الأربعاء، 2 نوفمبر 2016


في ربيع الحب كنا *
أبن زمرك

عـــد عن الوهم والخيال واستعمل الفكر والنظر
ما الناس إلا كما الخيال فانظر إلى ماسك الصور
مــن يعتبر بجد اعتباره ويشهد الحق في الشهود
مثل هديت الوجود ستاره وانظر لمن أطلع الوجود
بــــدا لــه قبــــل أن أداره وأول السعد في الصعود
من يـــــرق من سافل لعال يعايـــن العين في الأثر
ما الناس إلا كما الخيال فانظر إلى ماسك الصور
*******
الحلاج 
أقتلوني يا ثقاتي إن من قتلي حياتي
ومماتي في حياتي وحياتي في مماتي
أنا عند محو ذاتي من أجل المكرمات
وبقائي في صفاتي من قبيح السيئات
فاقتلوني واحرقوني بعظامي الفانيات
ثم مروا برفاتي في القبور الدارسات
تجدوا سر حبي في طوايا الباقيات
مالي وللناس كم يلحوننا سفهاً ديني لنفسي ودين الناس للناس
حتى إذا صيرني في الهوى إلى مكان ما له شط
ناديت يا من لم أبح بسره ولم أخنه في الهوى قط
تقيك نفسي السوء من حاكم ما كان هذا بيننا شرط
دعاني ثم حياني كفعل الضيف للضيف
فلما دارت الكأس دعا بالنطع والسيف
كذا من يشرب الراح مع النشرين في الصيف
أنا سر الحق ما الحق أنا بل أنا حق ففرق بيننا
أنا عين الله في الأشياء فهل ظاهر في الكون إلا عيننا
سبحان من أظهرنا سويةً سر سنا لاهوته الثاقب
ثم بدى لخلقه ظاهراً في صورة الآكل الشارب
حتى لقد عينه خلقه كلحظة الحاجب بالحاجب
الحلاج 
الحب ما دام مكتوم على خطر وغاية الأمن أن تدنو من الحذر
وأطيب الحب ما تم الحديث به كالنار لم تؤت نفعاً وهي في الحجر
سمنون المحب
بكيت ودمع العين للنفس راحةً ولكن دمع الشوق ينكى به القلـــب
بليـــت بمــــن لا أستطيـــع عتابه ويعتبني حتى يقـــــال لي الذنـــب
بي منك شوق لو أن الصخر يحمله تفطر الصخر عن مستوقد النـــار
قد دب حبك في الأعضاء من جسدي دبيب لفظي من روحي وإضماري
ولا تنفســــت إلا كنت في نفسي وكل جارحـــــة من خاطري جاري
وإن كــــان شيء في البلاد بأسرها إذا غبت عن عيني بعيني يلمــح
فإن شئت واصلني وإن شئت لا تصل فلست أرى قلبي لغيرك يصلح
********
شغلت قلبي عن الدنيا ولذتها فأنت والقلب شيء غير مفترق
وما تطابقت الأحداق في سنة إلا وجدتك بين الجفن والحدق
وأيامنا تفنى وشوقي زائد كأن زمان الشوق ليس يغيب
يعاتبني فينبسط انقباضي وبسكن روعتي عند العتاب
جرى فيّ الهوى مذ كنت طفلاً فمالي قد كبرت على التصابي
أمسى بخدي للدموع رسوم أسفاً عليك وفي الفؤاد كلوم
والصبر يحسن في المواطن كلها إلا عليك فإنه مذموم
أنت الحبيب الذي لا شك في خلد منه فإن فقدتك النفس لم تعش
يا معطشي بوصال أنت واهبه هل فيك لي راحةً إن صحت : واعطشي .
