد أنها ستموت، إن لم تتداركها عناية الله وقد مات آلاف منهن، بسبب عدم وجود الرعاية الصحية الأولية ،الصومال ببساطة يفتقد لكل شئ (الأمن، الصحة ، التعليم الغذاء ، الكساء ) يفتقدون نصرة ومساعدة أخوانهم لهم ،وهالني منظر صبية ممدة علي الأرض جثة هامدة بعد أن حصدتها( دانة) طائشة أطلقتها القوات الأفريقية، التي هي في حرب مستمرة مع الشباب المجاهدين، ربما لم يتعدي عمرها الخامسة عشر ، وضيئة الوجه ،باسمة وهي تحتضن جرحها المميت ،فتذكرت قول الشاعر:
لهفي علي زهرة روض زهت ... فعولجت بالقطف دون الزهور
لهفي علي غصن ذوى قبل أن ... يبدو لنا من نوره الغصن نور
أه لذاك الوجه كيف انطوت ... آياته الحسني ليوم النشور
لقد جلبت لنا المدنية الكثير من الرفاهية والراحة ،لكنها في الوقت نفسه عززت في نفوسنا الجشع والأنانية ، فأصبحنا لا نحب سوي أنفسنا ،بالله عليكم اروني كم غنيا في أمة المليار مسلم ؟؟ كم من الشيوخ وكم الأمراء وكم من أصحاب المال والعقار والذهب والفضة ؟؟من رجال المسلمين ونسائهم؟ كيف نعجز عن سد رمق إخوان لنا ،يتضورون جوعا في شهر الجود والإحسان ؟ أحلال أن نرمي ما يتبقي من لحم وثريد وأصناف أخري للقطط حتى غدت كالنمور الأفريقية في بعض بلدان الخليج ، ثم لا نتذكر من شردتهم فيضانات باكستان؟ وتهدمت بيوتهم فلم يعد لهم مأوي غير رؤؤس الجبال، وما تبقي من مبان حكومية، ألا نخشي أن يسألنا الله يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم ؟ عن أموالنا من أين أكتسبناها وكيف أنفقناها أو بالاحري فيم أنفقناها ؟مؤكد أن هناك خيرون وخيرات ،ومحسنون ومحسنات، ومتصدقون ومتصدقات ، لكني اذكر نفسي وإخواني جميعا، بحديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله،يوم لا ظل إلا ظله والذي ذكر رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم (ورجل تصدق بصدقة فأخفاها، حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله) ورسولنا الكريم هو القائل عليه الصلاة والسلام :داوو مرضاكم بالصدقات ،كم منا مرضي أو لديه أبن أو ابنه أو زوج أو زوجه أو والد أو والده أو قريب أو قريبة أو صديق أو صديقه ؟ .
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال :فتنة الرجل في أهله وماله ونفسه وولده وجاره ، يكفرها الصيام والصلاة والصدقة والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر ) فليتنا جميعا نتصدق ولو بدرهم لصالح إخواننا في العقيدة، في بقاع شتي من العالم ، ولا يضيع الله اجر من أحسن عملا ، لا نريد أن يكوي الله جباهنا، يوم القيامة بما نكنزه من ذهب وفضة وأموال ، وما نشيده من قصور، وفلل ومساكن فارهة،وما نركبه من سيارات ذات قيمة كبيرة ، وايم الله سوف نسأل عن كل هذا وعن غيره، أن قصرنا في أخراج مال الله إلي مستحقيه، سواء كانت صدقات أو زكوات ،وقد نندم علي تقصيرنا، يوم لا ينفع الندم ، ولابد أن نتذكر أن إيماننا لا يكتمل حتى
نحب لإخواننا ما نحب لأنفسنا ،
يقول بوذا :هناك في موت الأنانية تكمن السعادة الحقة .
ويقول علي أمين :
الذين يحبونني ::علموني الحياة...
والذين يكرهونني:علموني الحذر...
والذين لا يبالون :علموني الأنانية ...
ومن دلائل عجزنا ،علي مساعدة إخواننا في الصومال، وأفغانستان وفلسطين، وغيرها من المناطق المحتاجة إلي مساعداتنا ، كثرة إحالتنا كل شئ يجري هنا وهناك للمقادير،لا يكفي أن نقول هذه ابتلاءات ألمت بنا وبهم ثم لا نساعدهم ،في باكستان الفيضانات شردت ملايين ،في الصومال الحرب تحصد العشرات، كل يوم ، في العراق الملايين من الأيتام والأرامل بفعل عدو مغتصب للأرض، برضا بعض الحاكمين في أفغانستان ، قوات الأطلسي تقتل يوميا العشرات في غزة الحصار يخنق إخواننا ، في دارفور الناس هجروا بيوتهم بعد أن هدمت فوق رؤوسهم،واستحلوا التونة الأطلسية بعد أن عجزت حكومتنا علي إطعامهم ، بالفول والذرة ،وإحلال السلام في ربوع منطقتهم ،نعم فشلنا في مساعدة المحتاجين، في أمتنا ولكن الفشل لا يحطم إلا النفوس الهزيلة،أما القوية منها فهي التي تتخذ من فشلها عدة لنجاحاتها ، أنها ترأب صدعها، بأمل قوي جديد، كما ترأب صدفة البحر صدعها بلؤلوة ، ولذلك فإننا حكومات وشعوب، كان يمكننا أن ننفق الوقت والجهد، الذي اهدرناه لجلب الفشل، أن ننفقه لتحقيق النجاح، تلو النجاح لكننا أمة تنفر من النجاح ،وتتجنب دروبه، ونحب الفشل ونسعي إليه بأيدينا وأرجلنا وعقولنا، رغم أننا خير أمة أخرجت للناس .
يقول أحد الفلاسفة:
كثيرا ما ينشأ الفشل عن العادات الرديئة ،وأقبحها تلك التي تنشأ عن التنقيب ، عن مساوئ الناس والتنديد بها ، بدلا من التفتيش ،عن حسناتهم وإطرائها
في رمضان وفي غير رمضان نأكل لحوم بعضنا البعض ونحن أحياء ،لكلنا نبخل علي المحتاجين من أموالنا التي رزقنا الله إياها ،كأننا سوف نحملها مع بيوتنا وقصورنا وسياراتنا وكل ما نملك إلي قبورنا .
وأخيرا :
لا تتابع هواك يا ذا المعاصي ..واجتنب ذلة الهوى والهوان
أحمق الناس من أطاع هواه .. وتمني علي الله الأماني
من وثق بالله أغناه ،ومن خرج عن حكمه عناه ، من لزم شأنه دامت سلامته،ومن حفظ لسانه قلت ندامته ، الزمان لا يبقي علي حال ،والدنيا طبعها الغدر ، فمن يدرينا لعل حال إخواننا في الصومال، وفلسطين وأفغانستان وباكستان، يصبح أفضل حال ويحل بنا ما حل بهم ؟ فلا ينبغي أن نغتر بزهرة الحياة الذاوية ،ونخدع بزينتها المتلاشية ، بل لا ينبغي أن نفني أعمارنا القصيرة، في المعاصي وتجاهل المساكين ،ولابد أن نتذكر يوما نتمنى أن نحشر فيه في زمرة المساكين، من شدة أهواله ،من لزم شكر الإحسان في هذه الحياة استدام عدم الحرمان،فهذه الدنيا تمكر بنا، وتهدي إلينا سم عقاربها ،عامرها خراب ،وغامرها سراب،أجلها قصير ،والي الفناء تصير حتما،صفوها كدر وجرحها هدر ،أنفاسنا في هذه الحياة معدودة ،وأوقاتنا فيها محدودة ،ومالنا عارية مردودة،وذواتنا الموجودة الآن عن قريب مفقودة .
وما المال والاهلون إلا ودائع ...ولا بد يوما أن ترد الودائع
فهل نكثر من ذكر هازم اللذات ونتقي النار ولو بشق تمرة؟
وفي الختام أذكر كل مبتل بفقر أو مرض أو غيره بهذا الحديث الذي يبشرهم إن صبروا علي ما هم فيه من محن وابتلاءات وأمراض وغيرها ، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
قلت يا رسول الله، أي الناس أشد بلاء؟
قال: «الأنبياء»
قلت: ثم من؟
قال: «الصالحون، إن كان أحدهم ليُبتلَى بالفقر حتى ما يجد إلا العباءة يحتويها، وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء» رواه ابن ماجه.
وقال أيضا: (ليودن أهل العافية يوم القيامة، أن جلودهم قرضت بالمقاريض، مما يرون من ثواب أهل البلاء) رواه الترمذي.
فإذا علمت أنَّ البلاء خيرٌ على كلِّ حال، فاعلم أنَّ الصبر عليه هو أوسع أبواب السعادة في الحياة، ولذلك قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (إنَّ السعيد لِمن جنب الفتن، ولمن ابتلى فصبر)

أخي.. إذا استغنى الناس بالدنيا، فاستغن أنت بالله، وإذا فرحوا بالدنيا فافرح أنت بالله، وإذا أنسوا بأحبابهم فاجعل أنسك بالله، وإذا تعرفوا إلى ملوكهم وكبرائهم وسادتهم وتقربوا إليهم؛ لينالوا بهم العزة والرفعة والمال والجاه والسلطان ، فتعرف أنت إلى الله، وتودد إليه تنل بذلك غاية العز والرفعة
الغافلون الأربعة :
قال الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه عجبت لأربعة كيف يغفلون من أربع :
عجبت لمن ابتلى بالخوف كيف يغفل من قوله الله تعالى : " حسبنا الله ونعم الوكيل "
وعجبت لمن ابتلى بمكر الله به كيف يغفل عن قوله تعالى : " وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد " .
وعجبت لمن ابتلى بالضر كيف يغفل عن قوله تعالى : " ورب إني مسني الضر وأنت ارحم الراحمين "
وعجبت لمن ابتلى بالغم كيف يغفل عن قوله " ولا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين .
لا خير في الـحياة ‍‍!! :
مرّ طفيلي بقوم يأكلون، فقال لهم: ما تأكلون؟ فقالوا: سُّماً. قال: لا خير في الحياة بعدكم، وجعل يأكل معهم
طرائف :
ضاع لأحدهم حمار فنذر أن يصوم ثلاثة أيام إن وجد الحمار وبعد فترة من الزمن وجد حماره فأوفى بنذره وصام الثلاثة الأيام وما أن أكمل الصيام حتى مات الحمار فقال: لأخصمنّها من شهر رمضان.
يا رب :
يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة

فلقد علمت بأن عفوك أعظم

إن كان لا يرجوك إلا محسن

فبمن يلوذ ويستجير المجرم

مالي إليك وسيلة إلا الرضا

وجميل عفوك ثم أني مسلم








لماذا لا يعلق شئ من عطر ليالي رمضان في نفوسنا؟



لماذا لا يعلق شئ من عطر ليالي رمضان في نفوسنا؟
بقلم : سليم عثمان
كاتب وصحافي سوداني مقيم في قطر
يقول الشهيد سيد قطب : ( إن الكلمة لتنبعث ميتة، وتصل هامدة، مهما تكن طنانة رنانة متحمسة، إذا هي لم تنبعث من قلب يؤمن بها، ولن يؤمن إنسان بما يقول حقا إلا أن يستحيل هو ترجمة حية لما يقول، وتجسيما واقعيا لما ينطق ، عندئذ يؤمن الناس، ويثق الناس، ولو لم يكن في تلك الكلمة طنين ولا بريق ، إنها تستحيل يومئذ دفعة حياة لأنها منبثقة من حياة).
تري كم نريق من أحبار، وكم نسود من صحائف، ثم لا ينصلح حالنا؟في رمضان وفي غيره ،تري لماذا لا يعلق شيء من عطر وشذا وأريج ليالي رمضان ويبقي منه في أنفسنا شئ؟نخرج من المساجد،فنقرض أخواننا بألسنة حداد ، نصوم يومنا كله لكننا بدلا من الإفطار علي تمر وماء، نقع علي جيف هي لحوم إخواننا!لماذا لا تغير أيام وليالي رمضان في أنفسنا وطبائعنا كثيرا؟ ثم ما فائدة ما نكتب إن كنا لا نعقله ؟وما فائدة ما نقرأ من كتب، أولها القران الكريم، وكتب السير والفقه والعبادات إن كنا لا نتدبر ولا نعقل ما نقرأه ؟ لماذا تولد كلماتنا ميتة لا روح فيها ؟
قيل لأحد الحكماء: مالك تدمن إمساك العصا ولست بكبير ولا مريض فقال: لأذكر أني مسافر .
حملت العصا لا الضعف أوجب حملها ..عليّ ولا أني تحنيت من كبر
ولكنني ألزمت نفسي حملها ....لأعملها أن المقيم على سفر
وقال آخر:
هذي الدقائقُ تَسْتَحِـثُّ خُطَانَـا لنسيــر فـي عَجَــلٍ إلـى أُخرانَـا
وكتب بعض السلف إلى أخ له: يا أخي! يُخيل لك أنك مقيم؛ بل أنت دائب السير، تُساق مع ذلك سوقًا حثيثًا.. الموت متوجه إليك، والدنيا تُطوَى مِن ورائك، وما مضى من عمرك فليس بعائد عليك إلى يوم التغابن أي يوم القيامة .
وكان الحسن البصري يشيع جنازة، فأخذ بيد رفيقه قائلا: ماذا يفعل هذا الميت إذا عاد إلى الحياة؟! فقال: يكون أفضل مما كان قبل الموت. فقال الحسن: فإنْ لم يكن هو فكن أنتَ..وإن لم يكن ذلك الشخص فلنكن نحن جميعا.
نعم نحن جميعا مسافرون الي فضاء آخر، غير هذا الذي نعيش فيه، ولكن قلة منا تعد الزاد للسفر، و يقول ابن القيم رحمه الله : (لم يزل الناس مذ خلقوا مسافرين، وليس لهم حط لرحالهم،إلا في الجنة دار النعيم، أو في النار دار الجحيم، والعاقل يعلم أن السفر بطبعه مبنيٌ على المشقة،والأخطار بل هو قطعة من العذاب ، ومن المحال أن يطلب في السفر عادة النعيم، والراحة واللذة والهناء، فكل وطأة قدم للمسافر بحساب، وكل لحظة ووقت من أوقات السفر، غير واقفة والمسافر غير واقف، فإذا ما نزل المسافر أو نام أو استراح، فهو على قدم الاستعداد، للسير في قطع المفاوز والقفار، أما عدة المسافر وزاده: فإيمان وعمل صالح.
فهل نستفيد من رمضان ولياليه؟ ونعد العدة والزاد للرحيل الأبدي؟نعم كلنا بحاجة إلي الكثير من الأعمال الصالحة ،في رمضان وفي غيره، نعم كلنا مقصر في جنب الله، نعم معظمنا لاه مع الحياة وتقلباتها، نعم رمضان فرصة قد لا تتكرر علي بعضنا فهل نستفيد من نفحاته العطرة ؟
( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً) (الكهف:30)
( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً) (الكهف:107)
( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً) (مريم:96) . فالإنسان المسافر مهما تكن مواهبه، ومهما يكن عطائه ، ومهما تكن قدراته، فإنه يبقى محدود الطاقة والقدرة، ما لم يكن له أعوان يشدون أزره، ويقوون أمره، يذكرونه حين ينسى ، يعلمونه حين يجهل، فالمرء قليل بنفسه، كثير بإخوانه، ضعيف بنفسه، قوي بإخوانه. فليست هذه الكلمات الصماء الخرساء التي لا روح فيها سوي تذكير لنفسي وإياكم لنعد حقائبنا ونملأها بصالح الأعمال استعدادا للسفر
وما المرء إلا بإخوانه ......... كما تقبض الكف بالمعصم
ولا خير في الكف مقطوعة ... ولا خير في الساعد الأجذم
كم رمضان شهدنا؟ كم عيدا مر بنا؟ كم من دقائق عمرنا مرت؟ فالعمر ثوان ودقائق وساعات وأيام وشهور وسنوات .
دقات قلب المرء قائلة له ان الحياة دقائق وثواني
ومهما تطول بنا الأعمار فإننا لا محالة مسافرون
وكل أبن أنثي وإن طالت سلامته يوما علي اله حدباء محمول
فهذا شهر رمضان مضي ثلثه الأول رحمة، ودخلنا إلي ثلثه الثاني ننتظر مغفرة من الله فيه ثم إلي ثلثه الأخير نرجو فيها عتقا لرقابنا من النار،لكن تري هل نفوز بما وعدنا فيه ؟الإجابة تحتاج إلي خوض غمار الجهاد الأكبر، جهاد النفس،فالنفس من طبعها حب التفلت والانطلاق، ولكلنها إذا روضت ذلت، واستجابت إلى ما تكره، فتمزق حجب البطالة، وتقفز على أسوار المكاره، وتستمر على ما روضت عليه، وتداوم دون كلل ولا ملل،حتى وإن استغرقت هذه المداومة العمر كله.
فالأعمال الصالحة كلها تُضاعَف بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف،إلا الصيام فإنه لا ينحصر تضعيفه في هذا العدد، بل يُضاعفه الله عز و جل أضعافا كثيرة، بغير حصر عدد، فإن الصيام من الصبر، وقد قال الله تعالى: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)
يقول أحد السلف: عالجت لساني عشرين سنة، قبل أن يستقيم لي، ويقول عالجت الصمت ،عما لا يعنيني عشرين سنة، قبل أن أقدر منه على ما أريد،
فهل نستطيع جميعا السيطرة علي ألسنتنا ؟ذلك أننا نكب علي النار بحصادها وقد جاء عن التابعي الجليل أبن المنكدر رحمه الله: كابدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت لي.
وما يردع النفس اللجوج عن الهوى... من الناس إلا حازم الرأي كامله
وما النفس إلا حيث يجعلها الفتى ... فإن أطمعت تاقت وإلا تسلت
يظن بعضنا ممن صام رمضان عشرات المرات، وممن مشي الي المساجد في الظلم وحج وأعتمر مرات عديدة،وتصدق بأموال كثيرة ،أن ما فعله كاف لدخول الجنة والحقيقة أننا لا ندخل الجنة بأعمالنا وحدها ، فكل عمل لا نخلصه لوجه الله، يكون رياء، والرياء كما تعلمون هو أصغر أنواع الشرك بالله ، الدخول الي الجنة رهين برحمة الله لنا جميعا.
يروى أن حمدون بن حماد بن مجاهد الكلبي رحمه الله كان يقول: كتبت بيدي هذه ثلاثة آلاف وخمسمائة كتاب، ولعل الكتاب الذي أدخل به الجنة لم يكتب بعد، لعل هذا مما يعين على المداومة، كلما عملت عملا قلت لعل هذا لا يبلغني الجنة، فإلى آخر وإلى آخر، حتى تلقى الله على ذلك، فربك أغفر وأرحم سبحانه. فجاهد نفسك وداوم على العمل (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) (الحجر:99).
وقد لا يتاح لنا شهود رمضان القادم، وقد لا يمهلنا القدر كي نؤدي الصلاة المكتوبة القادمة، صبحا كانت أو ظهرا أو مغربا او عشاء ،وقد لا نعيش حتي وقت الإفطار ،وربما لا يتسني لنا الذهاب الي صلاة القيام ، بل قد لا يمهلنا ملك الموت إخراج هذا النفس (الشهيق)الي زفير،لأن الله لا يؤخر نفسا إذا جاء أجلها .
قال ابن القيم: إن الصائم لا يفعل شيئًا، وإنما يترك شهوته وطعامه وشرابه،من أجل معبوده؛ فهو ترك محبوبات النفس وتلذذاتها إيثارًا لمحبة الله ومرضاته، وهو سر بين العبد وربه، لا يطلع عليه سواه، والعباد قد يطلعون منه على ترك المفطرات الظاهرة، وأما كونه ترك طعامه وشرابه، وشهوته من أجل معبوده، فهو أمر لا يطلع عليه بشر، وذلك حقيقة الصوم. [زاد المعاد] .
والذين يعلمون ثم لا يعملون أو يعملون بخلاف ما يقولون، ويعلمون بئس ما يصنعون، إنما هي أوعية للعلم يسيرون، ثم لا ينفعون، بل قد يضرون، جلسوا على باب الجنة ، كما يقول ابن القيم: (يدعون إليها الناس بأقوالهم، ويدعون إلى النار بأفعالهم، كلما قالت أقوالهم: هلموا اسمعوا، قالت أفعالهم: افرنقعوا لا تسمعوا لو كان حقا ما يدعون إليه كانوا أول المستجيبين له، فهم في الصور هداة مرشدون أدلاء، لكنهم في الحقيقة قطاع طرق). أذلاء وما هم بأجلاء، بئس ما يصنعون. (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (الجمعة:5). ما يغني الأعمى معه نور الشمسي لا يبصرها، وما يغني عن العالم كثرة العلم لا يعمل به، إنما هو كالسراج يضيء البيت ويحرق نفسه، عليه بوره ولغيره نوره، يحق عليه قول القائل:
فأسعدت الكثير وأنت تشقى ......... وأضحكت الأنام وأنت تبكي
خير من القول فاعله وخير من الصواب قائله :
ومن العجائب والعجائب جمة ... قرب السبيل وما إليه وصول
كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ ... والماء فوق ظهورها محمول
نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن يعملون بما يعلمون ،وأن تكون اعمالنا كلها خالصة لوجهه الكريم إنه سميع مجيب الدعاء . كان الحسن يقول: ابن آدم إنك تموت وحدك، وتبعث وحدك، وتحاسب وحدك.
ابن آدم: لو أن الناس كلهم أطاعوا الله وعصيت أنت لم تنفعك طاعتهم، ولو عصوا الله وأطعت أنت لم تضرك معصيتهم.
ابن آدم: ذنبك ذنبك، فإنما هو لحمك ودمك، وإن تكن الأخرى، فإنما هي نار لا تطفأ وجسمٌ لا يبلى، ونفسٌ لا تموت.
تأمل في الوجود بعين فكر ... ترى الدنيا الدنية كالخيال ِ
ومن فيها جميعاً سوف يفنى ... ويبقى وجه ربك ذو الجلال
وما أجمل ما قاله شاعر في غفلتنا :
يَا نَفْسُ توبي فإنَّ الموتَ قد حانَا ... واعصِي الهَوى فالهَوى ما زالَ فَتانَا
أَما تَرينَ المَنايَا كيف تَلقُطنَا ... لقطًا فَتلحقُ أُخْرَانَا بأُولانَا
في كلِّ يومٍ لنَا مَيتٌ نُشيعُه .... نَرَى بِمَصرَعهِ آثَارَ مَوتَانَا
يَا نفسُ مَالي ولِلأموَالِ أَترُكُهَا .... خَلفِي وأَخرجُ من دُنياي عُريانَا
أَبَعْدَ خَمسينَ قد قَضيتُهَا لَعبًا .... قد آنَ أنْ تَقصُري قَدْ آنَ قَدْ آنَا
ما بَالُنَا نَتعامَى عن مَصَائِرنَا .... نَنْسَى بِغفلتِنَا من لَيسَ يَنْسَانَا
نَزْدَادُ حِرصًا وهذَا الدَّهرُ يَزجرَنَا .... كانَ زَاجرنَا بِالحرصِ أَغرانَا
أينَ المُلوكُ وأَبناءُ المُلوكِ وَمَن .... كَانت تَخر له الأَذقانُ إِذغانَا
صَاحتْ بهم حَادِثَاتُ الدهرِ فانْقلبُوا .... مُسْتبدلينَ من الأَوْطانِ أَوطانَا
خَلَّو مَدائنَ كانَ العِز مَفرشُهَا .... واسْتفرشُوا حُفُرًا غُبرًا وَقِيعانَا
يَا رَاكضًا في مَيادِينِ الهَوى مرحًا .... وَرَافلاً في ثِيَابِ الغَيِّ نَشوَانَا
مَضى الزمانُ وولَّى العُمرُ في لعبٍ .... يَكفيكَ مَا قَدْ مَضى قَد كانَ ما كانَ
ولنا في سلفنا الصالح منذ صدر الإسلام الأول، والي يومنا هذا،عبر كثيرة، في التقوى بمعناها الحق ، فقد كانوا يخشون الله في كل حركاتهم وسكناتهم، والقصة التالية واحدة من ملايين النماذج المضيئة، في الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والرضا بالقليل ، والاستعداد ليوم الرحيل .
كان في العراق شاب جميل غني، اسمه "ثابت بن النعمان"، فارسي الأصل، تقي ورع، كان يتوضأ يومًا من النهر؛ فرأى تفاحة فأكلها! ثم خاف أنْ يكون أكلها حرامًا؛ فبحث عن شجرتها حتى وصل إلى صاحبها، فأخبره الخبر، وقال له: سامحني! قال الرجل: لن أسامحكَ إلا بشرط أنْ تتزوج ابنتي، وهي عمياء، صماء، خرساء!! ففكّر ورأى أنَّ الدنيا موقوتة، وأنَّ عذابها بهذا الزواج أيسر، من عذاب الآخرة، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون. قد قبلتُ!
فزوجه بها، ولما دخل عليها، وجد فتاة كأنها القمر، ذات فهم ودين! فقال لأبيها: لم قلتَ: إنها عمياء، صماء،خرساء؟ قال: لأنها لم تَرَ الرجال، ولم تسمعهم، ولم تكلمهم!
ومن هذين الزوجين الصالحين ،الجميلين الغنيين، وُلِد صبي، قُدِّر له أنْ يكون له جمالهما ، وأنْ يكون آية الآيات، وأعجوبة الدنيا، في الذكاء والعلم، وهو النعمان بن ثابت، هذا اسمه، أما (أبو حنيفة) فكنيته، ولم يكن له بنت اسمها (حنيفة) ولكن الحنيفة: الدواة بلغة العراق العامية، كنَّوه بذلك لحمله (الدواة) مِن صغره، ودورانه على العلماء.
كم مرة سترنا الله حينما ارتكبنا ذنوبا كبارا ؟وكم من الوقت أمهلنا ونسينا أنه يمهلنا حتى إذا أخذنا ..أخذنا أخذ عزيز مقتدر ؟ كم مرة لم نخلص فيها أعمالنا لله،رغم علمنا أن الإخلاص هو طريق نجاتنا الوحيد؟ ودونكم هذه القصة البليغة التي وقعت لرجل كان يتدثر في ثياب النساء وينتهك أعراضهن في المناسبات :
كان رجل يخرج في زي النساء، ويحضر كل موضع يجتمع فيه النساء، من عرس أو مأتم، فاتفق أنْ حضر يومًا موضعًا فيه مجمع للنساء، فسُرقَت دُرَّة فصاحوا أنْ: أغلقوا الباب حتى نفتش! فكانوا يفتشون واحدة، واحدة، حتى بلغ التفتيش إلى الرجل، وإلى امرأة معه، فدعا الله تعالى بالإخلاص، وقال: إن نجوتُ مِن هذه الفضيحة، لا أعود إلى مثل هذا! فوُجِدَت الدُّرة مع تلك المرأة، فصاحوا أنْ: أطلقوا الحرة فقد وجدنا الدُّرة!
دخل رجل غَيْضَة ذات شجر(غابة) فقال: لو خلوتُ ههنا بمعصية مَن كان يراني..؟ فسمع هاتفًا بصوت ملأ الغيضة: ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير؟!
وكان ابن السماك ينشد:
يا مُدمِن الذنبِ أمَا تستحيي، واللهُ في الخلوةِ ثانيكـا
غــــرَّكَ مِن ربِّـــكَ إمـهــالُـهُ وسَـتْــرُهُ طُـــــــولَ مَـســاوِيكـا
لذلك قد يسترنا الله مرة ومرتان وثلاث، وربما أكثر لكنه يمهلنا ،عسانا نتوب إليه توبة نصوحة قبل فوات الأوان .
ينسى الكثير سنوات عمره التي مضت، وأيامه التي انقضت، ولا ينسى شيئًا من أمور الدنيا.. كأن الهدف جمع الدنيا والتفرغ لها. هذا يحيى بن معاذ يقول: عجبت ممن يحزن عن نقصان ماله!! كيف لا يحزن على نقصان عمره؟! نجمع المال لندرك السعادة.. ونبني القصور لنسكن الأنس في قلوبنا.. ونسافر لننسى أحزاننا، نسير في كل الطرق، وننفق ما في أيدينا لنستمتع بالسعادة ، ولكن هل هذه هي السعادة. هناك من طرق هذه الأبواب قبلنا، وجرب هذه الدروب معنا، ولكننا جميعا متفقون على أن السعادة في طاعة الله والقرب منه، والعمل لدار سعادة لا شقاء فيها ولنعيم لا زوال عنه.
الرزق يشغل بال معظمنا، وتربية الأولاد وتعليمهم هي الاخري، تأخذ الكثير من وقتنا ، والفضائيات والانترنت،وهموم الحياة الاخري، تأكل أعمارنا كالنار في الهشيم، تخيلوا أن ثلث أعمارنا نقضيها نوما، وثلثها الثاني في اللهو واللغو والنميمة والقطيعة ، والثلث الأخير يذهب بين العمل وغيره ، فكم تركنا من وقت لنعد زادا للرحيل ؟
جاء رجل إلى الحسن فشكا إليه الجَدْب، فقال: استغفر الله، وجاء آخر فشكا الفقر،
فقال له: استغفر الله، وجاء آخر فقال: ادع الله أن يرزقني ولدا، فقال: استغفر الله، فقال أصحاب الحسن: سألوك مسائل شتى وأجبتهم بجواب واحد وهو الاستغفار؟ فقال رحمه الله: ما قلت من عندي شيئا، إن الله يقول: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُمْ مُّدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً).
وقال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: من جمع فيه ست خصال لم يدع للجنة مطلبًا ولا عن النار مهربًا، أولها: من عرف الله وأطاعه، وعرف الشيطان فعصاه، وعرف الحق فاتبعه، وعرف الباطل فاتقاه، وعرف الدنيا فرفضها، وعرف الآخرة فطلبها.
ومن تأمل في مزرعة الدنيا ووقت الحصاد رأى أن الأمر جد لا هزل فيه، وتشمير لا هوادة فيه. فمن قدم بين يديه اليوم رآه غدًا في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة.. يوم تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت.. وتضع كل ذات حمل حملها وتري الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد، يوم تتطاير فيه الصحف.
قال عبدالله بن المبارك:
رأيت الذنوب تُميـتُ القلوب وقد يورث الذل أدمانها
وتَركُ الذنوبِ حياةُ القـلـوبِ وخيرٌ لنفسِــكَ عِصيانُـهـا
وأخيرا :
الدنيا سراب ممتد وليل مظلم.. طالب الدنيا كشارب ماء البحر كلما ازداد شربًا ازداد عطشًا فإنه لا حد لها ولا منتهى إلا بالقناعة والزهد والرضى بما قسم الله، والاستفادة من مرور الليالي والأيام في طاعة الله.
تفكروا أخواني وأخواتي في الله ما في الحشر والميعاد، ودعوا طول النوم والرقاد، وتفقدوا أعمالكم، فالمناقش ذو انتقام، إن في القيامة لحسرات، وإن عند الميزان لزفرات، فريق في الجنة وفريق في السعير، ففريق يرتقون إلى الدرجات، وفريق يهبطون إلى الدركات، وما بينك وبين هذا الأمر إلا أن يقال فلان قد مات.







