الخميس، 3 نوفمبر 2016

مصابيح رمضان (2)
بقلم: سليم عثمان 
 السودانيون لا يهتمون بفوانيس رمضان ولا بشيء أسمه  فوازير رمضان  ولكن ما هي قصة مصابيح رمضان ؟ أمر المأمون أحمد بن يوسف أن يكتب في الآفاق بتعليق المصابيح في المساجد في شهر رمضان. قال: فأخذت القرطاس لأكتب، فاستعجم علي، ففكرت طويلاً، ثم غشيتني نعسة، فقيل لي: اكتب: فإن في كثرة المصابيح إضاءة للمتهجدين، وأنسًا للسابلة، ونفيًا لمكامن الريب، وتنزيها لبيوت الله عن وحشة الظلم. [نثر الدر].
و من الأمور الجميلة في مجتمعنا أن كبار السن حتى من ذوي الأمراض المزمنة يرفضون الإفطار في رمضان رغم أن لديهم رخصة من الله تعالى  والله يحب أن تؤتى رخصه قيل للأحنف بن قيس  في شهر رمضان: إنك شيخ كبير، وإن الصوم يهدك، فقال: إن الصبر على طاعة الله أهون من الصبر على عذاب الله. [الكشكول للعاملي].
 الناس ينتظرون هلال رمضان بفارق الصبر في كل البلدان الاسلامية ويتحرى كثيرون رؤيته  ففي أزمنة بعيدة كانوا كانوا يحبون مشاهدته بالعين المجردة ولم لم يكن يتسنى لهم رؤيته بوسائل تقنية حديثه كما هو الحال اليوم ، ومحزن ان لا يكون لبلدنا مركز رصد متخصص  لرصد الأهلة  لكن ليس عيبا على المسلمين أن يأخذوا بشهادة دولة مثل المملكة العربية السعودية فيصوم الناس جميعا لرؤية المراصد هناك ، تبصر جماعة هلال شهر رمضان, ، وفيهم أنس بن مالك، وقد قارب المائة، فقال: قد رأيته. فقال إياس: أشر إلى موضعه. فجعل يشير، ولا يرونه. ونظر إياس إلى أنس، فإذا شعرة من حاجبه بيضاء قد انثنت، فصارت على عينه، فمسحها إياس وسواها، ثم قال: يا أبا حمزة أرنا موضع الهلال. فنظر، فنظر، فقال: ما أرى شيئًا. [نثر الدر] أتت ليلة الشك من رمضان، فكثر الناس على الأعمش يسألونه عن الصوم، فضجر، ثم بعث إلى بيته في رمانة فشقها ووضعها بين يديه، فكان إذ نظر إلى رجل قد أقبل يريد أن يسأله تناول حبة فأكلها، فكفى الرجل السؤال، ونفسه الرد. [العقد الفريد لابن قتيبة]
معظم الناس في مجتمعنا  يخشون انقطاع الكهرباء في نهار رمضان حيث الحر والسموم اللافح للوجوه خاصة لمن لا يعملون في أماكن ظليلة وينسى هؤلاء أن أجر مشقة الصوم كبيرة  فالله تعالى  يعلم كم يعاني هؤلاء ، هل يتساوى ذلك العامل الذي يقف الساعات الطوال  أمام فرن مشتعل  ليطهو الخبز للصائمين باخر يجلس على كرسي وثير في مكتب بارد شديد التكييف؟ يروى عن الأصمعي أنه قال: هجم علي شهر رمضان, وأنا بمكة، فخرجت إلى الطائف لأصوم بها هربًا من حر مكة، فلقيني أعرابي، فقلت له: أين تريد؟ فقال: أريد هذا البلد المبارك لأصوم هذا الشهر المبارك فيه. فقلت له: أما تخاف الحر؟ فقال: من الحر أفر.
وهذا الكلام نظير كلام الربيع بن خثيم، فإن رجلاً قال له – وقد صلى ليلة حتى أصبح: أتعبت نفسك، فقال: راحتها أطلب. [الكامل في اللغة والأدب].
 سعداء اولئك الذين يموتون في أماكن مقدسة وساعات وأوقات مباركة  وكل أحد علاقته متينة وطيبة بالله لا يخاف لقاء الله بل يتمناه ، قال عبد الملك: ولدت في شهر رمضان، وفطمت في شهر رمضان، وختمت القرآن في شهر رمضان، وأتتني الخلافة في شهر رمضان، وأخاف أن أموت في شهر رمضان. فلما دخل شوال وأمن بها مات. [التذكرة الحمدونية].
نعم رغم أنف أمرئ أدرك رمضان فلم يغفر له، فالصوم ليس مجرد إمتناع عن الأكل والشرب وشهوة الفرج بل صوم لكل الجوارح، ومر الحسن بقوم يضحكون في شهر رمضان، فقال: يا قوم، إن الله جعل رمضان مضمارًا لخلقه، يتسابقون فيه إلى رحمته، فسبق أقوام ففازوا، وتخلف أقوام فخابوا، فالعجب من الضاحك اللاهي في اليوم الذي فاز فيه السابقون، وخاب فيه المتخلفون؟ أما والله, لو كشف الغطاء لشغل محسنًا إحسانه، ومسيئًا إساءته.

ونظر عبد الله إلى رجل يضحك مستغرقًا، فقال له: أتضحك، ولعل أكفانك قد أخذت من (عند) القصار.
وقال الشاعر: وكم من فتي يمسي ويصبح امنا ... وقد نسجت أكفانه وهو لا يدري.
إن من الأمور الجميلة والطيبة أن  لا نجعل الفقراء والمساكين في رمضان أعطوهم أو منعوهم  بل علينا أن نبادر نحن اليهم ونسد عوزهم ونقضي حوائجهم حتى يتفرغوا أيضا للعبادة ، وقف أعرابي في شهر رمضان على قوم، فقال: يا قوم، لقد ختمت هذه الفريضة على أفواهنا من صبح أمس، ومعي بنتان لي، والله, ما علمتهما تحلتا بحلال، فهل رجل كريم يرحم اليوم ذلنا، ويرد حشاشتنا، منعه الله أن يقوم مقامنا، فإنه مقام ذل وعار وصغار. فافترق القوم, ولم يعطوه شيئًا، فالتفت إليهم حتى تأملهم جميعًا، ثم قال: أشد - والله - علي من سوء حالي وفاقتي توهمي فيكم المواساة، انتعلوا الطريق لا صحبكم الله. [العقد الفريد لابن قتيبة].
 السفر في رمضان الى أماكن بعيدة  يبيح  الإفطار لكن لا ينبغي أن نفعل ذلك الا للضرورات ، قيل لبعض الأعراب: قد جاء شهر رمضان، فقال: والله, لأبددن شمله بالأسفار. [التذكرة الحمدونية].
تخيل أنك لو أفطرت يوما واحدا عليك أن تصوم فقط 60 يوما يوم ينطح يوم ،جاء رجل إلى عالم يستفتيه، فقال: أفطرت يومًا من شهر رمضان سهوًا، فما علي؟ قال: تصوم يومًا مكانه. قال: فصمت يومًا مكانه وأتيت أهلي وقد عملوا حيسًا، فسبقتني يدي إليه فأكلت منه. قال: تقضي يومًا آخر، قال: لقد قضيت يومًا مكانه وأتيت أهلي وقد عملوا هريسة، فسبقتني يدي إليها فأكلت منها، فما ترى؟ قال: أرى أن لا تصوم إلا ويدك مغلولة إلى عنقك.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كل شيء ما خلا الله باطل .ون