يا حاضراً غابت له عاشقه عن كل ماض في الزمان وآت
حاسبت نفسي فلم أر واحداً منها خلا وقتاً من الأوقات
كيف بتنا من الظما نتشاكى يا لقومي ، وفي الرحال الماء
كم بكينا حزناً عن لو عرفنا كان من شدة السرور البكاء
لا تسأليهم ذماماً في محبتهم فطالما قد وفا بالذمة العرب
هم أهل ودي وهذا واجب لهم وإنما ودهم لي فهو لا يجب
إني لأكتم أنفاسي إذا ذكروا كي لا يحرقهم من زفرتي اللهب
*******
عفيف الدين التلمساني 
بالسر إن باحوا تباح دمائهم وكذا دماء البائحين تباح
يا صاح ليس على المحب ملامة إن لاح في أفق الصباح صباح
لا ذنب للعشاق إن غلب الهوى كتمانهم فنما الغرام وباحوا
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالكرام فلاح
أيامنا بلقائكم أفراح وجميع أيام الملاح ملاح
قل للمحب إذا تهتك في الهوى إن التهتك في الغرام مباح
أهل المحبة حين طاب شرابهم باعوا النفوس لحبهم
شربوا كؤوس الحب في حان الصفا فتمايلت سكراً بها الأرواح
بالانكسار تحملوا في حبه فبدا عليهم من رضاه سماح
********
السهروردي 
بكت عيني غداة الدمع دمعا وأخرى بالبكا بخلت عليا
فعاقبت التي بخلت علينا بأن أغمضتها يوم التقينا
لا تراه في الملا عين البصر بل تراه في الملا عين الفكر
في السما المجد مرفوع المنار ركنه زد وذل وانكسار
التآخي فيه والعدل بياء ومباني الناس غش ورياء
منزل الأرواح صدق ووفاء منزل الأجسام لون وطلاء
إن نار الحقد في قلب الحسود حرمته ظل جنات الخلود
إنما الألفاظ نطق ورسوم والمعاني روح هاتيك الجسوم
هبطت من وقتها من لا زمان وثوت في أرضها من لا مكان
صاف محبوبك إن رقت الصف وافن في المحبوب إن رقت البقاء
إنزع الإصبع عن سمع اليقين تستجب روحك للروح الأمين
********
جلال الدين الرومي
وانظر في مرآة ذاتي مشاهداً لذاتي بذاتي وهي غاية بغيتي
خبئت له في جنة الخلد منزلاً ترفع عن دعد وهذر وعلوتي
وما شهدت عيني سوى عين ذاتها وإن سواها لا يلم بفكرتي
بذاتي تقوم الذات في كل ذروة أجدد فيها حلةً بعد حلتي
سقاني المحبوب بكأس المحبة فتهت عن العشاق سكراً بخلوتي
وحكمني في سائر الأرض كلها وفي الجن والأشباح والمرديتي
وفي أرض صين الصين والشرق كلها لأقصى بلاد الله صحت ولايتي
أنا الحرف لا أقرأ لكل مناظر وكل الورى من أمر ربي رعيتي
وما لذة العشـــاق إلا يقينهم بجمـع شمل بعد طول تشتتي
*******
الشيخ علي عقل
على الحقيقة خذ علم الأمور ولا تحجبك صورتها في عالم الوطن
ففطرة النفس سر لا يحيط به عقل تقيد بالأوهام والدرن
والكل أنت بمعنى لا خفاء به والنور يحجبه كالماء في اللبن
والعبد محتجب في عز مالكه دقت معارفه في الدهر والزمن
المرسي أبو العباس
شويخ من أرض مكناس في وسط الأسواق يغني
إيش علي أنا من الناس وإيش على الناس مني
رضي المتيم في الهوى بجنونه خلوه يفني عمره بفنونه