زواج فريد ومبتكر في السودان أسمه الإيثار




زواج فريد ومبتكر في السودان أسمه الإيثار
بقلم : سليم عثمان
كاتب وصحافي سوداني مقيم في قطر
أريق حبر كثير،وسودت صحف وصحائف ولأشهر عديدة ،بسبب فتوى أصدرها مجمع الفقه الإسلامي في السودان بجواز ماسمي بزواج الإيثار،وهانحن نحاول الخوض مع الخائضين بعد أن انجلى غبار معركة حامية الوطيس اشترك فيها صحافيون، ومحامون، ومثقفون ، من كافة التيارات الفكرية، وشيوخ ،وشيخات، وتبارت الصحف والفضائيات تعرض بضاعة الإيثار في أثواب جميلة، ملونة، تارة ،وفي أزياء بالية متهرئة تارةاخرى،ولله الحمد والمنة.،لم نبلغ بسقوط شهداء على أرض المعركة ،غير أن عددا من الجرحى سقطوا ،ويتوقع المختصون في مؤسسة الإيثار المعنية بزواج الإيثار سقوط المزيد من الضحايا ،إن لم يتدخل العقلاء لوضع ضوابط لتقنين الفتوى موضع إثارة الجدل، فنقول ابتداءً إن الإيثار كلمة حبيبة إلى النفس ،وتتطابق مع قوله تعالى (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة)وقد استند شيوخنا الأجلاء في فتواهم تلك و التي حركت بشدة المياه الراكدة في الحالة الاجتماعية السودانية ،إلى أن زواج الإيثار زواج تتوفر فيه كامل أركان الزواج الشرعي، من ولي، وإيجاب، وقبول، وشهود، ومهر، حتى لو كان خاتما من فضة أو آية من القرآن أو جنيها سودانيا واحدا، كما أشار الدكتور عبد الحكم عبد الهادي رئيس قسم الدراسات الإسلامية بجامعة زالنجي، وللمرأة مطلق الحق في أن تتنازل عن حقها في المبيت إقتداء بالسيدة زمعة التي أهدت ليلتها مع الرسول عليه أفضل السلام للسيدة عائشة رضي الله عنها.
ولها أيضا أن تتنازل عن جملة من الأمور التي لا يقدر الزوج الذي ارتبط بها توفيرها كالنفقة، وتعليم الأولاد، وصحتهم وتوفير السكن وما إلى ذلك، وبإمكان الزوج الإيثاري أن يذهب إلى بيت زوجته في رابعة النهار، في أم صفقا عراض أو عد بابكر ويعود ببص الحاج يوسف ، قبل غروب الشمس، إلى امبدة ، في أقاصي الريف الغربي لام درمان ، أو إلى الكدرو شمال مدينة الخرطوم بحري ،أو إلى جبل أولياء، أقصى جنوب الخرطوم ليباشر مسئولياته وانشطته الأخري ، ولا مانع من أن تعطيه زوجة المسيار ، حق البص ذهابا،وإيابا،ولو كانت كريمة، وتأصل الإيثار في نفسها وليس المسيار أو (المطياروالمسفار)كما يخشي أخونا كمال حنفي أن تصدر بحقهما فتوى، يمكن أن تعطيه حق كيس الخضار، لأم العيال أو البيت الكبير، لكن لم يوضح لنا مجمع الفقه الإسلامي إن كان يجوز لموظف الدولة، أو طالب الجامعة، أن يترك عمله وجامعته ،ويزوق إلى حيث بيت الزوجة المؤثرة، ويمضي معها وقت القيلولة ، ثم يتناول ما لذ وطاب من الطعام ، ثم بعد ذلك يعود إلي بيته الأول؟ لكن دعونا نري لماذا زواج الإيثار؟ يقولون إنه لو تقدم رجل إلي إمرأة لخطبها وكانت في سن العشرين، سألت بهدوء كيف هو (أي الرجل) ؟ وإذا كانت في الثلاثين سألت من هو ؟ وإذا كانت في الأربعين فإنها تصرخ باهتمام أين هو ؟ ولا أدري إن كانت مطلقة ماذا تقول ربما تقول الإيثار ولا شئ سواه ؟عملا بالمثل المصري ،(ظل راجل ولا ظل حيطة)،ولا أدري كم عدد الفتيات اللاتي فاتهن قطار الزواج لسبب أو لآخر؟ وكم عدد المطلقات في مجتمعنا الريفي والحضري؟وهل بلغ العدد حدا يدعو للخوف عليهن من جورالزمان ؟ وبالتالي لابد من البحث عن وسيلة شرعية لإدخالهن في ظل الرجل ،لكننا نقول إن المرأة السودانية صندوق مجوهرات، يكشف كل يوم عن جوهرة جديدة ،لذلك نطمئن أخواتنا ممن فاتهن هذا القطار العجيب، وأولئك اللاتي لم يوفقن في تجربة أو تجربتين ،أن كل واحدة تقدر ظرفها وحاجتها لزواج كهذا.إن شاءت قبلت به وإن شاءت أبته ،ويحكي أن رجلا تزوج بامرأتين أحداهما تدعي حانة والأخري مانة ،كانت حانة صغيرة، في السن ومليحة لم تتجاوز العشرين (عمر الزهور عمر الغرام عمر المنى) بينما كانت عمتنا مانة ،كبيرة في السن وقد تجاوزت الخمسين بكثير وكان الرجل كلما دخل إلي غرفة الصغيرة حانة تنظر إلي لحيته وتنزع منها كل شعرة بيضاء وتقول :يصعب علي يا حبيبي أن أري الشيب يلعب بهذه اللحية الجميلة ،السوداء ،وأنت ما زلت شابا علما بان زواجه منها لم يكن مسيارا ولا زواج متعة ولا مسفارا ولا طيارا ولا بحارا!!؟بل كان الزواج العادي المعروف منذ سحيق العصور (المهم كانت تدلعه بهذه الطريقة )ولم تكن عمتنا مانة باقل منها في تدليع زوجها فكانت هي الأخري كلما دخل عليها تمسك بلحيته وتنزع منها الشعر الأسود وهي تقول له:يكدرني يا حبيبي أن أرى شعرا أسود في رأسك وأنت رجل كبير وقور جليل القدر،ودام حال الرجل علي هذا المنوال، حتي وقف ذات يوم أمام المرآة فرأي بلحيته نقصا كبيرا من كثرة نتف زوجتيه( حانة ومانة) لشعر لحيته( أبيضه وأسوده ) فقال قولته المشهورة : ( بين حانة ومانة ضاعت لحانا ).
لذلك فقبل أن نناقش مسألة التحريم والتحليل في زواج الإيثار في السودان ننصح كل رجل يبتغي الإيثار سبيلا للعفاف أن الأمر ليس قضاء لوطر ولا تأتي السكينة والمودة بسويعات يسرقها من زوجته الأولى أو دوامه الذي يأكل منه عيشه ليقضيها مع إحداهن صبية كانت أو مطلقة ،عندها مال، أم فقيرة، ثم لا شأن له بما يترتب علي سكن مشوش، مضطرب كهذا ،لان المسألة في اعتقادنا ليست قضاء وطر وإشباع رغبة أنية لهذا الطرف أو ذاك، خاصة المرأة أو أكلة حلوة من صاحبة أيد طاعمة ،وربما مصاريف مواصلات كي يعود مع العصاري أو في جنح الليل إلي صاحبة الحب الأول (وما الحب الإ للحبيب الأول ) أما إن كان الرجال يشكون من الصلع مثل حالة العبد لله وبدون لحيه وحتى لا يغضب، منا شيوخنا أمد الله في أعمارهم، ونفع الناس بعلومهم، نقول نعم إطلاق اللحية من السنة وأننا نحن معشر الصلع السودانيين ربما نكون مرغوبين في سوق زواج الإيثار هذه الأيام، ذلك أن الصلعة أصبحت موضة، عصرية سيما لو كانت لمغترب مثلنا، تكون مندية ومرطبة، وهذه دعاية للراغبات في الارتباط بنا، وذلك لتوفر هذه الميزة والأفضلية لدينا ،فإنني من مقامي هذا، أدعو رصفائي الصلع في ارض المليون ميل للإسراع في تسجيل أسمائهم لدي الأستاذ النور احمد النور رئيس تحرير هذه الصحيفة المنضم حديثا لاتحادنا، حتى يتسنى لنا ليس البحث عن أنجع السبل لإيقاف الزحف الصحراوي إلي مؤخرة رؤوسنا،بل لوضع الخطط والتدابير اللازمة، خاصة الخطة الخمسية، لدخول حلبة الإيثار ،وبعد أن كنت أفكر في زراعة شعر كانت سوف تكلفني ( الشئ الفلاني ) وبعد أن يسر مجمع فقهنا الإسلامي بارك الله فيه وأدامه للغلابي من الرجال العاطلين منهم علي وجه الخصوص والعاملين ، وكذلك من لا مأوي لهم وحتى صغار المغتربين من أمثالي، سوف اسعي بجزء من مبلغ زراعة الشعر الذي وفرته ، للحصول علي ثلاثة من المؤثرات ويفضل أن يكن من سيدات الأعمال الناجحات اللواتي لديهن فلل وعمارات في الطائف والرياض كي ترطب الصلعة أكثر، ولا بأس إن كن مطلقات، وبالعدم طالبات ،علي مقاعد الدراسة الجامعية أو متخرجات حديثا، شريطة أن يكون لديهن سكن يليق بمغترب، لا يمانع في القبول بزواج إيثار،ومن حسن حظي أن شيخنا وأستاذنا الجليل بروفسير احمد علي الإمام( بلدياتي) سوف يقوم بعقد قران زيجاتي لتكون مباركة، وسوف يقوم بدوره بدعوة الأخ الرئيس وعلية القوم وكبار المشايخ، لحضور المناسبة ،كي نتباهي بعرس أسطوري مبسط مع من الناس والملائكة لتسير معنا في مشوار مفعم بالمودة والسكينة والرحمة، وسوف أقوم في إجازتي الصيفية بإجراء المعاينات اللازمة وأي طلب غير مستوفي للشروط أعلاه لن انظر فيه ،وليتنا نحظي بالودود الولود حتى يباهي الله بنا الأمم يوم القيامة .
أما( الرجال البخافو من نسواوينهم ) كما اسماهم زميلنا الأستاذ عبد الرحمن محمد علي المحامي حيث حاولت الانضمام قبل عشرة أعوام لاتحادهم فنقول له حفظ الله لكم من هن تحت عصمتكم ولأن الصلع بدأ يزحف من مقدمة رأسكم وفي منتصفها فأننا من حيث المبدأ لا نمانع في انضمامكم إلي إتحادنا الوليد، شريطة أن تكون أنت مستشاره القانوني وتعمل( ببلاش ) حتى لا يتعرض الأعضاء الايثاريون لأي انتهاكات من العضوات المؤثرات وسوف أقوم شخصيا بوصفي رئيسا للاتحاد بدعوة لعقد الجمعية العمومية للاتحاد، لاعتمادكم كمستشار مفوض، من قبلنا للترافع أمام كافة المحاكم في السودان دفاعا عنا نحن معشر (الرجاجيل )أمام كيد أخوات نسيبة الايثاريات أو المؤثرات أيهما اصح لغة ،ولا بأس لك بثالثة ورابعة، مع الاعتذار لمن أكلنا عندهن العيش والملح ؟؟ .