تقيدت بالأوهام لما تداخلت عليك ونور العقل أدخلك السجنا
فحجتنا قطع الحجي وهو حجنا وحجنا تتلوه باء بها تهنا
********
الششتــــــــري 
خدها الأسيل بدت منه أنوار
طرفها الكحيل سل منه بتار
ها أنا القتيل فهل يؤخذ الثار
قد أسرت عبداً ولم أك بالعبد
فإن مت لا محاله فاطلبوا دمي بعدي
رب هيفاء شفها بعدا
عث عنها فلم تجد بدا
من هواؤه فأنشدت وجدا
رب قوي في الهوى صبري إن هجر الحبيب كالصبر
لقد ذهب الوفاء فلا وفاء وكيف ينال عهدي الظالمينا
إذا الإيمان ضاع فلا أمان ولا ديناً لمن لم يحيى دينه
الششتري
ما العيد في حلة وطاق وشم طيب
وإنما العيد في التلاقي مع الحبيب
قل كيف يستريح صبي متيم
لسانه فصيح والحب أعجم
هاذي حالتي تلوح فهل من مترجم
رب ليل ظفرت بالبدر ونجوم السماء لم تدري
لا تحسبن أن الصبا روضة تنام فيها تحت فيء الظلال
فالعيش نوم والردى يقظة والمرء ما بينهما كالخيال
والعمر قد مر كمر السحاب والملتقى بالله عما قريب
وأنت مخدوع بلمع السراب تحسبه ماء ولا تستريب
حياك بالأفراح داعي الصباح فالنوم في شرع الهوى لا يباح
باكر إلى اللذة والاصطباح بشرب راح فما على أهل الهوى من جناح
ولما سألت النفس ما الدهر فاعل بحشد أمانينا أجابت …أنا الدهر
يا نفس إن قال الجهول الروح كالجسم تزول
وما يزول لا يعود
قولي له إن الزهور تمضي ولكن البذور
تبقى وذا كنه الخلود
الششتري
عاقبتنا عدلاً فهب لعدونا عن ذنبه في الدهر يوم عقاب
كلام الروح للأرواح يسري وتدركه القلوب بلا عناء
ونوم صباحكم أبداً ثقيل كأن الصبح لم يدركه نور
وأضحى الصوم في رمضان قيداً فليس لكم به عزم صبور
إذا الإيمان ضاع فلا أمان ولا دينا لمن لم يحي دينا
ومن رضي الحياة بغير دين فقد جعل الفناء لها قرينا
وفي التوحيد للهمم إتحاد ولن تبنوا العلا متفرقينا
تساندت الكواكب فاستقرت ولولا الجاذبية ما بقينا
محمد إقبال* 
أديـــن بديـــن حب أنى توجهت ركائبه فالحب دينـــي وإيماني
قالوا تداوى به منه فقلت لهم يا قوم هل يداوى الداء بالدائي
فحبي لمولاي أضناني وأسقمني فكيف أشكو إلى مولاي مولائي
محمد إقبال*
غَـدوتُم في الديارِ بِـلا دِيارٍ وأنتُم كـالطُّيورِ بلا وُكـورِ
وبَيعُ مَقابِرَ الأجـدادِ أضحى لدى الأحفادِ مَدعـاةَ الظُهورِ
ومَن يَكُ يومهُ في العيشِ بأساً فما غَدهُ سِوى يَوم العـذاب
وخـوفُ المـوتِ للأحياءِ قَبرٌ وخَـوفُ اللهِ للأحـرارِ زاد
وليسَ لوارثٍ في الخيرِ حَـظٌ إذا لم يحَـفظِ الإرثَ اتحـاد
ضِياؤكَ مشرقٌ في كـلّ أرضٍ لأنسٍ غيرَ محـدودَ المَكـان
وعَقلُكَ في الخُطوبِ أجَلُّ دِرعٍ وعِشقُكَ خَيرُ سَيفٍ للنِّضال
يا لائمي في الهوى العذري معذرةً مني إليك وإن أنصفت لم تلم
فلا ترم بالمعاصي كسر شهوتها إن الطعام يقوي شهوة النهم
والنفس كالطفل إن تهمله شب على حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم
كم حسنت لذةً للمرء قاتلةً من حيث لم يدر أن السم في الدسم
واخش الدسائس من جوع ومن شبع فرب مخمصة خير من التخم
واستفرغ الدمع من عين قد امتلأت من المحارم والزم حمية الندم
كأن بالنار ما بالماء من بلل حزناً وبالماء ما بالنار من ضرم
ما سامني الدهر ضيماً واستجرت به إلا ونلت جواراً منه لم يضم
يا نفس لا تقنطي من زلة عظمت إن الكبائر في الغفران كاللمم
*******
رابعة العدوية 
وكفاني عذاراً بحبك ذلي وخضوعي ولست من أكفاكا
فاتهامي بالحب حسبي وإني بين قومي أعد من قتلاكا
لك في الحي هالك بك حي في سبيل الهوى إستلذ الهلاكا
وإذا لم تنعش بروح التمني رمقي واقتضى فنائي بقاكا
إبق لي مقلةً لعلي يوماً قبل موتي أرى بها من رآكا
وغلى عشقك الجمال دعاه فإلى هجره ترى من دعاكا
كنت تجفو وكان لي بعض صبر أحسن الله في اصطباري عزاكا
لك قرب ببعدك عني وحنو وجدته في جفاكا
علم الشوق سهر الليالي فصارت من غير نوم تراكا
وملأت كلي منك حتى لم أدع مني مكاناً خالياً لسواكا
والطرف حيث أجيله متلفتاً في كل شيء يجتلي معناكا
والسمع لا يصغي إلى متكلم إلا إذا ما حدثوا بغير سواكا
*******
إبن الفارض
هذا الوجود وإن تعدد ظاهراً وحياتكم ما فيه إلا أنتم
وشغلتم كلي بكم وجوارحي وجوانحي أبداً تحن إليكم
وإذا نظرت فلست أنظر غيركم وإذا سمعت سمعتكم أو عنكم
وإذا سكرت فمن مدامة حبكم وبذكركم في سكرتي أترنم
وإذا نظمت تغزلاً في صورة فلأجل حسنكم المحجب أنظم
أنتم حقيقة كل موجود بدا ووجود هذي الكائنات توهم
بالكعبة الحسن التي أحجها فؤادي مضناك عليك وافد
قد سقت في الهوى إليك مهجتي والدم دمع لغرامي شاهد
إلى متى رعاك الله تنأى عني وأقترب وأرضى بما تجني علي وتغضبي
تكلفت لي ذاك الوداد فلم يدم وكل وداد بالتكلف يصعب
ومن يتكلف ضد ما هو طبعه تعد نفسه للكبع والطبع أغلب
تلطفي فإن اللطف منك سجية تعطفي فإن العطف منك مجرب
وإن كان لا بد من الهجر فاتئدي لعل رحيلي عن جنابك يقرب
سأرحل عنك اليوم لا متلفت بوجهي كأني خائف مترقب
وأما ودادي فهو باق وإن من بقاء ودادي أنني أتعتب
أنتم فروضي 
انتم فروضي ونفلي أنتم حديثي وشغلي
يا قبلتي في صلاتي إذا وقفت اصلي
جمالكم نصب عيني اليه وجهت كلي
وسركم في ضميري والقلب طور التحلي
آنست في الحي نارا ليلاً فبشرت أهلي
قلت امكثوا لعلي أجد هداي لعلي
حتى اذا ما تدانى الميقات في جمع شملي
صارت جبالي دكا من هيبة المتجلي
ولاح سر خفي يدريه من كان مثلي
فصرت موسى زماني مد صار بعضي كلي
الموت فيه حياتي وفي حياتي قتلي
انا الفقير المعنى رقوا لحالي وذلي
تاه الفــؤاد بذكر الله وابتهـــج # ولاح صـــبح الهــدى للـــعبد وابـــتهج
وأســـرج الله من أنــوار حكمته # ومن مــعارفــه في قـــلبه سُـــــرُجَ
فـظل يفتح من أبــواب رحمتـه # عــلى خــليقـتــه ما كــان قد رَتــَـجَ
إبن عطاء الله الاسكندري