وبالعودة إلي زواج الإيثار نقول انه يمكن أن يحل مشاكل كثيرة ولكنه بنفس القدر يمكن أن يخرب بيوتا شيدت علي التقوى، ما لم نسارع بوضع ميثاق شرف اجتماعي، أخلاقي، نتواضع عليه صونا لهذه المكتسب العظيم، قبل أن يصدر مجمع الفقه الإسلامي عندنا فتوى أخرى بتحريمه، ولابد أن نضع من الشروط والضوابط ما يجعل كرامة المرأة السودانية محفوظة،(فما أهانهن إلا لئيم وما أكرمهن إلا كريم ) فهل نكرمهن أم نستغل حاجتهن إلينا ونمسح بكرامتهن الأرض؟؟ورفقا بالقوارير وهي دعوة محمدية وعنوان كتيب رائع للداعية والصحافية والكاتبة المصرية كريمان حمزة، آمل أن يقرأه كل رجل وامرأة، حتى نعرف معاني الرفق ،وطالما نحن في هذه الفضاءات الرومانسية الحالمة والهائمة لابد لي ان أذكر بالخير كله صديقنا الرائع الشفيف صاحب الحس الجميل تجاه الجنس الآخر الأستاذ حسن فضل المولي فقد قرأت له قبل سنين عدة كتيب رائع عنوانه علي ما اذكر (هذا الشئ )وفيه أورد اقتباسات غاية في الروعة من مصادر متعددة واري أن شخصا في قامته المديدة في مجال البوح المباح تجاه ذلكم المخلوق الرقيق (المرأة) سواء كانت أما أو ابنة أو أختا أو صديقة ،أو زوجة ،وحبيبة، قد سرقته منا الفضائيات والعمل الإداري الإعلامي وألوم هذه الصحيفة والصحف الاخري لتقصيرها في جذبه اليها كي يسري صفحاتها بعذب القصيد وشجي الكلمة، وربما لي عودة مع فراشاته الملونة التي تحلق في سماء تلك الفضائية الرائعة ، بعد أن طلقنا الفضاء السياسي هذا الأسبوع ،دعونا نزف البشري لكل الرجال والنساء حيث أظهرت صور الرنين المغناطيسي(لا أدري في أي مختبر أو مشفي )بأن أجزاء من الدماغ تضئ مثل خيمة سينمائية عندما نمر في مرحلة أو تجربة رومانسية،...لماذا؟؟بسبب مكون يسمي جرعة الحب،أو (دوبامين)وهي مادة مسببة للإدمان كتلك التي يطلقها تناول السكر،النوم ، العطش ،والتبغ و(الصعوط)فعندما يكون الشخص عاشقا يفرز الدماغ مادة ( الد وبامين )ويزيد إفراز هرمون الغبطة والسرور لدينا سيما لو كان الجو لطيفا وكهربتنا ما فيها قطوعات ، كلما رغبت بالمزيد من من تلك المشاعر،كما أن الجسم يفرز هرمونا يروج للشعور بالتواصل العاطفي وهي فرصة لكل راغب في زواج الإيثار أن يتحرك سيما إن كان مثلنا يمر بما يعرف اصطلاحا بأزمة منتصف العمر ،ذلك أن الجسم سرعان ما يطور تحملا لمادة (الدوبامين)ويبدأ المد الكيميائي الذي يروج للتواصل العاطفي بالانحسار أيضا،وهنا يبدأ الانفصال التدريجي ،عن المحبوب ،ويمكن أن تفقد العلاقة بعض لمعانها ،لهذا السبب يحتاج الطرفان إلي مزيد من النشاط الرومانسي ،للوصول إلي مستوي أعمق من الجمال في التواصل ولكن كيف ؟من خلال القيام بعمل إبداعي كل بوم لتحفيز الاندماج العاطفي والتواصل مع الشريك سواء كان زوجا أو خطيبا بمزيد من الإطراء والمديح والشعور بالجمال والأهمية،وعلي صعيد المتزوجين لابد من تبادل كلمات الإطراء والإعجاب بشكل يومي أو حتى من خلال الابتسامات والإشارات الموحية بالرضا ?ن تعطلت لغة الكلام ولم تخاطب عيوننا في لغة الهوى عيون من نحب ونعشق ونسكن فيها ، ولا بأس من كلمات من شاكلة (شعرك اليوم جميل لكن ماذا لو كان الشعر مجعدا ؟وكسي الشيب الرأس ؟وبذات القدر يمكن أن يقول الرجل لزوجته (قميص نومك الليلة رائع وعلي الأقل لابد أن يحضر زوج الإيثار مثل هذه القمصان حتى يستحي علي روحه حبتين ولا ينبغي أن تقبل أية امرأة سواء تزوجوها في عرس جماعي أو إيثار أو زواج عادي أو زواج سبعة نجوم علي زوجها ورائحة الثوم والبصل والتقلية وأم فتفت وغيرها تعبق بملابسها واحسب أن كل أمرأ?ه سودانية تدرك ذلك وكل أم تعلم بنتها كيف تتزين لزوجها حتى لا يفر لأخرى سيما في زمن الإيثار العجيب هذا؟ولاباس من أن نتذكر الأوقات الجميلة التي مرت بنا خلال التجربة العاطفية مع التركيز علي استعادة بعضها كلما كان ذلك ممكنا مثل لقاء رومانسي قبلة ، أول هدية شهر العسل والعودة إلي تلك الأماكن مااستطعنا إلي ذلك سبيلا(للأزواج فقط)وليس للايثارين والمؤثرات أنفسهن عليهم ويعزز ذلك التواصل العاطفي وإعادة كيمياء الروحين والجسدين التي أثمرت عن هذا الرباط المقدس ذلك أن مشاعر الحب والتواصل العاطفي وكل تلك الألعاب النارية التي تشتعل في دواخلنا عندما يظهر شخصا ما نكن له مشاعر الحب مما يجعلنا نطير من الفرح وتزداد دقات قلوبنا وتضطرب أمعدتنا كلها وتحدث نتيجة تلك التغيرات الكيميائية التي تحدث داخل أجسادنا بسبب الحب غير أن مشاكل الحياة اليومية الضاغطة وتعقيداتها لا تترك لنا مجالا لتلك الروابط الحميمة فتجدنا شيبا وشبابا رجالا ونساء نتوه مع إيقاعها السريع ركضا خلف قفة الملاح وتعليم الأبناء وعلاجهم لذلك من الطبيعي أن يكسو الشيب رؤؤسنا بسرعة مذهلة ،ويزحف الصلع إلي مؤخرتها وما لم نكن قادرين علي تمثل هذه المشاعر الإنسانية النبيلة فلا ينبغي أن نفكر في زواج الإيثار هذا إذ ليست القضية مسألة قضاء وطر كما يتصور البعض منا لأننا قطعا لسنا قطيعا من الأنعام أعزكم الله كل همه قضاء هذه الحاجة وينبغي عدم المبالغة في تصوير حاجة الجانب الأخر بأنها تفوق حاجتنا فهذه المسكينة التي ترتضي هذا النوع من الزواج لكونها تخاف علي نفسها وتريد أن تستر نفسها وتعفها بالحلال نستغل جاجتها ونزاحمها في عقر دارها ونأكل ماله ويرمي ولدها بحجة أنها تريد ذلك فلماذا الحقد ولم يقل احد من العلماء حسب علمي البسيط منذ فجر الإسلام الأول والي يومنا هذا أن أحدا تزوج أمراة و قال انه لا يعنيه من أمر زواجه سوي قضاء الوطر لا فالزواج مسئولية فقد لا تستطيع هذه المسكينة تحمل تبعات الزواج سيما إن أنجبا أولاداً وبناتٍ أو تغير وضعها المادي ولا نتصور أن أيما امرأة لم تجد زواج إيثار يمكن أن تبيع شرفها لأجل لا مسئولية واضحة فيها على الزوج حتى لو قبلت المرأة بهذا الوضع المهين وقالت (كيفي) كما أن علماءنا الأجلاء الذين أصدروا هذه الفتوي ولا أدري لأية دواع أصدروها حتى يشغلوا الناس هكذا وربما يتسببون من حيث لا يدرون في مآسي لا أول ولا آخر لأسر كانت راضية عما قسمه الله لها من نصيب وقد نجد شبابنا العاطل عن العمل كله وقد التحق بأسر غير أسرهم،تصرف عليه الزوجة المؤثرة من حر مالها أو مال أسرتها لتنتهي مروءة الرجال ولتضيع حقوق الإنسان واتفق مع أولئك النفر الذين قالوا بأنه لم يكن من داع لإصدار الفتوى من أساسها في مجتمع أكثر من نصف سكانه أميون سيما وان كثير من الأسر أصلا تقوم باستضافة أزواج بناتها لسنين عددا حتى قبل أن تصدر فتوي زواج الإيثار في بلادنا ثم لماذا لا يكون شيوخنا قدوة لنا ويتكرموا علينا ببناتهم في الحلال ويسكتوننا معهم في بيوتهم ويعطوننا من مال الله الذي أعطاهم أم أن الأمر لا يعنيهم إنما المعنيون به هم قله من الرجال والنساء االنساء تروق لهم مثل هذه الفتاوي التي لا تحل مشكلة بل تزيد الطين بلة فهذه المسكينة التي يراد أن يثني ويثلث ويربع بها بعض الرجال لديها حقوق شرعية كثيرة حتى وإن تنازلت عن النفقة وحقها في المبيت معها إذا من شروط ان يكون لنا مثني وثلاث ورباع من الزوجات العدل في كل شئ وكفي ذلك أن الإسلام رسم طريق الهداية الذي يكفل للحياة الزوجية المودة والعطف والألفة والرحمة والتسامح والعفو والتآزر أيضا وليس الاستغلال بأي حال من الأحوال ومن عظمة الخالق ان خلق من نفس الجنس الذكر والانثي وجعل بينهما المودة والرحمة فهل تحدث مودة ورحمة بين زوجين يقتطعان من ساعات الليل والنهار بضعة دقائق وفي أحسن الأحوال ساعة بحالها كي لا يغضب منا الطرفين الطرفي ثم ننتظر المودة والرحمة من علاقات كهذه .
و قد سئل نافع بن الأزرق ابن عباس رضي الله عنهما (عن سر اللباس في الآية فقال:هن سكن لكم وانتم سكن لهن تسكنون إليهن بالليل والنهار وهي متعة المؤانسة بالحديث والعواطف المتبادلة وإرواء الجوارح كلها والنفس فقال نافع بن الأزرق وهل تعرف العرب ذلك ؟؟قال : نعم وقال الشاعر النابغة الذبياني في أحدي قصائده :
إذا ما الضجيج ثني عطفها تثنت عليه فكانت لباسا
لكن الرجال الراغبين في الإيثار وكذلك النساء الراغبات فيه ربما يبحثن عن لباس نهاري أو ليلي لا يواري جسديهما أما باقي الأشياء التي تجلب المودة والرحمة فطائرة نسأل الله رجال ونساء السودان من كل شر.

أين الفساد الذى تتحدثون عنه؟


أين الفساد الذى تتحدثون عنه؟
بقلم : سليم عثمان
كاتب وصحافي سوداني مقيم فى قطر

كثير من الناس فى السودان تتحدث عن الفساد، يقولون أن رائحته تزكم الأنوف ،وسمعت مسئولا كبيرا وقياديا بارزا فى حزب المؤتمر الوطني الحاكم يقول:أن كشف المراجع العام عن وجود فساد يعني أن الدولة ضد الفساد ،طفقت أتأمل فى حديث الرجل الذى ما فتئ يحدث الناس عن ربيع سوداني خاص يعيش فيه السودانيون،وتساءلت فى نفسي هل هناك أرقام حقيقية تبين حجم الفساد فى دولة التوجه الحضاري ؟التى يعلم كل منتسب اليها أن الفساد لايجوز ،وتحرمه كل الشرائع السماوية والقيم الأرضية، قلت ربما توجد أرقام لدى المراجع العام وربما يحتفظ بها فى دفاتر الشرطة وربما يتسرب من تلك الارقام النذر اليسير الى أوراق الصحف والفضاء الأسفيري.لكن عندما يعلن السيد رئيس الجمهورية عن نية الدولة فى إنشاء مفوضية خاصة لمحاربة الفساد يتيقن المرء أن الفساد يضرب بأطنابه فى دواوين الدولة ويسرح ويمرح دون حسيب أو رقيب على المال العام .
و أبسط تعريف للفساد هو إساءة أستخدام السلطة لتحقيق كسب خاص وقد اختارت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد للعام 2003 ألا تعرف الفساد تعريفاً وصفياً، بل انصرفت إلى تعريفه من خلال الإشارة إلى الحالات التي يترجم فيها الفساد إلى ممارسات فعلية على أرض الواقع ،ومن ثم القيام بتجريم هذه الممارسات وهي الرشوة بجميع وجوهها، في القطاعين العام والخاص والاختلاس بجميع وجوهه والمتاجرة بالنقود،وإساءة استغلال الوظيفة وتبييض الأموال، والثراء غير المشروع وغيرها من اوجه الفساد الأخرى، ولصندوق النقد الدولي (IMF) مفهومه الخاص للفساد، حيث يراه بأنه (علاقة الأيدي الطويلة المتعمدة التي تهدف لاستنتاج الفوائد من هذا السلوك لشخص واحد أو لمجموعة ذات علاقة بالآخرين)
ويمكن التمييز بين حالتين من الفساد، الأولى: تتم بقبض الرشوة عند تقديم الخدمة الاعتيادية المشروعة والمقررة، أما الحالة الثانية :فتتمثل بقيام الموظف بتأمين خدمات غير شرعية وغير منصوص عليها ،ومخالفة للقانون مقابل تقاضي الرشوة، كإفشاء معلومات سرية، أو إعطاء تراخيص غير مبررة ،أو القيام بتسهيلات ضريبية ،وإتمام صفقات غير شرعية وغيرها من التعاملات غير القانونية ،التي يحصل مقابلها المرتشي على مبالغ ومردودات مادية ،مقابل تسهيلاته التي يقدمها وتضر قواعد العمل التي من المفروض أن يكون ملتزما بها.
فى السودان يتحدث البعض عن فساد كبار المسئولين الحكوميين،أتراهم يقدمون مستندات عما يتحدثون عنه ؟الديهم أدلة دامغة عمن يصفونهم بالمفسدين؟يقولون أن الوزير الفلاني والوالي العلاني والمعتمد الفلتكاني،شيدوا القصور وركبوا الفاره من السيارات،يقولون أن بعض مسئولي الحكومة لديهم مئات ملايين الدولارات فى بنوك الخارج،يقولون أن أبناء هؤلاء الذوات يدرسون فى جامعات غربية وأسيوية عريقة ،وغيرهم من أبناء الفقراء لايجدون طريقا الى جامعات البلد الكثيرة الكسيحة، صحافتنا تتحدث باستحياء عما تشمه من روائح الفساد ،الذى يطال حتى مبانيها،يقولون أن الحديث عن فساد بعض صغار الموظفين ورجال المرور المرتشين، يظل ترفا مقابل نهب مقنن يتم فى بعض دوائر الدولة،والحديث عن شفافية فى إقامة مشروعات كبري فى البلاد ،وما يصاحبة من فساد تشيب له الولدان،أما الحديث عن بعض بعض مؤسسات الدولة الخاسرةن أو خصخصتها فلا يعدو أن يكون سوى ذر للرماد فى الأعين ،ذلك ان بيع المؤسسة الخاسرة لتجار الحكم أسهل من تقويمها واصلاح حالها ودونكم ،ما فعلته الحكومة بسودانير الناقل الوطني الجوي لا أحد يعلم لماذا بيعت لمستثمر عربي ولا بكم؟ ولماذا يراد أعادتها لحضن الدولة وبكم؟ مشروع الجزيرة لا يعرف عنه أحد شيئا ،سوى السيد الشريف عمر بدر، وربما نائب رئيس الجمهورية ،السيد على عثمان محمد طه ، حتى زميلنا الدكتور البوني الكاتب المثقف والمزارع بالمشروع، أو زميله الاخر (الصحفي المزارع) أحمد المصطفي لا يعرفان عن اسرار مشروع الجزيرة شيئا، يزرعون ما يشاؤون وقت ما يشاؤون ،فى المساحة التى يريدون،يبعونه وقتما يشاؤون وبالسعر الذى يريدون،(هى بلدهم وهم اسيادها)فى عهد التوجه الحضاري هذا إذا سرق الوزير أو الوالي أو من هم دون هؤلاء لابد أن تتم ترقيتهم،ولذلك كان من الطبيعي أن يبقي بعض هؤلاء الأطهار الأخيار سنين عديدة فى المنصب ،لا يقتلعهم من فوقه سوى الموت.
أصحاب القانون والاتجاه القانوني يعدون الفساد انحرافاً في الالتزام بالقواعد القانونية، وهناك إجماع على أن للفساد أثرا مدمراً على القانون، وعلى القضاء عندما يطاله ويشمله بمؤثراته المهلكة ،وفى السودان للأسف الشديد أصبح القانون مجرد نصوص صماء ميتة توضع فى أدراج المكاتب ولو طبق فإنه لا يطبق الا على صغار اللصوص أما (الهوامير) جمع هامور وهو من أسماك البحر ،فلا أحد يستطيع صيدهم ومحاسبتهم، نعم هناك من أهل الحكم من لم تتلوث أيديهم بالحرام ،لكن عدم محاسبة من أفسدوا ،يغري غيرهم بالفساد،فالوزير حينما يبقي فى مكانه السنوات الطوال ،يظن أنه فوق المحاسبة وفوق القانون،نعم كما قال أحد مسئولي الشرطة فى بلادنا :إن عباءة الاجراءات القانونية لاتتسع لكثير من جرائم الفساد التى يتفنن البعض فيها،لذلك لا معني لتوجه الدولة نحو أنشاء مفوضية لمحاربة الفساد،فالفساد لا يحارب بتلك الطريقة وكم يتمني المرء أن لا يأتي يوم فنسمع فيه أن ثروة فلان من الناس كذا مليار دولار، وفلان لديه كذا من العقارات فى الخارج وعلان فعل كذا وكذا،فما يكنزونه اليوم من ذهب وأموال وغيرها سوى تكوي بها جباههم، يوم يفر المرء من أخيه وصاحبته وبنيه، فهل يتذكر المفسدون ذلك اليوم الذى مقداره خمسون الف سنه؟
إن الفساد يحدث حينما يقبل موظف بقبول رشوة لتسهيل معاملة ما ، بغير وجه حق، أو بطريقة غير قانونية، أو إجراء طرح لمناقصة عامة، أو عطاء ، كما يتم عندما يقوم وكلاء أو وسطاء لشركات أو أعمال خاصة بتقديم رشاوى للاستفادة من سياسات أو إجراءات عامة، للتغلب على منافس وتحقيق أرباح خارج إطار القوانين المرعية، كما قد يحدث الفساد بأوجه أخرى كاللجوء في تعيين الأقارب إلى المحسوبية (تعيين اصحاب الولاء والحظوة)( تعيين القوي الامين )وكذلك سرقة أموال الدولة بطرق متعددة ، وكل هذا للأسف يحدث فى بلدنا وتتحدث بها تقارير المنظمات الدولية ذات الصلة ، ولذلك يصبح فسادا بناء برج لديوان الزكاة فى وقت يتضور فيه الفقراء جوعا ،ولا يجدون ما يسد الرمق، ويصبح فسادا حينما تذهب مناقصات وعطاءات مشاريع فى الدولة لأقارب مسئولين كبار، دون غيرهم،هناك العديد من الأسباب التي تدفع إلى ممارسة هذا السلوك، وهذه الأسباب قد تكون خفية وأخرى ظاهرة، فالخفية قد تعود إلى الشخص نفسه وتتعلق بطبيعته وتكوينه وصفاته الخلقية، والظاهرة قد تعود إلى الظروف المجتمعية التي تدفع بالبعض إلى ممارسة الفساد(عشرون عام من الإفقار وسيطرة الحزب الواحد من شأنها أن تخلق فسادا فى كل مكان ) فالموظف الصغير لا يمكنه ان يقف مكتوف اليدين وهو يري رئيسه المباشر يسرق ويختلس من المال العام، لذلك يقوم بتقاضي رشي من المراجعين،المعلم الذى لا يصرف راتبه نهاية كل شهر، لا يؤدي رسالته كما ينبغي ويهتم بالدروس الخصوصية للطلاب أكثر من اهتمامه باداء الحصص المدرسية، المدرسية، يحدث الفساد وتحدث المحسوبية فى موسم الحج ، يحدث الفساد فى دوائر القضاء والشرطة ،حيث يقوم شرطي المرور عديم الضمير بإيداع قيمة المخالفات المرورية فى جيبه الخاص، حينما لا يكفى راتبه مصاريف الزوجة والاولاد،فإذا قلت له أستقيل من عملك وأبحث عن عمل اخر يقول لك ، وأين أجد عملا أفضل من الذى أقوم به؟وقد أستغربت كثيرا لغضب السيد وزير المالية الاتحادي،السيد على محمود ، لمجرد ان محررا فى صحيفة السوداني كشف عن عقد عمل معتبر ومحترم لمسئول فى مؤسسة حكومية كأن سعادة سعادته يظن أن مهمة هذا الصحفي وغيره كتابة أخبار العلاقات العامة عن وزارته لا كشف الفساد فيها ،من شاكلة (استقبل وودع وأجتمع وقام ونام وهلمجرا)وهذه الحادثة بمفردها تبين لنا بجلاء كم من فساد يتم تغطيته فى البلد ،وتبين كم هم مساكين اولئك الشباب الذين يطاردون الاخبار فى دواوين الدولة فلا يجدون الا الفتات،مما يستدعي مراجعة جذرية لعلاقة السلطة الرابعة بالسلطة التنفيذية ،التى لاتريد سوى اخراج ما تريد من معلومات ،وهنا لابد من سن تشريع يمكن الصحفيين من الحصول على المعلومات ذات القيمة من مظانها ،حتى لا يتهم الصحفيون بسرقتها ويوضعون فى غياهب السجون . وهذا مسئولية اتحاد الصحفيين ومجلس الصحافة وووزارة العدل والبرلمان وغيرها من الجهات ذات الصلة.
فالفساد يؤدي إلى إفقاد القانون هيبته، لان المفسدين يملكون خاصية تعطيل القانون ، فالقضاء عندنا لم يعد كما كان فى السابق،ولم نسمع أن قاضيا حكم على وزير أو وال أو محافظ أو معتمد أو وكيل وزارة أو مدير مؤسسة أوضابط فى الجيش أو الشرطة،مما يشكك فى نزاهته ومما يؤكد للعامة أن القانون والقضاء فى واد والفساد والمفسدون فى واد اخر.
الفساد بات آفة سلوكية ترمي بظلالها على جميع المجتمعات دون استثناء ولكن بدرجات متفاوتة على اختلاف نظمها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فاذا تعود البعض من النيل من المال العام بطرق مختلفة ،فإن المرحلة المقبلة لا تحتمل الاستمرار فى هذا النوع من الفساد، لجملة اسباب لعل أهمها أن اقتصادنا بسبب فقد عائدات نفط الجنوب سوف يكون فقيرا جدا،كما ان الاستثمار لايمكن أن ينمو وينتعش فى ظل هذا الفساد،تصوروا مستثمرا عربيا يأتي الى البلد ليستثمر فى مشروع ما هل يقبل بأن يبدا مشروعه ذاك بالرشي ؟إن اقتصاد الفساد يؤدي إلى توزيع الدخول بشكل غير متكافئ ومشروع، ويحدث تحولات سريعة ومفاجئة في التركيبة الاجتماعية؛ الأمر الذي يكرس التفاوت الاجتماعي واحتمالات زيادة التوتر وعدم الاستقرار السياسي فتركز الموارد بأيدي ممارسي الفساد يؤدي إلى إختلال التوازن في المجتمع وصعود هذه الفئة مع انخفاض فئة الأكثرية الفقيرة إلى مستوى التدهور فاليوم فى السودان يقولون ان البعض يكتفي بوجبتين والبعض بوجبة وقلة متخمة هى من تتناول الوجبات الثلاث،فى السودان اليوم بسبب الفساد والفقر اختفت الطبقة المتوسطة فالناس اما اغنياء أو فقراء مدقعون فى الفقر، إن الفساد يزيد من الإفقار وتراجع العدالة الاجتماعية نتيجة تركز الثروات والسلطات وسوء توزيع الدخول والقروض والخدمات في المجتمع وانعدام ظاهرة التكافؤ الاجتماعي والاقتصادي وتدني المستوى المعيشي لطبقات كثيرة في المجتمع ، وما قد ينجم عن ذلك الإفقار من ملابسات كثيرة قد تؤدي بهذه الفئات المسحوقة إلى ارتكاب الرذائل وبالتالي تعطيل قوة فاعلة في المجتمع ممكن الاستفادة منها لو احسن التعامل معها. فبسبب الفقر والفساد المستشري فى كل مكان أصبحت الاسرة السودانية مفككة، وانتشر الزنا وانتشرت تجارة المخرات وغيرها من الامراض التى اصابت المجتمع ونسيجه.
ولعل اخطر ما ينتج عن داء الفساد هو ذلك الخلل الذي يصيب أخلاقيات العمل والقيم الاجتماعية؛ الأمر الذي يؤدي إلى شيوع حالة ذهنية تسبغ على الفرد ما يبرر الفساد والقيام به ، حيث يغير الفساد من سلوك الفرد الذي يمارسه، ويجره للتعامل مع الآخرين بدافع المادية والمصلحة الذاتية، دون مراعاةٍ لقيم المجتمع والتي تتطلب منه النظر للمصلحة العامة، إضافة إلى الإخلال بكل قواعد العمل وقيمه.
نعم قد يقول قائل طالما ليست لديك وثائق تثبت وقوع الفساد الذى تتحدث عنه فما عليك الا اغلاق فمك وكسر قلمك ،فنقول النار من مستصغر الشرر وليس هناك دخان بدون نار فالحديث عن الفساد فى السودان لا ينطلق من فراغ فاذا تمكنت السلطة التنفيذية من تغطيته اليوم فغدا ينكشف كما انكشف الفساد فى مصر وتونس وغيرهما بعد نجاح الثورة هناك .فاصلاح بيت المؤتمر الوطني اولا من شأنه ان يتسبب فى محاربة الفساد اكثر من مفوضية مختصة ، وبترالفاسدين اينما وجدوا سوف يوجه رسالة لكل من تسول له نفسه بالفساد.
شي من الحكمة:
كان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه إذا وزن بين يديه مسك بيت المال يأخذ أنفه بيديه حتى لايشمه ويقول: وهل يُنتفع إلا برائحته .
قيل لإبراهام لنكولن: لماذا تحاول دائماً أن تجعل من أعدائك أصدقاء وكان ينبغي أن تسعى لتحطيمهم؟ فأجاب: أولست أحطمهم حين أجعلهم أصدقائي؟.
سأل برنارد شو: لماذا تتكلم كثيراً عن المال وزميلك ويلز يتكلم كثيراً عن الأخلاق؟ فقال كل واحد منا يتحدث عن الشيء الذي ينقصه.
مر أعرابي بمرآة ملقاة في مزبلة فنظر وجهه فيها فإذا هو سمج بغيض فرمى بها وقال: ما طرحك أهلك من خير.
صلى أحدهم خلف أحمق فقرأ: "وواعدنا موسى ثلاثين ليلة ثم أتممناها بعشر فتمّ ميقات ربه خمسين ليلة" فصاح المأموم: ما تحسن تقرأ.. ما تحسن تحسب؟!
قرأ رجل عند شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قوله تعالى: "فخر عليهم السقف من فوقهم"، فقرأها "فخر عليهم السقف من تحتهم" فالتفت شيخ الإسلام وقال: سبحان الله! لا عقل ولا دين؟.
سأل أعرابي عن الهوى فقال: الهوى هو الهوان؛ ولن يعرف ما أقول إلا من أبكته المنازل والطلول.
رأت امرأة في رأس زوجها شعيرات بيض فقالت له: ماهذ؟! فأجابها: رغوة الشباب.
غاية الزهد قصر الأمل وحسن العمل.