إذا ما رجعتم من محبتكم لنا مشاةً رجعنا عن محبتكم نجري
وإن كنتم في الجهر عنا صدوتم ففي سرنا عنكم نصد وفي الجهر
سكنتم فؤادي مرةً ورحلتم فأصبح منكم خالياً خالي السر
وقال لي العذال هل أنت راجع إذا رجعوا عن غدرهم ، قلت لا أدري
يا صاحبي قد عدمت المسعدين فساعدني على وصبي لأمسك الوصبا
فما أضاعوا قديم العهد بل حفظوا لكن لغيري ذلك العهد قد نسبوا
فمن عجائبه حدث ولا حرج ما ينتهي في المليح المطلق العجب
عمر بن أبي ربيعة
نهاري نهار الناس حتى إذا بدا لي الليل هزتني إليك المضاجع
أقضي نهاري بالحديث وبالمنى ويجمعني والهم بالليل جامع
لقد ثبت بالقلب منك محبة كما ثبتت في الراحتين الأصابع
قيس بن الملوح 
فأشهد عند الله أني أحبها فهذا لها عندي فما عندها ليا
أراني إذا صليت يممت نحوها بوجهي ، وإن كان المصلى ورائيا
معذبتي لولاك ما كنت هائماً أبيت سخين العين حران باكيا
تمر الليالي والشهور ولا أرى غرامي لها يزداد إلا تماديا
قيس بن الملوح 
دعوا قلبي وما اختار وارتضى فبالقلب لا بالعين يبصر ذو اللب
وما تبصر العينان في موضع الهوى ولا تسمع الأذنان إلا من القلب
فكم قتيل لنا بالحب مات جوىً من الغرام ولم يبدي ولم يعد
إن يحسد وفي على موتي فوا أسفي حتى على الموت لا أخلو من الحسد
*******
صفي الدين الحلي
أضحى التنائي بديلاً عن تدانينا وناب عن طيب لقيانا تجافينا
إن الزمان الذي ما زال يضحكنا أنساً بقربهموا عاد يبكينا
بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا شوقاً إليكم ولا جفت مآقينا
نكاد حين تناجيكم ضمائرنا يقضي علينا الأسى لو لا تآسينا
حالت لفقدكموا أيامنا فغدت سوداً وكانت بكم بيضاً ليالينا
لا تحسبوا نأيكم عنا يغيرنا إذ طالما يغير النأي المحبينا
إن كان قد عز في الدنيا اللقاء بكم في موقف الحشر نلقاكم ويكفينا
إنا قرأنا الأسى يوم النوى سوراً مكتوبةً وأخذنا الصبر تلقينا
دومي على العهد ما دمنا محافظةً فالحر من دان إنصافاً كما دينا
فما استعضنا خليلاً عنك يحبسنا ولا استعذنا حبيباً عنك يثنينا
ولو حبا نحونا من علو مطلعه بدر الدجى حاشاك لم يكن يصبينا
أولى وفاءً وإن لم تبذلي صلةً فالذكر يقنعنا والطيف يكفينا
عليك منا سلام الله ما بقيت صبابة بك نخفيها فتخفينا
إبن زيدون 
أنت روح في سمائي وأنا لك أعلو فكأني محض روح
أنظري ضحكي ورقصي فرحاً وأنا أحمل قلباً ذبحا
ويراني الناس روحاً طائراً والجوى يطحنني طحن الرحى
أنت قد صيرت أمري عجباً كثرت حولي أطيار الربى
فإذا قلت لقلبي ساعةً قم نغرد لسواك ..أبى
ولكم صاح بي اليأس انتزعها فيردد القدر الساخر : دمها
قد حنيت رأسي ، ولو كل القوى تشتري عزة نفسي لم أبعها
يا شفاء الروح ، روحي تشتكي ظلم آسيها إلى بارئها
ها أنا جفت دموعي فاعف عنها إنها قبلك لم تبذل لحي
قد رأيت الكون قبراً ضيقاً خيم البؤس عليه والسكوت