الى متى تعلق أحزابنا المعارضة فشلها على مشاجب الآخرين


الى متى تعلق أحزابنا المعارضة فشلها على مشاجب الآخرين ؟
سليم عثمان :


لو لم يفز الحبيب الإمام الصادق المهدي، رئيس حزب الأمة القومي فى انتخابات الرئاسة المقبلة ، لا قدر الله، لتحملت إذاعة امدرمان وزر سقوطه ،ولو لم يحصد زعيم الحزب الشيوعي ،الأستاذ محمد إبراهيم نقد، أعلى الأصوات فى ذات الانتخابات ، لكان تلفزيون السودان القومي، مسئولا أمام الله و الشعب، وقواه وطبقته الكادحة عن فشله ،ولو انفصل جنوب السودان، و تبخر حلم الوحدة الجاذبة ،وسقط السيد ياسر عرمان، مرشح الحركة الشعبية الشمالي والمسلم فى امتحان كرسي الرئاسة العجيب ،لأتهمت الإذاعة والتلفزيون القوميان ،كونهما ضاعا ذرعا ببرنامج التغيير، والسودان الجديد لحزبه ،ولكانت الانتباهة وصاحبها الخال الرئاسي، كما يقول زميلنا البطل، شريكان فى الجريمة ،السيد الفضل عبد الحميد مسئول حملة الإمام الصادق المهدي، يرى أن انفصال الجنوب تحت سياسات النظام الحالي حتمي ؟ نسأل لماذا ؟ يأتينا الجواب فى لمح البصرمن سيادته ، بأن المسألة لا تحتاج لزرقاء اليمامة !هل تعرفونها ؟ هى من أبصرت لقومها شجرا يسير، لكن لم يكن من بينه شجرة البشير ولا الشجرة التى أكل منها أبونا آدم، تلك الشجرة المحرمة، فأخرج من الجنة .
سبعون حزبا أو نحو هذا الرقم الكبير، من الأحزاب انفتحت الأرض عنها بعد عشرين عاما من( تجيير) المؤتمر الوطني الإعلام القومي لصالحه ، كما قالت الزميلة الفضلى الأستاذة رباح الصادق القيادية فى حزب الأمة القومي، وعضوه الآلية المشتركة، لاستخدام الأجهزة الإعلامية ،خلال الانتخابات الرئاسية والعامة، التى سوف تشهدها بلادنا فى شهر ابريل إن لم تكن (كذبة كبرى )فى حديث لها لتلفزيون مشكوك، فى ذمته وانحيازه لحزب بعينه، يشترك معه فى ذات الآلية و يقتتل الناس فى الخرطوم هذه الأيام ، فى ساعتين من البث التلفزيوني القومي ،ثم يصادر حزب الرئيس ، (22) ساعة بث، فى أعمال تنفيذية لجيش جرار ، من موظفي الحكومة والمفوضية القومية للانتخابات (تسد إحدى أذنيها بالطين والأخرى بورق الشجر )الأستاذة رباح ، لم يتسنَ لها حتى مشاهدة نشرة أخبار السادسة مساء يوم الخميس، الرابع من مارس الجاري حيث أفرد مساحة زمنية مقدرة، وتبارى خطباء أحزاب المعارضة وحدوا وسننوا شفرات ألسنتهم، وراحوا يعددون عيوب الآلية الإعلامية للانتخابات ،ولم يذكروا أى محاسن لها ،ولا أقصد البروفسور( محاسن حاج الصافي) رئيسة الآلية .
شخصيا عندما شاهدت نشرة تلفزيون السودان، لم أصدق ما رأته عيناي (ففركتها )مثنى وثلاث ورباع ،على ربما ، أدرت (الريموت )الى الجزيرة أو العربية أو إذاعة لندن ،وللمعارضة وتحديدا حزب الأمة القومي، حضورا مكثفا ، يفوق حضور المؤتمر الوطني فيها ، كما قالت العزيزة رباح ،حاولت أن أفهم من خلال حديثها ،وحديث الدبلوماسي د/ حسن عابدين ممثل الأحزاب ،الأسباب التى حدت بهم أى بأحزاب الآلية ، لتسيير مسيرة الى مقر المفوضية، لتسليم مذكرة حادة اللهجة، لمسئوليها ،وحثهم على ضرورة الابتعاد ، عن المؤتمر الوطني ، ومحاولته (الكنكشة ) على الإذاعة والتلفزيون المسكينين ، رغم أن الآلية تضم ممثلين لأحزاب الأمة القومي والحركة الشعبية، والاتحادي الأصل، والشعبي والشيوعي ،والتلفزيون والإذاعة وسونا، ومجلس الصحافة القومي ،بمعنى أن أحزاب تجمع جوبا لا تريد الآلية بتشكيلتها الحالية ،ولا ترى فى قامات إعلامية محترمة، كالبروفسور على شمو، والأستاذ فضل الله محمد ،وحتى الزميلة رباح نفسها، خبراء يعتد برأيهم ، حيث أن الأستاذة المحترمة ، فضلا عن كونها ، أنها كاتبة مجيدة وصاحبة أفق سياسي واسع، بحسبانها ما تزال ترضع وتنهل من نبع أسرة عريقة فى السياسة، تطالب بأن تكون أجهزتنا الإعلامية على قلتها وبؤس حالها ،تماما ، كتلك الأجهزة التى تبث من بلدان لها من التقاليد والأعراف الكثير، فى ديمقراطيات عريقة ، لذلك يعجب المرء من احتجاجهم على الآلية ،هل يريدون ممثلا لكل حزب ليكون لدينا سبعين ممثلا فى الآلية ؟ لتعقد اجتماعاتها فى الساحة الخضراء أو فى إستاد أمبدة أو أركويت أو إستاد الإنقاذ للناشئين؟ أم هل تريد تلك الأحزاب أن تجلب محرريها ليقوموا بصياغة الأخبار للإذاعة والتلفزيون؟ ،بدلا من محرري التلفزيون ، أم هل تريد الأحزاب المعارضة خبراء من خارج السودان من دول ديمقراطية، لا تختارها المؤتمر الوطني ،تماما كما تفعل بعض الأندية الرياضية والفرق العربية بجلب حكام من أوربا لإدارة مباريات فى كرة القدم ،ولماذا المطالبة بإدخال ممثلين للمجتمع المدني فى الآلية ؟ وكيف نضمن أن هؤلاء ليسوا مؤتمراً وطنياً ، وهل الانسحاب من الآلية مقدمة لانسحاب شامل من العملية الانتخابية برمتها ؟ أو مقاطعة للانتخابات ؟ إن حدث ذلك فسوف نصدق مزاعم المؤتمر الوطني ،القائلة إن أحزاب المعارضة ترتجف خوفا من منازلته فى الانتخابات ،على كافة المستويات، ويرى المؤتمر الوطني أن حملاته القوية فى الخرطوم ودارفور والجنوب، هي التى جعلت أحزاب المعارضة، ترتعب خوفا من مصير أسود ينتظرها، فجر إغلاق صناديق الاقتراع ،وهو ما جعل مرشح الحركة الشعبية ياسر عرمان يغازل منافسه المشير البشير ويستجديه بضرورة التنازل له عن كرسي الرئاسة، من أجل سواد عيون الوحدة المفترى عليها، فى محاولة منه ، لكسب سياسي رخيص، عندما يقول: إن البشير لو فعل ذلك أى( تنازل لسيادته )لأصبح بطلا قوميا لدى الشعب السوداني تماما كالبطل الفذ على عبد اللطيف الذى دشن عرمان حملته الانتخابية، من داخل داره العامرة بالموردة .
سلوك وتصرفات الأحزاب وهرولتها إلى الشارع ،للاستقواء به فى كل حين ،يؤكد حالة الضعف التى تعيشها هذه الأحزاب ،بين يدي هذا الاستحقاق الانتخابي المهم ، الذى كانت تصدع به رؤوسنا عشرين عاما ،فلا يعقل لمن تركض خلفهم فضائيات الدنيا كلها ببريقها وكاميراتها وميكرفوناتها، أن تلهث خلف تلفزيون كانوا يصفونه حتى وقت قريب بالتخلف ،أو إذاعة كانوا يظنون أن بثها لا يتجاوز قبة الإمام على مقربة من مقرها فى امدرمان ،أصبحت اليوم عزيزة لهذه الدرجة عليهم ،أين فضائيات تلك الأحزاب، بل أين صحفها ، سيقولون إن الإنقاذ ما كانت تسمح بصحافة حرة ،وقد يقولون إن المؤتمر الوطني يسيطر على CNNوقناة فوكس ،وعلى الغوغل ،ومحركات البحث الضخمة فى الشبكة العنكبوتية ،قادة الأحزاب المعارضة كانوا يرشفون القهوة، فى الإذاعات الدولية التى كانت تعارض نظام الإنقاذ،وكانوا يظنون ان تصريحاتهم النارية والجوفاء تلك، يمكن أن تسقطه ،كانوا يبيتون فى استوديوهات فضائيات لها اسمها ،يشتمون الإنقاذ، والفجر الذى أشرقت فيه لكنهم كانوا واهمين ،قالوا إننا نتحدى الإنقاذ فى صناديق الاقتراع ولما شمرت الإنقاذ عن سواعد الجد، وقالت: هلموا جميعا ،طاروا الى جوبا، واستعصموا بها فى محاولة أخيرة يائسة، أيضا لعملية إسقاطها ، حاولوا الخروج الى الشارع أكثر من مرة، وحاولوا افتعال أمور إنصرافية كثيرة ،لكن عندما وجدوا أن منافسهم قوى وأمين ،وقد يستأجره الناخبون لسنوات أخرى قادمة ، وأن شجرته غرست جذورها فى تربة السودان، وشربت من ماء إنجازات حكومته، كان طبيعيا ان يجن جنونهم و(يعملوا من الحبة قبة ) عسى ولعل الرئيس الأمريكي، الأسبق جيمي كارتر ، يسعفهم و يقول لهم : المؤتمر الوطني زور الانتخابات، وما عليكم إلا مواصلة الفوضى الخلاقة من خلال مظاهرات لا تبقي ولا تذر، كما حدث فى أماكن أخري،مثل كينيا وإيران ، ولكم أن تلاحظوا ما يجري فى العراق البلد المحتل من مهازل، تحت سمع وبصر أمريكا راعية الديمقراطية فى العالم .
يستغرب المرء كثيرا ، أن أحزاب المعارضة عندنا تريد بين عشية وضحاها، ديمقراطية فى كل شئ، تحمل منسوبيهم الى صالات التحرير فى الإذاعة والتلفزيون وسونا ،ليعدو أخبارها ويحرروها على هواهم ، وأن تكون الإذاعة والتلفزيون، ملكا لهم اليوم قبل أن يصبحوا غدا حكاما منتخبين ،رئيس الجمهورية القادم من حزب الأمة القومي وهو فى هذه الحالة السيد الصادق المهدي يعد الشعب السوداني بالآتي :
(كل المسائل المنزلية من طهي وتبريد وتسخين ،وإضاءة الخ ستكون بالطاقة الشمسية ،وليس بغاز وبترول حكومة الإنقاذ ،ولا بحطب الحركة الشعبية، لأن ذلك يدمر البيئة ،تماما كما يدمر الأغنياء البيئة العالمية، ويتسببون فى الاحتباس الحراري ويوسعون صباح مساء ثقب الأوزون ،لذا يعدكم الحبيب الإمام الصادق ، بأن لا تمنحوا أصواتكم للمؤتمر الوطني ،الذى يتعامل مع الصين التى تساهم فى تلوث البيئة العالمية، من خلال استخراجها للبترول وأنه سوف يقتلع حقنا من تلك الدول الغنية ،ويدعوكم الى عدم التصويت لمرشح المؤتمر الوطني، لسبب آخر مهم للغاية، وهو: أنه يعد كم فى حال حملتموه الى القصر الجمهوري،و اقتلعتم شجرة البشير، من جذورها ، بزراعة ترليونات الأشجار، لتخضير السودان باعتبار أن هذه فاتورة يجب أن يدفعها الأغنياء للسودان، الذى أفقرته الإنقاذ ،ونقرأ هذا الوعد الأخضر، مقرونا بتوجيه سابق للسيد على عثمان محمد طه، نائب رئيس الجمهورية ، للشباب بزراعة بضعة ملايين شجرة ،وأحسب أن جماعة السلام الأخضر لو التقطت وعد الإمام الحبيب الصادق المهدي ، فأحسب أن شجيرات وأشجار البشير ستموت واقفة، حيث ستدعم الجماعة حملة انتخاب السيد الصادق لرئاسة الجمهورية ،ولن يفيد البشير وحزبه تلفزيون وإذاعة السودان ،حتى لو باتتا حلالا بلالا له ، ولعلنا هنا يمكن أن نفهم سر مطالبة الأحزاب بإدخال ممثلين للمجتمع المدني فى الآلية ،سيئة السمعة ، وأطالب زميلي العزيز الأستاذ عبد العظيم عوض بوصفه كبير حوش الإذاعة، بشطب الملاحظات العشرين ،على حديث الإمام، وبثه فورا و كاملا غير منقوص ،فلن يضير أهل المؤتمر الوطني، أن سموهم الإنقاذيين أو العصبة المنقذة ،أو حتى الأندال والمجرمين ،(فجمل الشيل) ينبغى أن يمضي ولا يلوى على شيء ،ومسألة رأس الدولة مطلوب دوليا لم يقل بها السيد الصادق بل المدعو أوكامبو، ولابد أن نشكر للسيد الصادق تعهده لقناة الجزيرة ، بأنه لن يسلم رقبة البشير لعدو يتجهمه ، وهذا التعهد يؤكد أن الرجل لا يحمل غلا على البشير، ولا يثير كراهية ضد الدولة ،رغم أن البشير قال أكثر من مرة ، إنه أشترى (تموت تخلى لجنده ) الذين كانوا يمشون حفاة عراة يخلعون جيوب( الكاكي) ليستروا بها عوراتهم زمن الديمقراطية الثالثة، وكادوا يأكلون من صفق الشجر ، إن لم يكن قد أكلوه فعلا ، و ليس صحيحا أن المصانع كانت متوقفة فى عهده، بل الصحيح أنها كانت تنتج 168 مليون ياردة، من القماش ، وليس صحيحا أن الصفوف فى عهد السيد الصادق أمام المخابز وغيرها كانت بسبب الندرة بل بسبب الغنى والترف الذى كان الناس يعيشون فيهما ! بينما سبب الوفرة الحالية فى كل الحاجيات، هو أنها أى ( المادة ) ليست فى متناولهم، يعنى الناس كلهم (أفقرتهم الإنقاذ ) على حد تعبيرالسيد الإمام .
يقول الشيخ مصطفى السباعي عليه الرحمة :
يغريك الشيطان بالتشهير بخصومك عن طريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويغريك بتصديع وحدة الجماعة عن طريق الجهر بالحق، ويغريك بترك إصلاح الناس عن طريق الاشتغال بإصلاح نفسك، ويغريك بترك العمل عن طريق القضاء والقدر . ويغريك بالاستبداد، عن طريق المسئولية، أمام الله والتاريخ ويغريك بالظلم عن طريق الرحمة بالمظلومين ،ويغريك الشيطان بالمرأة عن طريق الرحمة بها، ويغريك بالدنيا عن طريق الحيطة من تقلباتها ،ويقول لا أخشى على نفسي أن يغريني الشيطان بالمعصية مكاشفة ..ولكنى أخشى أن يأتيني بها ملفعة بثوب من الطاعة .
من حق كل مرشح رئاسي أو غيره أن يطالب بحقه الذى يكفله له الدستور والقانون الانتخابي ،ومن حق أحدهم أن يعد آخر يعمل فى فضائية أن يعيده الى الفضائية القومية، ليعمل فيها من جديد ،ومن حق أى مرشح رئاسي أن يبدأ خطاباته ، مبتورة أو بسم الله والشعب والوطن ومن حق الجميع أن يخطبوا ود المواطن سواء كان يتأبط زجاجته أو مسطولا، يحسب أن عبود عليه الرحمة، ما يزال يحكم السودان ،ومن حق أى مرشح أن يقبل أو يرفض الأصوات النجسة ويقبل النظيفة ، ومن حق أى مرشح، أن يعد بزراعة شوارع السودان كلها أشجار مانجو و باباى وتفاح وعنب وقضبا ، ويزرع سهولنا قمحا ووعدا وتمنى ،ومن حقه أن يعد بسلاح نووي رادع لكل أعداء البلد ،من حق الجميع أن يعرضوا بضاعتهم جيدة كانت أو مغشوشة ،لكن عند الناخب وحدة معايير ومقاييس الجودة ،إن شاء حمل أحدهم الى كرسي الرئاسة ،وقال كفى للآخرين ، ومن حق الناس أن يقبلوا بضاعة المرشحين ، أو يردوها عليهم ،لكن ليس من حق أى أحد أن يصادر حرية الآخرين باسم حريته هو ، فالمظاهرات التى تعطل مصالح البلاد والعباد، وتغلق المدارس وتوقف عجلة الانتاج فى المصانع،سواء كانت تنتج 15 مليون ياردة أو أقل ، لا ينبغى أن تتوقف عن الدوران ، و مظاهرات يسقط فيها الناس لسنا بحاجة اليها،على قادة الأحزاب الكبيرة ذات الثقل والوزن أن تقتدي بالسيد محمد عثمان الميرغني الذى زار كسلا بعد طول غياب ، وأستقبل فيها استقبال الفاتحين ، و على الأحزاب أن تذهب الى الناخبين فى أقاصي الجنوب والغرب والشرق ، وليس إثارة الغبار و(الكتاحة ) أمام مقر المفوضية القومية للانتخابات فى الخرطوم ،على السيد عرمان ونقد والصادق والترابي وغيرهم من مرشحي الأحزاب المختلفة، مطاردة المؤتمر الوطني تحت أية شجرة يتفيأ ظلالها ويستظل بها ،أو أية قطيه يدخلها ،أما الجعجعة بلا طحين فى شوارع الخرطوم، فلن تجلب لنا تحولا ديمقراطيا ، لذا على الأحزاب أن تثبت جديتها فى الطرح، ولا تحسب أنها من خلال محاولتها التشهير بخصمها العنيد المؤتمر الوطني ،أو حتى محاولة إثارة أصحاب (المزاج من السكارى والمساطيل ) يمكن أن تكسب الجولة كالحصين الحرة ،عندما تتفوق فى اللفة ، على المؤتمر الوطني ،فمن حكم عشرين عاما يمكن أن يكسب لفة السنوات الأربع المقبلة دون كثير عناء وشخصيا أرى ضرورة أن يتمادى المؤتمر الوطني فى تحديه للأحزاب المعارضة ليكشف للناس فشلها الذريع، من خلال نفض يديه عن الإذاعة والتلفزيون، ويسرح محرريهما ليعملوا فى الرائد مع زميلنا الدكتور ياسر محجوب ،.حتى يتسنى لتلك الأحزاب أن تأتى بمحرريها وإعلامييها ليقوموا مقام من يسخرون تلك الأجهزة ويجيرونها لصالح حزب الرئيس، ولابأس من مواصلة بث برامج الحملات الانتخابية للبشير من النيل الأزرق ،والشروق والمستقلة ، إنه عيب كبير أن لا تستطيع أحزابنا السياسية على مدى عقدين من السنوات القيام على قدمين قويتين ،ويزداد عجبنا لو علمنا أن المؤتمر الوطني هو السبب فى إصابتها بالشلل والكساح كونه لم يوفر لها أمصال الوقاية .وخلاصة القول إن أحزابنا أقحمت فى معركة دون أن تتزود بلوازمها ،فمن الطبيعي أن تحاول المماطلة والتأجيل واتهام المؤتمر الوطني، بالسعي لخرق السفينة لإغراق الجميع وهو ما يجعلنا نتساءل متى تكف أحزابنا المعارضة عن تعليق فشلها على مشاجب الآخرين .
*كاتب وصحافي سوداني مقيم فى قطر
(

كل شيء ما خلا الله باطل .ون