كنت ترثي لي وتدري ألمي لو رثى للدمع تمثال صموت
عند أقدامك دنيا تنتهي وعلى بابك آمال تموت
هي في الغيب لقلبي خلقت أشرقت بي قبل أن تشرق شمسي
وعلى موعدها أطبقت عيني وعلى تذكارها وسدت رأسي
أيها السامع كم من زهرة عوقبت لم تدر يوماً ذنبها
محمود حسن إسماعيل 
عاد للعش كل طير ولم يبق سوى طائر شريد مخبل
هو قلبي الذي تناسيت بلواه فأضحى على الجراح يولول
إقبلي قبل أن تميل به الريح ويهوى به الفناء المعجل
يا رب إني سائل كما ترى مشتمل شميلتي كما ترى
وشيختي جالسة فيما ترى والبطن مني جائع كما ترى
فما ترى يا ربنا فيما ترى
أي ربي رب الناس والمن والهدى أما لي في هذا الأنام قسيم
أما تستحي مني وقد قمت عارياً أناجيك يا ربي وأنت كريم
أترزق أبناء العلوج وقد عصوا وتترك قرماً من قروم تميم
لقد زعموا أني سكرت وربما يكون الفتى سكران وهو حليم
لعمرك ما بالسكر عار على الفتى ولكن عاراً أن يقال لئيم
منزل أوطنه الفقر فلو دخل السارق فيه سرقا
فمنزلي الفضاء وسقف بيتي سماء الله أو قطع السحاب
فأنت إذا أردت دخلت بيتي علي مسلماً من غير باب
لأني لم أجد مصراع باب يكون من السحاب إلى التراب
ذهب الموال فلا موال وقد فجعنا بالعرب
إلا بقايا أصبحوا بالمصر من قشر القصب
بالقول بزوا حاتماً والفعل ريح في القرب
صبراً على الذل والصفار يا خالق الليل وانهار
كم من حمار على جواد ومن جواد على حمار
يا من يؤمل معبداً من بين أهل زمانه
لو أن في أستك درهماً لاستله بلسانه
والله لو ملك البحار بأسرها وأتاه سلم في الزمان مدود
يبغيه منها شربةً لطهوره لأبى وقال تيممن بصعيد
لو مسخ الخنزير مسخاً ثانياً لرأيته في دون قبح الجاحظ
إذا حججت بمال أصله دنس فما حججت ولكن حجت العير
لا يقبل الله إلا كل طيبة ما كل من حج بيت الله مبرور
أهوى حياتي وأهوى موتها شفقاً والموت أكرم نزال على الحرم
أخشى فظاظة عم أو جفاء أخ وكنت أبقي عليها من أذى الكلم
النحو يبسط من لسان الألكن والمرء تكرمه إذا لم يلحن
وإذا طلبت من العلوم أجلها فأجلها عندي مقيم الألسن
لذة التطفل دومي وأقيمي لا تريمي
أنت تشفين غليلي وتسليني همومي
واحسرتا لزمان مضى عشية بان الهوى وانقضى
وأفردت بالرغم لا بالرضى وبت على جمرات الفضا
أعانق بالوهم تلك الطلول وألثم بالفكر تلك الرسوم
يا لحظات للفتن في كرها أوفى نصيب
ترمي وكلي مقتل وكلها سهم يصيب
ولا تسل دهرك عما جناه فما ليلي العمر إلا قصار
وقل لناه ضل عنه نهاه كفى الصبا عذراً لخلع العذار
طاب نقلي وشرابي وحبيبي اعتنى بى
فاعذروني يا صحابي في سجودي واقترابي
خمرة راق شذاها كل نور من سناها
قام ساقيها سقاها اجعلوها احتسابي
أنا سكران من هواه ليس لي راح سواه
كلما ناديت : يا هو كان لبيك جوابه 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كل شيء ما خلا الله باطل .ون